سلطات الجزائر لإغلاق مقار حزب معارض تمهيداً لحله

أطلقت وزارة الداخلية الجزائرية مساعي لحل الحزب اليساري المعارض، «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، بذريعة عقد قادته اجتماعات داخل مقره «لا تمت بصلة للنشاط الحزبي». وفي غضون ذلك، استعاد وزير العمل سابقاً، محمد غازي، حريته، بموجب إجراءات عفو مشروط، وذلك بعد أقل من عامين من إدانته بالسجن 10 سنوات في «قضية الابنة المزعومة للرئيس بوتفليقة».
وكتب فتحي غراس رئيس «الحركة الديمقراطية»، أمس، على حسابه بـ«فيسبوك»، أن الداخلية رفعت شكوى لدى القضاء الإداري تطالب بمنع كل أنشطة الحزب داخل المقر، مشيراً إلى أن القرار جاء بعد تحذيرات مكتوبة من الداخلية، أظهرت انزعاجاً من اجتماعات بمقر الحزب، ضمت حقوقيين ونشطاء الحراك ونقابات وتنظيمات، وهو ما يُعدّ منافياً لقانون الأحزاب، بحسب الحكومة التي لم تخفِ عزمها حل «الحركة»، التي يندرج مسعاها بإغلاق مقره ضمن هذا التوجه.
وتعد «الحركة الديمقراطية» وريثة «الحزب الشيوعي الجزائري»، الذي خرج من عباءة «الحزب الشيوعي الفرنسي» أيام الاستعمار. وأصبح في السنوات الأخيرة ملاذاً لكل المعارضين، وقادته يتصفون بلهجة حادة ضد السلطات، وأولهم فتحي غراس (49 سنة)، الذي اعتُقل في 30 يونيو (حزيران) 2021، والذي دانته محكمة بالسجن 3 سنوات مع التنفيذ بتهم «الإساءة إلى رئيس الجمهورية»، و«إهانة هيئة نظامية»، و«عرض منشورات من شأنها المس بالوحدة الوطنية والنظام العام».

                              فتحي غراس أثناء اجتماع بمقر الحركة الديمقراطية (حزب الحركة الديمقراطية)
وبعد استئناف الحكم، غادر غراس السجن، في 22 مارس (آذار) الماضي، بعد أن استفاد من حكم جديد يغطي فترة 9 أشهر التي قضاها في المؤسسة العقابية.
ومنذ يومين، أعلنت مسعودة شابلة، زوجة فتحي ومناضلة في الحزب، استدعاءها من طرف الشرطة، من دون توضيح السبب، ويرجح أن الأمر يتعلق بنشاطها السياسي.
وتضع الحكومة منذ مدة غير قصيرة نصب عينيها «تكتل البديل الديمقراطي»، المعارض والمزعج بالنسبة لها، الذي يضم أربعة أحزاب، هي: «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«حزب العمال»، و«الحزب الاشتراكي للعمال»، إضافة إلى «الحركة الديمقراطية»، علماً بأن «التجمع» تلقى عدة تحذيرات من الحكومة تتعلق بإغلاق مقراته لنفس الأسباب التي تخص حزب غراس.
وفي مايو (أيار) الماضي، أبلغت وزارة الداخلية قيادات «حزب العمال الاشتراكي» بأنهم ممنوعون من النشاط، وبإغلاق مقراته على أساس قرار من القضاء الإداري يخص تجاوز المدة القانونية لعقد المؤتمر العادي للحزب، المحدد بمرة واحدة كل سنوات. وكانت «الغرفة الاستعجالية» بـ«مجلس الدولة» (أعلى هيئة في القضاء الإداري)، قد أصدرت، مطلع العام الحالي، حكماً يقضي بحظر نشاط هذا الحزب وإغلاق مقراته، مؤقتاً، وأودعت قيادته طعناً، لكن بعد مرور خمسة أشهر تم تثبيت الحكم.
إلى ذلك، غادر وزير العمل السابق، محمد الغازي، السجن، مساء أول من أمس، إثر قبول القضاء طعناً من دفاعه، يستند إلى حالته الصحية التي ساءت في الأشهر الأخيرة. واستفاد الغازي من «إفراج مشروط»، وهو إجراء استثنائي يتيح للسجين أن يعود إلى بيته، فيما تبقى عقوبته سارية حتى انقضائها.
ودانت محكمة بالجزائر العاصمة غازي، عام 2020، بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ، فيما يُعرف بـ«قضية الابنة غير الشرعية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، أو «قضية مدام مايا». ومنح غازي لما كان محافظاً للشلف (غرب العاصمة) قطعتي أرض كبيرتين لامرأة تُدعى زوليخة نشناش، زعمت أنها ابنة الرئيس، بغرض إطلاق مشروعات.
وقد باعت إحداهما، ما جلب لها متاعب مع القضاء، الذي دانها بالسجن 12 سنة.
وتصرف غازي يومها بناء على توجيهات جاءته من الرئاسة، التي أوفدت له، حسب تصريحاته «ابنة بوتفليقة»، لتلبية كل طلباتها. وأثناء التحقيق معها، أكدت نشناش أنها لم تدّع يوما بأنها «الابنة الشرعية للرئيس بوتفليقة»، وزعمت أن «صلة صداقة قوية كانت تجمعه بوالدها الحقيقي»، وأنه على هذا الأساس «كان يعتبرني مثل ابنته».
وغازي هو ثاني وزير من وجهاء حكم بوتفليقة (1999 - 2019) يغادر السجن قبل انتهاء مدة محكوميته، بعد وزيرة الثقافة، خليدة تومي، التي استعادت حريتها، قبل تسعة أيام، بعد أن قضت 3 سنوات وراء القضبان، من عقوبة مدتها 4 أعوام.