وجه الناخبون في ولاية كنساس الجمهورية المحافظة تقليديا، بتصويتهم الثلاثاء الماضي على قرار يحافظ على القانون الذي يسمح بالإجهاض، رسالة تحذير مهمة للجمهوريين، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات النصفية. كما اعتبر إشارة واضحة إلى أن الانتخابات النصفية لهذا العام هي بيئة أكثر صعوبة للمحافظين المتصلبين، مما كان يعتقد الجمهوريون في السابق، وخصوصا للمرشحين الموالين للرئيس السابق دونالد ترمب.
تفاؤل ديمقراطي وحذر جمهوري
ومنح تصويت كنساس، الديمقراطيين مسحة من التفاؤل، بإمكانية تغيير «المزاج» العام، قبيل الانتخابات النصفية، التي غالبا ما تؤدي إلى خسارة حزب الرئيس، بعد عامين من توليه السلطة، سيطرته على مجلسي الشيوخ والنواب، والمترافقة اليوم مع أزمات عديدة، سياسية واقتصادية وسط تضخم قياسي، مما دفع بمعدلات تأييد الرئيس جو بايدن إلى أدنى مستوياتها.
وأشاد بايدن، بتصويت كنساس، معتبرا إياه «نتيجة مباشرة للغضب» من قرار المحكمة العليا في يونيو (حزيران) بإلغاء الحق الدستوري للمرأة في الحصول على الإجهاض. وقال بايدن إن الجمهوريين والمحكمة العليا «ليس لديهم أدنى فكرة عن قوة المرأة الأميركية»، مضيفا «الليلة الماضية اكتشفوا ذلك في كنساس».
كما أعرب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، عن تفاؤله «بالرياح السياسية التي تهب على الديمقراطيين». وقال: «الليلة الماضية في قلب الولايات المتحدة، أرسل شعب كنساس رسالة لا لبس فيها إلى المتطرفين الجمهوريين... إذا حدث ذلك في كنساس، فسيحدث ذلك في الكثير من الولايات».
ورغم أن البعض يحذر من الإفراط في التفاؤل، فإن تصويت كنساس على قضية خلافية أساسية كقضية الإجهاض، قد ينشط الديمقراطيين، الذين يدفعون بتشريعات وقوانين، بما في ذلك حزمة تشريعية لخفض أسعار الأدوية ومكافحة تغير المناخ، وزيادة الضرائب على الشركات لتحسين حظوظهم أمام الناخب الأميركي، ومحاولتهم الحفاظ على زخمهم في الأشهر الثلاثة المقبلة. ومع ذلك فإنهم يعانون من أزمات عدة، على رأسها فقدانهم لقيادة قادرة على حشد الناخبين قبل الانتخابات، التي يتوقع على نطاق واسع أن تؤدي إلى خسارتهم الكونغرس بمجلسيه، فضلا عن بعض حكام الولايات.
وكان مؤيدو حقوق الإجهاض توجهوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع في كنساس، ورفضوا بهامش 20 نقطة مئوية تقريبا، استفتاء كان من شأنه تغيير دستور الولاية للسماح للمشرعين في الولاية بفرض قيود على الإجهاض، أو حتى حظره، كما جرى في 12 ولاية أخرى يسيطر عليها الجمهوريون.
ومن المتوقع أن تشهد أربع ولايات أخرى، هي كاليفورنيا وميشيغان وفيرمونت وكنتاكي، استفتاء مماثلا خلال الانتخابات النصفية.
وفيما يحاول الديمقراطيون إقناع الناخبين بأنهم لا يستطيعون حماية الوصول إلى الإجهاض إلا من خلال هزيمة المرشحين الجمهوريين المناهضين للإجهاض على مستوى الولايات والمستوى الفيدرالي، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية كريستين ماثيوز قولها إن تصويت كنساس، يمكن أن يكون له «تأثير منشط لمؤيدي حقوق الإجهاض»، وأضافت «النجاح يولد النجاح... سيشجع ذلك على الاعتقاد بأن المشاركة والتنشيط يمكن أن يحدثا فرقا وهذا مهم بشكل خاص مع الناخبين الأصغر سنا وأولئك الأقل ميلا للمشاركة، إنه تحول في الزخم».
ويعترف الاستراتيجيون الجمهوريون بأنه سيتعين على مرشحي الولايات المتأرجحة أن يتعاملوا بحذر بشأن هذه القضية. ففي جورجيا، على سبيل المثال، أثار مرشح الحزب الجمهوري لمجلس الشيوخ هيرشل ووكر قلق الجمهوريين، من إعلانه بسرعة معارضته لحقوق الإجهاض حتى في حالات الاغتصاب وسفاح القربى وتهديد حياة الأم. وهذا الموقف الذي كان يعد تطرفا في السنوات الماضية، بات شائعا إلى حد كبير بين المرشحين الجمهوريين هذا العام. لكن تصويت كنساس دفع بالجمهوريين في ولايات أخرى، إلى الحد من التعبير عن مواقفهم وتوضيحها من قضية الإجهاض. ورغم أن الترشح ضد مرشح منافس، يعد أكثر تعقيدا من اقتراع على قضية واحدة، يتوقع الديمقراطيون أن يتحول الإجهاض إلى قضية سياسية أكثر أهمية، في سباقات مجلس الشيوخ في نيفادا ونيو هامبشاير وأريزونا، وهي ولايات، تشير استطلاعات الرأي فيها إلى دعم قوي لحقوق الإجهاض، ويرجح أن تدفع نساء الضواحي والناخبون الأصغر سنا إلى المشاركة بشكل مكثف في الانتخابات مدفوعين بهذه القضية. وبحسب استطلاع أجرته وكالة «أسوشيتد برس» ومركز نورك لأبحاث الشؤون العامة، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من صدور قرار المحكمة العليا، وجد أن عددا أكبر من الأميركيين لا يوافقون على القرار، بنسبة 53 في المائة مقابل 30 في المائة.
تصويت كنساس «المحافظة» على الإجهاض رسالة «تفاؤل» للديمقراطيين و«تحذير» للجمهوريين
تصويت كنساس «المحافظة» على الإجهاض رسالة «تفاؤل» للديمقراطيين و«تحذير» للجمهوريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة