- THE GRAY MAN
- الجاسوس رقم 6 في خطر
- وسط ★★
«الرجل الرمادي» فيلم أكشن جاسوسي حول سجين سيعرف لاحقاً باسم سييرا سيكس (Siera Six) انتخبه رئيس مسؤول في المخابرات المركزية الأميركية اسمه فيتزوي (بيلي بوب ثورنتون) لكي يصبح قاتلاً محترفاً للمخابرات. قال له: «أنت قتلت مرّة، سيكون سهلاً عليك أن تقتل مرّات». يبتسم له، فسيكس محكوم عليه بالسجن سنوات طويلة فكيف سيرفض الفرصة المتاحة ليقتل برخصة؟
المهمّة الأولى التي نراه فيها تدعو للتعجب: عليه أن يطلق رصاصة اغتيال تخترق سقف ملهى زجاجي لتصيب الرجل المنوي قتله وهو يقف في الطابق الأعلى. يعني على الرصاصة أن تخترق سقفين من الزجاج لتصيب هدفها. من هذا التكلّف الواضح ينطلق الفيلم عبر مشاهد أخرى من النمط ذاته. هذا القاتل المحترف سيجد نفسه في خطر. مثل سلسلة بورن التي تولّى بطولتها مات دامون، هو طريد المنظمة التي يعمل لها. توم كروز في سلسلة «المهمّة: مستحيلة» وجد نفسه، ولا يزال، مطارداً من قِبل تلك المنظمة كما لو أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) لا شغل لها سوى التعيين ثم اغتيال من تقوم بتعيينهم. نعم، دائماً هناك رئيس في قسم ما، هو الذي يقرر أن يقتل العميل، وهنا لا يختلف الأمر، لكن كان عليه أن يختلف لأن الحكاية أصبحت في الواقع نسخاً مهترئة من كثرة الاستعمال.
يكتشف سيكس أنه في خطر بينما كان في هونغ كونغ... لا ربما كان في أذربيجان أو هل يا ترى كان في الصحراء المغربية؟ لا. لا بد أنه كان حينها في فرنسا. عذراً، الفيلم ينتقل بين عشرات المدن، كما بمعدل مدينة كل خمس دقائق. أما عن الفترات الزمنية فهي مسألة أخرى: نحن أولاً بعد 18 سنة على خروج سيكس من السجن ثم نعود أدراجنا لعامين أو ثلاثة سبقت، ثم ننتقل من جديد إلى الحاضر، ثم ننتقل مرّة أخرى إلى بعض سنوات مضت. هل كان السيناريو مستعصياً على السرد لو أننا تابعنا التواريخ بحسب الحكاية؟
ما ينتج عن هذا التداول من الأماكن والأزمنة هو أن المرء سيقفل ذهنه عن متابعة عربة الزمن التي ابتدعها المخرجان جو وأنطوني روسو وسيقرر، إذا ما كان لا يزال مهتمّاً، قبول ما يرد ربما مشاهد المعارك (أغلبها ليلي وبأضواء شحيحة توفيراً للكهرباء على ما يبدو) المعارك اليدوية التي يتبادلها سيكس مع عديدين ويخرج منها دوماً سليماً. أحد أقوى المترصدين له هو جاسوس آخر اسمه لويد (كريس إيفنز) الذي سيقود وسيكس الفيلم لمشاهده الأخيرة.
كل شيء متوقع رغم فن تجميع المشاهد المتطايرة. 200 مليون دولار لا يستحقها فيلم يقوم على أحداث مغطاة بأصوات عالية ومشاهد من بطولة المونتير ومؤثرات المتخصصين في الضرب والرفس والمعارك اليدوية. بعض هذه المشاهد مبتدعة جيداً مثل تلك المعركة التي تقع داخل طائرة اشتعلت فيها النيران، لكن الأثر ينتهي بنهاية المشهد. ما يليه قد لا يكون بالقوّة ذاتها، لكن السياق هنا هو الاعتماد على سرد مشحون بالمواقف السريعة والمعارك المتوالية بحيث لن يكترث المشاهد للبحث عن القصّة.
- رحلة يوسف
- دراما جديدة بالنَفَس ذاته
- وسط ★★
ما كان جديداً عندما دخل المخرج السوري جود سعيد مجال العمل السينمائي قبل أكثر من عشر سنوات، بات مع التكرار قديماً ويزداد قِدماً مع كل فيلم جديد يطرحه. هذا لأن معظم أفلامه تدور في رحى الريف وبشخصيات مكتوبة بنَفَسٍ متشابه، تمر ببؤس الحياة الحاضرة بسبب الظروف والأوضاع وتنتهي بمواقف ينتصر فيها الخير على الشر بصعوبة بالغة.
نعم، كل ما سبق واقعي والنهايات السعيدة قد تكون بلهاء لا فائدة منها ولا هي مطلوبة، لكن تكرار المفادات حتمي لأن الحكايات تدور، غالباً، في البيئة الاجتماعية ذاتها. حكايات مع رجال ونساء من الريف عليهم الوقوف ضد طغيان فردي والدفاع عن قرارات ذاتية ومصيرية.
هذا هو موجز الموضوع الماثل في فيلمه الجديد «رحلة يوسف» بطولة أيمن زيدان في دور حفار قبور في بعض الريف السوري يعايش ازدياد ضغط الجماعات الدينية المتطرّفة، وهناك شاب وفتاة يحبّان بعضهما بعضاً لكن عين أحد المتطرّفين على الفتاة وهذا ما يقود لهجرته وآخرين، بينهم امرأة سيتزوّج بها، إلى مخيم تشرف عليه جهة مدنية محايدة، لكن المخيم بدوره يعكس ذلك التطرف صوب العنف والمشاكل العاطفية ذاتها بحيث يلج الفيلم صدامات عدّة بطلها يوسف الذي يدرك تماماً مسؤولياته ويتصدّى للأشرار في محيطه وينفذ بأحدهم حكم الإعدام.
ليس أن القصّة بحد ذاتها ركيكة أو رديئة، لكن الأجواء هي ذاتها. حركة الشخصيات التفاعلية مع أو ضد بعضها البعض واحدة. ورغم براعة تصوير المخرج لما يعرفه عن تلك البيئة عن ظهر قلب وبراعة تحريكه الكاميرا في سلاسة ممتازة، فإن الإثارة التي على الحكاية طرحها لا تصل. تحتد المواجهات لكن هذا لا يعني أن المُشاهد يعايش تلك الحدّة.
حان الوقت ليبحث المخرج سعيد عن جديد آخر يطرحه، وهو كان قدّم فيلمين جيدين للغاية هما «مطر حمص» و«رجل وثلاثة أيام» (كلاهما سنة 2017) لكن ما بعدهما نجده يسرد حكايات متشابهة بشخصيات متكررة كما الحال في «مسافرو الحرب» (2018) و«نجمة الصباح» (2019). حتى لو اعتبرنا أن التطرّق للمواضيع ذاتها (على غرار يلماز غونيه أو إنغمار برغمن) مسموح، إلا أن تطوير المعالجة وتجديد الطروحات والإتيان بحكايات أكثر اختلافاً مما سبق، يبقى أمراً لا مفر منه.
ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★