مسيرات شعبية اليوم تتذكر ضحايا انفجار مرفأ بيروت وتطالب بمحاسبة المسؤولين

الأهالي ينتظرون عودة التحقيق... والعدالة رهينة التجاذبات السياسية

أهالي عدد من الضحايا يحملون صورهم في وقفة احتجاجية (الشرق الأوسط)
أهالي عدد من الضحايا يحملون صورهم في وقفة احتجاجية (الشرق الأوسط)
TT

مسيرات شعبية اليوم تتذكر ضحايا انفجار مرفأ بيروت وتطالب بمحاسبة المسؤولين

أهالي عدد من الضحايا يحملون صورهم في وقفة احتجاجية (الشرق الأوسط)
أهالي عدد من الضحايا يحملون صورهم في وقفة احتجاجية (الشرق الأوسط)

لا تخفي عودة النشاط الاقتصادي إلى مرفأ بيروت، بعد عامين على انفجاره، مشهد الحزن الساكن في وجوه عائلات الضحايا الذين يغضبهم تعميم ثقافة الإفلات من العقاب، كما لا يفارق نفوس المصابين، وبعضهم لا يزال قابعاً في المستشفيات.
على مدى العامين السابقين، عالجت السلطات اللبنانية الآثار الاقتصادية لانفجار المرفأ، وتكفلت جمعيات إنسانية ومنظمات دولية بترميم المنازل والمستشفيات والمنشآت التعليمية، ووفرت عودة جزء من السكان إلى المنطقة المتضررة في محيط المرفأ، لكنها فشلت في تأمين سير العدالة الخاضعة لتجاذبات سياسية، وخلافات محلية بين الأحزاب والقوى الفاعلة على خلفية الاتهامات بالاستنسابية وتسييس الملف القضائي.
وقادت هذه الوقائع عدداً من السكان والناشطين لمؤازرة أهالي الضحايا الذين يحيون اليوم الخميس الذكرى الثانية لانفجار المرفأ الذي يعد من بين أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، وقد أودى بحياة 224 شخصاً وفق إحصاءات لجنة أهالي الضحايا، وأصاب أكثر من 6500 آخرين بجروح، ملحقاً دماراً واسعاً بأحياء العاصمة. ونجم الانفجار، وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقائية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.


الحريق الذي أشعله الانفجار (الشرق الأوسط)

- مسيرات شعبية
ويتخذ أحياء الذكرى شكلاً شعبياً، عبر تنظيم ثلاث مسيرات راجلة، تنطلق الأولى من أمام قصر العدل في بيروت بعد ظهر اليوم باتجاه المرفأ، وتنطلق الثانية من وسط بيروت من أمام مبنى جريدة «النهار» باتجاه المرفأ، كما تنطلق الثالثة من أمام مركز فوج الإطفاء. وتلتقي المسيرات الثلاث أمام تمثال المغترب في الخامسة من بعد ظهر اليوم. ويهدف الحراك الشعبي للتذكير بأن السلطة قصّرت بالقيام بواجباتها، ولم تحاسب المسؤولين عن الانفجار، ويتهم الناشطون الدولة بمحاولة طمس معالم الكارثة من الذاكرة، على ضوء المخططات لهدم مبنى الإهراءات، الشاهد الأبرز على الانفجار، عبر مخطط لهدمه في السابق، وهو مقترح جرى التراجع عنه، وثانياً عبر تركه عرضة للتصدع والسقوط من غير القيام بخطوات لحمايته.
- التحقيقات بالملف
فشلت محاولات إحضار لجنة تقصي حقائق دولية لتولي التحقيقات في ملف المرفأ. ورغم دعوة أكثر من خمسين منظمة لبنانية ودولية وعائلات الضحايا منتصف يونيو (حزيران) 2021 مجلس حقوق الإنسان إلى «إنشاء بعثة تحقيق دولية ومستقلة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصي الحقائق لمدة سنة»، فإن طلبها لم يلقَ آذاناً مصغية.
محلياً، خضع المسار القانوني لإحقاق العدالة لمرحلتين، الأولى تمثلت في تعيين قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان في أغسطس (آب) 2020 محققاً عدلياً في ملف المرفأ، قبل أن تأمر محكمة التمييز الجزائية، في فبراير (شباط) 2021 بتنحية القاضي صوان، بعد قبول دعوى تطالب بذلك عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء اللبناني السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين.
أما المرحلة الثانية، فتمثلت في تعيين القاضي طارق البيطار محققاً عدلياً في ملف تفجير المرفأ في فبراير (شباط) 2021. وادعى البيطار على خمس شخصيات، هم الوزراء السابقون علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس، إضافة إلى رئيس الحكومة السابق حسان دياب. وأصدر لاحقاً مذكرة جلب بحق خليل وزعيتر، لكنه ووجه بدعاوى كف اليد عن الملف، بلغت 35 دعوى، انتهت بتعطيل العمل القضائي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وتتهم «حركة أمل» و«حزب الله» و«تيار المردة» وشخصيات سنية، القاضي البيطار بالاستنسابية والتسييس. وتنطلق الاتهامات بالاستنسابية من أمرين، أولهما عدم استدعاء وزراء العدل السابقين، علماً بأن صلاحيتاهم إدارية مثل صلاحية وزير المال، وهو ما وتّر العلاقة بين فريق «حركة أمل»، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفريق رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة ثانية. أما الاستدلال الثاني للاتهامات بالاستنسابية، فيعود إلى أن الادعاء على الوزراء والرؤساء ليس من صلاحيات المحقق العدلي، أسوة بالقضاة الذين حوكموا أمام المحاكم القضائية وليس أمامه، ويقولون إنه يجب على المحقق العدلي أن يحيل الملف إلى «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء» (يضم 7 أعضاء من البرلمان، و8 قضاة يرأسهم رئيس مجلس القضاء الأعلى).
وفي ظل هذا الجمود، تقدم حزب «القوات اللبنانية» بعريضة رسمية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بهدف تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تعمل على مساعدة التحقيق اللبناني في جريمة انفجار المرفأ.


إهراءات الحبوب آيلة للسقوط (الشرق الأوسط)

- الإهراءات
فشل البرلمان في إقرار اقتراح قانون تقدمت به النائبة بولا يعقوبيان لتحويل الإهراءات إلى معلم تاريخي شاهد على الانفجار. وتعرضت الإهراءات في المرفأ لأضرار بالغة جراء انفجار مرفأ بيروت في عام 2020. عندما امتصت عصف الانفجار الضخم، مما تسبب بدمارها. وفشلت جميع المحاولات لسحب الحبوب المخزنة في بعض جيوبها، بسبب التصدع الذي طاول المنشأة.
وبدأت أجزاء من الإهراءات بالسقوط جراء الرطوبة والحرارة الناتجة عن تخمر الحبوب في داخلها، مما أدى إلى حرائق متلاحقة. وتشتعل الحرائق في الحبوب التي يصعب الوصول إليها في الجزء الشمالي من الإهراءات، مما هدد بسقوط أجزاء من الخرسانة نتيجة الحرارة المرتفعة للحرائق التي تشتعل منذ شهر بشكل متقطع، وسط صعوبة في التعامل معها بسبب تصدع المنشأة الخرسانية التي تمثل شاهداً على انفجار المرفأ.
وتقول الحكومة اللبنانية إن «الحبوب الموجودة عند الجهة الشرقية من الإهراءات والتي لم تعالج لخطورة الوصول إليها تقدّر بـ3 آلاف طن، منها 800 طن بدأت بالاحتراق الذاتي أخيراً نتيجة العوامل المناخية، إذ تصل حرارة الحبوب إلى أكثر من 95 درجة مئوية نتيجة التخمر، علماً بأن الانبعاثات الناتجة عن هذا التخمّر لا تشكل أي خطر على الصحة العامة».
ويقدر الخبراء أن النيران ستخمد فور انتهاء الكمية ويحذرون من استعمال المياه لإخمادها مما يفاقم الوضع ويزيد من عمليات التخمر والاحتراق.


أهالي الضحايا يطالبون بالحقيقة (الشرق الأوسط)

- مشاريع لتطوير مرفأ بيروت
> بعد أسابيع قليلة على انفجار المرفأ، عاد المرفق الحيوي إلى العمل بشكل طبيعي، وجرى تلزيم محطة حاوياته لشركة فرنسية بهدف زيادة عائدات الخزينة اللبنانية المتعثرة نتيجة الأزمات.
وبهدف تحسين الإيرادات، أقرت الهيئة العامة للمجلس النيابي في الأسبوع الماضي أربعة قوانين إصلاحية تقدم بها وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، اثنان منها متصلة بالمرفأ، أحدها يتعلق بتعديل الجدول رقم 9 المعني بالمرافئ والمنائر والمطار، حيث يتم تصحيح الإيجارات مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وتحويلها جميعاً للدولار.
وقال حمية في مؤتمر صحافي: «نتيجة هذا التعديل على الجدول رقم 9 في المطار سيتم تحصيل ما يفوق الـ160 مليون دولار لصالح الخزينة العامة للدولة».
أما القانون الثاني، فيلزم شركات السفن التجارية الكبرى بدفع حصة الدولة اللبنانية بالدولار كما تتقاضاها هي، لتزيد عائدات الدولة.
- ليليان شعيتو... مختصر الأزمة اللبنانية
> ترقد ليليان شعيتو على سرير في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، منذ عامين. رسمت الإصابة بانفجار المرفأ مصيراً صعباً يتشكل من عاملين، أولهما وضعها الصحي الذي يحتاج إلى متابعة وتكاليف باهظة، وثانيهما حرمانها من مشاهدة طفلها.
وأصبحت ليليان، الشابة البالغة من العمر 28 عاماً، وعائلتها محاصرين وسط أزمات لبنان المتعددة من قطاع صحي متدهور لم يعد بإمكانه علاجها، إلى المؤسسات الحكومية المشلولة والبنوك التي حالت دون وصولهم إلى مدخراتهم. وقالت شقيقتها الكبرى نسمة لـ«رويترز»: «ليليان تمثل معاناة الشعب اللبناني لأنها تعاني من كل هذا».
كانت ليليان قد أصيبت بأضرار بالغة في فصوص دماغها الأمامية تركتها في غيبوبة استمرت لأشهر وتطلبت خضوعها لثلاث عمليات جراحية. وفي يوليو (تموز)، نطقت بأول كلمة لها منذ ما يقرب من عامين. «ماما». فهم أشقاؤها أنها صرخة نداء لطفلها الصغير علي، الذي لم تره منذ الانفجار بسبب نزاع على الحضانة مع زوجها.
ولا تزال ليليان مشلولة تقريباً، حيث تتواصل عن طريق إغماض عينيها لتأكيد أمر ما أو إدارة رأسها المغطى بالضمادات بعيداً لرفضه. وتطلب شقيقاتها من الأصدقاء والمعارف القادمين من الخارج إحضار الأدوية، وتدفع ثمنها بالدولار الأميركي الذي يصعب الوصول إليه مع استمرار انخفاض قيمة العملة اللبنانية.
وأبلغ المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت العائلة في فبراير (شباط) أن المنظمة الخيرية التي تغطي تكاليف إقامتها لم تعد قادرة على تحمل ذلك، وأنه سيتعين عليها الانتقال إلى مركز إعادة تأهيل متخصص لمتابعة علاجها. وقالت نسمة: «تلك المراكز الخاصة تطلب المال، وللأسف لا نستطيع تحمل ذلك - ولا حتى جزء منه - لأن أموالنا في البنوك». وتزعم عائلة ليليان ومحاميها أن القيود تعرقل تعافيها لأن سحب الأموال بسعر البنك المنخفض سيقلل من قيمتها.
- تجاذبات لبنانية تكبل التحقيق
> يعدّد النائب ملحم خلف، النقيب السابق لمحامي بيروت والمواكب لتحركات أهالي الضحايا، أسباباً محلية وخارجية لـ«تعثر» التحقيق، على رأسها «زجّ الملف في تجاذبات سياسية، وتحويل المطالبة بالحقيقة إلى وجهة نظر، كل واحد يتنازع عليها».
ولم تلبّ دول عدة طلبات لبنان لتزويده بصور الأقمار الاصطناعية للحظة وقوع الانفجار. كما لم يتسلم القضاء بعد تقارير نهائية من خبراء أجانب شاركوا في التحقيقات الأولية. ويقول خلف، الذي تقدمت نقابة المحامين عندما كان نقيباً بشكاوى قانونية لمقاضاة الدولة ممثلة أكثر من 1200 عائلة من متضرري الانفجار: «يعطي ذلك كله صورة عن التعثر داخلياً وخارجياً، وعن عدم نية، لا بل عن رغبة معاكسة لمن يريد الحقيقة والعدالة».
ويدعو «السياسيين إلى رفع يدهم عن القضاء كي يتمكن القضاء أولاً من إحقاق الحق، وبعدها العدالة»، مناشداً أهالي الضحايا «متابعة العمل... وعدم فقدان ثقتهم بالقضاء اللبناني».
- ألكسندرا نجار... صورة الوجع الدائم
> تمثل الطفلة ألكسندرا نجار، الصورة الأبرز لوجع أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت. قبل عامين، جالت صورة الطفلة ألكسندرا نجار، محمولة على كتفي والدها، العالم بعدما قتلت في انفجار مرفأ بيروت المروّع. واليوم يكبر حزن وغضب والديها، بول وترايسي، بينما يخوضان رحلة شاقة من أجل تحقيق العدالة لابنتهما. وتقول ترايسي (36 عاماً) لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «الحزن ذاته، لا بل يكبر، لأننا مع الوقت نشتاق لألكسندرا ونشعر أنها لم تعد معنا»، لكن «وإن كنا نتعلمّ العيش مع الحزن، إلا أنّ ثمة قهراً وغضباً يكبران كثيراً».
لا يخفي بول نجار، الذي واظب وزوجته على المشاركة منذ عامين في التحركات، الشعور بالتعب أحياناً. ويقول، وخلفه صورة طفلته ترفع العلم اللبناني خلال مشاركتهما في إحدى المظاهرات ضد الطبقة السياسية: «كنا متفائلين بأن الناس ستتبنى هذه القضية (...) لكن للأسف نشعر وكأن الشعب بات فاقداً للأمل أو كسولاً وإما لديه وجهة نظر مختلفة كلياً». ويضيف: «من المتعب أن تعيش في بلد يفتقد للعدالة وتبقى تبحث عن وسائل جديدة» لبلوغها في ظل تعليق التحقيق المحلي.
وتقول ترايسي: «ستكون قضية الرابع من أغسطس جزءاً من حياة ابنها أكسل المولود حديثاً. نردد دائماً أننا سنناضل من أجل العدالة والحقيقة حتى نموت». وتضيف بحزم: «إذا متنا ولم نحققها، أريد لأكسل أن يهتم بالقضية وأن يعيش... حياة النضال والعدالة والحقيقة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
TT

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ، التي تناولت «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية» بعد سيطرة فصائل مسلحة على مناطق بمحافظتي حلب وإدلب.

مسؤول حكومي سوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد «أهمية الاتصالات العربية السورية، وأن يشمل الدعم العربي، بخلاف إمكانية عقد اجتماعات بالجامعة العربية، عدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين وتقديم المعلومات ومساعدات عسكرية، سواء عبر خبراء أو بجهود منظمة كما حدث من قبل في الموصل»؛ في إشارة إلى تدخل دولي كالذي حدث سابقاً ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق.

تلك الاتصالات العربية - السورية تعد، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأكبر منذ 2011، وتتوافق بشكل مباشر على مساندة دمشق، متوقعين أن تحمل دعماً عبر مستويات سياسية وقانونية ودبلوماسية وإغاثية وإمكانية عقد اجتماع طارئ بالجامعة العربية. وأحد الخبراء استبعد التدخل العسكري العربي في ظل «عدم التوافق على هذه الآلية حالياً».

وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت فصائل مسلّحة في شمال غربي سوريا، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على مناطق في محافظتي حلب وإدلب، خاضعة لسيطرة الحكومة، بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي.

وتلقى عبد العاطي، الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من صباغ «تناول آخر المستجدات والتطورات الميدانية في شمال سوريا، والتداعيات الوخيمة لهذه التطورات على أمن واستقرار سوريا والمنطقة بأسرها»، مجدداً «موقف القاهرة الثابت والداعم للدولة السورية وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها والأهمية البالغة لحماية المدنيين»، وفق بيان للخارجية المصرية.

وعن مستجدات المواقف العربية، قال مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات العربية - السورية مستمرة، وخاصة أن جميع الأشقاء العرب لهم دور كبير، لأن ما يحدث يهدد استقرار المنطقة وليس شأناً سورياً على الإطلاق»، موضحاً أنه «عندما تسيطر جبهة النصرة، فرع تنظيم (القاعدة)، على الشمال السوري، فهذا أمر يقوض الأمن والاستقرار، وسيجعل هناك تمكين أكبر للتنظيمات الإرهابية، وقد يحرك الخلايا النائمة في دول المنطقة».

ويعد هذا التحرك العربي الرسمي المباشر للدولة السورية، هو الأكبر منذ 2011، وفق تقدير الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور بشير عبد الفتاح؛ في إشارة لمطالب الدول العربية بدعم استقرار الدولة ووحدة ترابها.

وبحث الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية مصر وسوريا أيضاً «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الأربعاء، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، في مؤتمر صحافي بالقاهرة «دعم مصر لدولة سوريا الشقيقة ووحدة أراضيها، في ضوء التحدي الراهن الذي تواجهه».

وبرأي مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، فإن «أشكال الدعم العربي بخلاف إمكانية عقد اجتماع بالجامعة العربية لبحث تقديم الدعم، تتمثل في تقديم المعلومات للدولة السورية، وعدم توفير ملاذات آمنة لهؤلاء الإرهابيين، وعدم السماح باستغلال الثروات السورية».

ولا يستبعد المسؤول السوري إمكانية أن «يصل الدعم للشكل العسكري، خاصة أن أحد صنوف مكافحة سيطرة الإرهاب على مدينة هو مواجهته عسكرياً، كما حدث في الموصل من قبل».

ويري نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي، أنه قد يكون هناك اجتماع عربي طارئ بالجامعة العربية لدعم سوريا، غير أنه يرى أن الدعم الدبلوماسي لن يكون مفيداً بالشكل الذي يماثل وجود دعم حقيقي على الأرض بالمعدات العسكرية مثلاً.

وباعتقاد غباشي، فإن سوريا تريد دعماً حقيقياً عربياً لتأكيد عودتها التي تمت للجامعة العربية مؤخراً، بعيداً عن الحاضنة الإيرانية، وبالتالي تطورات الموقف العربي والدعم على الأرض هما الأهم حالياً، خاصة وأن الموقف شديد الخطورة، وقد «يجعل سوريا مختطفة مرة أخرى».

وعن إمكانية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي تم توقيعها عام 1950، استبعد عبد الفتاح وصول الأمر لدعم عسكري؛ لأنه «لا توجد أي آلية عربية واضحة لهذا الإطار، ولا يوجد توافق بهذا الخصوص»، مؤكداً أن «الدعم سيكون على جميع المستويات سواء السياسية والقانونية والدبلوماسية والإغاثية لوقف إطلاق النار ومنع التدخلات الخارجية».

ويرى «أهمية النظر للبعد الإنساني في سوريا، حيث هناك 7 ملايين نازح و16 مليوناً يحتاجون للمساعدات والتركيز على هذا الجانب مع التحرك في المسارات القانونية والدبلوماسية الأخرى ضد التدخلات الخارجية، والعمل على دعم وحدة التراب السوري وتمسك الدولة السورية ومؤسساتها، خاصة أن هناك تداعيات كبيرة للأزمة».

وخلال جلسة لمجلس الأمن بشأن التطورات السورية، الثلاثاء، أكد ممثل الجزائر لدى مجلس الأمن، عمار بن جامع، أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وطالب بضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا.

وفي كلمته، وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلاً إن «الهجوم على شمال سوريا لم يكن من الممكن تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك»، مطالباً بإلزام «الدول المشغلة لهذه التنظيمات» بالعدول عن سياساتها.

فيما أكدت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، خلال الجلسة، أن عودة النزاع للظهور مرة أخرى في سوريا تعكس التحديات العالقة. وقالت: «سوريا ستبقى في حلقة العنف دون إطلاق عملية حقيقية للمصالحة الوطنية»، مضيفة أن وجود التنظيمات «الإرهابية» في سوريا يقوض أمن تركيا، التي قالت إنها «ستواصل اتخاذ كل التدابير المطلوبة لحماية أراضيها ومصالحها».

وفي ظل تلك المتغيرات، حذر مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز من «خطر إحياء تنظيمي (القاعدة) و(داعش)»، مطالباً «بتحرك عربي قبل فوات الأوان، وتهديد ذلك الخطر للمنطقة كلها».

ويتفق عبد الفتاح مع هذه المخاطر، قائلاً إن المشهد في شمال سوريا يحمل تداعيات خطيرة أبزرها عودة «داعش»، مثلما تحذر الولايات المتحدة، مع البيئة المتوفرة لظهور ذلك التنظيم الإرهابي مع هشاشة الحالة السورية، معتقداً أن تلك التداعيات قد تحمل ارتدادات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة تهدد دول الجوار وتنقل اضطرابات لدول بالمنطقة.

وفي جلسة سرية للبرلمان العراقي، الأربعاء، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، ومنع أي اختراق أمني، في ظل التوترات السورية، وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوداني قدم عرضاً مفصلاً حول الوضع في سوريا، والاحترازات الأمنية التي يقوم بها العراق، خصوصاً على الحدود»، وأشارت إلى أن «رئيس الحكومة أكد انخراط الدبلوماسية العراقية في حوارات إقليمية ودولية لإعادة الاستقرار في سوريا».

وبرأي عبد الفتاح، فإن الموقف العراقي تحرك سريعاً منذ بداية الأحداث ولم ينتظر الموقف العربي، غير أنه غير متفائل بإمكانية إبداء الرئيس السوري أي تنازل في أي حوار مستقبلي قد يحدث.