قوات البيشمركة حررت 95 % من المناطق المتنازع عليها من «داعش»

مسؤول كردي لـ «الشرق الأوسط» : لن ننسحب مما استعدناه بما فيه كركوك

قوات البيشمركة حررت 95 % من المناطق المتنازع عليها من «داعش»
TT

قوات البيشمركة حررت 95 % من المناطق المتنازع عليها من «داعش»

قوات البيشمركة حررت 95 % من المناطق المتنازع عليها من «داعش»

تمدد تنظيم داعش بعد سيطرته على مدينة الموصل الصيف الماضي بشكل سريع محتلا مساحات شاسعة من المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في محافظات نينوى وديالى وكركوك، بالاستفادة من الفراغ الأمني الذي أحدثه انسحاب الجيش العراقي. لكن قوات البيشمركة الكردية تدخلت بسرعة منقذة هذه المناطق من السقوط بيد «داعش»، وحررت وبحسب إحصائية من وزارة البيشمركة معظمها.
وقال العميد هلكورد حكمت، المدير العام للثقافة والإعلام والتوعية الوطنية في وزارة البيشمركة، لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنت قوات البيشمركة خلال الأشهر الماضية من تحرير نحو 95 في المائة من الأراضي الكردستانية من تنظيم داعش»، موضحا أن «المناطق الخاضعة لقوات البيشمركة هي الأكثر أمنا من المناطق الأخرى وسكان هذه المناطق يشعرون بأمان في ظل الحماية التي توفرها قوات البيشمركة لهذه المناطق، وخير دليل على ذلك هو انخفاض نسبة العمليات الإرهابية فيها خلال المدة الماضية بنحو 80 في المائة، وأفضل مثال على ذلك الأوضاع داخل مدينة كركوك»، وأكد حكمت بالقول: «هذه المناطق الكردستانية مهمة للإقليم وبالنسبة لقوات البيشمركة هي مناطق استراتيجية، لذا لن نفكر بأي شكل من الأشكال بتركها مرة أخرى، وفي المقابل لدينا خطط لحمايتها أكثر وتمتين الناحية الأمنية فيها بشكل أكبر، والمساهمة في ازدهارها من الناحية الاقتصادية وتطورها مثل مدن كردستان الأخرى».
بدوره قال العميد سرحد قادر، قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك، لـ«الشرق الأوسط» «شن تنظيم داعش على مدى عام أكثر من عشرين هجوما واسعا على مدينة كركوك بهدف احتلالها، واستطاعت قوات البيشمركة بإمكاناتها المتواضعة مع بداية سيطرة التنظيم على الموصل والمناطق الأخرى التصدي لهجمات التنظيم على كركوك، أما الآن فأصبح الموضوع مختلفا مقارنة بما كان عليه في بداية الحرب، فقوات البيشمركة أصبحت الآن أكثر تنظيما وهي قوات قوية تمتلك أسلحة وأعتدة جيدة، وكذلك القوات الأمنية الأخرى في كركوك، وتغيرت حالة (داعش) من الهجوم إلى الدفاع في حدود المحافظة، لكن التنظيم ما زال يشكل خطرا على كركوك ولا يبعد عنها سوى 20 دقيقة بالسيارة، فهو ما زال يسيطر على قضاء الحويجة ونواحي الرياض والرشاد والعباسي وقرية البشير، وهذه المناطق تحتوي على السيارات المفخخة والانتحاريين والمسلحين الأجانب، كل هذا يؤثر على المنطقة، لذا يجب أن تكون قواتنا دائما في حالة استعداد لردعهم».
وكشف قادر أنه «خلال الفترة الماضية تمكنت قواتنا المنضوية في فريق عمل واحد بإشراف من المحافظ من اعتقال تعتقل أكثر من (56) مسلحا من تنظيم داعش الذين تسللوا إلى مدينة كركوك باستخدام هويات مزيفة وسلمت ملفاتهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم على الجرائم التي اقترفوها، وكذلك تمكنا من إلقاء القبض على ثلاث شبكات من المهربين كانت تتعامل مع (داعش) في بيع وشراء النفط».
من جهته، قال عضو مجلس محافظة كركوك عن كتلة التآخي والتعايش الكردية، أحمد العسكري لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد تثبيت قوات البيشمركة في هذه المناطق انخفضت نسبة الأعمال الإرهابية والانفجارات فيها، والبيشمركة الآن تسيطر على الخط الدفاعي لهذه المدن، ولم يستطع (داعش) التقدم باتجاه كركوك، بل في المقابل حررت قوات البيشمركة مساحات واسعة من الأراضي في أطراف محافظة كركوك والمناطق الأخرى، فيما تحافظ قوات الآسايش (الأمن) والشرطة على الاستقرار داخل هذه المدن، وتمكنت من اعتقال العشرات من المجاميع الإرهابية خلال هذه المدة في كركوك». وتابع: «نستطيع القول إن كركوك الآن محمية من الخارج والداخل بأفضل شكل، أما المناطق الخاضعة لتنظيم داعش في حدود المحافظة فهي المناطق ذات الغالبية العربية السنية»، مبينا أنه «الآن ليس هناك أي خطر على المناطق النفطية والصناعية في كركوك».
وحررت قوات البيشمركة في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ناحيتي جلولاء والسعدية في حدود محافظة ديالى بعد هجوم من عدة محاور استمر لعدة ساعات. وعن الأوضاع في هاتين الناحيتين، قال المسؤول في قوات البيشمركة الموجدة في جلولاء، خليل خوداداد، لـ«الشرق الأوسط»: «جلولاء وسعدية ما زالتا خاليتين من السكان، ولا يوجد فيهما سوى القوات الأمنية، المتمثلة بالبيشمركة والآسايش الموجودتين في جلولاء والقوات العراقية في السعدية، لكن إذا عاد الأهالي إلى هذه المناطق مع بقاء (داعش) في صلاح الدين والموصل، لا يمكننا أن نؤكد بأن (داعش) انتهى وجوده في هذه المناطق، لأن مسلحيه الذين كانوا في جلولاء والسعدية اتجهوا إلى الحويجة وإلى الموصل فيما توجد مجموعة منهم في منطقة كنعان بمحافظة ديالى»، مضيفا إن قوات البيشمركة تمكنت من تطهير 80 في المائة من جلولاء من المتفجرات التي زرعها «داعش».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.