الخرطوم تقاضي «سي إن إن» وتتهمها ببث معلومات خاطئة

بعد زعمها أن «فاغنر» تهرّب الذهب بالتواطؤ مع قادة عسكريين

مجموعة من عناصر «فاغنر» (أرشيفية-رويترز)
مجموعة من عناصر «فاغنر» (أرشيفية-رويترز)
TT
20

الخرطوم تقاضي «سي إن إن» وتتهمها ببث معلومات خاطئة

مجموعة من عناصر «فاغنر» (أرشيفية-رويترز)
مجموعة من عناصر «فاغنر» (أرشيفية-رويترز)

أعلنت وزارة المعادن السودانية أنها بصدد تحريك إجراءات قانونية ضد فضائية أميركية شهيرة، بسبب تقرير نشرته عن تهريب مئات الأطنان من الذهب إلى روسيا تقدر قيمتها بمليارات الدولار، «بالتواطؤ مع قادة عسكريين رفيعي المستوى في السلطة الحالية».
تقرير قناة «سي إن إن» الذي أثار جدلاً كثيفاً في الشارع السوداني، كشف عن «مخطط روسيا لنهب موارد السودان لتحصين نفسها ضد العقوبات الغربية بسبب غزوها أوكرانيا، في مقابل دعم سياسي للقادة العسكريين السودانيين لقمع الاحتجاجات الرافضة لسلطة الجيش». لكن وزارة المعادن السودانية قالت إن الادعاءات التي أوردتها المحطة بأن الذهب المهرب من السودان إلى روسيا بلغ 223 طناً سنوياً، «مجافية للحقيقة»، بيد أنها أقرت «بوجود تهريب للذهب». وذكر تقرير القناة الأميركية أن نحو 90 في المائة من إنتاج الذهب في السودان يتم تهريبه إلى الخارج، وقدرت قيمته بنحو 13.4 مليار دولار، في وقت تعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة، ويواجه الملايين من المواطنين الفقر وشبح الجوع.
ووفقاً لمصادر سودانية رسمية تحدثت للقناة، فإن أكثر من 16 رحلة جوية روسية معروفة عملت على تهريب الذهب السوداني الذي يعد ثالث أكبر إنتاج في أفريقيا على مدار العام ونصف العام الماضيين، ونقلت «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين أن روسيا «دعمت بقوة الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لمساعدة جنرالات الجيش السوداني على البقاء في السلطة».
وكشفت القناة عن فواتير تؤكد تورط شركة «فاغنر» الأمنية المرتبطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وتتخفى عبر واجهات متعددة، في استخراج الذهب من مناطق واسعة في السودان، مقابل توفير الأسلحة والتدريب للجيش والقوات شبه العسكرية في البلاد. واستندت المحطة التلفزيونية إلى تقرير للجنة تفكيك نظام الرئيس السوداني المعزول، عن عملية تهريب روسية بالتواطؤ مع عناصر من الجيش السوداني. لكن تم إغلاق التحقيق قبل وقت قصير من الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021. وأشارت إلى أن السجلات الرسمية السودانية التي اطلعت عليها تغطي نحو مرحلة تمتد على مدى عشر سنوات، لكن حجم الصادر من الذهب إلى روسيا ملغى ومفقود، على الرغم من كثرة الأدلة المتوفرة على تعاملات موسكو الواسعة في هذا القطاع.
وأورد التقرير إفادات لعدد من المسؤولين السودانيين قالوا إن «كمية الذهب المفقودة أكبر من المعلن باعتبار أن الحكومة السودانية تقلل إلى حد كبير من أرقام الذهب المنتج في المناجم غير الرسمية، ما يشوّه الرقم الحقيقي». وكشف أن القادة العسكريين الحاكمين للبلاد، وأبرزهم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي» من «المستفيدين من الدعم الروسي».
وأوضحت وزارة المعادن السودانية، في بيان لها أول من أمس، أن «حجم إنتاج الذهب في الفترة من 2019 حتى يونيو (حزيران) 2022 لم يتجاوز 156 طناً بما في ذلك إنتاج التعدين التقليدي، المنظم في قطاع الشركات الذي بلغ 58.49 طن من الذهب الخام». وأكد البيان أن هذه الإحصائيات رسمية صادرة عن الوزارة والشركات المستثمرة، والبنك المركزي والجمارك وإدارات المواصفات والمقاييس والمطارات التي تدون وإيرادات الذهب من السودان، إلى جانب حركة الطيران والموانئ من وإلى بلد الادعاء.
وأقرت وزارة المعادن بأن «التهريب أحد أكبر التحديات التي تواجهها، برغم ما تتخذه من إجراءات لإحكام الرقابة والسيطرة وما بذلته من جهود مع الأجهزة الأمنية والعدلية المختلفة من أجل الحد منها». وقالت إن تقرير قناة «سي إن إن» تضمن «معلومات مغلوطة وبعيدة عن المهنية والأمانة الإعلامية، وأثار الكثير من اللغط والبلبلة والتضليل للرأي العام، وستشرع وزارة المعادن باتخاذ الإجراءات القانونية ضد القناة، خصوصاً أنها لم تتخذ الإجراءات المتبعة في الدخول إلى مناطق التعدين بإذن مسبق».
وقبيل عامين، كشف قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» عن «شركات امتياز كبيرة جداً تستخرج في الأسبوع 300 كيلوغرام من الذهب ولا توجد رقابة عليها». وأضاف أنه «أوقف طائرة بمطار الخرطوم تحمل 340 كيلوغراماً من الذهب، لكن تم إطلاق سراحها، وأبلغنا أن هذه الشحنة متفق عليها». وفي موازاة ذلك، تعرضت صفحة «تجمع المهنيين السودانيين» على ««فيسبوك»، لـ«حظر النشر وتقييد ظهور المحتوى»، عقب نشرها مقارنة بين تقرير القناة الأميركية ورد وزارة المعادن السودانية. وقاد تجمع المهنيين الذي يضم كيانات نقابية ومهنية الاحتجاجات الشعبية في السودان حتى عزل الرئيس عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، واتهم قادة الانقلاب العسكري «بتهريب الذهب إلى روسيا عبر ذراعها شركة (فاغنر) الأمنية وبالتواطؤ مع بعض الشركات الأمنية والحكومية السودانية من دون أن تدخل عوائده خزينة الدولة».



صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
TT
20

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)
مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)

حذّرت منظمة «مراسلون بلا حدود»، الاثنين، من أن الخطوات التي يتّخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتفكيك وسائل إعلام عالمية تموّلها الولايات المتحدة على غرار إذاعة «صوت أميركا»، من شأنها تعريض صحافيي هذه المؤسسات للخطر.

باشرت إدارة ترمب، الأحد، عمليات تسريح واسعة النطاق في إذاعة «صوت أميركا» (فويس أوف أميركا) ووسائل إعلام أخرى تمولها الولايات المتحدة، بعد يومين على توقيع سيّد البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يوقف عمل «الوكالة الأميركية للإعلام العالمي»، المشرفة على الإذاعة، وذلك في أحدث تدابيره لخفض الإنفاق في الحكومة الفيدرالية.

وقالت منظمة «مراسلون بلا حدود» إنها «تطلق جرس الإنذار على خلفية مخاطر تواجه طواقم الوكالة الأميركية للإعلام العالمي حول العالم، بينهم تسعة صحافيين مسجونين حالياً في الخارج بسبب عملهم».

وجاء في بيان للمدير العام لـ«مراسلون بلا حدود» تيبو بروتان أن «إدارة ترمب ترسل إشارة تقشعرّ لها الأبدان: الأنظمة الاستبدادية على غرار بكين وموسكو باتت لديها الحرية لنشر دعايتها من دون رادع».

وقال بروتان إن القرار ينطوي على «خيانة» لصحافيي الوكالة الأميركية للإعلام العالمي التسعة المسجونين في أذربيجان وبيلاروس وبورما وروسيا وفيتنام و«يجعل آلافاً آخرين عاطلين عن العمل ومعرّضين للخطر» بسبب عملهم.

تشرف الوكالة الأميركية للإعلام العالمي على وسائل إعلام عدة بينها «إذاعة أوروبا الحرة - راديو ليبرتي» التي تأسست خلال الحرب الباردة للوصول إلى التكتل السوفياتي السابق، وإذاعة «آسيا الحرة» التي تأسست لتوفير تغطية للصين وكوريا الشمالية وبلدان آسيوية أخرى يخضع الإعلام فيها لقيود مشددة.

إضافة إلى «مراسلون بلا حدود»، حذّرت منظّمات إعلامية في أوروبا من مخاطر التدابير التي يتّخذها ترمب على صعيد تجميد التمويل.

وجاء في بيان لـ«فرانس ميديا موند» و«دويتشه فيلي» أن «هذه الخطوة تهدّد بحرمان ملايين الأشخاص حول العالم من مصدر حيوي للمعلومات المتوازنة التي تم التحقق منها، خصوصاً في بلدان تعد فيها الصحافة المستقلة نادرة أو معدومة».

وتابع البيان: «هذه الخطوة تثير قلقاً بالغاً؛ نظراً إلى الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة منذ زمن في الدفاع عن حرية الصحافة».