ما «جغرافيا القاعدة» بعد مقتل زعيم التنظيم في أفغانستان؟

خبراء: النشاط متراجع والاعتماد على «الذئاب المنفردة»

أيمن الظواهري (رويترز)
أيمن الظواهري (رويترز)
TT

ما «جغرافيا القاعدة» بعد مقتل زعيم التنظيم في أفغانستان؟

أيمن الظواهري (رويترز)
أيمن الظواهري (رويترز)

فجّرت عملية مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، أسئلة متنوعة بشأن مستقبل التنظيم بعد رحيل الرجل، خاصة فيما يتعلق ببؤر انتشاره الجغرافية وكيفية إدارته لعملياتها وتوسعه. ووفق متخصصين في الشأن الأصولي فإن «مقتل الظواهري لن يؤثر على خطط أو نشاطات التنظيم في المستقبل». وأضافوا أن «القاعدة تعتمد على نمط لا مركزي في العمل، والأذرع لها استراتيجيتها الخاصة».
وقتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت (السبت) الماضي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن عام 2011.
وقال أحمد سلطان، المتخصص في شؤون الحركات الأصولية في مصر، إن «مقتل الظواهري هزيمة أو نكسة معنوية للقاعدة، لكنه لن يؤثر على خطط أو نشاطات التنظيم في المستقبل، وذلك لأن الظواهري لم يكن على تواصل مع قيادات (القاعدة) أو نشاطاتها اليومية، والدليل على ذلك المراسلات الخاصة من (القاعدة) لأفرعها الخارجية».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك رسالة لعبد الرحيم عطوان، الشرعي العام لهيئة تحرير الشام، وذكر فيها صراحة أن الظواهري ابتعد عن التواصل لمدة أكثر من عام بحجة الدواعي الأمنية، ويقوم قيادات (القاعدة) في إيران خاصة سيف العدل بالتواصل مع أفرع (القاعدة) الخارجية، وهذا واضح جداً عندما حدث انشقاق هيكلي في فرع (القاعدة اليمنية) حيث انشق أبو عمر النهدي ومجموعته وأرسلوا رسالة لأيمن الظواهري ليحل الخلاف بينهم وبين خالد باطرفي أمير (قاعدة اليمن)؛ لكن الظواهري ورغم مرور أكثر من عامين على الرسالة لم يرد عليهم».
سلطان يقدر كذلك أنه «كان يتم التحكم فيما يصل للظواهري من قبل قيادات (القاعدة) في إيران، ويلاحظ ذلك في الإصدارات المرئية للظواهري، وظهر ذلك في آخر إصدار مرئي للظواهري الشهر الماضي، وظهر فيه وهو منفصل عن الواقع تماماً، ولم يعلق على أي أحداث جديدة ولم يعط أي توجيهات، وكان يبدو أنه في شبه عزله أثناء إقامته في كابل أو خارج كابل، وكان منشغلاً بالتنظير، وكانت تنظيرات ضعيفة اعترافاً بفشل (القاعدة)».
وظهر الظواهري في تسجيل صوتي منتصف يوليو (تموز) الماضي بثته مؤسسة «السحاب»، الذراع الإعلامية لـ«القاعدة». وأشار إلى أن «(القاعدة) لايعترف بـ(داعش)»، كما قال: «لا نملك على الأذرع الخارجية إلا التوجيه».
ويعتقد سلطان أن «هذه الأذرع لها استراتيجيتها الخاصة والتي تتناقض مع التنظيم المركزي، فالتنظيم المركزي يركز على العدو البعيد أميركا والغرب؛ بينما الأذرع تركز على العدو القريب وهي الحكومات». وتركز حركة (الشباب الصومالية) الموالية للقاعدة هجماتها على الحكومة الصومالية وعلى بعض المواقع الأفريقية، فيما تعثر فرع اليمن، بينما يكاد فرع شبه الجزيرة الهندية منذ عام 2019 وهو في حالة موت(إكلينيكي) ولا يستطيع أن يقوم بالهجمات البسيطة. أما في سوريا فإن تنظيم «حراس الدين» ينخرط الآن مع «هيئة تحرير الشام» التي كانت فرعاً لـ(القاعدة). ويعد الفرع الأنشط للقاعدة أو عناصرها السابقة الآن في مالي أو الصحراء (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين)، وهو مرتبط بما يسمى قاعدة المغرب الإسلامي، ويرفض منهج القاعدة، وعرض الحوار السياسي مع الحكومة مما يكشف عن فشل فكر(القاعدة).
ولفت سلطان إلى أن «هناك إشارة مهمة وهي أن قيادة التنظيم المركزي في خرسان طلبت من عناصر وكوادر (القاعدة) في سوريا أن ينتقلوا إلى أفغانستان، وهذه معلومة جرى التأكيد عليها في تقرير مجلس الأمن الأخير عن نشاط (القاعدة) الشهر الماضي». وأوضح أن «(القاعدة) إطار تنسيقي للأذرع الجهادية، وهناك لجنة من (القاعدة) تسمى (لجنة حطين) وهي منبثقة عن (مجلس الشورى العالمي للقاعدة) وتضم اللجنة في عضويتها كلا من، محمد صلاح زيدان (سيف العدل)، وأبو عبد الرحمن المغربي (صهر الظواهري)، وأحمد ديري أبو عبيدة (أمير حركة الشباب الصومالية)، وأبو همام الشامي (أمير تنظيم حراس الدين)، وهذه اللجنة التواصل بينها ليس بشكل مستمر، وتعطي توجيهات عامة، لكن كل فرع يسير وفق رؤيته... فالقاعدة صارت اسما عاما للتنظيم الذي يعتمد على اللامركزية، خاصة فرع مالي وحركة (الشباب) الذي كان آخر هجوم لها قبل أيام على مقر القوات الإثيوبية».
وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، أعلن فرع تنظيم «القاعدة» في مالي مسؤوليته عن هجوم على قاعدة عسكرية رئيسية في البلاد. وفي مايو (أيار) الماضي أعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» مسؤوليتهاعن الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثمانية جنود توغوليين في شمال توغو. وفي أبريل (نيسان) الماضي، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن، تنفيذ عملية تهريب 10 سجناء من عناصره من السجن المركزي في مدينة سيئون. وفي الشهر نفسه أعلن فرع تنظيم القاعدة في مالي تبنيه مقتل 6 جنود وإصابة 20 في 3 هجمات. وفي مارس (آذار) الماضي تبنى تنظيم القاعدة في اليمن عملية استهداف قائد الحزام الأمني بمحافظة «أبين» عبد اللطيف السيد بسيارة مفخخة.
من جهته، أكد سلطان أن «إعلام (القاعدة) يراهن على (الذئاب المنفردة) أو الجهاديين المحليين، وعرض مكافأة مالية لأي شخص ينفذ أي هجوم ولو حتى بأي سلاح متاح؛ ورغم ذلك لم يلق هذا العرض الاستجابة، وهذا يكشف عن حجم الأزمة في التنظيم، فـ(القاعدة) يحاول إعادة بناء شبكاته لكي يستطيع شن هجمات مستقبلا». لكن تقرير مجلس الأمن الأخير أشار إلى أن «التنظيم غير قادر على شن هجمات».
وبشأن وجود جيوب لـ«القاعدة» في أفغانستان. قال سلطان إن «تنظيم (القاعدة) له وجود تاريخي في مناطق الحدود الأفغانية - الباكستانية وتحديداً في مناطق زابل إلى ولاية كونر في الجنوب، وأخيراً بدأت (القاعدة) تحاول أن تنقل عناصر لغرب أفغانستان على الحدود مع إيران وتحديدا ولايتي هيراط وفراه، وهناك حديث عن وجود نشاط لبعض كوادر (القاعدة) مثل أبو إخلاص المصري وكان قائدا للتنظيم في كونر، وعبد الحكيم المصري الموجود في كونر»، مضيفا: «نحن أمام وجود حقيقي لـ(القاعدة) في أفغانستان بالتنسيق مع شبكة حقاني»؛ لكن «ليست كل طالبان ترحب بهذه العلاقة، فطالبان ما زالت ترفض أن ينتقل سيف العدل إلى أفغانستان بعد مقتل الظواهري خوفا على مصالحها وإثارة المجتمع الدولي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».