بيلوسي والصين: تاريخ حافل بالتحديات

من ساحة تيانانمن إلى زيارة تايوان

رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (د.ب.أ)
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (د.ب.أ)
TT

بيلوسي والصين: تاريخ حافل بالتحديات

رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (د.ب.أ)
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (د.ب.أ)

غادرت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تايوان، مخلفة وراءها زلزالاً من التوترات التي سيصعب تجاوزها لأعوام قادمة.
فبيلوسي البالغة من العمر 82 عاماً أثارت جدلاً واسعاً بزيارتها التي تحدت فيها الصين والبيت الأبيض على حد سواء، وضربت بعرض الحائط نصيحة صديقها الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي أعرب علانية عن عدم رضاه عن زيارتها المثيرة للتشنجات.
لكن موقفها لم يكن مفاجئاً لمن يعرفها، فرئيسة المجلس معروفة بتاريخ حافل بالتحديات للصين في ملفات عدة، وسبق لها وأن جازفت بتصعيد التوتر في ظروف أصعب لدى زيارتها للصين في عام 1991. على غرار ما فعلت عندما نزلت، أمس (الثلاثاء)، من طائرتها العسكرية في تايبيه بخطى واثقة رغم كل المخاطر المحيطة بزيارتها.

ساحة تيانانمن

في عام 1991، وقفت بيلوسي النائبة الشابة عن ولاية كاليفورنيا وسط ساحة تيانانمن مع اثنين من زملائها في المجلس، وحملت لافتة كتب عليها باللغتين الإنجليزية والصينية: «للذين ماتوا من أجل الحرية في الصين». وتسببت هذه الخطوة حينها بموجة من الاستنكار من الصين التي وضعت بيلوسي على رادارها.
وفي معرض شرحها لزيارتها لتايوان، تتحدث بيلوسي عن تلك الزيارة للساحة الشهيرة قبل 3 عقود، وتقول في مقال رأي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»: «منذ 13 عاماً، سافرت مع وفد من الحزبين إلى الصين، حيث كشفنا النقاب في ساحة تيانانمن عن لافتة سوداء وبيضاء كتب عليها: لمن ماتوا من أجل الحرية في الصين. وطاردتنا عناصر الشرطة ونحن نغادر الساحة. منذ ذلك حين، استمرت بكين بسجلها السيء في حقوق الإنسان وتجاهلها للقانون».
لكن زيارتها للساحة كانت البداية فقط في سلسلة من التحديات التي امتدت على مدى 3 عقود لأول امرأة تتسلم منصب رئاسة مجلس النواب في الولايات المتحدة.
لم تُخف بيلوسي يوماً انتقادها العلني لسياسات الصين تجاه هونغ كونغ والتيبت، وقد استضافت أكثر من مرة الدالاي لاما في الكونغرس، كما أنها زارت التيبت في عام 2015 في زيارة استثنائية على رأس وفد من المشرعين، كما كانت من أبرز الداعين لمقاطعة الألعاب الأولمبية الصينية العام الماضي.
ولا تقتصر مواقفها على تايوان والتيبت وهونغ كونغ، بل تنتقد بيلوسي بشكل متكرر سياسات الصين مع أقلية الأويغور المسلمة والناشطين السياسيين. وهذا ما ذكرته بالتفصيل في مقالها قائلة: «في التيبت، لطالما قاد الحزب الشيوعي الصيني حملة لمحو لغة شعب التيبت وثقافته ودينه وهويته. وفي شيجنيانغ، تنفذ بكين سياسة الإبادة الجماعية بحق أقلية الأويغور المسلمة وغيرها من الأقليات. كما يستمر الحزب الشيوعي الصيني باستهداف الناشطين والداعين للحريات الدينية واعتقالهم».

مواجهة الرؤساء

ورغم أن رئيسة مجلس النواب أثارت استغراب الجميع عندما تحدت حليفها المقرب بايدن وقررت المضي قدماً بزيارتها، فإنها ليست المرة الأولى التي تتحدى فيها رئيساً ديمقراطياً في ملف الصين، فقد سبق وأن وقفت بمواجهة الرئيس السابق بيل كلينتون في سياساته المطمئنة لبكين، فقالت في عام 1997: «من خلال اعتماد سياسة تقوي الحكومة الصينية، فإن الولايات المتحدة تدعم بالواقع احتواء الشعب الصيني وآماله وطموحاته». لتعود وتكرر العام الماضي في الذكرى الـ32 لمجزرة ساحة تيانانمن التي تحييها كل عام في الكونغرس: «إذا لم نتحدث عن حقوق الإنسان في الصين بسبب حساباتنا الاقتصادية، حينها نخسر السلطة الأخلاقية للحديث عن حقوق الإنسان في أي مكان في العالم».
ويقول البعض إن قرار بيلوسي في زيارة تايوان هو بمثابة «مسك الختام» لتاريخها الحافل مع الصين، لتترك بذلك بصمتها التاريخية في وقت تخطط فيها لتقاعدها من منصبها كرئيسة للديمقراطيين في مجلس النواب بعد عقود من انتخابها في الكونغرس.
ولعلّ أبرز ما حققته بيلوسي في زيارتها، بالإضافة إلى تحديها المباشر للصين، هو كسب دعم الجمهوريين التاريخي لها، وهو ما اختصره السيناتور الجمهوري روي بلانت عندما قال: «سوف أستخدم كلمات لم أستخدمها في السابق. هذه الكلمات هي: رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي على حق».

الطائرة العسكرية

انتشرت تكهنات بأن استعمال بيلوسي لطائرة عسكرية خلال جولتها الآسيوية هو دليل على أنها ستزور تايوان. لكن واقع الحال هو أنه منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، يستعمل رئيس مجلس النواب الأميركي طائرة عسكرية للتنقل لدواعٍ أمنية. فرئيس المجلس هو الثالث من حيث التراتبية لتسلم الرئاسة الأميركية، وقد دفعت أحداث 11 سبتمبر بالحكومة الأميركية إلى اتخاذ إجراءات وقائية لتجنب حصول أزمة قد تؤدي إلى فراغ في الرئاسة، لهذا عمد البيت الأبيض والبنتاغون على توفير طائرة عسكرية لتنقل رئيس مجلس النواب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».