الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرس طلبًا سوريًا لتحويل مفاعل يصعب استخدامه في القنابل النووية

دي ميستورا: منظمات المجتمع المدني عنصر مهم في حل النزاعات

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرس طلبًا سوريًا لتحويل مفاعل يصعب استخدامه في القنابل النووية
TT

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرس طلبًا سوريًا لتحويل مفاعل يصعب استخدامه في القنابل النووية

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدرس طلبًا سوريًا لتحويل مفاعل يصعب استخدامه في القنابل النووية

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس، الاثنين، بأن الوكالة تدرس طلبا سوريا لمساعدتها على تحويل مفاعل ذري قرب دمشق إلى مفاعل يستخدم وقودا نوويا منخفض النقاء يصعب استخدامه في القنابل النووية.
وقال يوكيا أمانو بأن المفاعل يعمل الآن باستخدام اليورانيوم العالي التخصيب وأن سوريا طلبت المساعدة حتى يعمل بيورانيوم منخفض التخصيب.
وأبلغ الصحافيين دون تقديم تفاصيل إضافية «تلقينا طلبا من سوريا في وقت سابق هذا العام لتحويل الوقود عالي التخصيب إلى وقود أقل منخفض التخصيب، وإعادة الوقود عالي التخصيب إلى بلد المنشأ. ونحن الآن ندرس هذا الطلب».
وتعمل مفاعلات توليد النيوترون المصغر التي تصنعها الصين - كذلك الموجود في الموقع السوري - عادة باستخدام كيلوغرام واحد من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 في المائة حسبما تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي نسبة أقل بكثير من المطلوب لتصنيع قنابل ذرية.
وفي أحدث تقييم للوكالة الدولية للطاقة الذرية لوضع سوريا، أن «التحقق من المخزون الفعلي في مفاعلات توليد النيوترون المصغر، سيتأجل لحين حدوث تقدم كاف في الأوضاع الأمنية». وتضع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية سوريا على جدول أعمال اجتماعاتها الربع سنوية منذ ما يزيد على ستة أعوام.
وتسعى الوكالة منذ وقت طويل لزيارة موقع في الصحراء السورية حيث تقول تقارير استخباراتية أميركية بأنه يتم بناء مفاعل صممته كوريا الشمالية لصنع البلوتونيوم من أجل القنابل النووية. وقصفت إسرائيل هذا الموقع في 2007.
وقال أمانو «أجدد دعوتي لسوريا للتعاون معنا بشكل تام فيما يتعلق بقضايا لم يتم حسمها تتعلق بالموقع (في دير الزور) ومواقع أخرى».
في سياق مواز، وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن المفاعل السوري المعني يقع بمنطقة دير الحجار بمحافظة ريف دمشق.
وطلب النظام السوري مساعدة دولية لتعديل المفاعل والاستعداد للخلاص من اليورانيوم عالي التخصيب، أمر فسره بعض المراقبين بأن حكومة دمشق تخشى وتتحسب من وصول جماعات مناهضة، للمفاعل، سواء فصائل من المعارضة السورية أو جماعات إرهابية من «داعش»، فيما لم يستبعد آخرون أن يكون نظام الرئيس الأسد يسعى للظهور بمظهر الملتزم بالقوانين الدولية وبأنه لم يعد راغبا في امتلاك مواد محظورة مما يتسق وتسليمه الأسلحة الكيماوية. وقالت مصادر أخرى إن سوريا سبق أن شاركت عام 2011 في اجتماع خاص بهذا الموضوع، حضرته الصين وغانا وباكستان ونيجيريا وإيران، وهي جميعها دول زودتها حكومة بكين بمفاعلات تعمل بيورانيوم عالي التخصيب.
على المستوى السياسي، وفي إطار مشاورات جنيف، التقى المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، ستيفان دي ميستورا، أمس، مع وفد من مؤسسة الآغا خان، يتألف من محمد وردة، ومحمد سيفو وعلي إسماعيل. وناقش الوفد الوضع على أرض الواقع، وشاركوا وجهات نظرهم حول التوصّل إلى حلّ سياسي.
وقال بيان صادر عن مكتب دي ميستورا «تشكّل منظمات المجتمع المدني عنصرًا هاما في حل النزاعات، خاصة أنّ جهودها الميدانيّة تضمن معالجة وجهات نظر واهتمامات جميع أنحاء المجتمعات، كما بإمكانها أن توصل صوت الناس والمجتمعات العاملة في أرض الواقع» وأضاف دي ميستورا في نهاية لقائه «هذا هو السبب في مساهمة هذه المنظّمات الحاسمة للتوصل إلى حل سياسي مستدام من شأنه أن يعزّز حقوق الإنسان والتعددية والديمقراطية».
تتواصل مشاورات جنيف كعملية تدريجيّة للحصول على آراء جميع الأطراف السورية الإقليمية والدولية ذات الصلة من أجل تفعيل بيان جنيف.
في هذا السياق، يواصل دي ميستورا الاجتماع بشكل منفصل مع الممثلين السوريين من داخل سوريا وخارجها، وكذلك مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية المعنية.
وكان المبعوث الدولي للأمم المتحدة إلى سوريا، دعا خلال لقائه مع معارضين سوريين أخيرا في جنيف، بشار الأسد إلى الرحيل عن السلطة، لفتح الطريق أمام أي تسوية سياسية في سوريا، مطالبًا واشنطن بالضغط عسكريًا باتجاه تحقيق ذلك.
واعتبر دي ميستورا أن الضغط العسكري المطلوب على الأرض لن يأتي عن طريق الأمم المتحدة، إنما عن طريق الولايات المتحدة، التي عليها أن تتجاوز مجلس الأمن، الذي يعيق العملية السياسية عبر بعض الدول.
وكان أعضاء الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري قد اجتمعوا مع دي ميستورا وفريقه الخاص الخميس الماضي في إسطنبول، وتباحث الطرفان حول عملية تطبيق بيان جنيف، وقدم الائتلاف وجهة نظره فيما يخص تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات كاملة.
ورحب رئيس الائتلاف خالد خوجة بالتصريح الصحافي الصادر عن فريق المبعوث الدولي حول إدانة استخدام نظام الأسد للبراميل المتفجرة في حلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».