كشفت الأبحاث التي تجريها السلطات الأمنية الليبية عن رواج ملحوظ لتجار السلاح من قبل بعض الخارجين عن القانون، ونشاط متزايد لعصابات تهريب الوقود في البلاد، وجانب خطير من التربح عن طريق الاتجار في السلع المدعمة، في ظل الانفلات الأمني الذي تعرفه البلاد.
ورغم الجهود التي يبذلها النائب العام الليبي، ورجال الأمن لمواجهة مثل هذه الظواهر، فقد أدى الانفلات الأمني والانقسام السياسي أيضاً إلى تضاعف عمليات تهريب السلاح بالبلاد، وفق أحدث تقرير لمعهد الدراسات الأمنية الأفريقي (ISS)، الذي تحدث عن ازدياد عمليات تهريب السلاح من ليبيا إلى النيجر خلال الأشهر الأخيرة.
وبحسب تقرير معهد الدراسات، فإنه يتم نقل الأسلحة من الجنوب الغربي الليبي، بواسطة مقاتلي الطوارق والمهربين على طول الحدود بين الجزائر والنيجر»، ورأى أن عمليات ضبط الأسلحة بواسطة قوات الأمن في منطقتي أغاديز وتاهوا بالنيجر بين يناير (كانون الثاني) 2021 وفبراير (شباط) 2022 أسهمت في تفكيك شبكات التهريب في البلاد.
وتساءل معهد الدراسات في ظل تزايد التساؤلات بخصوص الحلول لمواجهة ذلك «إذا ما كانت عمليات تهريب الأسلحة والذخيرة من ليبيا إلى الجنوب الأفريقي ستتزايد مرة ثانية»، وذلك على غرار ما حدث عقب إسقاط النظام السابق عام 2011.
وتقول وزارات الداخلية التي تعاقبت على ليبيا منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير» عام 2011 إنها تواجه «تحديات جمة» للتغلب على هذه الظاهرة، من بينها انتشار الجريمة المنظمة، وانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، وهو ما نقله مسؤول أمني في حديث إلى «الشرق الأوسط» بقوله: «ما زال السلاح يُهرب إلى البلاد من قبل عصابات الجريمة المنظمة».
وأضاف المسؤول الأمني، الذي رفض ذكر اسمه، أن «الدوريات الأمنية التي تجوب الصحراء الليبية على اتساعها، وخصوصاً من الجهة الجنوبية، تعتقل من وقت لآخر عصابات تمتهن التهريب والاتجار في السلاح، بدعم من جماعات خارجية، رغم إمكانياتنا المحدودة، وجهودنا لوقف هذه التجارة المحرمة».
وخلال العقد الماضي، وصفت ليبيا بأنها أكبر سوق مفتوحة لتجارة السلاح، نتيجة الانفلات الأمني بالبلاد، وصعوبة السيطرة على الحدود المترامية. وسبق لبوب سدون، المسؤول بدائرة الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الألغام (أنماس)، القول إن «ليبيا تضم أكبر مخزون في العالم من الأسلحة غير الخاضعة للرقابة، حيث تقدر ما بين 150 ألف طن و200 ألف طن في جميع الأنحاء».
وبينما قال سدون إنه «لم ير مثل هذا الكم الهائل من الأسلحة في أي بلد آخر خلال 40 عاماً من حياته العملية»، أبدت الأمم المتحدة تخوفاً من كمية الأسلحة الكبيرة بالبلاد، متحدثة عن وجود 20 مليون قطعة من السلاح.
وذهب المعهد الأفريقي أيضاً إلى أن «الطلب المرتفع على الأسلحة والذخيرة أتاح للمهربين فرصة مواصلة تجارتهم الرابحة»، وقال إن «المخزونات التي يجري جمعها في جنوب غربي ليبيا تباع للمدنيين للدفاع عن النفس، وللجماعات المسلحة في النيجر ومالي وبوركينا فاسو ونيجيريا، ويجري نقل الأسلحة في سيارات دفع رباعي، مناسبة للمسارات الصحراوية الرملية».
أما بالنسبة لعمليات تهريب الوقود، فقد أوضحت النيابة العامة أنها تحقق راهناً في الاتجار في الوقود الليبي سواء المدعم، أو المسروق من الموانئ النفطية مباشرة، مشيرة إلى أن التحريات لا تتوقف على عصابات تمتهن التهريب فقط، بل وصلت إلى موظفين عموميين في إدارة شركة «خدمات الطرق السريعة للخدمات النفطية»، تم حبسهما احتياطياً لحين انتهاء التحقيق معهما في «تهمة المساهمة في تهريب الوقود، عبر تزويد بعض نقاط التوزيع بالوقود، رغم أن ملاك هذه النقاط لا يمارسون المهنة». وفقا لمكتب النائب العام.
ونهاية الأسبوع الماضي، ضبط «اللواء 444 قتال»، التابع لقوات حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، شاحنة وقود محملة بـ40 ألف لتر «أُعدت للتهريب خارج البلاد» في واحدة من إجهاض عمليات التهريب في البلاد. وكشف اللواء العسكري أن قواته نصبت كميناً في الصحراء جنوب مدينة مزدة (غرب)، وضبطت الجناة، منوهاً إلى أن هذه العملية تأتي «ضمن الخطة الموضوعة سلفا، والتي نتج عنها قطع خطوط التهريب ودك أوكار المهربين». كما سلم مركز جمرك رأس أجدير الحدودي شركة البريقة لتسويق النفط أكثر من مائتي ألف لتر من الوقود كانت معدة للتهريب.
كيف تحول السلاح والوقود إلى تجارة رائجة في ليبيا؟
كيف تحول السلاح والوقود إلى تجارة رائجة في ليبيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة