أسبوع لندن لخريف وشتاء 2014 يغني قصيدة حب لكل العالم

فعاليات كثيرة ومبادرات عالمية تدعم مصممين من كل الجنسيات

من عرض «بورا أكسو»
من عرض «بورا أكسو»
TT

أسبوع لندن لخريف وشتاء 2014 يغني قصيدة حب لكل العالم

من عرض «بورا أكسو»
من عرض «بورا أكسو»

بعد نيويورك، كان الدور على لندن يوم أمس لكي تستعرض فنونها وقدراتها الإبداعية على مدى خمسة أيام حافلة بالعروض والحفلات الجانبية، قبل أن يشد صناع الموضة الرحال إلى ميلانو ثم باريس.
رغم تساقط الأمطار كانت كل الدلائل تشير إلى أن إيقاع الأسبوع سيكون مثيرا رغم تزامن يومه الأول بعيد الحب، حيث يبدو أن عشاق الموضة يعتبرون هذه المناسبة عيدا أهم. والدليل أن عدد الحضور بداخل «سومرست هاوس» المقر الرئيس للأسبوع كان مكتظا، كما كانت الشوارع المحيطة به مزدحمة بفئات أغلبها من طلبة معاهد الموضة ممن لم يتلقوا دعوات للدخول إلا أنهم يحلمون بأن يكونوا جزءا من المشهد في يوم من الأيام. هؤلاء الطلبة هم مصممو المستقبل بالنسبة لعاصمة ولادة تحتضن الشباب، أيا كانت جنسياتهم، ما داموا يتمتعون بالموهبة المصقولة بالدراسة، وهو ما جلب لها مصممين شبابا، كسبت وفاءهم بعد أن قدمت لهم دعما وفرصا كان يصعب أن يحصلوا عليها في بلدانهم.
من بين المبادرات التي أطلقتها منظمة الموضة البريطانية، مثلا، للاحتفاء بمواهب من كل أنحاء العالم، فعالية يعرض بموجبها مصممون شباب من 30 بلدا تشكيلاتهم على الهامش، وفي أماكن متفرقة من العاصمة، بما في سفارات بلادهم. المبادرة أطلقت في عام 2012، وتشهد إقبالا متزايدا عليها، إلى حد أن المنظمة اضطرت إلى تخصيص مكان رئيس في منطقة «ستراند» بالقرب من «سومرست هاوس» لاستقبالهم وعرض إبداعاتهم. وبالفعل احتضن هذا المكان مساء أول من أمس الخميس أعمال نحو 14 بلدا مثل قطر، الأرجنتين، النمسا، الصين، جورجيا، المجر، نيجيريا، باراغواي، الفلبين، البرتغال، سويسرا، سلوفاكيا، فيتنام وغيرها، علما بأن دولا أخرى مثل البرازيل، جمايكا، اليابان، كوريا، باناما، رومانيا، والدول الاسكندنافية، ستقدم عروضا عبر القمر الصناعي.
الفكرة من هذه الفعالية منح فرصة لوسائل الإعلام العالمية والمشترين للتعرف على مصممين جدد من كل أنحاء العالم، واكتشاف ما يمكن أن يقدموه. من قطر، كانت هناك مشاركة من ثلاث ماركات هي «فانتاستيك» للمصممة فتحية الجابر، و«بيرل ديزاين» للمصممة لولوة بنت فيصل، و«ديباج» للمصممة هدى. ورغم أن كل التصاميم كانت تركز على العباءات، فإنها لم تبد نشازا من بين كل المعروضات، بل العكس تماما، كونها مخصصة للمساء، مما جعلها بديلا رائعا لفساتين السهرة بتطريزاتها الغنية وأقمشتها المترفة مثل المخمل والحرير، عدا عن تصاميمها العصرية.
يوم أمس شهد عروضا كثيرة، أهمها عروض «بورا أكسو»، جون بيير براغنزا، و«فيلدر فيلدر»، وأماندا وايكلي، و«داكس»، وآخرين. والملاحظ أن كل التشكيلات التي قدموها كانت مبتكرة من دون أن تتجاهل الجانب التجاري.
وهذا يعني أزياء يمكن لأي امرأة أن تختار منها وترى نفسها فيها. حتى جون بيير براغنزا، الذي كان يميل إلى أسلوب «البانكس» سابقا روض ميوله ليتحفنا بتشكيلة ناضجة إلى حد ما مع لمسات ابتكار هنا وهناك تذكرنا بأننا في أسبوع لندن.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».