{الشرق الأوسط} في مهرجان برلين السينمائي (7): الأفلام التي لن تفوز والسينما ذات العكازات

عرض أكثر من 400 جاءت بها شركات الإنتاج في «سوق الفيلم الأوروبي»

بل موري في مشهد من فيلم «رجال النُصُب»
بل موري في مشهد من فيلم «رجال النُصُب»
TT

{الشرق الأوسط} في مهرجان برلين السينمائي (7): الأفلام التي لن تفوز والسينما ذات العكازات

بل موري في مشهد من فيلم «رجال النُصُب»
بل موري في مشهد من فيلم «رجال النُصُب»

سيكون من الصعب على لجنة التحكيم، التي يرأسها الأميركي جيمس شاموس منتج فيلم «بروكباك ماونتن» الوصول إلى قناعة بأن فيلما واحدا، من العشرين فيلما التي عرضتها المسابقة، يستحق الجائزة الكبرى بلا نزاع. الأصعب هو البحث عن ذلك الفيلم الذي ساد فيه الإخراج إلى درجة يمكن معها إغفال عيوبه المكنونة.
فبينما تقترب أيام الدورة الرابعة والستين من نهايتها يوم الأحد المقبل، تبرز تناقضات الأفلام التي اختيرت هذا العام. نعم، هناك أكثر من فيلم جيد لكن ليس بالجودة المطلقة. لا الألماني «الشقيقتان المحبوبتان» ولا مواطنه «محطات الصليب» ولا الفرنسي «حياة رايلي» أو أحد الفيلمين الصينيين «أرض لا أحد» و«فحم أسود.. ثلج رقيق» ولا الأميركي «صبا» أو النمساوي أو النرويجي «نظام الاختفاء» أو أي من الأفلام الأخرى يمكن النظر إليه كعمل متكامل لا يمكن تجاوزه.
هذا سيعني أن كل واحد من لجنة التحكيم وذوقه وتحبيذه، كذلك سيعني أن النتيجة، أيما كان الفيلم الرابح، سوف لن تجد ذلك الحماس لدى النقاد والمستقبلين.
ما بدا أنه ساد الاختيارات الرسمية للمسابقة هذا العام، هو تفضيل أفلام كبيرة لمخرجين كثير منهم لم يسبق له أن حقق أفلاما من قبل أو حقق القليل منها. هذا بالطبع ليس حكما على النوعية على نحو منفرد، فالعمل الأول قد يأتي جيدا أو متوسطا أو رديئا ويحسب للمهرجان أنه، باستثناء الفيلم الأرجنتيني الذي ذكرناه يوم أمس، «تاريخ الخوف»، ليس هناك من فيلم ركيك لم يكن يستحق شاشة مهرجان دولي.
بالتالي، فإن لعبة التوقعات عديمة الفائدة هنا. هل ستتوجه لجنة التحكيم لتكريم فيلم ألماني (كثيرون هنا يرون أن الأفلام الألمانية كانت الأفضل بين كل ما عرض)؟ أم هل ستجد أن الفيلم البريطاني «71» هو أفضل من أي منها؟ هل ستميل إلى أسلوب الفرنسي آلان رينيه الكلاسيكي في «حياة رايلي» أو أن تصفق للحماسة الصينية لتحقيق أفلام شبيهة بتلك الأميركية كما حال «فحم أسود…» (مستوحى من الفيلم نوار) و«أرض لا أحد» (مستوحى من أفلام الوسترن الأميركية)؟ أو لعلها سترتاح أكثر مع أحد الفيلمين الأميركيين «فندق بودابست الكبير» و«صبا»؟

* من لن يفوز

* ربما الأسهل هو التوقع مقلوبا: ما هي الأفلام التي لن تلتقط الجائزة الكبرى بين يديها؟
يبرز أولا «رجلان في البلدة» لرشيد بوشارب كونه إعادة صنع «متلبكة» لفيلم سابق. بوشارب نقل الأحداث إلى الولايات المتحدة ورمى فيها مستحضرات من لزوم التحديث: المسلم الأميركي الأسود، والعنصرية، والضغط الاجتماعي، والتباعد بين بطل الفيلم وأمه بالتبني، والشريف الذي لا يبدي سوى التعاطف مع المكسيكيين ويضن به على بطل الفيلم «إنه عدو تقاليدنا.. وسيتفشى بيننا» (بالنظر إلى ديانته).
يليه سريعا «رجال النصب» لجورج كلوني، الذي يشبه نسخة تجريبية لفيلم لم يتم. ذلك الإنزال السهل على ساحل النورماندي والخطابية المباشرة والأجواء المتكلفة التي لم نعهدها سابقا في أفلام كلوني.
ربما بعد ذلك يأتي «71» ليان ديمانج، ليس لأنه فيلم لا يصلح، لكن لكونه فيلما فريدا بين كل تلك المشتركة. ينظر ويعالج موضوعا دخل الأدراج وأسدلت الستارة عليه هو موضوع الحرب الأهلية الآيرلندية.
وبالتأكيد «برييا المستقبل» لكريم ناعوز، لا لشيء إلا لأن أحدا لم يأت على ذكره بالخير بعد عرضه. مر كما لو كان طائرة شراعية حلقت فوق المدينة لساعتين غير مثيرتين.
باقي أعضاء لجنة التحكيم أتت متأهبة بخبراتها. لجانب الرئيس - المنتج، هناك منتجة أخرى هي بابربرا بروكولي التي سارت على خطا والدها ألبرت فداومت في إنتاج أفلام جيمس بوند، والممثلة الدنماركية ترين ديرهولم التي يقول عنها المهرجان إنها باتت واحدة «من أنجح الممثلين والممثلات الدنماركيين» وهو أمر يمكن قبوله مع أنه لا يعني الكثير بعد عالميا، والمخرجة الإيرانية ميترا فرحاني (تعيش وتعمل من باريس) والممثلة الأميركية غريتا كرويغ التي شاهدناها في العام الماضي في فيلم «غرينبيرغ» و«فرنسيس ها»، والمخرج الفرنسي ميشيل غوندري الذي أخرج واحدا من أسوأ أفلام عام 2012 وهو «الدبور الأخضر». من الصين توني ليونغ وهو ممثل جيد ظهر في كثير من الأفلام خلال السنوات العشرين الماضية من بينها «مدينة الحزن» لهاو سياو - سيان و«بطل» لزانغ ييمو، وأخيرا الممثل الهولندي كريستوف وولتز، الذي وضعه المخرج كونتين تارانتينو على الخطوط الدولية عندما جلبه لدور الجنرال النازي في «أوغاد غير مجيدين».

* ألف فيلم وأكثر

* إذا ما اقترب عدد الأفلام التي عرضها المهرجان (ولا يزال) هذا العام من 400 فيلم متنوع، فإن مجموع عدد الأفلام التي جاءت بها شركات الإنتاج المشتركة في «سوق الفيلم الأوروبي» (ينهي أعماله صباح اليوم) بلغ 1066 فيلما. جولة سريعة بين هذه الجهات الإنتاجية تكشف لنا عن جدية النظر إلى السينما من كل الأوجه.
هي سلعة تجارية بلا ريب، لكن هذه السلعة قد تكون قطعة فنية رائعة أو عرضا ركيكا لفيلم رديء الصنعة. والتدرجات بين التحفة والرديء متعددة، وكل مستوى منها سريعا ما ينضح بأساليب وتوجهات وتيارات غالبها تستحق المتابعة. لكن مشاهدة 1066 فيلما، عملية مستحيلة حتى ولو انصرف إليها المرء وحدها دون كل التظاهرات الأخرى وأفلامها. مستحيلة ليس فقط على أصحاب الفضول، كهذا الناقد، بل على أولئك الآتين فعلا للشراء. فمن بين 1066 هناك أقل من النصف من الأفلام غير المنتهية والأفلام المتخصصة (خصوصا القصيرة) والأشرطة الترويجية. لكن الباقي بدوره كثير على تسعة أيام من العروض حتى ولو تصدى لها المشتري من الصباح حتى آخر الليل.
على ذلك لا أحد يشكو. صحيح أن نسبة البيع والشراء لم تكن مرتفعة للغاية، لكن السوق يبقى المحطة الأولى وكثير من العقود تمت هنا قبل إغلاق المكاتب وشحن ما تبقى من المنشورات والكتب والأفلام التي جيء بها. ولا يمكن إضافة جديد إذا ما ذكرنا أن هذه المعمعة الكبيرة تخلو من وجود عربي.
صحيح أن الظروف السياسية في عاصمة السينما العربية تمنعها حاليا من الاشتراك، لكن هذه كانت الحال من قبل تلك الظروف. ثم ماذا عن الإنتاجات التونسية والجزائرية والمغربية واللبنانية وسواها؟

* تريد من يهتم

* الواقع أن أحدا في الغرب لا يهتم بالسينما العربية إلا في حالاتها القليلة. لا أحد يشعر بها إذا غابت وقليل يفعلون إذا حضرت. نعم هناك اهتمام بين البعض لأفلام تسجيلية حول «الثورة»، لكن تطورات ما بعد الثورة قتلت هذا الاهتمام. هذا الجانب وحقيقة أن معظم الأفلام التي دارت حولها لم تأت بجديد لم تتناقله محطات التلفزيون وشاشات الإنترنت.
السينما الروائية هي الأجدر في هذا الحال. «الشتاء اللي فات» لإبراهيم بطوط و«فتاة المصنع» لمحمد خان و«فرش وغطا» لأحمد عبد الله و«الخروج للنهار» لهالة لطفي من بين تلك الأعمال التي احتوت الأجواء الثورية وتبعاتها وبيئاتها من دون أن تتحدث عن الثورة، ونجحت فنيا أيما نجاح. لكن بيع هذه الأفلام إلى الغرب أصعب مما تستطيع المجهودات الفردية تقديمه.
مهرجانات السينما الغربية كان من المفترض بها أن تكون الملاذ المناسب. ومحمد خان عرض على برلين فيلمه «فتاة المصنع» كما كان فعل أكثر من مخرج هذا العام وفي الأعوام السابقة. لكن برلين «لم يعض» كما العبارة الإنجليزية. لم يجد في تلك الأفلام ما يوازي ما حصلت عليه من أعمال صينية وأميركية وألمانية وهولندية أو فرنسية. حكم جائر بلا ريب، لكن التباين الثقافي هو أحد العوامل المؤثرة في مصير الأفلام العربية حين تعرض على الغرب. لكن للإنصاف، فيلم محمد خان سبق وأن شهد عرضه المهرجاناتي الأول في دبي نهاية العام الماضي ولم يكن متاحا إشراكه في المسابقة هنا، ولو أن إشراكه في البانوراما مثلا كان أمرا مناسبا.

* سينما بعكازات

* لكن كيف للسينما العربية أن تفوز بالثقة خارج حدود دولها وهي ليست ذا شأن داخل بلادها؟
هناك نحو 300 مليون عربي في 22 دولة مقابل أقل من 500 صالة درجة أولى في نحو 40 مدينة رئيسة من مدن هذه الدول. الكم البشري الكبير موجود لكنه غير فاعل، يواجهه عدد ضئيل من الصالات يرتفع في دول الخليج بالتدريج ويقل في دول شمال أفريقيا وفي مصر بالتدريج أيضا، وتتمركز معظم هذه الصالات في العواصم وبعض المدن الرئيسة الأخرى.
نحو 60 في المائة من هذه الصالات تؤمن لمشاهديها الأفلام الجديدة وقت عروضها العالمية. وما يوازي 80 في المائة منها تقبل على عرض الأفلام الأكثر انتشارا في الغرب والعالم (الأفلام الأميركية) بينما تفتح الصالات المتبقية شاشاتها لمزيج أو لعروض رئيسية متأخرة.
بالتالي، نحن أمام وضع مؤسس على نحو خطأ وما ينتج عنه بالضرورة - هو خطأ متراكم.
الحال هو أن الافتقار إلى سعي عربي جامع لحل مشكلات ثقافية آنية متفاقمة أولها انتشار الأمية على نطاق واسع، وهبوط سوق مبيعات الكتب وحظ الإنسان العربي من فعل المطالعة، ورسم خارطة مستقلة على الأوضاع كافة يراد بها تعزيز اللحمة الثقافية بين الدول العربية من دون آيديولوجيات وشروط مسبقة.
كذلك فإن الاعتبار الدائم والسائد من أن السينما ليست عضوا في النشاطات الثقافية إلا من حيث بعض مناسباتها الخاصة. بالتالي، معاملتها المستمرة بشروط الصناعة حتى وإن كانت تفتقد إلى مقومات الصناعة كما سنرى.
فإذا أضفنا إلى ما سبق أن توزيع الفيلم العربي غير موجود عمليا وأن أهل الإنتاج ارتكبوا بحق المخرجين الجادين أخطاء بقدر ما ارتكبت السينما السائدة أخطاء بحق نفسها، لا يبقى مجال للعجب في أن السينما العربية ما زالت، بعد أكثر من مائة سنة على اختراع السينما، تمشي بعكازات ولا ترى النور إلا في المهرجانات العربية حيث لا يقدم حضورها أو يؤخر في مسيرة السينما العربية ككل.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».