الحديث عن تعديل قوانين الانتخابات الليبية يثير الجدل مجدداً

عقيلة صالح أبدى الاستعداد إذا «طُلب منه ذلك»

رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أرشيفية - رويترز)
رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أرشيفية - رويترز)
TT

الحديث عن تعديل قوانين الانتخابات الليبية يثير الجدل مجدداً

رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أرشيفية - رويترز)
رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح (أرشيفية - رويترز)

أبدى المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، استعداد مجلسه لإجراء أي تعديلات على قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية «إذا طُلب منه ذلك»، وذلك في تصريحات يراها سياسيون «تفتح باب الجدل حول تلك القوانين» مرة ثانية.
وعلى الرغم من أن صالح، قال، إن مجلس النواب «لم يكن عائقاً لإجراء الاستحقاق»، إلا أن سياسيون انقسموا حيال هذه التصريحات. ورأت عضو مجلس النواب الليبي، أسماء الخوجة، أن مجلس النواب «كان جاداً بالفعل في مناقشة أي مقترحات تقدم له بشأن ما أقره من قوانين منظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، إلا أن أحداً لم يتقدم رسمياً بمقترحاته».
وقالت الخوجة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات صالح «متوائمة مع جهود البرلمان، والقوى الوطنية كافة الساعية للبحث عن حلول للخروج من حالة الانسداد السياسي الراهن والابتعاد بالبلاد عن شبح الحرب التي بدأ البعض في الترويج لها»، لافتة إلى أن «الجميع يتفق على أن السبيل الوحيد لعودة الاستقرار للبلاد، يأتي عبر إحياء المسار الانتخابي، بالتوافق على الدستور وعرضه للاستفتاء».
وكان صالح كرر خلال لقائه عدداً من أعيان ومشايخ منطقة البطنان والجبل الأخضر، الأسبوع الماضي، التعهد بالتزام مجلسه بتوفير أي متطلبات تحتاج إليها المفوضية الوطنية إذا ما «قررت إدارة الانتخابات في أي توقيت».
أما المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، فقال، إن تصريح صالح، «ليس إلا محاولة للعودة إلى المشهد من بوابة الاستعداد والتلويح بتعديل القوانين الانتخابية، وذلك في ظل استشعاره بتراجع نفوذه وتجاوزه ومجلسه من المشاركة في التفاهمات الأخيرة بشأن تغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط الذي كان يترأسه مصطفى صنع الله».
وأضاف الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يحاول صالح، عرض عقد مقايضة بين مجلسه و(الأعلى الدولة) بالتوافق حول المناصب السيادية مقابل تعديل قوانين الانتخابات؛ كونه يستهدف أيضاً تغيير إدارة المصرف المركزي».
ويتوقع أن يعقد مجلس النواب جلسة قريباً لمناقشة من سيتولى المناصب السيادية، وهي الخطوة التي يعتبرها كثيرون رد فعل على ما يتم تداوله بشأن عقد تفاهم بين رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، وقائد «الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، أفضى بإقالة صنع الله. إلا أن الكبير، توقع «فشل أغلب هذه المحاولات في ظل ضعف المجلسين والغضب الشعبي المتنامي تجاههما».
في السياق ذاته، اعتبر عضو الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن «حديث صالح، عن القوانين الانتخابية يأتي في إطار نفيه لوجود أي عرقلة من قبل مجلسه في التوقيت الراهن لمسار الانتخابات التي يطالب ويلح الجميع داخلياً وخارجياً بالتسريع لإجرائها».
واستبعد بن شرادة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يتردد عن أن المجلسين قد يعمدان للتوافق على النقاط الخلافية بالمواد الدستورية في إطار رد الفعل على تجاوزهما في صفقة أو تفاهم عقد بين شخصيات بعينها، أو كمحاولة لصرف الأنظار عن مشروع قانون الانتخابات النيابية الذي أنجزته لجنة (عودة الأمانة للشعب) المشكّلة بقرار من حكومة «الوحدة».
وتابع «المجلسان ليسا رهينة لردود الأفعال، والأطراف الليبية كافة تعرف جيداً أن التدخل الخارجي هو من أفشل الانتخابات، ولكن المسؤولية أُلقيت على المجلسين بالحديث عن عدم توافقهما حول المواد الخلافية بمشروع الدستور»؛ لذا «يجب أن يعودا إلى طاولة التفاوض لبحث ما علق بينهما من ملفات».
وحذر بن شرادة «من أي تعديل منفرد قد يجريه البرلمان على تلك القوانين دون التشاور مع المجلس الأعلى للدولة، كما نص الاتفاق السياسي، لأن ذلك سيوظَف من قِبل بعض الأطراف بالتشكيك بشرعيتها مجدداً».
وفيما يتعلق بملف المناصب السيادية، فلم يتردد بن شرادة، في «اتهام رئيسي مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) في الانفراد به والمساومة عليه من البداية بعيداً عن أي ملفات أخرى»، لكن البرلمان من جهته نفى هذا الأمر في حينه.



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».