العنصرية مكوناً للثقافة

حاضرة بقوة في أنواع من الأدب أكثر من غيرها

العنصرية مكوناً للثقافة
TT

العنصرية مكوناً للثقافة

العنصرية مكوناً للثقافة

العنصرية مكون لا تكاد تخلو منه أي ثقافة أو يتخلص منه أي مجتمع. مؤلم ذلك ومؤسف بكل تأكيد، لكنها حقيقة مؤثرة بكل تأكيد أيضاً. وأكاد أجزم أنها حقيقة مؤثرة طوال التاريخ وامتداد الجغرافيا، أي حيثما حضر الإنسان وحضرت معه صراعاته وقيمه ومصالحه. كما أنها حاضرة، بل متزايدة بقدر اختلاط الأعراق أو العناصر البشرية. عرفها العرب حين انفتحوا على العالم مع الفتوحات الإسلامية، وعرفها الغرب مع تعرفه على الشعوب الأخرى. عرفها الصينيون واليابانيون وعرفها الهنود والأفارقة وعرفها غيرهم. لكن درجات المعرفة تفاوتت، ولا بد أن درجة التأثير تفاوتت أيضاً بقدر تفاوت المعرفة، وربما أهم من المعرفة نوع المصالح ومستوياتها. كانت الشعوبية من أوائل التمظهرات التي عرفتها الثقافة العربية الإسلامية للعنصرية: العرب يشتكون من كراهية الآخرين لهم، من احتقارهم لبداوتهم وأنهم بلا حضارة، ولم يكن الآخرون في بداية التاريخ العربي الإسلامي سوى الفرس والروم، أو كانوا كذلك في المقام الأول. لكن الفرس والروم، ثم الأفارقة أو ذوي الأصول الأفريقية لم يلبثوا أن اشتكوا أيضاً من موقف العرب العنصري تجاههم، من تعييرهم بوثنيتهم أو بألوانهم وعجمتهم. ولعل العنصرية، أو كراهية الأعراق الأخرى بسبب اختلافها تمهيداً للحط من مكانتها، كانت نتاجاً حتمياً جدلياً، أي مما ينتج لدى قوم أو في ثقافة نتيجة لموقف الآخر إن لم تكن لرواسب داخلية أو استعداد ذاتي يهيئ لذلك الموقف من الآخر.
في الأدب بصفة خاصة تتجلى العنصرية في أوضح صورها الثقافية. سيتذكر القارئ شكوى عنترة من التحيز العنصري في قبيلته، وسيتذكر هجاء المتنبي لكافور. لكن الأدب العربي قديمه وحديثه مليء بالمواقف العنصرية سواء قرأنا كتب الجاحظ لا سيما رسائله حول السودان والبيضان، أو قرأنا شعر أبي نواس أو بشار أو غيرهما ممن هجا العرب، أو جئنا إلى العصر الحديث وقرأنا هجاء نزار قباني لعرب الصحراء. في العصر الحديث الوضع مختلف؛ فالعنصرية حاضرة بقوة في أنواع من الأدب أكثر من غيرها، وإن كان ذلك بصور سردية أكثر منها مواقف شخصية. هي في الرواية أكثر منها في الشعر، والسبب في ذلك على الأرجح أن الرواية حكاية منفكة عن ذات الكاتب، يصف فيها المشاعر والمواقف دون أن يتلبس هو أو هي بما يسرد، في حين أن الشعر فضّاح للمشاعر والمواقف. ويذكرنا هذا بأن العنصرية ليست بالضرورة انعكاساً لموقف الكاتب، وإنما قد تكون كما في السرد حالة اجتماعية أو فردية ترسمها الحكاية. لكنها موقف فردي في الغالب حين تأتي في قصيدة؛ لأن الموضوعية نادرة في الشعر، الموضوعية ليست بمعنى الحياد وإنما بمعنى أن يكون موضوع القصيدة منفصلاً عن ذات الشاعر (مع أن ذلك التموضع خارج الذات ممكن في الشعر الدرامي والملحمي). ومع ذلك، فإن من الممكن قراءة تحيزات الكاتب العنصرية في ثنايا العمل السردي حين يتضح تحيزه إلى شخصيات أو مواقف بعينها.
في الرواية العربية المعاصرة تحضر العنصرية في أعمال تتعمد إثارة ذلك الوضع المأسوي سعياً لكشف المستور وفضح ما لا يرغب المجتمع غالباً في الكشف عنه. وهنا تتبين العنصرية بأنواعها المختلفة: العرقية والقبلية والمذهبية والطبقية، وغيرها. ومن متابعتي الشخصية بدا لي أن الموضوع اكتسب بعداً أكثر حدة وكثافة في أعمال روائية جاءت من منطقة الجزيرة العربية بصفة خاصة. الرواية في السعودية وبعض دول الخليج منحت العنصرية مساحة بارزة، بحيث يمكن القول إنها ثيمة رئيسة في العديد من الروايات. ويحتل التمييز وغالباً الاضطهاد القائم على البشرة أو اللون وما يتصل به من استرقاق قديماً أو مجرد تمييز طبقي أو فئوي حديثاً مكانة بارزة بين قضايا العنصرية المسكوت عنها اجتماعياً ولكن الصارخة روائياً. روايات مثل «لأني أسود» للكويتية سعداء الدعاس، أو «جاهلية» للسعودية ليلى الجهني، إلى جانب روايات مثل «ميمونة» لمحمود تراوري، و«شارع العطايف» لعبد الله بخيت، وهما كاتبان سعوديان، و«سيدات القمر» للعمانية جوخة الحارثي. هذه الروايات تصادم العنصرية على نحو يتضح منه موقف الكاتب المتعاطف مع الضحايا من خلال النظر من زواياهم أو إبراز وجهات نظرهم والموقف الاجتماعي المدان تجاههم. ومن الأمثلة البارزة هنا ما نجد في رواية «سيدات القمر» لجوخة الحارثي التي تروي حواراً بين ظريفة، المرأة المسترقة لدى التاجر سليمان وابنها سنجر، حيث ترفض ظريفة خروج الابن على طاعة سيده حين يسمي ابنته باسم الناس الأحرار «... إيش؟... سيقتلك التاجر سليمان؛ تسمي على اسم أهله وأولاده؟ أنت جنّيت يا ولد؟ تكبّر راسك على من ربّاك وعلّمك وزوّجك؟». وفي رد سنجر يتضح موقف الكاتبة نفسها على العبودية «اسمعي يا ظريفة، التاجر سليمان رباني وعلّمني وزوّجني لمصلحته هو، من أجل أنّي أخدمه، وتخدمه امرأتي وأولادي. لكن لا يا ظريفة، التاجر سليمان ما له دخل بي، نحن أحرار بموجب القانون، أحرار يا ظريفة، افتحي عيونك، الدنيا تغيّرت، وأنت تردّدين حبابي وسيّدي، كل الناس تعلّموا وتوظّفوا، وأنت مثل ما أنت، عبدة التاجر سليمان وبسّ، هذا الشايب الخرفان، افتحي عيونك يا ظريفة، نحن أحرار».
ويشبه ذلك، وإن بدرجة أقل حدة، ما نجد في رواية «جاهلية» لليلى الجهني حين يتحدث مدير المدرسة لشاب أسود يريد إكمال دراسته الثانوية «يقولو درجاتك عالية، وأنا أسأل نفسي متعّب نفسك ليه؟ يعني انت عارف أكثر مني أنك إن حصّلت فرصة تكمل الثانوية، ما راح تحصّل فرصة تكمل جامعة، فعلى إيه وجع القلب؟ أعط الفرصة لغيرك من عيال البلد. رد الجميل على الأقل للبلد اللي آوتك انت وأهلك...».
إلى جانب هذه، نجد روايات تثير مسائل عنصرية أخرى مثل التمايز الفئوي أو المذهبي والمواقف القائمة على المبادئ القبلية، ويوظف الزواج غالباً للكشف عن مشكلات كتلك، كما في رواية سعودية بعنوان «الآخرون» لصبا الحرز التي صدرت في التسعينات وتركت أصداء واسعة لتعرضها للمشكلات الناشئة عن التمايز المذهبي بين السنّة والشيعة، وكذلك العلاقات المثلية المسكوت عنها غالباً. ومما يشير إلى حساسية الموضوع وصعوبة إثارته تواري الكاتبة فيما قيل إنه اسم مستعار، حيث لا تزال هوية الكاتبة/الكاتب غير معروفة/معروف لدى الكثيرين. وقد سبق لهذا الصحيفة - «الشرق الأوسط» - أن نشرت تحقيقاً من جزأين قام به ميرزا الخويلدي حول «خطاب العنصرية في الرواية الخليجية» (يونيو/حزيران 2020) تضمن عناوين وأسماء واقتباسات كثيرة لأعمال تناولت هذه القضية الشائكة دوماً، ويمكن للقارئ العودة إليه والإفادة منه كما أفدت في هذه المقالة.
دارسو الآداب المختلفة سيجدون العنصرية أمامهم حيثما ذهبوا، لكن المؤكد هو أن كثافة التناول لتلك المسألة ومستوياته تتأثر بعوامل كثيرة، منها أهميته ومدى الحرية في تناوله وقدرات الكتاب. مثل أي قضية كبرى يمكن للعنصرية أن تتحول إلى خطاب احتجاجي يتلبس بلبوس الأدب سواء الروائي أو غيره، كما يمكن لها أن تتحول إلى استكشاف عميق موضوعياً وأسلوبياً. في الأدب الأميركي، مثلاً، أفرزت العنصرية أدباً رفيعاً، سواء في عمقه أو في رهافته وأمداء استكشافه من النواحي الاجتماعية والثقافية والنفسية. روائيون مثل جيمس بولدوين وتوني موريسون أنموذجان بين نماذج كثيرة في الرواية الأميركية لما أشير إليه، مثلما أن لانغستون هيوز وغويندولين بروكس ومايا أنجيلو من الأمثلة المميزة للتناول الشعري لذات القضية. وكل هؤلاء من الكتاب الأميركيين السود. ولعل من الطريف هنا أن شاعراً أميركياً معاصراً ومن أصول أفريقية مثل يوسف كومونياكا يستمد أحد أمثلته للتمايز العنصري من التراث الشعري العربي في قصيدة تشير إلى عنترة بن شداد.
أخيراً، أجد أن من المهم وقد أشرت إلى التناول الشعري الغربي للعنصرية، أن أطرح التساؤل التالي: لماذا تتوارى العنصرية عن الشعر العربي الحديث؟ لقد وصلت إلى هذا التساؤل بعد بحث لا بأس به ومع أن هذه المقالة ألمحت إلى أحد الأسباب المحتملة، فإن السؤال يظل قائماً: هل ذلك السبب كافٍ؟ أظن أن الأمر جدير بالمزيد من التأمل.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.