الأمن الغذائيّ العالمي على «كفّ عفريت»

الأمن الغذائيّ العالمي على «كفّ عفريت»
TT

الأمن الغذائيّ العالمي على «كفّ عفريت»

الأمن الغذائيّ العالمي على «كفّ عفريت»

من أغرب الحروب في العالم هي الحرب على أوكرانيا. يُسمّيها الرئيس بوتين عمليّة عسكريّة خاصة، ويحشد لها في الوقت نفسه كلّ الجهود القوميّة، ويذهب حتى استعداده لمعاداة كلّ العالم الغربيّ، كما التهديد بالنوويّ.
هي حرب لقلع النازيّة من أوكرانيا، لكن رئيسها يهوديّ. هي البلد الجار الذي لا وجود له في الوعي الروسيّ، لكنه في الوقت نفسه يحارب الجيش الروسي بضراوة قوميّة لا مثيل لها في التاريخ الأوكرانيّ.
هي حرب تشظّت في كل أرجاء الكون، وولّدت أزمات خطيرة على الدول الفقيرة في القارة الأفريقيّة، خصوصاً في أمنها الغذائيّ. هي حرب استعدّ لها الرئيس بوتين، وجرّب ودرّب أهمّ وسائله في معارك متتالية لجمع خبرات ميدانيّة تراكميّة، لكن محدودة، غير أنه ضرب بقساوة عندما شعر بأن الوقت مناسب.
روسيا تجتاح أوكرانيا، وأوكرانيا تدافع عن نفسها، والحرب مستمرّة وكأنها في اليوم الأوّل، لكن المتحاربَين يجلسان على طاولة واحدة للاتفاق على تصدير الحبوب من أوكرانيا، الأمر الذي يفيد أوكرانيا مادياً، وكذلك روسيا، لكن في مرحلة لاحقة تتطلّب الحرب المزيد من التفاوض.
أزمة الغذاء العالمي
توصّلت روسيا وأوكرانيا، برعاية من الأمم المتحدة، وبمبادرة ورعاية تركيّة، إلى الاتفاق على السماح بنقل الحبوب الأوكرانيّة إلى المرافئ التركيّة في إسطنبول، ومن بعدها إلى العالم. مدّة الاتفاق هي 120 يوماً قابلة للتمديد بقبول الأفرقاء؛ خصوصاً روسيا وأوكرانيا.
في الآليّة: (الخريطة)
> تعيين 3 مرافئ أوكرانيّة لشحن القمح وهي: يوزني وأوديسا وشورنومورسك. الكميّة الشهريّة قد تصل إلى 5 ملايين طن، من كميّة إجماليّة قد تبلغ 20 مليون طن، وهي من محصول السنة الماضية. ولم يتم التطرّق بالتفصيل إلى محصول هذه السنة الذي من المحتمل أن يبلغ 50 مليون طن.
> أعلن وزير الدفاع التركي افتتاح مركز التنسيق والتعاون في إسطنبول، والمنبثق عن الاتفاق حول تصدير الحبوب الأوكرانيّة، فماذا عنه؟ وماذا عن آليّاته؟
> يجمع المركز 20 عنصراً من كلّ الفرقاء، وهي أربعة، أي 5 لكل فريق.
> هناك فرق تفتيش للسفن الخارجة من الموانئ الأوكرانيّة، كما للسفن الداخلة إلى هذه الموانئ للتأكّد من خلوّها من السلاح، وهذا طلب روسي بامتياز.
> يؤمّن الجيش الأوكراني ممراً آمناً من الألغام لمسافة لا تتجاوز 20 كلم عن المرافئ الأوكرانيّة. بعدها تواكب هذه السفن قوات مشتركة من روسيا وتركيا والأمم المتحدة، ومن فريق رابع حسب وزير خارجيّة روسيا سيرغي لافروف، لكن لم يُحدّد أي بلد.
> مدّة الرحلة من المرافئ الأوكرانيّة وحتى إسطنبول لا تتجاوز 35 ساعة. لكن المسافة بين أوديسا وإسطنبول هي ما يقارب 600 كلم.
> يراقب مكتب التنسيق والتعاون هذه السفن 2424 و77.
> من الضروري أن تتوفر لهذا المكتب الأمور الضروريّة والحيويّة التالية:
> شق إداري يتعاطى التنسيق بين المرافئ وشركات الشحن حول جدول الشحونات، كي يتم التنسيق بعدها مع فريق التفتيش.
> شق عملاني تنفيذي، وهو الذي يراقب ويتابع سير السفن لتأمين سلامة السفن على مسارها، وذلك عند خروجها من منطقة الألغام البحريّة وحتى وصولها إلى إسطنبول.
- ضرورة تأمين وسائل لتنفيذ المهمّة، مثل المسيّرات والأقمار الاصطناعيّة، ووسائل اتصال مع السفن وفرق التفتيش، حتى إنه يجب أن يتوفّر فريق إعلامي لتغطية أهم حدث عالميّ.
> لكن الأهمّ هو كيفيّة التصرّف عند الحالات الطارئة، لأن العمل الروتيني اليومي هو مبدئيّاً عمل يندرج ضمن عمل اختصاص المركز.
> لكن الحالات الطارئة تستلزم قرارات من أعلى المستويات السياسيّة للأفرقاء المعنيين. فكيف سيتم هذا الأمر؟
> مثلاً، لو تعرّضت إحدى القوافل البحريّة لحدث أمنيّ، من يتدخّل للردع؟ ومن يعطي الأمر؟ وأين هي القوى المخولة بالتدخل؟
> وهل ستتوفّر خليّة لحلّ الأزمات الطارئة، عندما يشتبه فريق التفتيش الروسيّ، مثلاً، بحمولة سفينة أوكرانيّة؟
هذه الأسئلة تعكس فعلاً حالة تشاؤميّة. لكن، عند التخطيط في السياسة والحرب، يجب دائماً البدء بالتخطيط للسيناريو السيئ، والأمل أن يأتي العكس.
يقول الخبراء إن المجهول في هذه العمليّة هو أكثر بكثير من المعلوم. فالثقة بين الأفرقاء معدومة، لأن الاقتتال مستمرّ، والشحن سيحصل خلال حرب بكلّ ما للكلمة من معنى. بكلام آخر، منطقة الشحن الأساسيّة هي منطقة حربيّة، وأماكن وجود القمح الأوكراني هي أيضاً منطقة حربيّة.
لكن السؤال الأخير قد يكون على الشكل التالي:
لماذا قبلت روسيا، وقمحها لا يمكن تصديره حالياً؟ هذا مع العلم أن لا عقوبات غربيّة على المواد الغذائيّة الروسيّة.
لكن المعضلة الروسيّة الكبرى تكمن في الأمور التالية: كيفيّة قبض الثمن للحبوب الروسيّة في حال تصديرها، وذلك في ظلّ عقوبات على البنوك الروسيّة؟ وكيف ستشحن روسيا قمحها بحراً، مع عقوبات غربيّة على كلّ مرفأ يستقبل السفن الروسيّة؟ كيف ستتعاطى شركات الشحن العالميّة مع هذا الوضع؟ وكيف ستتعامل شركات التأمين البحريّة مع السفن الروسيّة؟ وهل سيتمّ التأكّد من أن القمح الذي تصدّره روسيا هو قمح روسيّ، وليس أوكرانيّاً؟ وما هي الآليّة؟ وهل ستقبل روسيا بذلك؟
في الختام، هل يمكن القول إن اتفاق إسطنبول هو اتفاق تكتيكي ستطيح به روسيا حتماً إذا لم تُحلّ معضلة شحن قمحها؟
إن غداً لناظره قريب.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته أمام السفراء الفرنسيين 6 يناير 2025 بقصر الإليزيه في باريس (رويترز)

ماكرون يدعو أوكرانيا لخوض «محادثات واقعية» لتسوية النزاع مع روسيا

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن على الأوكرانيين «خوض محادثات واقعية حول الأراضي» لأنهم «الوحيدون القادرون على القيام بذلك» بحثاً عن تسوية النزاع مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا جندي روسي خلال تدريبات عسكرية في الخنادق (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

روسيا تعلن السيطرة على «مركز لوجيستي مهم» في شرق أوكرانيا

سيطرت القوات الروسية على مدينة كوراخوف بشرق أوكرانيا، في تقدّم مهم بعد شهور من المكاسب التي جرى تحقيقها بالمنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».