باليه «مصاص الدماء» ينتصر لـ«الشباب الدائم» والجمال

تقدمه «إيتوال» الإيطالية في القاهرة والإسكندرية للمرة الأولى

من باليه «مصاص الدماء» (دار الأوبرا المصرية)
من باليه «مصاص الدماء» (دار الأوبرا المصرية)
TT

باليه «مصاص الدماء» ينتصر لـ«الشباب الدائم» والجمال

من باليه «مصاص الدماء» (دار الأوبرا المصرية)
من باليه «مصاص الدماء» (دار الأوبرا المصرية)

الإحساس بكره الملكة «إمبيروسيا» المصاحب لبداية باليه «مصاص الدماء» ينقلب مع سياق العرض إلى شعور من الحيادية في بعض المشاهد، ليصل إلى قدر من التعاطف في مساحة غير ضئيلة من العمل! فالأجواء التي سيطرت على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، في أولى ليالي العرض، جعلت الحضور يتنقل بسلاسة ما بين مشاعر الرومانسية، والعشق، والحزن، والبهجة، والحيرة، والدهشة، متسائلا ًعن مدى شرعية أي كائن، لا سيما الأنثى، في البحث الدائم واللانهائي عن الشباب، والسعادة، والجمال، والحب، حتى لو لم يكن هذا الكائن بشرياً!
تقدم العرض فرقة باليه مسرح «إيتوال» الإيطالية، التي تزور مصر لأول مرة، لمدة 4 ليالٍ، بدأت في الثامنة مساء الخميس، وتستمر يومي الجمعة والسبت 29 و30 يوليو (تموز) الحالي، على المسرح الكبير بالقاهرة، ومساء الأحد المقبل على مسرح سيد درويش (أوبرا الإسكندرية)، وتدور القصة حول معاناة الشاب دوريان وملكة مصاصي الدماء إمبيروسيا، فهل يمكن أن يكون للحب بين إنسان ومصاصة الدماء نهاية سعيدة؟!
في المجمل يطرح الباليه أفكاراً رمزية عديدة، منها على سبيل المثال مدى إمكانية تبادل المشاعر بين البشر والمخلوقات الأخرى؟! وما هي أولويات المرء، وهل تنتصر قوة العشق أم تهزمها إرادة الرغبة في البقاء؟ فنعيش من خلال الأحداث قصة أمبيروسيا، ملكة مصاصي الدماء، العاشقة للبشري دوريان، التي تقيم حفلاً تسعى خلاله لاستعادة الشباب، والجمال، حيث يخرج اثنان من أتباعها للهو، واصطياد ضحية جديدة، فيصادفا إحدى الفتيات، ويستدرجانها إلى مليكتهما، وفي تلك الأثناء يخشى حبيبها من رغبتها في ضمه إلى عالمها عن طريق امتصاص دمائه، فيفر هارباً وتتوالى الأحداث.
يسمح العمل، وهو من تصميم الفنانين إينيس ألبيرتيني ووالتر إنجليليني، للمشاهد بالانغماس في عالم الرقص الساحر، والحركات الديناميكية المتقنة، على نغمات روائع موسيقية معروفة، ومنتقاة، لأشهر المؤلفين الموسيقيين مثل موتسارت، وبيتهوفن، وشوبان، وكارل جينكيز، ليعكس في الوقت ذاته الثروة الفنية أو المهارات الأدائية التي يمتلكها أعضاء فرقة «باليه إيتوال»، من الراقصين العالميين من إيطاليا، وإسبانيا، والمكسيك، وفرنسا، وكوبا، وكندا، واليابان، وإنجلترا، واسكوتلندا، وفنلندا، والدنمارك، وكوريا، وآيرلندا.


الإضاءة تأخذ عين المتفرج وتركيزه إلى حيث الأماكن التي تريد أن تأخذه إليها

يتكون الباليه، الذي يمكن تصنيفه تحت فئة الكلاسيكية الجديدة والأعمال المعاصرة، من فصلين، حيث يتعرف المشاهد في الفصل الأول على الضحية الجديدة للملكة «إمبيروسيا»، ويلتقي في حفل تنكري في ضيافة الملكة بثلاثي مرح، بينما ينتقل المتلقي في الفصل الثاني من الباليه، الذي يتضمن ثمانية مشاهد، إلى الدائرة الضيقة للملكة، فيصبح شديد القرب منها، وهنا يشعر بوجع الإحساس بالحب غير المتكافئ، ومحاولة مقاومته دون جدوى، حتى يفاجأ أنه رغم هذا الحب، فإن الملكة تحاول كمصاصة دماء أن تقاوم دوريان، وتكبح جماحها، لكن عطشها لدمائه، أو ربما تمسكها بالحياة، والشباب، والجمال، هو ما يطغى عليها في النهاية.
ويتكرر هذا المعنى مرة أخرى بشكل آخر في مشهد «وصيفة الملكة»، إذ تحولت الوصيفة هي أيضاً إلى ضحية لها، فلا أحد يسلم من تعطشها للدماء، لا سيما أنه قد جن جنونها بعد أن قام حبيبها بالفرار، وتتوالى المشاهد المؤثرة، التي تفاعل الجمهور معها إلى حد كبير، متأثراً بمشاعر متناقضة وعميقة لشخصيات جمعت بين الرومانسية، وإثارة الخوف في القلوب، إلى جانب الاستعراض في إطار مميز من الطرح الإنساني، وتمكن العمل من توظيف الشخصيات بشكل متوازن، استناداً إلى الأداء والحركة المبهرة الرشيقة على خشبة المسرح.
لعبت تقنيات الصوت، والملابس، والديكور الحديثة، دوراً مؤثراً كعناصر مكملة للعرض، أما الإضاءة فقد كان لها الدور الأكبر في إثرائه، وإكسابه مزيداً من الإبهار لتصدق القاعدة الفنية التي تقول بأنه «فوق خشبة المسرح لا يكتمل كل شيء إلا بفن الإضاءة»، فقد قامت الإضاءة في «مصاص الدماء» برفع مستوى التصميم بجماليته التشكيلية، وجاءت منسجمة مع روح العمل أو للدقة ساهمت في تشكيل هذه الروح، إذ نجحت أن تأخذ عين المتفرج وتركيزه إلى حيث الأماكن التي تريد أن تأخذه إليها، لتوصل له معاني ورموزاً معينة، واستندت في ذلك إلى حد كبير للتركيز على الألوان، في مقدمتها بطبيعة الحال اللون الأحمر؛ لون الدم ورمز مصاصي الدماء المتعطشين للدم، ما ساهم في تركيز الجمهور وغوصه في هذا العالم.
يعتبر محمد ظريف، مدير أوبرا الإسكندرية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن استضافة الفرق الأجنبية لتقديم عروضها في مصر، يأتي «انعكاساً» لإيمان المجتمع المصري بفكرة حوار الحضارات، والانفتاح على الثقافات والفنون المختلفة، كما أنه من ضمن أهداف دار الأوبرا، ويقول إن «فرقة (باليه إيتوال) تعد واحدة من أفضل فرق الباليه الناشئة على الساحة العالمية، التي تقدم أعمالاً من الريبتوار الكلاسيكي، والكلاسيكية الجديدة، والأعمال المعاصرة، وكانت الفرقة قد قدمت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021 باليه (مصاص الدماء) على مسرح (فيلو دراماتيكي ببياتشنزا) لتعيد تقديمه هذا الموسم في مصر».
ظريف أبدى اعتزازه بتقديم العرض في أوبرا الإسكندرية، إلى جانب العاصمة ليتمكن أهل المدينة، والمصطافون بها، ونزلاء الساحل الشمالي أيضاً، من مشاهدة العرض، لافتاً إلى أن «مسرح سيد درويش، حيث يعرض الباليه، هو مسرح عريق، ذو إمكانات فنية عالية، تسمح باستضافة الفرق الأجنبية الكبيرة، بمختلف عروضها، سواء كانت موسيقية، أو راقصة أو غنائية».



بغداد تعتزم عقد اجتماعات لبحث الوضع في سوريا

السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
TT

بغداد تعتزم عقد اجتماعات لبحث الوضع في سوريا

السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً للحكومة العراقية اليوم (رئاسة الوزراء)

فيما استأنفت السفارة العراقية عملها في دمشق، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بلاده تخطط لعقد اجتماعات مهمة بشأن الوضع في سوريا، وذلك في وقت دعا فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الخميس، الدول العربية لدعم الشعب السوري بعد أقل من أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد.

وقال السوداني، في افتتاح اجتماع مجلس وزراء الصحة العرب في بغداد: «العراق كان ولا يزال في طليعة المبادرين لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني، ويجب تعبئة الجهود لتغيير الواقع الصحي المؤلم الذي يمس كرامة الإنسان، ومدّ يد العون للشعبين اللذين يعانيان من فقدان العلاج جراء الحصار والعدوان».

وأضاف أنه «يتعين علينا دعم الشعب السوري في محنته الحالية، مع التأكيد على سلامة أرض سوريا وسيادتها، وحماية مؤسسات الدولة والممتلكات، والحفاظ على السلم الأهلي واحترام إرادة الشعب السوري».

رغم أن الحكومة العراقية عدّت ما حدث في سوريا شأناً سورياً، فإن بغداد تلتزم الصمت حيال الرسائل من الحكومة السورية الجديدة، سواء من زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني، أو من رئيس الحكومة محمد البشير الذي أعلن عن التواصل مع بغداد.

لكن العراق للمرة الثانية في غضون يومين بدا مستعداً لتقديم المساعدات للسوريين. فبالإضافة إلى ما صرّح به السوداني خلال كلمته أمام وزراء الصحة العرب، اليوم (الخميس)، فإنه عبّر عن الموقف نفسه، مساء أمس (الأربعاء)، لدى استقباله وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس. وطبقاً لبيان المكتب الإعلامي للسوداني، فإنه جرى خلال اللقاء بحث الأوضاع في سوريا، ومستجدات الأحداث فيها، والدور الأوروبي والدولي في مساعدة السوريين لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا وأمنها، وكذلك التأكيد على ضرورة عدم التدخل في الشأن السوري، وأنّ الشعب هو من يقرر مصير بلده. وأكد السوداني استعداد العراق لتقديم المساعدة للسوريين في هذه المرحلة المفصلية، مشدداً على أهمية ضمان تمثيل كل مكونات الشعب السوري في النظام الجديد، بما يحقق تطلعات هذا الشعب الذي يستحق العيش بأمن وسلام.

هذه هي المرة الثانية في يومين التي يعبر فيها العراق عن استعداده لتقديم المساعدات للسوريين. وقد أكد السوداني الموقف نفسه، أمس، خلال استقباله وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، حيث تم بحث الأوضاع في سوريا والدور الدولي في تحقيق الاستقرار وحفظ وحدة سوريا. وأوضح السوداني استعداد العراق للمساعدة، مشدداً على أهمية تمثيل جميع مكونات الشعب السوري في النظام الجديد لضمان أمنه وسلامه.

فؤاد حسين يزور البصرة مساء الأربعاء (الخارجية العراقية)

مبادرات دبلوماسية

في الأثناء، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الخميس، عن عقد اجتماعات في بغداد لبحث الوضع في سوريا، مشيراً إلى مبادرات دبلوماسية لتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وقال حسين، خلال مؤتمر صحافي في البصرة، اليوم، إن «الوضع في المنطقة، وخاصة في سوريا، معقد للغاية. ولذلك، قامت الحكومة العراقية بعدة مبادرات، وكان العراق مركزاً للفعاليات الدبلوماسية، حيث تم طرح أفكار جديدة لتحقيق الأمن والاستقرار وإدارة الأزمات».

وأشار حسين إلى أنه «ستُعقد اجتماعات في بغداد أو مناطق أخرى بشأن الوضع السوري، وستتضمن خطة شاملة لمناقشة هذا الموضوع». وأضاف أن «من واجب العراق طرح بعض المسائل المتعلقة بالأزمة السورية والشعب السوري بهدف تحقيق الاستقرار السياسي الذي يشمل جميع مكونات الشعب السوري».

ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان خلال مؤتمر صحافي في النجف (واع)

محاذير

في وقت بدأت فيه بغداد بحث علاقتها مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة «تنظيم داعش»، دخلت مرجعيات شيعية بارزة على خط التحذير من تداعيات الوضع في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ففي الأيام الأخيرة، زار عدة وفود أميركية عسكرية وسياسية بغداد لبحث تأثير الوضع السوري على المنطقة، وبالأخص على العراق. وحذّر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني من أن يتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات.

واستقبل السيستاني، اليوم (الخميس)، ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان. وأكد الأخير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ النجف، أن السيستاني «حريص على الحفاظ على العراق من أي صراعات خارجية قد تؤثر عليه. وأوضح أنه أطلع المرجعية على نتائج اللقاءات التي جرت في الولايات المتحدة بشأن العراق، حيث تم بحث سبل تجنب أي تجاذبات قد تضرّ بالبلاد.

كما أكد الحسان أن هناك تنسيقاً مستمراً مع بعثة الأمم المتحدة في العراق (اليونامي) والحكومة العراقية لضمان استقرار الوضع، مشدداً على ضرورة أن يبقى العراق بعيداً عن أن يصبح «ساحة لتصفية الحسابات»، داعياً إلى اتخاذ قرارات جديدة تخدم الوضع الراهن وتجنب الأزمات المستقبلية.

وامتنع السيستاني عن لقاء أي مسؤول عراقي منذ عام 2016، إلا أنه التقى مرتين خلال شهرين بممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، الذي خلف الممثلة السابقة جينين بلاسخارت، لمناقشة القضايا المهمة للعراق والمنطقة.

في هذا السياق، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحكومة العراقية إلى تعزيز التدابير الأمنية على الحدود مع الدول المجاورة، وحثّ الشعب على عدم الانجرار وراء الطائفية في ظل التصعيد الإقليمي.

جاء ذلك في منشور له على منصة «إكس» بعنوان «صمت دولي مطبق إزاء التوغل الصهيوني في الأراضي السورية».

كتب الصدر في منشوره: «نحن نستنكر بشدة التوسع الاستعماري الإرهابي للصهاينة بدعم أميركي، ونحذر من محاولة جرّ المنطقة إلى فتنة لا يستفيد منها سوى الثالوث المشؤوم البغيض». وأضاف: «من هنا، يجب على الحكومة العراقية اتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة على الحدود العراقية من الغرب والشرق والشمال والجنوب، في ظل هذا التصعيد الإقليمي».

وحثّ الصدر الشعب العراقي على «الابتعاد عن الانجرار وراء الفتنة الطائفية التي يستفيد منها العدو»، محذراً من «الأهواء السياسية الفاسدة».