شاشة الناقد

مشهد من الفيلم الروماني «مترونوم»
مشهد من الفيلم الروماني «مترونوم»
TT

شاشة الناقد

مشهد من الفيلم الروماني «مترونوم»
مشهد من الفيلم الروماني «مترونوم»

- Metronom
- شباب رومانيا تحت الاحتلال
- جيد ★★★
هناك فصل من الأحداث في هذا الفيلم الروماني للمخرج الجديد ألكسندرو بلش يرتفع فيه الفيلم إلى مصاف ممتاز. كان «مترونوم» بدا كما لو أنه سيكون واحداً من الأفلام التي تبحث عن معنى وأسلوب. بعد ذلك الفصل الأساسي من الأحداث، بدا كما لو أنه افتقد شيئاً مضى مع نهاية ذلك الفصل. ينتهي بمشهدين أو ثلاثة لا تعني أو تضيف الكثير.
يبدأ ذلك الفصل بإلقاء القبض على شبّان وشابات أمّوا حفلة منزلية راقصة استمعوا فيها إلى برنامج موسيقي اسمه «مترونوم» تبثّه محطة «راديو فري يوروب». بعد قليل يُغير البوليس على الحفل ويلتقط الحاضرين ويسوقونهم إلى التحقيق.
الأحداث تقع في عام 1972 عندما كانت رومانيا ما زالت تحت الحكم الشيوعي. راديو فري يوروب، الأميركي كان أداة إعلامية مناهضة للمعسكر الأوروبي الشرقي. جزء من الحرب الباردة بين قطبين. الاستماع إليه في الدول الشيوعية كان ممنوعاً حتى ولو كان البرنامج المذكور مجرد أغاني لفرقة لد زبلِن أو جيمي هندركس أو فرقة ذا دورز.
لكن أحد الحاضرين من الشبّان (صربان لازاروفيتشي) هو عميل للمخابرات، وهو الذي وشى بالذين أمّوا الحفلة وتسبب في إحالتهم إلى التحقيق بتهمة الترويج لأفكار معادية للنظام. المشكلة هي أن بطلة الفيلم ومحوره الدرامي، آنا (ماريا بوغارين) كانت تحب ذلك الشاب. ليس الحب الذي لن يذبل، لكنه الحب الذي تحاول كل مراهقة التمسّك به إذا ما وقع. إذ تُساق آنا للتحقيق كسواها تنفرد في أنها تمتنع عن التعاون مع المحققين. رددت على مسامعهم بأنها لم ترتكب ذنباً. كل ما هو مطلوب منها، كما يقول لها أحدهم، التوقيع على ورقة تذكر فيها أسماء من كانوا في الحفل. إزاء امتناعها يتم إحضار الأب (الذي لا يمكن إلا وأن تشعر بالتعاطف معه) لإقناعها. يخبرها بأن امتناعها سينعكس عليه شخصياً، إذ سيتم سجنه.
توافق آنا، وبموافقتها ينتهي الفصل المذكور وتنتهي أفضل مشاهد الفيلم. بعد ذلك هناك مشهد ختامي يرمز لبراءة الشباب حيال تلك الفترة الصعبة من الحياة.
لا يحاول المخرج بلش أكثر من سرد هادئ النبرة لحكاية بسيطة محورها كيف أن أفعالاً صغيرة وبريئة من جيل يحاول أن يعيش بعض المسرّات تؤدي به إلى تهم مبتدعة تنذرهم بعواقب أكبر إذا ما لم يرضخوا إلى مبادئ ونظم الدولة. ولا مرّة يخفق الفيلم في التعامل مع التفاصيل الواقعية خلال التحقيق مع آنا. هي عنيدة لكنها ضعيفة وخائفة، وحين تتحدث تفعل ذلك بصوت هامس. تشعر حينها بوضعها الصعب والأزمة التي قد تودي بمستقبلها كله (رومانيا، 2022 - عروض مهرجان «كان»).

- Elvis
- حياة ملك «الروك» حسب ملك «اللوك»
- ضعيف ★
كل فيلم حققه المخرج باز لورمن (ستّة أفلام بما فيها هذا الفيلم) هو استعراض من الصور المتحركة مضروبة بعضها ببعض على نحو شبه عبثي ومتكلّفة في التنفيذ على أساس اعتقاد المخرج بأن الفيلم الجيد هو الفيلم الكبير. أحياناً ما يكون الحال كذلك بالفعل، لكن ليس عندما يفتقد الفيلم سرداً عميقاً ومعالجة قائمة على امتلاك عناصر الدراما والبعد عن المظاهر والألعاب البصرية.
لورمن يحب مثل هذه الصرعات. مارسها في أفلامه. بعض النقاد أحب فيلميه «روميو جولييت» (1996) و«مولان روج» (2001) وحتى «أستراليا» (2008). أكثر من ذلك، هناك نقاد حاليين منحوا «إلفيس» نجوم الجنرال وما فوق. أعجبتهم بصرياته أو ربما اعتادوا عليها.
بطبيعة الحال فإن «إلفيس» هو عن صعود ملك الروك أند رول من خلفيته الاجتماعية المتواضعة ليصبح، وقد تأثر بأغاني البلوز الأفرو - أميركية إلى حد تقليدها في بادئ مهنته ثم التوجه بما يقدّمه بعيداً عنها لتشكيل فن أغانيه الخاص. لكن الصعود ليس كل السيرة الحياتية الفعلية للمغني الشهير. هناك الكثير مما قرر هذا الفيلم إغفاله مما كان يجب أن يرد. تركيز المخرج كان على المنعطفات السريعة قافزاً من وضع إلى آخر مثل ضفدعة هاربة من صائدها. تركيزه كذلك على مدير أعماله كولونيل باركر الذي عصر أرباح ألفيس وعاش مليونيراً بسببها مقتطعاً لنفسه 50 في المائة من إيرادات نجاحه. يؤديه توم هانكس كما لو أنه رجل طيّب يعيبه قليل من الطمع. يسمح المخرج لهانكس بالدفاع عن نفسه قائلاً: «لم أقتله (يقصد ألفيس وليس المخرج) بل صنعته».
الممثل الذي يؤدي دور إلفيس برسلي هو الشاب أوستن بتلر الذي كان ظهر كأحد أشرار عصابة مانسون في فيلم كونتِن تارنتينو «ذات مرّة في هوليوود» (الذي بدوره نال من الإعجاب أكثر مما يستحق). التقاط المخرج له ليسند إليه بطولة هذا الفيلم كان الحسنة الوحيدة له لأن أداء بتلر مقنع إلى حد كاف. ذلك الحد الذي تضطر أن تقبل به لأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان. هذا لا يعني أن بتلر ممثل جيّد، بل هو متقمّص جيّد.
في 159 دقيقة طويلة، لا يود الفيلم أن يتوقف عن الهذيان من لقطة مفتعلة إلى أخرى أكثر افتعالاً. معظم دقائقه لا علاقة لها بالتطوّرات الدرامية على نحو مستقيم وفاعل وبالتالي مؤثر، بل هي منصرفة إلى استعراض لقطات ضوضائية في اللون والإضاءة والأصوات. (الولايات المتحدة - عروض تجارية.)

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.