«ورقة فاغنر» تشعل مخاوف «خصوم» روسيا في ليبيا

أوروبا تراها تهديداً لـ«ناتو»... و«أفريكوم» تتحدث عن توسيع نفوذ موسكو

«القوات المشتركة» التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة داخل مطار طرابلس المغلق 25 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
«القوات المشتركة» التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة داخل مطار طرابلس المغلق 25 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
TT

«ورقة فاغنر» تشعل مخاوف «خصوم» روسيا في ليبيا

«القوات المشتركة» التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة داخل مطار طرابلس المغلق 25 يوليو الحالي (أ.ف.ب)
«القوات المشتركة» التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة داخل مطار طرابلس المغلق 25 يوليو الحالي (أ.ف.ب)

كثّفت أطراف أوروبية معنية بالملف الليبي، من مخاوفها خلال الأيام الماضية، بشأن استمرار تواجد عناصر شركة «فاغنر» الروسية بالبلاد، واعتبرت أن ذلك «يمثل تهديداً لأمن واستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط».
ويرى سياسيون ليبيون أن هذه المخاوف تأتي في إطار «مناكفات بين خصوم روسيا على خلفية حربها على أوكرانيا»، لافتين إلى أنه «لم يسبق لتلك الأطراف التطرق بهذه الكيفية إلى ملف (المرتزقة التابعين لموسكو) في ليبيا، إلا مع تهديد مصالحها المتعلقة بإمدادات النفط والغاز».
وفيما رأى لويجي دي مايو، وزير الخارجية الإيطالي، أن المجتمع الدولي ملتزم بتجنب مخاطر مزيد من التشرذم الاجتماعي والمؤسسي في ليبيا، ذهب إلى أن «وجود (المرتزقة الروس) بالبلاد من التابعين لشركة (فاغنر)، المستفيدين من الدعم اللوجستي للطيران الروسي، لا يزال يمثل عاملاً من عوامل عدم الاستقرار للجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ولمنطقة البحر الأبيض المتوسط بأسرها».
وزاد دي مايو، بحسب وكالة «أكي» الإيطالية، أمس (الأربعاء) من مخاوفه، في ضوء ما وصفه بـ«تغلغل موسكو المتزايد في منطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى».
ومبكراً دخلت الولايات المتحدة على خط تواجد عناصر «فاغنر» في ليبيا، إذ قال سفيرها لدى ليبيا ومبعوثها الخاص ريتشارد نورلاند، إن «حرب روسيا في أوكرانيا هي انعكاس على نطاق واسع للدور المزعزع للاستقرار الذي لعبه (مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية) في ليبيا ومنطقة الساحل.
وتحدث الجنرال ستيفن جيه تاونسند، قائد القيادة الأميركية لأفريقيا (أفريكوم)، في تسجيل صوتي للصحافيين، من مقر قاعدة «أفريكوم» في شتوتجارت بألمانيا، أول من أمس، وقال إن «روسيا وسّعت نفوذها في أفريقيا من خلال المجموعة التي تعمل بالوكالة، مما ساهم في عدم الاستقرار وعدم اليقين السياسي»، لافتاً إلى أن «فاغنر هي مجموعة (مرتزقة روسية) تعمل بأمر من الكرملين».
وتفيد تقرير أميركية بوجود «ألفي مقاتل من مجموعة (فاغنر) في شرق ليبيا»، علماً بأن روسيا سحبت جزءاً من هذه العناصر بقصد الدفع بهم في حربها ضد أوكرانيا.
وتحدث تاونسند عن «وجود ألف مرتزق ما زالوا منتشرين في مالي، بجانب «عدد كبير» في جمهورية أفريقيا الوسطى وأماكن أخرى في القارة».
وظلت موسكو ترفض طويلاً علاقتها بعناصر «فاغنر» في ليبيا، إلى حين قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات إعلامية في مايو (أيار) الماضي، إن مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة موجودة في مالي وليبيا «على أساس تجاري»، لكنه قال: «هذه العناصر ليس لها علاقة بالدولة الروسية».
وعلى الرغم من ذلك، يسود اعتقاد لدى أطراف غربية بأن موسكو تستخدم «ورقة فاغنر» لعرقلة إنتاج النفط الليبي، في حين يرى ليبيون أن الانقسام السياسي بالبلاد بين حكومتي فتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة، أبقى على الحالة العسكرية والأمنية في البلاد تراوح مكانها وسط توتر وترقب شديدين.
وسبق لفتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار»، مطالبة القادة البريطانيين عبر مقال نشرته صحيفة «ذا تايمز» بمساعدة بلاده على إخراج عناصر مجموعة «فاغنر» الروسية من ليبيا، مبدياً رغبته في «شراكة استراتيجية» مع بريطانيا، تقوم على الأعمال والأمن والاستخبارات المشتركة.
وقال في المقال قبل التراجع عنه، إن «بلادي تواجه اليوم واحدة من أصعب المعارك حتى الآن. وبينما تقاتل القوات الأوكرانية روسيا بالصواريخ البريطانية، فإننا في ليبيا نخوض المعركة نفسها».
واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في جميع اجتماعاتها السابقة، بضرورة إخراج جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، ضمن اتفاق أوسع اشتمل على وضع آلية لتفكيك المليشيات المسلحة ونزع سلاحها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».