قوى سياسية لبنانية تحذّر من تفرّد نصر الله بقرار الحرب والسلم

لوّح بالتحرك بمعزل عن الدولة في سبتمبر المقبل

TT

قوى سياسية لبنانية تحذّر من تفرّد نصر الله بقرار الحرب والسلم

أثارت المواقف الأخيرة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، التي وضع فيها مهلة جديدة حتى سبتمبر (أيلول) المقبل للاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وأنه سيتحرك بمعزل عن قرار الدولة اللبنانية إذا لم يتحقق ذلك، استياء القوى السياسية اللبنانية الرافضة لسياسته، وحذرت من «تفرد نصر الله مجدداً بقرار الحرب والسلم واستضعاف الدولة»، معتبرة أن هذه السياسة «ستدفع البلد إلى الانفجار».
ويأتي ذلك في ظل مساعٍ للتوصل إلى تسوية حدودية مع إسرائيل، وسط توقعات بأن يصل الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت أواخر الشهر الحالي. وقال نائب رئيس مجلس النواب (عضو تكتل لبنان القوي) إلياس بو صعب من مجلس النواب أمس الثلاثاء، إن «الخط 29 خيار ورفضت تسميته بالخط التفاوضي لأنها تعني إسقاطه، إلا أنه ما زال خياراً من الخيارات التي يتم العمل عليها». ولفت بو صعب إلى أن «لبنان يفاوض في ملف الترسيم من موقع قوي وهذا يُعطي أملاً بأنه يمكن أن نصل إلى حل». وأكد أن هناك جواً إيجابياً في مفاوضات الترسيم ويمكن الوصول إلى حل والأهم أننا لن نتخلى عن أي حق من حقوقنا ولا شراكة مع العدو الإسرائيلي.
وأعلن نصر الله في مقابلة تلفزيونية مساء الاثنين، أنه «إذا بدأت إسرائيل باستخراج النفط والغاز من حقل (كاريش) في سبتمبر قبل أن يأخذ لبنان حقه، فنحن ذاهبون إلى مشكلة». وقال: «وضعنا هدفاً ونحن ذاهبون إليه من دون أي تردد وكل ما يحقق هذا الهدف سنلجأ إليه». ورأى أمين عام الحزب أن «الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته، ولذلك فإن المقاومة مضطرة إلى اتخاذ هذا القرار».
هذا الكلام الذي انطوى على رسائل سياسية وأمنية للداخل والخارج، فسره مراقبون على أنه تكريس لهيمنة فريق مسلح على الدولة وكل المكونات اللبنانية الأخرى، فرأى النائب أشرف ريفي أن «هذا المنطق يقود لبنان إلى الهلاك». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «بلد تعددي لا يستطيع فريق واحد أن يستقوي بسلاح إقليمي ويعمل على إلغاء الدولة وفرض خياراته على الآخرين». وقال ريفي: «مشروع نصر الله يقوم على إضعاف الدولة تمهيداً لإلغائها وإيصال البلد إلى الانهيار التام، ليقول لنا أنا الدولة، لكن عليه أن يفهم أن لبنان لم ولن يكون جزءاً من إيران»، مشدداً على أن «قوى المعارضة والتغيير ستنظم صفوفها داخل المجلس النيابي وفي الحكومة لمواجهة هذا المشروع وإسقاطه».
وأضفى البعض على مواقف نصر الله بعداً طائفياً ومذهبياً، إذ ذهب رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد إلى تفنيد المقابلة وتفسير محتواها، ورأى أن نصر الله أراد في إطلالته التلفزيونية «الادعاء أن طائفته (الطائفة الشيعية) تتميز عن الطوائف الأخرى بنضالاتها من أجل لبنان وكأنه يمهد ليقول أنا الحاكم بأمري وبملكي، ومن حقي أن أخون الطوائف الأخرى». وقال سعيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في السابق اتهم (نصر الله) السنة بأنهم إرهابيون واليوم يتهم المسيحيين بأنهم عملاء (على خلفية توقيف المطران موسى الحاج خلال عودته من الأراضي الفلسطينية). ورأى أنه «إذا استمر هذا الادعاء فسيؤدي بلبنان إلى الانفجار، لا يمكن وفق التجارب التاريخية التي مر بها لبنان أن يفرض فريق رأيه على كل اللبنانيين». وأكد سعيد أن نصر الله «أنهى مقومات الدولة عندما أنهى المرفأ (انفجار مرفأ بيروت) والمصارف والمستشفيات والجامعات، وجاء كلامه اليوم ليؤكد أن لبنان تحت الاحتلال الإيراني»، لافتاً إلى أن «هذه الخيارات تأخذ البلاد إلى الدمار». وجاء هذا التصعيد ليبدد الأجواء الإيجابية التي تحدث عنها وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، الذي توقع التوصل إلى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بحلول شهر (سبتمبر) المقبل، ولينسف المساعي التي يقودها الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين للتوصل إلى حل سياسي، وذكر القيادي في حزب القوات اللبنانية النائب السابق أنطوان زهرا، بأن «حزب الله يمارس منذ عام 2006 حتى اليوم استراتيجية قضم الدولة وكل ما يمت لها بصلة، بدءاً من قرار الحرب والسلم إلى العلاقات الخارجية واستباحة الحدود ومن ثم إدارة الدولة من الداخل». ورأى زهرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن نصر الله «يدرك أن حزبه في أزمة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وإعادة التوازن العربي، وبدأ يبحث عن مخرج لمأزق سلاحه، ويخشى فعلاً أن تقطع إيران التواصل مع ميليشياتها في المنطقة».
والتزمت القيادات السياسية الصمت حيال مواقف أمين عام «حزب الله»، خصوصاً رئيس الجمهورية ميشال عون المعني الأول بملف ترسيم الحدود. ولم يستغرب زهرا تجاهل المرجعيات السياسية لمثل هذا الكلام، وأشار إلى أن نصر الله «سبق له أن اعترف بأن الدولة هي التي تفاوض وتقرر مسألة ترسيم الحدود البحرية وأن «حزب الله» يدعمها بكل ما تقرره، ثم استلحق وأخرج معادلة «كاريش وما بعد بعد كاريش»، ثم إطلاق مسيراته فوق المنطقة المتنازع عليها، وهذا لا يدل على اشتباك مع إسرائيل، بل استعادة لدوره في عملية التفاوض، خصوصاً أنه لمس أجواء تقدم قد تصل إلى نتيجة إيجابية، لذلك أراد القول أنا من يقرر بهذا الملف»، معتبراً أن موقفه «يبطن تحقيراً برئيس الجمهورية صاحب الصلاحية في التفاوض وإبرام الاتفاقات والمعاهدات».
ولأول مرة يطلق أمين عام «حزب الله» كلاماً ينتقد فيه ضمناً رئيس الجمهورية الذي أعلن أن حدود لبنان البحرية تبدأ من الخط 23 البحري، وتخليه الواضح عن الخط 29. وقال نصر الله: «الدولة اللبنانية قدمت تنازلاً كبيراً من خلال ما طلبته من الوسيط الأميركي عندما تحدثت عن الخط الـ23».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.