بدأت السلطة الفلسطينية حملة أمنية في الضفة الغربية ضد «السلاح المنفلت»، استهلتها باعتقال مشتبهين في إطلاق النار على السياسي الفلسطيني ناصر الدين الشاعر في نابلس شمال الضفة الأسبوع الماضي، وهي الحادثة التي أثارت غضباً فلسطينياً واسعاً ومخاوف من تطور الفلتان إلى تصفية حسابات سياسية واغتيالات.
وأعلن المتحدث باسم الأجهزة الأمنية، اللواء طلال دويكات، الثلاثاء، أن أجهزة الأمن الفلسطينية في نابلس تمكنت من توقيف بعض المشتبه فيهم في حادثتي إطلاق النار على الدكتور ناصر الدين الشاعر، ومحمود حجاب وعائلته، وأن الحملة مستمرة بمختلف أذرعها في جهودها وعملها الأمني، لملاحقة الخارجين عن القانون والنظام ومرتكبي الاعتداءات على المواطنين.
وأكد دويكات على أن العمل الأمني الحالي لن يكون موسمياً؛ بل سيكون مستمراً في كل محافظات الوطن، مشدداً على أنه «لا غطاء لأحد، والجميع سواسية أمام القانون».
وكان مجهولون أطلقوا النار، الأسبوع الماضي، على الشاعر الذي عمل نائباً لرئيس الوزراء إسماعيل هنية في الحكومة الفلسطينية العاشرة التي شكلتها «حماس» في 2006 واستمرت عاماً واحداً فقط، وأصابوه بجراح، في قرية كفر قليل جنوب نابلس.
الحادثة جاءت في وقت يشكو فيه الفلسطينيون من تصاعد أعمال الفلتان الأمني في الضفة، التي أودت بحياة فلسطينيين في خلافات سياسية وعائلية وقضايا إجرامية، مما خلف غضباً غير مسبوق وتحذيرات من وجود قرار وغطاء لهذا الفلتان؛ وهو الأمر الذي اضطر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التدخل فوراً وإعطاء أوامره بملاحقة المنفذين والتصدي فوراً لمثل هذه الفوضى.
وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها السلطة حرباً ضد الفلتان الأمني، المتعلق أيضاً بالحفاظ على هيبتها في المناطق التي تخضع لسيطرتها، لكن مع ذلك استمر بشكل متواصل نتيجة وجود سلاح متعدد في أيدي الفلسطينيين، بعضه تابع لمجموعات وبعضه للعائلات، فيما يوجد عدد لا بأس به في يد مسلحي الفصائل.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «ملاحقة السلاح غير الشرعي عمل معقد، بسبب وجود رغبة إسرائيلية في استمراره، فتورد السلاح من إسرائيل، وتحمي كذلك المنفلتين في مناطق ليست تحت السيطرة الفلسطينية».
وأكد المصدر أن السلطة تعاني في جلب موافقات إسرائيلية من أجل شن حملات في المناطق «ب» و«ج»، وهي مناطق خاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية ويحظر على السلطة العمل فيها إلا بتنسيق مسبق. وبحسب المصدر؛ «تسمح إسرائيل بتحويل هذه المناطق إلى ملاذ للهاربين وللأسلحة، ولا تسمح لقوات الأمن بالعمل ضدهم هناك في أغلب الوقت». وبحسب المصدر؛ فإن تجنب الدخول في مواجهات مع عائلات أو تنظيمات يقيد كذلك عمل السلطة أحياناً. تكدس المجموعات المسلحة، عملياً، وكذلك بعض العائلات الكبيرة، سلاحاً أكثر تطوراً من الذي يحمله عناصر الأمن الفلسطيني بسبب القيود الإسرائيلية على تسلح السلطة.
ويسمح لرجال الأمن الفلسطينيين بحمل سلاح من نوع كلاشنيكوف، فقط، بينما يتسلح الآخرون بأسلحة «إم16» وبعض السلاح الثقيل.
ولطالما رفضت إسرائيل السماح للسلطة بالحصول على أسلحة أفضل، أو عربات مصفحة، حتى لو كانت على شكل هدايا من دول أخرى، وذلك لأسباب سياسية وأمنية. وتقول السلطة إن إسرائيل تعمل على إضعافها في الضفة الغربية من خلال دعم المنفلتين وتقييد تحركها ضدهم من جهة، وضرب هيبتها بالاقتحامات اليومية التي تنفذها في مناطقها وتنتهي عادة بقتل فلسطينيين واعتقالات من جهة أخرى.
لكن رغم ذلك، فإن السلطة تحاول ملاحقة تجار الأسلحة والمجموعات الخارجة بكل الطرق الممكنة. وأكد المصدر أنه يجرى اعتقال كل شخص يساهم في الفوضى، بغض النظر عما إذا كان لديه انتماء سياسي أو حتى لو كان عنصراً في أي جهاز أمني.
وبحسب اللواء دويكات، فإن التحقيقات جارية الآن مع المشتبة فيهم، تحقيقاً للعدالة في إطار القانون، مضيفاً: «نرى ارتياحاً كبيراً لدى جمهورنا الفلسطيني، ونؤكد أن هذا العمل الأمني لن يكون موسمياً؛ بل سيبقى مستمراً في جميع محافظات الوطن، من أجل القضاء على كل مظاهر الفوضى والفلتان، حفاظاً على السلم الأهلي، وعلى حقوق المواطنين وممتلكاتهم».
اتهامات لإسرائيل برعاية «السلاح المنفلت» في الضفة
اتهامات لإسرائيل برعاية «السلاح المنفلت» في الضفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة