دراسة: يمكن لأسماك الزرد إصلاح القلب التالف؟!

دراسة: يمكن لأسماك الزرد إصلاح القلب التالف؟!
TT

دراسة: يمكن لأسماك الزرد إصلاح القلب التالف؟!

دراسة: يمكن لأسماك الزرد إصلاح القلب التالف؟!

الزرد مخلوقات رائعة ليس بشكلها فقط بل يمكنها تنمية أعضاء جديدة. فلقد علمنا بالفعل أن هذه الأسماك الصغيرة الشفافة يمكن أن تجدد أنسجة الشبكية في عيونها. وقد أظهر بحث جديد الآن كيف يمكن أن تنعش أسماك الزرد أنسجة القلب بعد الإصابة، وذلك حسبما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص.
ووفق الموقع، يقول عالم الأحياء التنموي مؤلف الدراسة جان فيليب يونكر من معهد برلين لبيولوجيا الأنظمة الطبية في ألمانيا «أردنا معرفة كيفية قيام هذه السمكة الصغيرة بذلك، وإذا كان بإمكاننا التعلم منها».
وقد نشرت الدراسة الجديدة التي قادها يونكر مع باحثة إشارات الخلايا الأسترالية دانييلا باناكوفا العاملة بمركز «ماكس ديلبروغ» للطب الجزيئي بمجلة «Nature Genetics» وهي تؤرخ سلسلة الأحداث التي أدت إلى تجديد القلب باسماك الزرد.
في البشر لا يمكن لخلايا عضلة القلب أن تتجدد مثل خلايا قلب الزرد بسبب نقص الأكسجين أثناء النوبة القلبية فتتلف خلايا عضلة القلب وتتشكل ندبات دائمة (تسمى التليف) بدلاً من العضلات المفقودة، ما يجعل القلب أضعف مما كان عليه من قبل.
ومع ذلك، فإن أسماك الزرد قادرة على إعادة نمو ما يصل إلى 20 في المائة من قلوبها التي يبلغ حجمها مليمترا واحدا بغضون شهرين من إصابة القلب.
ما تظهره لنا هذه الدراسة الجديدة هو أن خلايا النسيج الضام التي تسمى الخلايا الليفية هي الموصلات لعملية تجديد القلب بأسماك الزرد، وتنتج بروتينات تعمل كإشارات إصلاح.
المثير للإعجاب أن النتائج الجديدة تأتي ساخنة في ظل الجهود الواعدة الأخرى في الطب التجديدي؛ التي تتطلع إما إلى استبدال أو إصلاح القلوب التالفة بالعلاجات القائمة على الخلايا أو الأدوية التي تحاكي الجزيئات الموجودة في الزرد.
وفي وقت سابق من هذا العام، زرع الجراحون قلب خنزير في مريض بشري لأول مرة (على الرغم من أن الرجل توفي للأسف بعد شهرين). وفي مايو (أيار)، حدد الباحثون أيضًا الخلايا البشرية التي تساعد قلب الإنسان على ترميم نفسه بعد نوبة قلبية. كما أنه في يونيو(حزيران) نجح العلماء في علاج النوبة القلبية لدى الفئران بتقنية «mRNA» التي تقدم تعليمات وراثية لخلايا عضلة القلب لإصلاح نفسها.
أما في هذه الدراسة الجديدة فقد قام الباحثون بصعق قلوب الحيوانات الصغيرة بإبرة شديدة البرودة لتقليد نوبة قلبية بشرية (تسمى أيضًا احتشاء عضلة القلب) وشاهدوا ما حدث.
وفي ذلك يقول يونكر «من المدهش أن الاستجابة الفورية للإصابة متشابهة جدًا... لكن بينما تتوقف العملية عند البشر عند هذه النقطة فإنها تستمر في الأسماك. فهي تشكل خلايا عضلية جديدة قادرة على الانقباض».
وباستخدام تقنيات التسلسل أحادي الخلية، قام الفريق بعد ذلك بفحص حوالى 200000 خلية قلب معزولة من سمك الزرد قبل الإصابة وبعدها، واستخراج المعلومات الجينية من الخلايا الفردية لمعرفة أي منها نشط في القلب التالف. واكتشفوا ثلاثة أنواع من الأرومات الليفية دخلت مؤقتًا في حالة نشطة، حيث قاموا بتشغيل الجينات التي تشفر بروتينات بناء العضلات مثل الكولاجين XII؛ الذي يعزز نمو النسيج الضام. وعندما «أسكت» الباحثون تلك الجينات بأسماك الزرد لم تعد قلوبها قادرة على التجدد.
من جانبه، يقول مؤلف الدراسة وعالم الأحياء التنموي باستيان سبانغارد، وهو أيضًا من معهد برلين لبيولوجيا الأنظمة الطبية «إن تجديد القلب عملية معقدة تتأثر بالعديد من الأشياء المختلفة... فالتجارب أنتجت كميات هائلة من البيانات. وكانت تصفية الإشارات البيولوجية الصحيحة منها صعبة للغاية».
لذلك يريد فريق البحث أن ينظر عن كثب إلى الجينات التي يتم تشغيلها في الخلايا الليفية المنشطة لترميز البروتينات (على الأقل في الزرد) التي يبدو أنها تحفز خلايا عضلة القلب على إعادة النمو.


مقالات ذات صلة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

عالم الاعمال «فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

اختتمت مجموعة «فقيه» للرعاية الصحية، الأربعاء، أعمال مؤتمرها السنوي الثالث، الذي عقد بمشاركة نخبة من الخبراء السعوديين والدوليين المتخصصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النوم خلال اليوم قد يشير إلى أنك معرّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

النوم خلال اليوم قد يشير إلى ارتفاع خطر إصابتك بالخرف

إذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس خلال اليوم، أثناء أداء أنشطتك اليومية، فقد يشير ذلك إلى أنك معرَّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
صحتك بعض الأطعمة يسهم في تسريع عملية الشيخوخة (رويترز)

أطعمة تسرع عملية الشيخوخة... تعرف عليها

أكدت دراسة جديدة أن هناك بعض الأطعمة التي تسهم في تسريع عملية الشيخوخة لدى الأشخاص بشكل ملحوظ، داعية إلى تجنبها تماماً.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج النسخة السابقة من القمة شهدت توقيع 11 اتفاقية تعاون مع جهات عالمية (وزارة الحرس الوطني)

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

يرعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان النسخة الثالثة من «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» التي تنطلق أعمالها يوم الثلاثاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.