صدر حديثاً عن سلسلة «الجوائز» بهيئة الكتاب المصرية مجموعة شعرية بعنوان «ذات مساء» تأليف الشاعرة الألمانية إلزه لاسكا شولر وهي مختارات من أعمالها الكاملة، قدمت نسختها العربية عن اللغة الألمانية المترجمة المصرية الدكتورة ريهام سالم المقيمة في مدينة دوسلدورف بألمانيا.
تصدرت المختارات مقدمتان الأولى كتبها هايو يان المدير التنفيذي لجمعية إلزه لاسكا شولر، وأشار خلالها إلى مكانة الشاعرة في الأدب الألماني، ودورها في الحقبة التعبيرية في النصف الأول من القرن العشرين في بلادها، وأعمالها التي جعلتها تحصد شهرة كبيرة وضعتها في موقع موازٍ مع شاعر ألمانيا الكبير فولفجانج جوته صاحب «الديوان الشرقي للمؤلف الغربي». لكن إلزه لاسكا شولر المولودة عام 1869 في مدينة فوبرتال الألمانية تميزت عنه، حسب هايو يان، بأنها توحدت مع شخوصها في الشرق وتوغلت في أعماقهم، كما استوحت الكثير من عوالم ألف ليلة وليلة، وهو ما جعل أعمالها تلقى رواجاً كبيراً في الشرق، وتترجم إلى اللغة الفارسية والأذربيجانية، قبل ترجمتها إلى العربية، وذلك بسبب ما أشاعته من فتنة لدى قرائها والدارسين لإبداعاتها.
وتحدث هايو يان عن بداية علاقة شولر بالشرق، مشير إلى أنها بدأت منذ وصولها إلى برلين في عام 1894، واطلاعها على ما وصل إليها من إبداعات تناولت عوالم الشرق الساحرة، وأدت إلى افتتانها به، وقد ظهر ذلك في لوحاتها التي رسمتها لرجال يرتدون العمامة والكوفية والطربوش، قبل أن يظهر في أشعارها وقصصها وإبداعاتها الأخرى، بعد زيارتها للإسكندرية، وعبورها قناة السويس، ثم استقرارها في فلسطين منذ عام 1939 حتى وفاتها بعد 6 سنوات.
أما المقدمة الثانية فكانت للمترجمة التي تحدثت فيها عن خصائص عالم شولر الإبداعي، وصلتها الوثيقة بالتعبيريين، وهو ما جعلها تتميز بلغة عفوية جانحة اتكأت على فضاءات بعيدة، أجادت من خلالها تطويع الواقع وتصويره، والجمع بينه وبين الخيال، وإخضاع المجاز لخيالها الإبداعي الواسع الذي يستفز المتلقي ويبعث في نفسه النشوة والدهشة والحيرة والرهبة والرغبة في التمتع بمباهج الحياة.
تضمنت المختارات 93 قصيدة جاءت بعناوين تشي بطابعها الصوفي المفتون بروح الحياة في بلاد الشرق، ومن بينها «سديم»، و«يوسف والفرعون» و«ليلة تمام البدر» و«صلاة»، ومن أجواء المختارات تقول إلزه في إحدى قصائدها التي جاءت بعنوان «السر»:
«يتدلى المصباح المعلَّقُ المدَّورُ كما لو كان
ثمرة حلوة تتقد من مشكاة
يتحرك هذان الشكلان المصنوعان من البلور
بينما تتضخم شجرة الجنة خلفهما
وتسقط يداي الشاحبتان عن منضدة المرمر
تأتي نسمات ثقيلة من المساء
وتدوي أصوات مرحنا وضحكاتنا بعيداً
ونحن الأربعة نجلس على نجمة قديمة كالأزل
ونتأرجح في الهواء».
يذكر أن إلزه لاسكا شولر حصلت على جائزة كلايست عام 1932 في دورتها الأخيرة قبل استيلاء النازيين على السلطة في بلادها، وقبل وفاتها بـ13 عاماً، وقد دفنت بجبل الزيتون في مدينة القدس بفلسطين.
«ذات مساء»... قصائد ألمانية تفيض بسحر الشرق
«ذات مساء»... قصائد ألمانية تفيض بسحر الشرق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة