«تمثيل ضوئي صناعي» ينتج طعاماً بدون أشعة الشمس

«تمثيل ضوئي صناعي» ينتج طعاماً بدون أشعة الشمس
TT

«تمثيل ضوئي صناعي» ينتج طعاماً بدون أشعة الشمس

«تمثيل ضوئي صناعي» ينتج طعاماً بدون أشعة الشمس

تطور التمثيل الضوئي في النباتات لملايين السنين لتحويل الماء وثاني أكسيد الكربون والطاقة من ضوء الشمس إلى الكتلة الحيوية النباتية والأطعمة التي نتناولها. ومع ذلك، فإن النبات يستفيد من حوالي 1% فقط من الطاقة الموجودة في ضوء الشمس.
ووجد العلماء في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد وجامعة ديلاوير بأميركا، طريقة لتجاوز الحاجة إلى التمثيل الضوئي البيولوجي تماما وإنشاء طعام مستقل عن ضوء الشمس باستخدام «التمثيل الضوئي الصناعي».
ويستخدم البحث، الذي نُشر في 23 يونيو (حزيران) الماضي بمجلة «نيتشر فود»، عملية تحفيز كهربائي من خطوتين لتحويل ثاني أكسيد الكربون والكهرباء والماء إلى أسيتات، وهو شكل المكون الرئيسي للخل، ثم تستهلك الكائنات الحية المنتجة للغذاء الأسيتات في الظلام لتنمو. وإلى جانب الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء لتشغيل التحفيز الكهربائي، يمكن لهذا النظام الهجين العضوي وغير العضوي أن يزيد من كفاءة تحويل ضوء الشمس إلى طعام، بما يصل إلى 18 مرة أكثر كفاءة لبعض الأطعمة.
يقول المؤلف المقابل روبرت جينكرسون، أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية والبيئية بجامعة كاليفورنيا ريفرسايد في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة: «سعينا من خلال نهجنا إلى تحديد طريقة جديدة لإنتاج الطعام يمكن أن تتخطى الحدود التي تفرضها عادةً عملية التمثيل الضوئي البيولوجي».
ومن أجل دمج جميع مكونات النظام معا، تم تحسين إخراج المحلل الكهربائي لدعم نمو الكائنات المنتجة للغذاء. والمحلل الكهربائي عبارة عن جهاز يستخدم الكهرباء لتحويل المواد الخام مثل ثاني أكسيد الكربون إلى جزيئات ومنتجات مفيدة، وتمت زيادة كمية الأسيتات المنتجة بينما تم تقليل كمية الملح المستخدمة، مما أدى إلى أعلى مستويات الأسيتات التي تم إنتاجها على الإطلاق في المحلل الكهربائي حتى الآن.
يقول المؤلف المقابل فنغ جياو «باستخدام أحدث إعداد للتحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون من خطوتين تم تطويره في مختبرنا، تمكنا من تحقيق انتقائية عالية تجاه الأسيتات التي لا يمكن الوصول إليها من خلال طرق التحليل الكهربائي التقليدية لثاني أكسيد الكربون».
وأظهرت التجارب أن مجموعة كبيرة من الكائنات الحية المنتجة للغذاء يمكن زراعتها في الظلام مباشرة على ناتج المحلل الكهربائي الغني بالأسيتات، بما في ذلك الطحالب الخضراء والخميرة والفطريات الفطرية التي تنتج الفطر.
وإنتاج الطحالب بهذه التقنية هو أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بأربعة أضعاف من زراعته بطريقة التمثيل الضوئي، ويعتبر إنتاج الخميرة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة بحوالي 18 ضعفًا من الطريقة التي يتم بها زراعتها عادةً باستخدام السكر المستخرج من الذرة.
تقول إليزابيث هان، طالبة الدكتوراه في مختبر جينكرسون «تمكنا من زراعة الكائنات الحية المنتجة للغذاء دون أي مساهمات من التمثيل الضوئي البيولوجي. والتكنولوجيا المستخدمة هي طريقة أكثر فاعلية لتحويل الطاقة الشمسية إلى طعام، مقارنة بإنتاج الغذاء الذي يعتمد على التمثيل الضوئي البيولوجي».
كما تم التحقيق في إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا لزراعة نباتات المحاصيل، وكانت اللوبيا، والطماطم، والتبغ، والأرز، والكانولا، والبازلاء الخضراء قادرة على الاستفادة من الكربون من الأسيتات عند زراعتها في الظلام.
يقول ماركوس هارلاند دونواي، الباحث بمختبر جينكرسون، والمؤلف الرئيسي المشارك بالدراسة «وجدنا أن مجموعة كبيرة من المحاصيل يمكن أن تأخذ الأسيتات التي قدمناها وتبنيها في اللبنات الجزيئية الرئيسية التي يحتاجها الكائن الحي للنمو والازدهار، ومع بعض التكاثر والهندسة التي نعمل عليها حاليا، قد نتمكن من زراعة المحاصيل مع الأسيتات كمصدر إضافي للطاقة لتعزيز غلة المحاصيل».
ومن خلال تحرير الزراعة من الاعتماد الكامل على الشمس، يفتح التمثيل الضوئي الصناعي الباب أمام إمكانيات لا حصر لها لزراعة الغذاء في ظل الظروف الصعبة المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ البشري المنشأ. وسيكون الجفاف والفيضانات وقلة توافر الأراضي أقل تهديدًا للأمن الغذائي العالمي إذا نمت المحاصيل المعدة للبشر والحيوانات في بيئات أقل كثافة في استخدام الموارد وخاضعة للرقابة، ويمكن أيضًا زراعة المحاصيل في المدن ومناطق أخرى غير مناسبة حاليا للزراعة، وحتى توفير الغذاء لمستكشفي الفضاء في المستقبل.
ويمكن أن يحدث استخدام نهج التمثيل الضوئي الصناعي لإنتاج الغذاء نقلة نوعية لكيفية إطعام الناس من خلال زيادة كفاءة إنتاج الغذاء، فهناك حاجة إلى مساحة أقل من الأراضي، وتقليل تأثير الزراعة على البيئة، وبالنسبة للزراعة في البيئات غير التقليدية، مثل الفضاء الخارجي، يمكن أن تساعد زيادة كفاءة الطاقة في إطعام المزيد من أفراد طواقم الفضاء بمدخلات أقل.
وتم تقديم هذا النهج لإنتاج الغذاء إلى مسابقة «تحدي الغذاء في الفضاء السحيق» التابعة لوكالة «ناسا» الفضائية حيث كان الفائز في المرحلة الأولى.
ومسابقة «تحدي الغذاء في الفضاء السحيق»، هي مسابقة دولية تُمنح فيها الجوائز للفرق لابتكار تقنيات طعام جديدة تغير قواعد اللعبة وتتطلب الحد الأدنى من المدخلات وتعظيم مخرجات الطعام الآمنة والمغذية والمقبولة لفترة طويلة.



5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025
TT

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

2025

كان هذا العام مهماً جداً لقضايا المناخ، حيث تميز ببعض الانتصارات الكبرى.

سياسات المناخ تهدد حقوق الإنسان

وعلى سبيل المثال قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أبريل (نيسان) الماضي، بأن سياسات المناخ الضعيفة في سويسرا تهدد حقوق الإنسان لمواطنيها، ما مهد الطريق لدعاوى قضائية مماثلة فيما يقرب من 50 دولة أخرى.

وحديثاً، دعمت المحكمة العليا في مونتانا بالولايات المتحدة 16 ناشطاً من نشطاء المناخ الشباب في دعواهم القضائية ضد الدولة لانتهاك حقهم في بيئة نظيفة.

ولكن كانت هناك أيضاً بعض الخسائر الكبيرة، مثل جهود شركة «شل» الناجحة للتملص من قاعدة تلزمها بخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.

قضايا المناخ أمام المحاكم

ماذا سيجلب عام 2025؟ فيما يلي حفنة من القضايا المهمة التي قد تكون على جدول الأعمال:

القضية الأولى قد تشكل قواعد المناخ الدولية. إذ تنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تسمى أحياناً «محكمة العالم»، في قضية المناخ التي قد يكون لها أكبر تأثير محتمل. وفي قلب هذه القضية التاريخية سؤالان رئيسان: ما الواجبات التي تقع على عاتق الدول لمكافحة تغير المناخ؟ وما العواقب القانونية التي يجب أن تترتب على الدول إذا خانت هذه الواجبات بطريقة تضر بالمناخ؟

لن يكون رأي المحكمة بشأن هذه القضايا ملزماً قانوناً، ولكنه قد يشكل قواعد القانون الدولي ويمهد الطريق لمقاضاة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات لدورها في تفاقم أزمة المناخ.

رفعت القضية دولة فانواتو في المحيط الهادئ، وهي أكبر قضية للمحكمة على الإطلاق. وعلى مدى أسبوعين في نهاية عام 2024، استمعت اللجنة المكونة من 15 عضواً إلى شهادات مما يقرب من 100 دولة والعديد من الخبراء والجماعات المناصرة الذين يجادلون لصالح وضد القواعد الدولية الجديدة لمحاسبة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

الدول الفقيرة تقاضي الغنية

ويدعي عدد من الدول الفقيرة والجزر الصغيرة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومع ذلك فإن الدول النامية، التي تنتج انبعاثات منخفضة نسبياً، هي التي تخضع لأشد العواقب تطرفاً، وحتى وجودية. وتقول إن إطار تغير المناخ الحالي -أي اتفاق باريس- يعتمد على التزامات طوعية يصعب فرضها، وأن هناك حاجة إلى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة قانوناً لمعالجة التهديد المتزايد المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة.

وزعمت الدول الغنية، بما في ذلك الدول الملوثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأستراليا، العكس من ذلك، وأصرت على أن القواعد الحالية كافية. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في عام 2025. وقال الدكتور دلتا ميرنر، العالم الرائد في مركز العلوم لقضايا المناخ في اتحاد العلماء المعنيين: «إنها (المحكمة) لديها القدرة على إعادة تشكيل حوكمة المناخ الدولية من خلال تقديم إرشادات واضحة وموثوقة بشأن التزامات الدول بموجب القانون الحالي».

قضية لولايات أميركية مناهضة للبيئة

القضية الثانية تهدد الاستثمار البيئي والاجتماعي المتوازن والحوكمة. في قضية «ولاية تكساس ضد شركة (بلاك روك)»، أقامت دعوى قضائية على بعض أكبر مديري الأموال في العالم من قبل 11 ولاية يقودها الجمهوريون بتهمة التآمر لخفض إنتاج الفحم العالمي والترويج لـ«أجندة بيئية مسيسة».

تستهدف الدعوى القضائية، التي تم رفعها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شركات الاستثمار «بلاك روك»، و«ستيت ستريت كوربوريشن»، و«فانغارد غروب»، ويقودها المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، الذي قال إن الشركات «شكلت كارتلاً للتلاعب بسوق الفحم، وتقليل إمدادات الطاقة بشكل مصطنع، ورفع الأسعار»، كل ذلك في محاولة لتعزيز أهداف خفض انبعاثات الكربون.

في الواقع، تستهدف القضية ما يسمى استراتيجيات الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة. شاركت المجموعات الاستثمارية الثلاث في مبادرات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي والوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.

وقد وصف المحافظون مثل هذه الجهود بأنها «رأسمالية متيقّظة» وشنوا حرباً باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار، وهو سلاحهم المفضل. وتتولى محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة، التي تضم عدداً كبيراً من القضاة الذين عينهم الرئيس الجديد دونالد ترمب، النظر في القضية، ويُنظر إليها باعتبارها «قوة محافظة للغاية». وقد تؤثر النتيجة على كيفية إدارة الأموال ومستقبل الاستثمار المراعي للمناخ.

قضية ضد مرافق تجهيز الطاقة

القضية الثالثة قد تكلف مزودي الطاقة الكثير من المال. إذ تتولى بلدة كاربورو الصغيرة في ولاية كارولينا الشمالية دعوى قضائية ضد شركة «ديوك إنرجي»، حيث تقاضي الشركة بتهمة إخفاء المخاطر المناخية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري عن صناع السياسات والجمهور. وتقول الدعوى: «لقد أدت حملة الخداع التي شنتها (ديوك) إلى تأخير التحول الحاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري وبالتالي تفاقم أزمة المناخ بشكل ملموس».

إن قضية بلدة كاربورو ضد شركة «ديوك إنرجي» مثيرة للاهتمام لأنها تستهدف شركة مرافق بدلاً من شركة نفط، حيث يتزايد الضغط على شركات المرافق لتتولى زمام المبادرة في التحول في مجال الطاقة.

لا تهدف كاربورو إلى الحد من انبعاثات «ديوك» رغم أن هذا سيكون ممتازاً أيضاً، إذ ووفقاً لمؤشر التلوث المسبب للاحتباس الحراري Greenhouse 100 Polluters Index، تحتل «ديوك» المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الشركات المسببة للانبعاثات في أميركا.

ويؤدي «تحميل الشركة (المسؤولية) إلى الحصول على تعويض للمساعدة في دفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، مثل إصلاحات البنية التحتية وتحسيناتها لجعل المدينة أكثر قابلية للسكن ومرونة في مواجهة الطقس القاسي. لا أحد يعرف كم ستدفع شركة (ديوك)، لكن نحن نعلم أن المدينة قد تحصل على ما يصل إلى 60 مليون دولار كتعويضات في السنوات المقبلة»، كما قالت رئيسة بلدية كاربورو باربرا فوشي. وكانت الدعاوى القضائية التي تستند إلى مطالبات مماثلة تتزايد منذ عام 2017، لكن لم يتم تقديم أي منها للمحاكمة بعد.

مشاريع سكك حديدية تهدد البيئة

القضية الرابعة مهددة للبيئة، إذ قد تسهل الحصول على موافقة لإنشاء بنية تحتية كارثية من الناحية البيئية.

كانت المحكمة العليا تستمع إلى حجج حول ما إذا كان خط السكة الحديد المقترح بطول 88 ميلاً في ولاية يوتا الأميركية يمكن أن يمضي قدماً رغم تأثيراته البيئية المحتملة.

سينقل خط القطار هذا كميات كبيرة من النفط إلى ساحل الخليج، لكن بناءه كان معلقاً منذ أن قالت محكمة الاستئناف في الأساس إن الجهات التنظيمية لم تأخذ في الاعتبار التأثيرات المناخية والبيئية للمشروع في المنبع أو في المصب الناجمة عن زيادة حركة السكك الحديدية -جوانب مثل الانسكابات النفطية المحتملة، وخروج القطارات عن مسارها، وحرائق الغابات.

وبموجب قانون السياسة البيئية الوطنية (NEPA) القائم منذ فترة طويلة، يتعين على الوكالات الفيدرالية إجراء تقييمات بيئية لمشاريع البنية التحتية مثل هذه، ولكن قد تقرر المحكمة العليا أن التأثيرات البيئية المباشرة للمشروع نفسه فقط -في هذه الحالة، جوانب مثل استخدام الأراضي وجودة المياه- يجب أن تؤخذ في الاعتبار للموافقة على المشروع.

تهديد معايير الهواء النقي في كاليفورنيا

القضية الخامسة هي القرار الذي قد يضع معايير الهواء النظيف في كاليفورنيا في مرمى النيران. إذ ستدرس المحكمة العليا ما إذا كانت مجموعات الأعمال (شركات الوقود الأحفوري) يمكنها الطعن في برنامج الإعفاء الذي يسمح لكاليفورنيا بوضع قواعدها الخاصة بشأن انبعاثات المركبات.

وقد سمح الإعفاء، الذي منحته وكالة حماية البيئة، للولاية بوضع قواعد لعوادم السيارات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الحكومة الفيدرالية، ما أدى إلى تحسين جودة الهواء. كما تلتزم نحو اثنتي عشرة ولاية أخرى بمعايير كاليفورنيا، وكذلك تفعل حفنة من شركات تصنيع السيارات الكبرى، ما يجعل الإعفاء أداة قوية في كبح التلوث الضار ودفع شركات السيارات إلى التحول نحو المركبات الكهربائية.

وتزعم مجموعات صناعة الوقود الأحفوري أن القواعد تسببت في ضرر لها، ويجب إلغاء الإعفاء. ولكن في هذه الحالة بالذات ستقرر المحكمة العليا فقط ما إذا كانت هذه المجموعات تتمتع بالوضع القانوني لتحدي الإعفاء. وفي كلتا الحالتين، تعهد الرئيس المنتخب ترمب بالتخلص من هذا الإعفاء.

مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً