هو موعد ثابت كان ينتظره اللبنانيون من عام إلى آخر ليحتفلوا من خلاله بعيد الأضحى. فمهرجانات «أعياد بيروت» أخذت على عاتقها منذ عام 2012 أن تحيي حفلات غنائية وأخرى موسيقية بالمناسبة. وكان نجومها على مر السنوات يتفاوتون بين أجانب وعرب.
وقف على خشبة هذه المهرجانات، العازف الأرجنتيني راؤول دي بلازيو، وفريق جيبسي كينغز، والموسيقار اليوناني ياني، والفنان العالمي غارو، وصباح فخري، ووائل كفوري، ونوال الزغبي وسعد المجرد، والموسيقي خوسيه فيليسيانو، وغيرهم. كانوا يضخون جرعات من الفرح والفن وينثرونها في فضاء العاصمة. لكن في ظل أزمات متلاحقة شهدتها بيروت منذ نحو ثلاث سنوات، غابت هذه المهرجانات عن خريطة صيف العاصمة. ولأن عودتها باتت وشيكة وبالتحديد مع نهاية العام الحالي، قررت الشركتان المنظمتان للمهرجان «2u2c» و«StarSystem»، أن تقدما ليلة واحدة لمحبي إليسا تمهيداً لانطلاقها من جديد.
اعتادت إليسا لقاء جمهورها على مسرح «أعياد بيروت» بشكل سنوي. وكذلك الأمر بالنسبة لزياد برجي الذي اختارته الجهات المنظمة إلى جانبها ليشارك في المناسبة.
موعد الحفل في 30 يوليو (تموز) الحالي، تستضيفه صالة السفراء في «كازينو لبنان»، ويشارك في تنظيمه «بي جي إم برودكشن» (PGM) لصاحبها باسكال مغامس.
يعلق أمين أبي ياغي صاحب شركة «ستار سيستم» في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «إنها مساحة من الفرح والأمل نبعثها من جديد لتكون بمثابة مقدمة لعودة (أعياد بيروت) خلال العام المقبل».
إليسا (الشرق الأوسط)
فمنذ 2020 توقفت جميع نشاطات الشركات المنظمة لـ«أعياد بيروت»، والتي كانت تحضّر لسلسلة حفلات فنية ضخمة تقيمها في لبنان. وكان من المقرر أن يفتتح يومها «كازينو لبنان» صالة السفراء مع نجوم أجانب لامعين، اختارهم منظمو المهرجان. وبسبب تأجيلات متتالية، وتعاقب أحداث وأزمات في البلاد من انفجار بيروت، وانتشار الجائحة، والحالة الاقتصادية المتردية، أصيب المهرجان المذكور بالشلل كغيره من النشاطات الفنية في لبنان.
وعن طبيعة الحفل الذي تحييه إليسا يخبرنا أمين أبي ياغي بعضاً من تفاصيله. «ستقدم إليسا أشهر أغانيها، لا سيما الأخيرة منها (من أول دقيقة)، وهي أغنية ثنائية مع الفنان سعد المجرد، لاقت نجاحاً منقطع النظير. وستغنيها على المسرح بمشاركة المجرد الذي سيطل في فيديو مصور عبر شاشة عملاقة، كما سبق وقمنا بذلك في حفلات أخرى. وسيحظى الحضور بسماع أغنيتها الوطنية (زهرة من الياسمين)، من ألحان أسامة الرحباني، لأول مرة ومباشرة على المسرح».
تستغرق وصلة إليسا الفنية نحو 90 دقيقة. «في الحقيقة هي من رغب في إقامة حفل في ربوع لبنان. وكنا يومها على متن رحلة طيران، عندما قالت لي (هل يعقل أن نحيي الحفلات في كل مكان وتغيب بيروت عن خريطتها؟)، هكذا ولدت الفكرة، وقررنا تنظيم الحفل في 30 من الشهر الحالي في كازينو لبنان. إليسا شريكة أساسية في نشاطات (أعياد بيروت)، ورغبت في ألا تغيب عن خريطة هذا الصيف».
زياد برجي يشارك في إحياء الحفل الغنائي
ويؤكد أبي ياغي أن أوضاع البلاد في السنتين المنصرمتين، لم تكن مشجعة على إقامة الحفلات الغنائية. ولكن مع الإقبال الذي شهدته حفلات عيد الأضحى أخيراً في بيروت قرر المغامرة. «فكرنا كثيراً قبل الإقدام على هذه الخطوة، لأن لا شيء يشجعنا عليها إلا صلابة اللبنانيين وتمسكهم بالأمل. كنا ننوي إقامة (أعياد بيروت) خلال الصيف الحالي. وأجرينا كغيرنا من المهرجانات، اتصالات ومشاورات مع وزير السياحة في لبنان وليد نصار لهذا الهدف. ووعدنا أن تسهم وزارة السياحة برعاية هذه الحفلات تشجيعاً منها ودعماً لمنظميها. ولكن مع الأسف، بين المشاكل السياسية والأزمة الاقتصادية، ذهب جهد الوزير سدى، ونحن نشكره رغم كل شيء».
ويشدّ أبي ياغي على أيادي متعهدي الحفلات الذين أبوا إلا أن يحتفلوا بعيد الأضحى المبارك مع أسماء فنية معروفة رغم كل شيء. «في الحقيقة لقد استطاعوا تعويض اللبناني إلى حد ما عن الأيام القاتمة التي عاشها في الفترة الأخيرة. فكما كاظم الساهر ستشهد بيروت حفلاً ضخماً للموسيقيين، ميشال فاضل ورودج في 27 الحالي، على الواجهة البحرية في بيروت. وكان من المقرر أن يحلا ضيفين عزيزين على (أعياد بيروت) لو استطعنا إطلاقها من جديد هذا الصيف».
وعن حفلة إليسا يقول: «سنقف من خلالها على طبيعة عودة الحياة الفنية إلى لبنان. في الماضي كان لبنان في مثل هذا الموسم، يشهد نحو 40 حفلة فنية أقله. أما اليوم فبالكاد شهدنا حفلات لا يتجاوز عددها أصابع اليدين. لا نزال بعيدين جداً عن الأرقام والحسابات التي كنا نحققها في الماضي القريب».
ويشير أبي ياغي إلى أن إرادة اللبناني الصلبة تتجلى بمنظمي المهرجانات الدولية في لبنان. فهم قرروا السير بخططهم وإعادة لبنان إلى الخريطة الفنية كل على طريقته. «مهرجانات بيت الدين مثلاً، حفلاتها كانت مجانية، ومفتوحة أمام الجميع. وكذلك الأمر بالنسبة لمهرجانات بعلبك، التي درس منظموها أسعار بطاقات الدخول كي تكون مناسبة لجميع الفئات. ولا يمكننا أن ننسى صعوبات كثيرة واجهها هؤلاء المنظمون مع غلاء أسعار المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي، فأخذوا على عاتقهم تسهيل عملية الوصول إلى أماكن المهرجانات، ليخففوا قدر المستطاع عن جيب المواطن، ويشجعونه على التزود بجرعات الفرح التي يفتقدها».
وعما إذا كان اللجوء إلى نجوم محليين جاء من باب التعويض عن حضور الأجانب منهم، يوضح أبي ياغي في سياق حديثه: «الأحداث التي يمر بها لبنان، أعادتنا نحو 30 سنة إلى الوراء، أي إلى البدايات. كنا يومها ننظم حفلات صغيرة مع نجوم محليين. واليوم بات من الصعب استقدام أجانب وتكبد مصاريف وتكلفة كبيرة لإقامتهم في لبنان. عداك تكلفة الأجر الذي يتقاضونه مقابل إحيائهم الحفل وهي صعوبات نتمنى تجاوزها قريباً».
ويعول أبي ياغي على السنة المقبلة التي قد تشهد عودة «أعياد بيروت» ضمن حفلات فنية من المقرر أن تنطلق بمناسبة عيد الحب. «أعياد بيروت ستنبض من جديد في قلب العاصمة، ونحن وشركاؤنا نخطط لذلك على أمل أن تحضر في صيف عام 2023 كما عرفناها دائماً. لبنان تضرر بشكل مباشر، بل أكثر من غيره، من أزمات متلاحقة أصابته. صحيح أن البلدان الأجنبية ليست أفضل حالاً منا بكثير، ولكن تبقى شروط الحياة فيها طبيعية أكثر من لبنان».