إيلي قرقماز يسجل بـ«الدرون» طبيعة لبنان... فتتكلم الصورة

يصور الجمال من الجو بحثاً عن طهارة الأشياء

الكاهن اللبناني إيلي قرقماز يحرك «الدرون» لالتقاط الجمال
الكاهن اللبناني إيلي قرقماز يحرك «الدرون» لالتقاط الجمال
TT

إيلي قرقماز يسجل بـ«الدرون» طبيعة لبنان... فتتكلم الصورة

الكاهن اللبناني إيلي قرقماز يحرك «الدرون» لالتقاط الجمال
الكاهن اللبناني إيلي قرقماز يحرك «الدرون» لالتقاط الجمال

لم تكن الإمكانات متاحة للجميع لاقتناء «درون» تُصور من الجو، حين أصبحت بين يدَي الكاهن اللبناني إيلي قرقماز قبل سنوات. تسحره الطبيعة، الشمس والنهر والشجر، ويشعر برهبة الجمال. هذا الشاب يقبض على الأمل فيمنعه من مغادرة النفوس. يريد بالصورة والمشهد الجوي تأكيد تفوق الموهبة على واقعها المكبل بالاختناق. وهو إذ يجول في أرجاء لبنان ملتقطاً نِعم الله على طبيعته ومساحاته الخضراء، بمبادرة فردية وغاية لا تبغي الربح، يدرك أن الواقع أليم لكنه يرفض الاستسلام له.
للكاهن إيلي قرقماز صفحات في «السوشيال ميديا» باسم «FlyoverLebanon»، يتكاثر متابعوها ومَن يترصدون بديع اللقطات. منذ مدة، وهو يُعرَف بإحساسه في الصورة، حتى أنه أصبح مرجعاً في التصوير والتغني بعطاءات السماء، تتصل به وسائل إعلام، وتسأله تلفزيونات ومواقع مشاركة لقطاته. إنه الداخل الإنساني المُقدر له بالإصرار والمحاولات، بلوغ الأهداف. وهدف مُلتقط الصور والفيديوهات نشر الجمال بشرط: «بلا مقابل ولكل الناس».
في بداياته، انطلق من استكشاف الأماكن الدينية اللبنانية. يرى المعالم للجميع، وإن رمزت إلى فئات، فمَن يزورون سيدة حريصا مثلاً هم مسيحيون ومسلمون على السواء. من روحه الشاملة، يلتقط الصور في المناطق. وإن ارتدى ثوب الكهنوت، فإنه بقلبه يتخطى ما يضيق ويتجاوز ما يفرق إنساناً عن إنسان. من داخله يندفع إلى خارج يطفح بالتناقضات، لكنه لا يرى منه سوى اللقطة المدهشة والأمل المعشش بين الأغصان. يحاكي الكل في الأجزاء والجَمْع في التفرقة.
يُعرف اللبنانيين إلى وطن لا يزال ينشده نموذجاً. ويجد في مجاورة الأشجار داخل محمية أو غابة، أعظم مشهد عن أرض منذورة للحب. وهو بخلاف الصورة المهشمة عن وطن منهار يسحقه فاسدون، يعطي صورة عن عمق الفكرة اللبنانية القائمة على غنى «الإيكوسيستم» والخيرات. يقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتصور المشهد برأسه قبل التقاطه: «ثمة لحظات أشعر بتوق إلى قطفها، فهي لا تتكرر ولا تُعاد مع الوقت. إنه نوع من الشغف يسيطر، فيجعلني لا أرى سوى الطبيعة والسماء والاخضرار. الاحتفاظ بالصورة أيضاً شغف. الفارق أنني لا أرغب في الاحتفاظ بها لنفسي، بل مشاركتها على أوسع نطاق».

صخرة الروشة البيروتية من الجو (تصوير: إيلي قرقماز)

يتابع أنه بإقامته معرضاً مثلاً، سيحضر مائة شخص حداً أقصى، «أما السوشيال ميديا، فهي بمثابة معرض جماعي. عبر منصاتها تصل الرسالة أسرع. رسالتي نشر الإيجابية والإضاءة على الأمل. جميعهم يتحدثون عن انقطاع الكهرباء وتراكم النفايات في الشوارع، وتمادي الأزمة. هل هذا لبنان؟ أطل على لبنانيي الداخل والخارج والأخوة العرب بصورة مغايرة. الطبيعة بديعة الجمال، فلم لا يضيء الإعلام إلا على البشاعة؟».
منذ تحوله مرجعاً في التصوير بـ«الدرون»، وإيلي قرقماز يفضل مشاهد السماء على مشهد الأرض. يشرح الفارق: «صور الأرض جامدة وإن بدت مذهلة. إنها غرق في التفاصيل مما قد يُفقد الصورة دهشتها. مع ذلك تبقى في غاية الألق إن التقطها مصور بإحساسه. من الجو، انطباع آخر. تتكلم الصورة، فتغمرني بمتعة النظر إليها مرة ثانية. المسألة ليست في التخصص والتقنيات فحسب، إذ تكاد تتقارب. إنها في الإحساس والإبداع، فيصنع المصور فرادته. أصور أبعد من اللقطة وأتطلع إلى كل ما يعلو بالإنسان نحو السماء حيث براءة الأشياء وطهارتها. على الأرض سلبيات من صناعة البشر. الجو أشد نظافة».
قد يغذي المرء الإيجابية في داخله، وقد تولد معه وترافق ارتقاء روحه. يربط قرقماز الصورة في الخارج بالنفس البشرية، «فإن تشوه داخلنا لن نلمح سوى التشوهات وإن أبقينا على الطاقة الخلاقة، فسنبحث عن الجمال في كل مشهد»، يقول مَن يتخذ من التصوير الإبداعي هواية، ويرفض المنطق التجاري لـ«السوشيال ميديا». امتعض في بداياته من عادة لبنانية تستولي على الصور من دون ذكر المصدر، أو تقتطع الإمضاء لنسب الجهد إلى غير مستحقيه؛ وأمام غياب قانون حماية الملكية الفكرية، يذعن للأمر الواقع: «إما أن أبيع الصور والفيديوهات لجهات تجارية، فأحجبها عن الجميع، وهذا ما أرفضه، وإما الرضوخ. أنادي بانتشار الفن».
يفرحه تعرف الناس إليه لدى زيارته أماكنهم وقراهم، وطلبهم منه القدوم بـ«الدرون» والكاميرا. يتدخل الظرف الصعب، «ففي الماضي كنتُ أزور كل لبنان، واليوم، بغياب التمويل، تطرأ معوقات، غلاء البنزين منها. هذا مصير المبادرات الفردية حين لا تلقى الدعم».
كلما التقط صورة أو جمع ألبوماً، يخفق القلب كمَن يؤلف كتاباً أو يُبدع بعذب الألحان. الصورة/ الفيديو بمعادلته، هي «الإنجاز والاكتفاء». على الأجندة، تزدحم أفكار ومشاريع، وتكثُر دعوات البلديات والقرى والمهرجانات ونشاطات الصيف لتوثيق صخب اللحظة. يدع جانباً الانتقادات حيال السقوط اللبناني، ويهدي الأجيال صوراً تتجاوز المأساة. «رسائل الحياة هي الأقوى»، يراهن.
يدهشه تعاقب الفصول، لكن للشتاء بهجة خاصة: «لقطتي المفضلة هي الثلج في الأرز واتكاء الكتل البيضاء على الشجر المُعمر». قلة يدركون المعنى في صميم الأشياء، والأب إيلي قرقماز بتصويره المغيب والبحر والغيوم والمزارات والآثار، ينقذ الجمال من أسوأ الأقدار.

آثار لبنان من الجو (تصوير: إيلي قرقماز)

مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
TT

بعد الإطاحة بالأسد... الجولاني يضع بصمته على الدولة السورية

رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)
رجال يركبون دراجة خارج سجن صيدنايا وخلفهم علم الثورة السورية (رويترز)

تفرض إدارة العمليات العسكرية في سوريا بقيادة أحمد الشرع المكنى «أبو أحمد الجولاني» سلطتها على الدولة السورية بنفس السرعة الخاطفة التي سيطرت بها على البلاد؛ ففي غضون أيام قليلة نشرت شرطةً، وسلَّمت السلطة لحكومة مؤقتة، وعقدت اجتماعات مع مبعوثين أجانب، مما يثير مخاوف بشأن ما إذا حُكَّام دمشق الجدد سيلتزمون بعدم إقصاء أحد.

ومنذ أطاحت «هيئة تحرير الشام»، تحت قيادة الشرع وبدعم تحالف من قوات معارضة، ببشار الأسد من السلطة، يوم الأحد، انتقل موظفوها الذين كانوا حتى الأسبوع الماضي يديرون إدارة إسلامية في شمال غربي سوريا إلى مقر الحكومة في دمشق.

وكان تعيين محمد البشير رئيس حكومة «هيئة تحرير الشام» في إدلب رئيساً انتقالياً جديداً للوزراء في سوريا، يوم الاثنين، بمثابة تأكيد على مكانة الهيئة باعتبارها الأقوى بين الفصائل المسلحة التي حاربت لأكثر من 13 عاماً لإنهاء سنوات الأسد الذي حكم بقبضة من حديد.

ورغم أن الهيئة كانت تابعة لتنظيم «القاعدة» قبل فك الارتباط معها عام 2016، فقد نجحت في طمأنة زعماء العشائر والمسؤولين المحليين والسوريين العاديين خلال زحفها إلى دمشق؛ بأنها ستحمي معتقدات الأقليات، وقد حظيت بدعم واسع النطاق. وساعدت هذه الرسالة في تسهيل تقدُّم مقاتلي الفصائل. ويكرر الشرع الرسالة نفسها منذ الإطاحة بالأسد.

وفي مكتب محافظ دمشق، حيث الجدران المزينة بشكل رائع بالخشب المطعَّم والزجاج الملوَّن، قلَّل مسؤول تم جلبه من إدلب لتولي المسؤولية من شأن المخاوف من أن سوريا تتجه نحو شكل إسلامي من أشكال الحكم.

وقال محمد غزال، وهو مهندس مدني يبلغ من العمر 36 عاماً ويرتدي نظارة طبية ولديه لحية كثيفة ويتحدث الإنجليزية بطلاقة تقريباً: «لا يوجد شيء اسمه الحكم الإسلامي. في النهاية، نحن مسلمون، ومؤسساتنا أو وزاراتنا مدنية».

وأضاف: «ليس لدينا أي مشكلة مع أي عرق أو دين. ومَن صَنع المشكلة هو النظام (السابق بقيادة الأسد)».

ورغم ذلك، فقد أثارت الطريقة التي اتبعتها «هيئة تحرير الشام» في تشكيل الحكومة المؤقتة الجديدة، من خلال استقدام كبار الإداريين من إدلب، قلق البعض. وقالت أربعة مصادر من المعارضة وثلاثة دبلوماسيين لـ«رويترز» إنهم يشعرون بالقلق إزاء شمول العملية حتى الآن.

وقال البشير إنه سيبقى في السلطة حتى مارس (آذار) فقط، إلا أن «هيئة تحرير الشام» (التي لا تزال مُصنَّفة جماعة إرهابية لدى الولايات المتحدة، والقوة الإقليمية تركيا، وحكومات أخرى) لم تفصح بعد عن التفاصيل الرئيسية للعملية الانتقالية، بما في ذلك تفكيرها في دستور جديد.

وقال زكريا ملاحفجي أمين عام «الحركة الوطنية السورية» الذي عمل في الماضي مستشاراً سياسياً للمعارضين في حلب: «(انت عم بتجيب من لون واحد. مفروض يكون في تشارك مع الآخرين)... هذه الطريقة ليست صحيحة. المفترض أن تأتي القوى السياسية والعسكرية إلى الطاولة، وترتّب، وتضع حكومة انتقالية بالتشاور مع الآخرين. هذا يعطي دعماً للحكومة».

وأضاف: «المجتمع السوري متعدد الثقافات، (فبصراحة هيك مقلق)».

 

«خراب... خراب... خراب»

 

لإدارة هيئات حكومية، قال غزال إنه قدَّم تطمينات للموظفين وحثهم على العودة للعمل. وقال غزال إنها «دولة منهارة. خراب، خراب، خراب».

وتتركز أولوياته للأشهر الثلاثة المقبلة في تشغيل الخدمات الأساسية وتبسيط البيروقراطية. كما ستتم زيادة الرواتب، التي يُقدَّر متوسطها بنحو 25 دولاراً في الشهر لتتماشى مع أجور حكومة الإنقاذ الذي يبلغ الحد الأدنى لأجورها 100 دولار في الشهر.

ورداً على سؤال حول كيفية تمويل هذا، قال: «سوريا دولة غنية للغاية. لكن النظام اعتاد على سرقة الأموال».

كما يتولى رجال شرطة قدموا من إدلب تنظيم حركة المرور في دمشق، في محاولة لاستعادة جانب من الوضع الطبيعي، بعد أن أمرت «هيئة تحرير الشام» الفصائل المسلحة بالخروج من المدينة. وقال أحد المسؤولين الأمنيين (لم يذكر اسمه) إن العبء أصبح كبيراً للغاية، مشيراً إلى أنهم كانوا في السابق يقومون بمهامهم في إدلب فقط.

ورغم أن «هيئة تحرير الشام» هي الأبرز بين الفصائل التي حاربت الأسد، فإن فصائل أخرى لا تزال مسلحة، خاصة في المناطق الواقعة على الحدود مع الأردن وتركيا.

وخلال سنوات الحرب، كانت تقع في كثير من الأحيان صدامات بين فصائل مسلحة، مما يترك إرثاً من التنافسية والعداء يُنظر إليه على أنه أحد المخاطر العديدة التي تهدد الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.

وقال يزيد صايغ، وهو زميل أول بمركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» إن «(هيئة تحرير الشام) تسعى بوضوح إلى الحفاظ على الزخم على جميع المستويات»، مضيفاً أن أي مجموعة في موقفها تتولى السلطة من نظام منهار في بلد منهك، ستتصرف بشكل عام بالطريقة ذاتها.

 

وأضاف: «هناك مخاطر متعددة تكمن في تحديد (هيئة تحرير الشام) للأولويات، ووتيرة ما سيأتي بعد ذلك. أحد هذه المخاطر إنشاء شكل جديد من الحكم الاستبدادي، هذه المرة في ثوب إسلامي».

لكنه ذكر أن تقديراته تشير إلى أن تنوُّع المعارضة والمجتمع في سوريا من شأنه أن يجعل من الصعب على مجموعة واحدة احتكار النفوذ.

وقال إن «تركيا، الداعم المؤثر للمعارضة، حريصة أيضاً على أن تكون هناك حكومة قادرة على الفوز بالدعم الدولي».

 

«سنبقى حتى مارس»

 

قال مصدر من المعارضة مطَّلع على مشاورات «هيئة تحرير الشام» إن جميع الطوائف السورية سيكون لها تمثيل في حكومة تصريف أعمال. وأوضح المصدر أن من الأمور التي سيتم تحديدها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ما إذا كان ينبغي أن يكون نظام الحكم في سوريا رئاسياً أم برلمانياً.

واندلعت الثورة السورية ضمن ما يُعرَف بانتفاضات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالحكام في مصر وتونس وليبيا واليمن، وأعقبتها فترات انتقالية مضطربة وعنيفة في كثير من الأحيان.

وفي مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية نُشِرت أمس (الأربعاء)، قال رئيس الوزراء البشير: «سنبقى حتى مارس (آذار) 2025 فقط».

وأوضح أن الأولويات استعادة الأمن وسلطة الدولة، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وتوفير الخدمات الأساسية.

وعندما سُئِل عما إذا كان الدستور السوري الجديد سيكون إسلامياً، قال إن «هذه التفاصيل» سيتم توضيحها خلال عملية صياغة الدستور.

وقال محمد علاء غانم، وهو ناشط سوري بارز مقيم في واشنطن وعلى اتصال بشخصيات بارزة من المعارضة، إن «هيئة تحرير الشام» مطالَبة بأن «تتحلى بالذكاء، وأن تنفذ الانتقال بشكل صحيح، لا أن يتملكها الغرور، وتهيمن بشكل كامل على الحكومة الجديدة».

وحثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «هيئة تحرير الشام» على عدم تولي القيادة بشكل تلقائي في سوريا، وإنما تبني عملية لا تقصي أحداً لتشكيل حكومة انتقالية، وفقاً لمسؤولين أميركيين ومساعد في الكونغرس مطلعين على الاتصالات الأميركية الأولى مع الهيئة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن الانتقال في سوريا يجب أن يؤدي إلى «حكم موثوق وشامل وغير طائفي»، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم «2254».

ويدعو هذا القرار، الذي تمت الموافقة عليه في عام 2015، إلى عملية بقيادة سوريا تتولى الأمم المتحدة تسهيلها، والتأسيس لحكم غير طائفي في غضون 6 أشهر، وتحديد جدول زمني لعملية صياغة دستور جديد.

كما يدعو إلى انتخابات حرة ونزيهة.