قمم المناخ من استوكهولم إلى شرم الشيخ

> في خضم الاهتمام الدولي الحالي بظاهرة الاحتباس الحراري، بعد موجة الحر غير المسبوقة التي تضرب أوروبا، سيكون من المفيد معرفة أن القضايا البيئية، ناهيك عن تغير المناخ، لم تكن الشواغل الرئيسة للأمم المتحدة في الفترة التي أعقبت تأسيس «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».
وحقاً، خلال السنوات الـ23 الأولى من نشأة الأمم المتحدة، اقتصر العمل بشأن هذه القضايا على الأنشطة التشغيلية، وبشكل رئيس من خلال «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية» (WMO). وكانت بدايات الاهتمام الحقيقي للأمم المتحدة بقضايا البيئة في المؤتمر العلمي للأمم المتحدة، المعروف أيضاً باسم «قمة الأرض الأولى»، الذي عقد في استوكهولم عاصمة السويد في الفترة من 5 إلى 16 يونيو (حزيران) 1972. واعتمدت هذه القمة يومذاك إعلاناً يحدد مبادئ الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها، وأثيرت قضية تغير المناخ لأول مرة، وطلبت القمة من الحكومات ضرورة أن تضع في اعتبارها الأنشطة التي يمكن أن تؤدي إلى تغير المناخ.
وعلى مدار السنوات العشرين التالية، وكجزء من الجهود المبذولة لتنفيذ قرارات عام 1972، اكتسب الاهتمام بالغلاف الجوي والمناخ العالمي الاهتمام والعمل الدولي ببطء. وفي عام 1979، طلب مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة من مديره التنفيذي، رصد وتقييم الانتقال بعيد المدى لملوثات الهواء، وكان من نتيجة هذا الاهتمام اعتماد «اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون» في عام 1985.
ومن ثم، في عام 1988، أصبح الانحباس الحراري واستنفاد طبقة الأوزون بارزين بشكل متزايد في النقاش العام الدولي والأجندة السياسية، وأسست «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» (IPCC)، وهي منتدى لفحص الانحباس الحراري وتغير المناخ العالمي، واجتمعت للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1988.
بعدها، كان عام 1989 عاماً فاصلاً بالنسبة لتغير المناخ، إذ أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 44-207، طلب مجلس إدارة «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» بدء الاستعدادات مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، لإجراء مفاوضات بشأن اتفاقية إطارية بشأن تغير المناخ.
ومع اكتساب الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية أقوى بشأن البيئة، بما في ذلك تغير المناخ، زخماً، قررت الجمعية العامة أن تعقد في عام 1992 في ريو دي جانيرو، البرازيل، مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، والذي بات يعرف أيضا بـ«قمة الأرض». وكان أهم حدث خلال المؤتمر هو التوقيع على «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (UNFCCC)، وبحلول نهاية عام 1992 كانت 158 دولة وقّعت عليها.
كانت الاتفاقية، باعتبارها أهم إجراء دولي حتى الآن بشأن تغير المناخ، تهدف إلى تثبيت تركيزات «غازات الانحباس الحراري» في الغلاف الجوي عند مستوى من شأنه أن يمنع التدخل البشري الخطير في نظام المناخ، ودخلت حيز التنفيذ في 1994.
وفي مارس (آذار) 1995، عقد «المؤتمر الأول للأطراف» (كوب) في برلين، وأطلق مباحثات حول بروتوكول يحتوي على التزامات أقوى للبلدان المتقدمة، وتلك التي تمر بمرحلة انتقالية.
وما يجدر ذكره، أن «مؤتمر الأطراف» (COP)، هو هيئة اتخاذ القرارات، وهو مسؤول عن مراقبة واستعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. ويجتمع سنويا منذ عام 1995، ولقد شهدت دورته الـ21 في العاصمة الفرنسية باريس في ديسمبر (كانون الأول) 2015، مؤتمراً تاريخيا تمخض عن أول اتفاق دولي بشأن المناخ. وعقد مؤتمر العام الماضي في مدينة غلاسغو باسكوتلندا، وسيعقد المؤتمر المقبل خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في مدينة شرم الشيخ المصرية.