لقاح كورونا واضطرابات القلب... مخاطر ضئيلة يصعب تقويمها بدقة

TT

لقاح كورونا واضطرابات القلب... مخاطر ضئيلة يصعب تقويمها بدقة

يؤكد علماء أن المخاطر الضئيلة لحصول مضاعفات على صحة القلب جراء تلقي لقاح مضاد لفيروس كورونا بتقنية الحمض النووي المرسال، لا تدفع إلى إعادة النظر بفوائد التلقيح عموماً، لكنهم يشددون على ضرورة عدم إهمال هذا الخطر الذي يصعب تقويمه بدقة.
وقد قال الباحثان الأميركيان جينغ لو ووليد جلاد في مقال افتتاحي نشرته مجلة «بريتش ميديكل جورنال» (بي إم جي) منتصف الشهر الحالي، إن اللقاحات المطورة بتقنية الحمض النووي المرسال (آر إن إيه ماسنجر) تُستخدم على نطاق واسع منذ أكثر من عام ونصف العام، «لكننا ما زلنا نفتقر إلى يقين قوي» بشأن درجة مخاطرها الدقيقة على القلب.
رغم أن هذا النص مقالة رأي، فإنه مبني على دراسة واسعة نُشرت في العدد نفسه من المجلة. وهي توضح المعلومات العلمية المتوافرة بشأن تواتر التهاب عضلة القلب والتهاب التامور، وهما مشكلتان صحيتان في القلب، بعد التطعيم باستخدام اللقاحات المطورة من شركتي «موديرنا» و«فايزر - بايونتيك»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويرتدي الموضوع حساسية خاصة للمجتمع العلمي. وقد تم تحديد هذه المخاطر بسرعة بعد إطلاق حملات التطعيم العام الماضي، لكن معارضي اللقاحات سعوا إلى تضخيمها في إطار مساعيهم لزعزعة الثقة باللقاح المضاد لكوفيد.
وتُعد اضطرابات القلب هذه نادرة جداً، وهي لم تسبب في معظم الأحيان مضاعفات خطيرة. كما ينبغي تقويمها مع أخذ المخاطر التي تحملها الإصابة بكوفيد على صحة القلب والأوعية الدموية في الاعتبار. لذلك، لا يتعلق الأمر بالتشكيك في فائدة لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال. لكن ناشري مجلة «بي إم جي» الطبية البريطانية يرون أن مستوى المعارف المتوافرة حالياً بشأن مخاطر اللقاح على صحة القلب غير مُرضٍ.
ويقول الباحثون: «من المؤكد أن التهاب عضلة القلب نادر بعد التطعيم»، «لكن ما درجة الندرة هذه؟ يبقى السؤال ذا أهمية حاسمة». وتوفر الدراسة التي علقوا عليها وأجراها باحثون آخرون من خلال تجميع نحو 50 عملاً سابقاً، بعض الإجابات التي تؤكد بشكل عام الملاحظات السابقة».
ويبدو أن خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب أعلى بلا شك لدى الشباب من أي مجموعة أخرى. يبدو أيضاً، حتى لو كانت الاستنتاجات أقل وضوحاً، أن هذه المضاعفات تُسجل أكثر لدى الأشخاص الذين تلقوا لقاح «موديرنا» مقارنة مع أولئك الذين تم تطعيمهم بلقاح «فايزر - بايونتيك».
لذلك، تدعم هذه الاستنتاجات اختيار بعض البلدان، مثل فرنسا، حصر لقاح «موديرنا» بمن هم فوق الثلاثين من العمر، في حين أن دولاً أخرى، مثل الولايات المتحدة، لم تعتمد مثل هذا التمييز.

بعد الجرعة المعززة...
لكن الدراسة لا تزيل بعض الغموض. وتشير إلى أن النتائج تختلف كثيراً من عمل إلى آخر بسبب المنهجيات المتغيرة، كما أن البيانات تكون غير مُرضية على مستويات معينة.
يسري هذا الوضع على عنصر حساس بشكل خاص: تطعيم الأطفال، وهو مسار تمت الموافقة عليه في بلدان عدة، لكنه لم يحقق أي انتشار يُذكر في كثير من الأحيان، كما الحال في فرنسا، في ظل تردد الأهل وإحجامهم عن تطعيم أبنائهم.
مع ذلك، فيما تُسجل حالات «نادرة جداً» لالتهاب عضلة القلب «لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً»، فإن صلابة هذه الاستنتاجات «ضعيفة» بسبب نقص البيانات المتاحة، بحسب معدي الدراسة.
أسئلة أخرى لا تزال غير مؤكدة إلى حد كبير. ففي معظم الأحيان، يتم علاج المصابين بحالات التهاب عضلة القلب والتهاب التامور من دون أي خطورة، لكن نادراً ما تتم متابعتهم على المدى الطويل. لذلك يمكن التساؤل عن مخاطر استمرار العواقب.
أخيراً، من غير المعروف إلى حد كبير ما إذا كانت المخاطر مرتفعة بعد تلقي الجرعة المعززة من اللقاح، أم لا. وهو سؤال مهم طرحته البلدان المتقدمة عند تلقيح سكانها على نطاق واسع، ويُطرح حالياً مع تكرار حملات التعزيز. لكن حول هذا الموضوع، بدأ بعض الباحثين في تقديم إجابات. وقد بدت دراسة فرنسية نُشرت نتائجها الجمعة، مُطمئِنة إلى حد ما.
هذا العمل الذي لم تتم مراجعته بعد بشكل مستقل ولم يُنشر بعد في مجلة علمية، هو جزء جديد من سلسلة دراسات حول التطعيم ضد كوفيد أجرتها هيئة «إبي - فار» المرتبطة بسلطة الأدوية الفرنسية والضمان الاجتماعي في البلاد، استناداً إلى بيانات صحة عامة متعلقة بملايين الفرنسيين.
واستنتج معدو الدراسة أن خطر الإصابة بالتهاب عضلة القلب يعود للظهور عند تلقي جرعة معززة من لقاح «فايزر - بايونتيك» أو «موديرنا»، لكن بدرجة أقل مما كان عليه أثناء التطعيم الأولي. وأشار الباحثون، بقيادة عالم الأوبئة محمود زريق، إلى أن «الخطر يتناقص مع إطالة المدة الفاصلة بين الجرعات المتتالية».


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.