حيرة في السودان حول صمت السلطات تجاه اضطراب الوضع الأمني

وسط صراعات قبلية دموية واحتجاجات شعبية في المدن

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 17 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 17 يوليو (أ.ف.ب)
TT

حيرة في السودان حول صمت السلطات تجاه اضطراب الوضع الأمني

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 17 يوليو (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم المطالبة بالحكم المدني 17 يوليو (أ.ف.ب)

يشهد السودان حالة من التوتر الشديد لفترة تقارب الأسبوعين، نتجت عن النزاع القبلي بين قبيلتي «هوسا» و«همج» في ولاية النيل الزرق، الذي أودى بحياة العشرات وجرح المئات وتشريد عشرات الآلاف، والاحتجاجات الارتدادية التي نجمت عنه وما صاحبها من أعمال عنف في عدد من مدن البلاد بما فيها العاصمة الخرطوم، كما تواصلت الاحتجاجات المطالبة بالمدنية المصحوبة بقمع مفرط من قبل السلطات الأمنية، ما رفع حصيلة الاحتجاجات السلمية إلى 115 آخرهم قتل بالرصاص يوم الخميس في مدينة أم درمان.
ويتساءل السودانيون بحيرة عن صمت رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، المسؤولين المباشرين عن حكم البلاد منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مشيرين إلى أنهما لم يخرجا لمخاطبة المواطنين «المذعورين» من العنف المفرط الذي تشهده البلاد، ويتنوع بين عنف الدولة وعنف قبلي. واكتفى الرجلان بنشرة صحافية صادرة عما أطلق عليها «اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع» برئاسة البرهان، والتي حملت مواقع التواصل الاجتماعي المسؤولية عن أحداث إقليم النيل الأزرق، وقررت بناءً على ذلك توجيه شركات الاتصالات بوقف أرقام الهاتف الجوال غير المسجلة، ووجهت الجهات العدلية لاتخاذ إجراءات في مواجهة من أسمتهم «مثيري الفتن والنعرات العنصرية».
ولم يدون المراقبون للبرهان حديثاً يتعلق بالأزمة أو خطاباً للشعب، منذ خطابه في 5 يوليو (تموز) الجاري، الذي أعلن فيه بشكل مفاجئ «انسحاب المؤسسة العسكرية من الحوار الوطني، وتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة»، والذي رأت فيه المعارضة المدنية «تحايلاً» على ما طرحته المبادرة المشتركة الأميركية - السعودية. لكن البرهان في خطابه المراسيمي عشية عيد الأضحى الماضي، أكد ما ورد في خطابه السابق، بالقول إن البلاد تواجه مخاطر وتحديات جسيمة، تؤثر على أوضاعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وجدد الدعوة للقوى المجتمعية ولجان المقاومة الشعبية إلى ما أسماه «إعمال صوت العقل» بالجلوس للحوار الوطني للوصول لرؤية موحدة.
ووفقاً للمتابعات الصحافية فإن البرهان ظل صامتاً تماماً عن أحداث النيل الأزرق والاحتجاجات الارتدادية التي نجمت عنها في عدد من مدن البلاد مثل كسلا، القضارف، كوستي، الخرطوم وغيرها. ولم تصدر عنه أي تصريحات أو مخاطبة للشعب وضحايا العنف من المواطنين، بل لم يعلق حتى على الاتهامات الواضحة من قبل طرفي النزاع في مؤتمراتهم الصحافية التي عقدت عقب الأحداث إلى ضلوع أعضاء في مجلس السيادة في الفتنة العرقية التي أودت بأكثر من مائة قتيل.
أما نائبه «حميدتي» فقد أنهى مهمته في دارفور قبل أن يكمل الثلاثة أشهر التي أعلن أنه سيقضيها هناك، وعاد للخرطوم دون إعلان، وفوجئ الناس به في أحد العزاءات في العاصمة الخرطوم، لكنه ورغم اشتهاره بكثرة التصريحات والتعليقات، لم يظهر للعلن لإبداء رأي فيما حدث ويحدث في إقليم النيل الأزرق، في الوقت الذي أشارت فيه مصادر من طرفي القتال هناك إلى «أصابع قواته في التلاعب بالنسيج الاجتماعي في المنطقة».
ليس صمت الرجلين وحدهما، بل تتناقل المصادر المحلية أن مجلس السيادة نفسه، لم يعقد اجتماعاً مكتملاً بكل عضويته منذ أشهر، وأن المكون العسكري في مجلس السيادة هو من يدير البلاد من «القيادة العامة للجيش» وليس من القصر الرئاسي، لا يشارك فيها أعضاء المجلس حركات «اتفاق سلام جوبا» الذين أبقى على عضويتهم في المجلس بعد إعفاء الأعضاء المدنيين الآخرين.
وتتناقل المصادر المحلية أن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي «حميدتي» نفسه لم يشارك في اجتماعات المجلس منذ وقت طويل، وأن الرجل «غاضب» منذ 18 يونيو (حزيران) الماضي و(معتصم) في إقليم دارفور، لكنه بعد عودته المفاجئة للخرطوم، لم يُلاحظ له أي نشاط أو مشاركة في اجتماعات مجلس السيادة.
ونقلت منصة مجلس السيادة الإعلامية أن «حميدتي» التقى رؤساء شركات الاتصالات في البلاد وطلب منهم توسيع شبكة الاتصالات في البلاد ولا سيما في إقليم دارفور، لكن المنصة لم تشر لمكان الاجتماع. ولا يعرف حتى الآن ما إذا كان الرجل يمارس عمله من مكتبه في القصر الرئاسي، أو من قيادة قوات الدفاع الشعبي أو من منزله، ولم يلاحظ المراقبون القريبون من مسار موكبه إلى القصر الرئاسي حركة الموكب المعتادة من البيت إلى المكتب الرئاسي ذهاباً وإياباً.
في الجانب الآخر من الضجيج الذي يشهده السودان، تواصلت الاحتجاجات المنادية بعودة الحكم المدني «والثأر من قتلة المتظاهرين وإنهاء إجراءات أكتوبر»، وتواصل معها العنف المفرط تجاه المحتجين، الذي أدى يوم الخميس إلى مقتل أحد المحتجين في مدينة أم درمان ليصل عدد القتلى إلى 115.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يراهن على «وعي المصريين» لتجاوز الأزمات والتهديدات الإقليمية

السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال اجتماع مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

راهن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وعي المصريين وتكاتفهم باعتبار ذلك «الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات». وشدد، خلال لقائه، مساء الأحد، قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية، على أن امتلاك بلاده «القدرة والقوة يضمن لها الحفاظ على أمن وسلامة مقدرات الشعب».

وقال السيسي، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن «الدولة تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية استناداً لثوابت السياسة المصرية القائمة على التوازن والاعتدال اللازمين في التعامل مع الأحداث والمتغيرات المتلاحقة، والعمل على إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دولها».

وأضاف أن «الظروف الحالية برهنت على أن وعي الشعب المصري وتكاتفه هو الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات الإقليمية والتهديدات المحيطة»، مشيراً إلى «استمرار جهود التنمية الشاملة في كافة ربوع مصر سعياً نحو تحقيق مستقبل يلبي تطلعات وطموحات أبناء الشعب».

جانب من اجتماع السيسي مع قادة القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية (الرئاسة المصرية)

اجتماع الرئيس المصري مع قادة القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، حضره رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي عبد المجيد صقر، ووزير الداخلية محمود توفيق، ورئيس أركان القوات المسلحة أحمد خليفة، ورئيس المخابرات العامة حسن رشاد.

وقال متحدث الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول تطورات الأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأمن القومي المصري»، فضلاً عن «استعراض الجهود التي تبذلها القوات المسلحة والشرطة المدنية والأجهزة الأمنية في حماية حدود الدولة المصرية وجبهتها الداخلية ضد مختلف التهديدات على كافة الاتجاهات الاستراتيجية في ظل ما تموج به المنطقة من أحداث».

وشدد الرئيس المصري على «ضرورة تعظيم قدرات كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها»، مؤكداً «أهمية الدور الذي تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية في الحفاظ على الوطن، إيماناً منهما بالمهام المقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها العظيم مهما كلفهما ذلك من تضحيات»، بحسب الشناوي.

وفي سياق متصل، عقد الرئيس المصري اجتماعاً، الأحد، بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، تناول «تطورات الأوضاع الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المصرية ذات الصلة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية دون عراقيل»، بحسب متحدث الرئاسة المصرية.

الرئيس المصري خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين والصحافيين (الرئاسة المصرية)

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال واليمن، والجهود المصرية لتسوية تلك الأزمات، كما تطرق اللقاء إلى «الأمن المائي باعتباره أولوية قصوى لمصر ومسألة وجود»، وفق المتحدث الرئاسي.

وأكد السيسي خلال اللقاء «قوة وجاهزية أجهزة الدولة، وبشكل خاص القوات المسلحة والشرطة المدنية، لمواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية»، مشدداً على أن «تماسك المصريين ووحدتهم العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة».

وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده «مرت في الفترة الماضية بالأصعب فيما يتعلق بتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية». وقال: «نسير في الطريق الصحيح، الأمر الذي انعكس في ثقة مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري»، مشيراً إلى «حرص الدولة على توطين الصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد قدر الإمكان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الصعبة».

وأكد السيسي أن «الدولة قد قطعت شوطاً كبيراً على طريق الإصلاح في مختلف المجالات»، مشيراً إلى أن «هناك بعض السلبيات التي نعمل بكل إخلاص على إصلاحها لبناء دولة قوية تكون عصيّة أمام أي معتدٍ».