سكان صنعاء يكابدون الفقر... والحوثيون يتوسعون في الجبايات

بائعا أغنام ينتظران زبائن خلال عيد الأضحى في صنعاء (رويترز)
بائعا أغنام ينتظران زبائن خلال عيد الأضحى في صنعاء (رويترز)
TT

سكان صنعاء يكابدون الفقر... والحوثيون يتوسعون في الجبايات

بائعا أغنام ينتظران زبائن خلال عيد الأضحى في صنعاء (رويترز)
بائعا أغنام ينتظران زبائن خلال عيد الأضحى في صنعاء (رويترز)

في أحد المساجد غرب مدينة صنعاء، كان المصلون قبل أيام ينتظرون أداء صلاة العشاء، وأثناء ذلك سقط شاب في العقد الثالث من العمر مغشيا عليه وسط المسجد فتجمع المصلون لإنقاذه، وتمكن أحدهم من إجراء إسعافات أولية ساعدته على الاستفاقة، ليبلغهم الشاب أنه لم يتناول أي طعام منذ يومين في المدينة التي صرف الحوثيون داخلها مليارات الريالات لإحياء مناسبة طائفية تؤكد أحقية سلالتهم في حكم البلاد دون غيرهم.
ويروي عبد الله وهوأحد المصلين لـ«الشرق الأوسط» كيف سقط الشاب مغشيا عليه خلف ظهره في المسجد، وكيف تحلق المصلون حوله، ولم يكن أحد يعرف شيئا عن الإسعافات الأولية، ولأنه قد تدرب على ذلك فقد قام بإجراء عملية إنعاش لقلب الشاب عن طريق الضغط على قفصه الصدري حتى استعاد وعيه.
ويقول الشاب الذي فضل استخدام اسمه الأول: «أسقيناه بعض المشروبات المحلاة، وعرفنا بعد ذلك أنه لم يتناول الطعام منذ يومين، حيث كان الشاب منهكا، شاحب الوجه، أطرافه باردة، وحالته مزرية، إذ إنه ينام في الشارع منذ أربعة أشهر، حيث وصل المدينة للبحث عن فرصة عمل ولكنه لم يجد».
الشاب وبعد استفاقته ذكر أن أمنيته هي أن يعود إلى قريته في مديرية حزم العدين بمحافظة إب (190 كلم جنوب صنعاء) إذ إنه عاجز عن دفع أجرة ركوب أكثر من سيارة حتى يصل إلى هناك، لكن صورته وهو ملقى على الأرض بين المصلين تُذكّر بالصور اليومية للجائعين الذين تكتظ بهم شوارع صنعاء وأسواقها.

حوادث يومية متكررة
يؤكد سمير وهو أحد الشهود على الواقعة، أن المساجد في المدينة تحولت عقب كل صلاة إلى منبر استجداء للجائعين القادمين من مختلف المناطق في أوضاع تبكي الضمائر والقلوب معا، وفق تعبيره.
وعلى خلاف هذه الصور المأساوية كانت ميليشيات الحوثي تنهي احتفالا طائفيا صرفت لأجله مليارات الريالات على أتباعها ومشرفيها، وأرغمت السكان على التجمع في الأحياء والموظفين في مراكز المديريات للاستماع إلى خطاب طائفي لزعيمها يؤكد فيه أن سلالة الحوثيين لديها حق إلهي في حكم اليمن.
ويقول سمير: «قبل هذه الحادثة بيومين سقطت امرأة في الشارع وبيدها رضيعها، وتجمع المارة ونقلوها إلى مستشفى قريب لكنها فارقت الحياة، وكانوا لا يعرفون عنوانا للطفل فاضطروا إلى نشر إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي على أمل الوصول إلى أسرته لأخذه وتربيته».
وأضاف «الناس تتساقط من الجوع، فيما الحوثيون مشغولون بصرف المليارات على المناسبات الطائفية، ويستخدمون الغاز المنزلي والمساعدات الغذائية وسيلة لإجبار السكان على حضور فعالياتهم، في وقت تشهد فيه الضواحي الجديدة لصنعاء ظهور مراكز تجارية ضخمة وعمارات شاهقة يمتلكها قادة أو مشرفون حوثيون، وذلك أصبح حديث كل سكان المدينة».
أما عارف وهو موظف حكومي عاد الأسبوع الماضي إلى عدن قادما من صنعاء فيصف الوضع بالمأساوي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لو شاهدت الناس في الشوارع لرأيت الجوع في وجوههم الشاحبة وعيونهم الغائرة، ولبكيت دما لا دموعا». ويضيف «ومع ذلك، ينفق الحوثيون مليارات الريالات على الشعارات واللافتات في الشوارع والأحياء احتفالا بما يسمونه يوم الولاية».

نداءات لتخفيف القيود الحوثية
المثقفون والنشطاء اليمنيون الذين وجدوا أنفسهم غير قادرين على فعل شيءٍ أمام هذه المأساة، أصدروا بيانا طلبوا فيه من قيادة ميليشيات الحوثي تخفيف القيود التي فرضوها على الأعمال الخيرية، ومنعوا بموجبها التجار والميسورين من تقديم المساعدات النقدية والعينية للفقراء، وألزموهم بتسليم تلك المساعدات إلى سلطة الميليشيات ما جعلهم يعزفون عن تقديم أي شيء.
وذكر المثقفون والنشطاء في بيان صدر عنهم ووقعه العشرات منهم، أنه وفي ظروف انقطاع المرتبات شهدت البلاد ولأول مرة في تاريخها حالات الدخول في غيبوبة للكثير من المعدمين الذين «لا يجدون ما يسدون به رمق جوعهم، وكثرت حالات البحث عن مخلفات الطعام في براميل القمامة».
وطالب البيان سلطة الحوثيين بصرف مرتبات الموظفين بشكل منتظم، وقالوا إن الجماعة إذا لم تتمكن من تحقيق هذا المطلب لأي سبب من الأسباب «فإن عليها أن تعمل معالجات سريعة لتوفير المواد الغذائية للسكان وبما يسد رمقهم من الجوع وتوفير الماء والكهرباء والغاز والديزل والنفط بأسعارها الطبيعية إلى حين تحسن الظروف».
وقالوا إن الواجب الأخلاقي والديني والوطني والإنساني يفرض على هذه السلطة «أن تفتح المجال للمبادرات الاجتماعية من خلال الجمعيات الخيرية، وإعطاء التجار حق توزيع الصدقات والتبرعات بمعزل عن الشروط المجحفة»، حيث اعتادت سلطة الأمر الواقع في صنعاء عدم السماح للقطاع الخاص بأن يقدم أي تبرعات إلا من خلالها.

مفاقمة المأساة
عقب يومين على انتهاء احتفال ميليشيات الحوثي بما تسميه يوم الولاية فوجئ السكان بتمرير زيادة كبيرة في تعريفة استهلاك الكهرباء، حيث وصلتهم فواتير استهلاك النصف الأول من الشهر الحالي وسعر الكيلوواط 490 ريالا بدلا عن 350 ريالًا (الدولار حوالي 600 ريال).
كما فُرض على السكان رسوم اشتراك شهري قدرها ألفا ريال، وألزموا بدفع قيمة الاستهلاك كل أسبوعين وليس نهاية كل شهر كما كان معمولا به في البلاد منذ عشرات السنين.
وقال سكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف :«إنهم فوجئوا بهذه الزيادة الكبيرة وغير المعلنة على تعريفة الكهرباء مع أنهم أوقفوا الاشتراك في الكهرباء المملوكة للتجار بسبب ارتفاع تعريفة الاستهلاك، وعادوا لاستخدام الكهرباء الحكومية، وخلال فترة المساء فقط وللإضاءة أو تشغيل تلفزيون واحد فقط في المنزل، ومع ذلك تم رفع التعريفة لتصبح مساوية لتعرفة القطاع الخاص».
ومع مضاعفة ميليشيات الحوثي للجبايات، يذكر نعمان وهو موظف حكومي في عدن أن والده كان يحتضر في صنعاء، فقرر وأسرته الذهاب إلى هناك لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، ولكن ما إن وصل أول نقطة تفتيش للحوثيين في منطقة الراهدة التابعة لمحافظة تعز حتى طلبوا منه دفع رسوم جمركية جديدة على سيارته لأنها تحمل لوحة من مناطق سيطرة الحكومة.
ويقول نعمان إنه عندما رفض دفع المبلغ، لأنه لا يستطيع ذلك، عرض تقديم أي ضمانات بأن يعود بالسيارة من صنعاء إلى عدن، لكن عناصر الميليشيات الحوثية رفضوا ذلك وأمروه بالعودة، فعاد وأسرته، فيما فارق والده الحياة دون أن يتمكن من وداعه.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».