كيف جددت «سان لوران» حُبها لمراكش؟

تعود أخيراً إلى مكان عشقه مؤسسها بتشكيلة رجالية ومشاريع إنسانية مُستدامة

ما بين صحراء أغافاي وغروب الشمس كانت الصورة مثيرة (الشرق الاوسط)
ما بين صحراء أغافاي وغروب الشمس كانت الصورة مثيرة (الشرق الاوسط)
TT

كيف جددت «سان لوران» حُبها لمراكش؟

ما بين صحراء أغافاي وغروب الشمس كانت الصورة مثيرة (الشرق الاوسط)
ما بين صحراء أغافاي وغروب الشمس كانت الصورة مثيرة (الشرق الاوسط)

كم يبدو الحاضر شبيهاً بالأمس في عرض «سان لوران» الرجالي لربيع وصيف 2023. كان المكان هو الخيط الذي جمع بينهما. فقد أقامته الدار في صحراء أغافاي الواقعة على مشارف مراكش، المدينة التي عشقها الراحل إيف سان لوران، وبادلته هي الحب بالولاء له حتى اليوم، الأمر الذي تشهد عليه حدائق ماجوريل ومتحف خاص فُتحت أبوابه في عام 2017.
من اللحظة التي اكتشف فيها إيف سان لوران مدينة مراكش عام 1966، أصبحت ملاذه كلما احتاجت روحه للسكينة وملكته الإبداعية للشحذ. كانت عودة الدار إليها مجرد مسألة وقت. ربما سبقتها بيوت أخرى مثل دار «ديور» التي أقامت في مايو (أيار) من عام 2019 عرضها الخاص بخط «الكروز» لعام 2020، ورغم أنه كان عرضاً ضخماً لفت أنظار العالم وشكَّل فيه قصر البديع المراكشي خلفية استحضرت قوة المدينة الحمراء كمُلهم ارتبط بالموضة، إلا أن نجاح العرض لم يُغير من الحقيقة شيئاً، وهي أن مراكش ونواحيها ملك لسان لوران وجُزء لا يتجزأ من تاريخ الدار. فكما تملَّكت هي وجدانه لا يزال هو يملك امتنانها وولاءها. وهذا ما كان مصممها الحالي أنطونيو فاكاريللو يُدركه. لم يكن يريد عرضاً عادياً يستغل فيه المكان لتحقيق صورة ناجحة أو ليُعيد أمجاد الماضي فحسب. كان يريد أن يتعامل معه بإحساس واحترام مثل سلفه تماماً. كان نتيجة هذه الرغبة توطيد علاقة الدار بالسكان المحليين من خلال عديد من المشاريع الخيرية والإنسانية التي تُعنى بالبيئة ومفهوم الاستدامة، وما عدا ذلك كان كل ما في العرض باريسياً محضاً.


كانت الخطوط بسيطة تتوخى الراحة والانطلاق... دائماً بلمسات باريسية

كان أول عرض في تاريخ الدار في المغرب، وقال المصمم إنه استوحاه من رواية الكاتب بول بولز «The Sheltering Sky» التي صدرت في عام 1949، مستدلاً على قوة الصور التي تبقى عالقة في الذاكرة مهما مر عليها من زمن، بفقرة من الرواية وزعها على الحضور وجاء فيها: «نظن أنّ الحياة بئر لا تنضب. لكن الأحداث تتكرر لبضع مرات فحسب، لا بل يكون عددها قليلاً للغاية. كم مرة ستتذكر إحدى فترات العصر التي أمضيتها في طفولتك، وتحديداً ذلك العصر الذي ترك فيك أثراً عميقاً لدرجة أنّه لا يسعك أن تتخيل حياتك من دونه؟ قد تتذكره أربع أو خمس مرات، وربما أقل. وكم مرة ستشاهد البدر في السماء؟ عشرين مرة ربما. مع ذلك، تبدو لك جميع هذه الأحداث لا متناهية».
بالتعاون مع إس ديفلين -وهي فنانة معروفة في مجال تصميم ديكورات المسارح- نجح فاكاريللو في تجسيد رؤيته، وربما ذكرياته، في مشهدية مذهلة وسط صحراء أغافاي، تبدو فيها وكأنها واحة مضيئة على شكل حلقة دائرية وسط أرض مجهولة واسعة.


كان للمؤثرات التي استعملتها الدار  في العرض دور مُبهر

كلما أطل منها عارض، تُثير الرمال ومنظر غروب الشمس وغيرها من المؤثرات في النفس مشاعر تكاد تكون سريالية لصعوبة وصفها.
يُحسب لفاكاريللو أنه لم يقع في مطب الماضي بالاستلهام من الشرق، ولو بالألوان. فاللوحة التي رسمها لم تكن بألوان توابل مراكش الدافئة؛ بل بالأسود وألوان ترابية تتماهى مع الرمال الذهبية. من ناحية التصاميم، كانت عصرية بلمسات باريسية، باستثناء قطع تُحسب على أصابع اليد الواحدة، مثل «الكايب» الذي يمكن للبعض في غمرة حماسهم أن يروه مُستلهماً من «البُرنس» المغربي. فيما عدا ذلك فإن الميزة الغالبة على التشكيلة، المكونة من 50 تصميماً، إغراؤها للمرأة أيضاً؛ حيث قطع فيها المصمم كل الخيوط التي تفصل الأزياء «الرجالية» عن النسائية. لكن كان من الطبيعي أن تظهر قطع أيقونية بترجمة المصمم الحالي، مثل بدلة التوكسيدو التي تُعتبر لصيقة باسم الدار. هذه المرة أطلت بتصميم أنيق تميزه أكتاف عريضة وخامات متنوعة، ما يسمح بتنسيقها بأساليب متعددة. ظهرت أيضاً بنطلونات عالية الخصر تتسع عند الساق، ومعاطف طويلة من الحرير تُلامس الأرض أحياناً تتطاير بخفتها مع نسمات الهواء الصحراوية.
على العموم، كانت الراحة والانطلاق هما السمة الغالبة على التشكيلة، وكأن المصمم أراد من ورائها أن يعكس بساطة الحياة في مدينة مراكش، وتلك الرغبة الجامحة في الانطلاق والحرية.

بين «سان لوران» ومراكش خمس خطوات

1- رغم أن صحراء أغافاي غير مصنفة منطقةً محمية، فإن «سان لوران» عينت خبراء محليين لإجراء دراسة أي آثار يُمكن أن يُخلفها العرض على البيئة. كما طلبت منهم تقديم توصيات بشأن إدارة التنوع البيولوجي والحيوانات والنباتات في الموقع، إضافة إلى دعم سبل عيش المجتمعات المحلية.
2- تم الحرص على أن تكون أغلب المواد والمعدات الخاصة ببناء مسرح العرض مؤجرة، لتعزيز مفهوم الاستدامة بإعادة التدوير والاستعمال.
3- بالنسبة للمواد التي استُخدمت لأول مرة، فسيتم تدويرها أو التبرع بها لبعض الجمعيات المحلية، بما في ذلك التعاونيات النسائية في مراكش التي ستحصل على الفائض من الأقمشة لإعادة استعماله في صنع السجاد.
4- ستُستعمل المياه المستخدمة في بناء الديكور، والتي كانت غير صالحة للشرب، في ري أشجار الزيتون في منطقة أغافاي. وسيتم توفير بقية التسهيلات الأساسية لإقامة العرض.
5- ستُمول «سان لوران» العديد من الأعمال الخيرية في المنطقة، من خلال منظمة غير حكومية، بما في ذلك زراعة آلاف من أشجار الفاكهة، وتركيب نظام ري في قرية أشبارو، وحفر بئر مياه، وتركيب أنظمة شمسية في قرية كريش، وإنشاء حديقة في منطقة زرقطن، لزيادة وعي الأطفال بالممارسات المستدامة، وأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي لحماية مستقبلهم.



أكثر من 60 ضربة جوية إسرائيلية على سوريا في غضون ساعات

تصاعد الدخان على مشارف العاصمة السورية دمشق بعد غارات جوية إسرائيلية في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان على مشارف العاصمة السورية دمشق بعد غارات جوية إسرائيلية في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 60 ضربة جوية إسرائيلية على سوريا في غضون ساعات

تصاعد الدخان على مشارف العاصمة السورية دمشق بعد غارات جوية إسرائيلية في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان على مشارف العاصمة السورية دمشق بعد غارات جوية إسرائيلية في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

استهدفت أكثر من 60 ضربة إسرائيلية مواقع عسكرية في أنحاء سوريا في غضون ساعات، بعد نحو أسبوع على إطاحة فصائل المعارضة المسلحة الرئيس بشار الأسد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان

وذكر المرصد السوري مساء السبت، أن «61 ضربة جوية استهدفت الأراضي السورية في أقل من 5 ساعات، ولا تزال الضربات مستمرة».

وأضاف: «يواصل الطيران الحربي الإسرائيلي تصعيده العنيف على الأراضي السورية مستهدفاً خصوصاً مستودعات صواريخ بالستية داخل الجبال».

وأشار المرصد إلى ارتفاع «عدد الضربات الإسرائيلية إلى 446 غارة طالت 13 محافظة سورية منذ سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر (كانون الأول)».