الدردري: حرب شعواء بين «طالبان» و«داعش» في أفغانستان... وصدمنا بمنع تعليم الفتيات

ممثل الأمم المتحدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: المخدرات تشغل 10 في المائة من الأراضي الزراعية

ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفغانستان عبد الله الدردري
ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفغانستان عبد الله الدردري
TT

الدردري: حرب شعواء بين «طالبان» و«داعش» في أفغانستان... وصدمنا بمنع تعليم الفتيات

ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفغانستان عبد الله الدردري
ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفغانستان عبد الله الدردري

قال ممثل البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في أفغانستان عبد الله الدردري، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن الحوار السياسي بين الأمم المتحدة و«طالبان» كان بناءً ويتقدم، قبل صدور قرار منع تعليم الفتيات الذي كان «سلبياً وشكل صدمة».
وأوضح رداً على سؤال أن «طالبان» في «حرب شعواء ومعركة واضحة ضد داعش»، لافتاً إلى وجود بيان من «طالبان» بأنه لا مجال لنشاط «القاعدة» في أفغانستان، وأن «السلطات تراقب تطبيق هذا الكلام».
وعن موضوع المخدرات، قال إن 10 في المائة من المساحات الزراعية تزرع بالمخدرات «وتنتج أفغانستان 80 في المائة من الإنتاج العالمي لزهرة الأفيون، وفيها 4 ملايين مدمن، بينهم مليون ونصف مليون امرأة وطفل»، لافتاً إلى جهود أممية لمعالجة هذه المشكلة التي يشكل «العائد المادي منها بين 2 و3 مليارات دولار، فيما تبلغ القيمة السوقية 200 مليار دولار».
وقال الدردري إن «موقع أفغانستان هو ميزة ولعنة».
وهنا نص الحديث الذي جرى عبر تطبيق «زووم» وروى فيه الدردري لحظات دخول عناصر «طالبان» إلى مكاتبه قبل سنة:
• في بيان قمة جدة، القمة الخليجية – الأميركية + 3 كان هناك بند يتعلق بأفغانستان، شمل المساعدات ومكافحة الإرهاب وحق التعليم للجميع. كيف تلقيتم ذلك في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان؟
- بالنسبة لنا، هذا كلام مهم جداً، إذ يهمنا أن يكون هناك دعم دولي واضح وتوازن بين تقديم المساعدات والتزام السلطات بمكافحة الإرهاب وإتاحة فرص التعليم. التوازن بين تلك الأمور مهم للغاية.
للأمانة، أذكر أن وصول المساعدات لأفغانستان استمر ولم ينقطع. ويهمنا جداً صدور بيان من هذا التجمع من دول معنية مباشرة بالوضع في أفغانستان.
• هذا البيان صدر في جدة، وقمت أخيراً بجولة في منطقة الخليج شملت السعودية والإمارات والكويت وقطر. لماذا أفغانستان مهمة لدول الخليج والعرب؟
- أفغانستان لها أهمية تاريخية، وكانت مدينة بلخ في القرن الثالث عشر تُلقب بـ«أم البلاد» في منطقة تضم دمشق وبغداد ومكة المكرمة والمدينة والقاهرة. التاريخ مهم جداً. أنا فوجئت بأهميتها عند انتقالي إليها واكتشافي أن فخر الدين الرازي وابن سينا والبيروني، وغيرهم ممن نعتبرهم أعلاماً في العلوم والأدب، هم من هذه البلاد.
أفغانستان لها أيضاً أهمية جغرافية. فالجغرافيا تحدد التاريخ. هي قريبة من المنطقة، وفي التاريخ القريب الانفعالات فيها مشابهة لانفعالاتنا في المنطقة العربية.
إما أن تتجه أفغانستان نحو الاستقرار وبالتالي تخفف الضغط عن منطقتنا، وإما أن تتجه إلى الانفجار وتتحول إلى بؤرة للأعمال الإرهابية. فلا بد من استقرار أفغانستان للمصلحة العامة.
أيضاً، هناك ثروات متاحة في أفغانستان. ففيها أكبر مناجم الليثيوم في العالم.
أفغانستان مهمة كذلك لأسباب اقتصادية حتى لا تحصل هجرات كبيرة جداً منها قد تؤدي إلى اختلالات ديموغرافية، وطبعاً، الخشية من نشر التعصب والتطرف.
• خلال جولتك على المسؤولين في الدول الخليجية، هل لمست اهتماماً بالانخراط أكثر من الناحيتين السياسية والاقتصادية في أفغانستان؟
- خلال لقاءاتي مع مسؤولين في وزارات الخارجية وصناديق التنمية والمجتمع الأهلي، لمست أن هناك توجهاً للمساعدة على الصعيد التنموي والاقتصادي والإنساني، والكل يُجمِع على أن أفغانستان قضية مهمة قريبة من عقولنا وقلوبنا. كما لمست تقديراً لدور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولكونه قام بالزيارة ليُطلع هذه الدول على ما يجري. جولتنا لم تكن لجمع أموال، بل لنستمع ونستفيد من الخبرات والتجارب، خبرة الكويت في العمل الخيري، وكذلك الإمارات، ولتأسيس شراكات. وجدنا في جميع الدول التي زرناها قلوباً مفتوحة وآذاناً مصغية وعقولاً متعطشة للمعلومات ولتحليلات تسلط الضوء على ما يجري.
مسلحان من «طالبان» في منطقة باميان (أ.ف.ب)
• بعد نحو شهر، تحل ذكرى مرور سنة على التغيير الكبير في أفغانستان. هل لك أن تصف انطباعاتك الشخصية عن نقطة التحول تلك عند انسحاب القوات الأميركية، وكيفية التعاطي كمؤسسة أممية من دون اعتراف بحكومة «طالبان»؟
- يوم 15 أغسطس (آب) الماضي، كنت في مكتبي في اجتماع مع من تبقى من الموظفين، بعد أن طلبت من الموظفين الدوليين مغادرة أفغانستان، وكان عددهم 77 موظفاً، وكذلك من الموظفين المحليين وكان عددهم 350 موظفاً، العمل من المنزل. كنت أتوقع أن تتدهور الأمور. وكان معي في المكتب 3 موظفين دوليين وعدد قليل من الموظفين المحليين. مجمع الأمم المتحدة يقع جنوب شرقي كابل، على أطراف المدينة. دخل علي مدير مكتبي عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً وهو منهار، قائلاً: «وصلوا» (إلى بوابة المجمع). وكانت لحظات تثير الخوف... الخوف من المجهول.
طرقوا باب المجمع ودخلوه من دون إثارة أي مشاكل، طالبين التحدث مع مسؤولي الأمن. وأكدوا لمسؤولي الأمن أنهم هنا لحمايتنا ولا داعي للخوف.
• ماذا حصل؟
- «طالبان» التزموا بأمرين: 1 – أن موظفي الأمم المتحدة لهم حق الدخول إلى أي منطقة في أفغانستان والتواصل في أي مكان. 2 - تأمين الحماية الكاملة. ونحن فعلاً نجول داخل أفغانستان وندخل كل المناطق مع مرافقين من «طالبان».
في ليلة 15 - 16 أغسطس الماضي، انتظرت حتى المساء للاتصال بقيادة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في نيويورك، وسُئلت: «ماذا تريد أن تفعل؟». قررت أنه يجب علينا أن نبقى وأن نجمع فريقاً في الخارج بناءً على خطة واضحة.
رتبت الأمور، وغادرت بعد أيام إلى دبي، حيث جمعت فريقاً وكنت أول العائدين عن طريق إسلام آباد، وانضم إلى أعضاء الفريق تباعاً.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعمل في أفغانستان منذ خمسين سنة ولم يغادرها أبداً، وارتأيت أنه لا يمكن تغيير هذا النهج. وهناك منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة بقيت أيضاً.
• كفريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصلتم إلى أماكن في أفغانستان لم تكونوا تستطيعون الوصول إليها في أيام الحكومة السابقة؟
هذا صحيح. قضيت 13 ساعة في الطريق بين قندهار وكابل، لقطع مسافة 465 كلم، فكل 100 متر تقريباً هناك حفرة سببها تفجير. لا يمكن أن يتوقع أي طرف الانتصار في أفغانستان. هذه حرب مستحيلة. دخلنا مناطق لم ندخلها من قبل، مناطق مهملة تفتقر إلى الخدمات الصحية والتعليمية. وكل من قابلنا قال إنه لا يريد سلة غذائية بل فرصة عمل. الأفغان شعب كريم ويريد العمل.
أفغان ينقلون الماء قرب كابل (أ.ف.ب)
• ما أولويات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؟ وهل ستكون مختلفة عن أولوياتها في زمن الحكومة السابقة، حيث كانت ربما مساعدات من دون تمكين؟
رُب ضارة نافعة. غياب حكومة جعلنا منذ اللحظة الأولى، مع الفريق الذي أتى من دبي، نعمل مع الناس في المجتمعات المحلية، لا مع مؤسسات مركزية كان مشكوكاً في نتائج التعاون معها. وهناك استثمارات ذهبت سدى. نعمل مع الناس على الأرض، مع النساء الريفيات والشباب. نقدم تمويلاً وتدريباً وهم يقومون بالمشاريع. نصل إلى كل مكان وندعم الناس مباشرة.
نسبة الأمية في أفغانستان 70 في المائة، ولكن لديهم وعي تنموي عالٍ وراقٍ للغاية. العمل هنا متعب ومجهد، ولكننا نرى نتائج مباشرة. قمنا بتأمين 500 ألف فرصة عمل موقتة، ما يعني أن 500 ألف أسرة أصبح لديها دخل بعد أن كانوا لا يعرفون من أين سيؤمنون وجبتهم التالية. هم قالوا إنهم كانوا على وشك السير على الأقدام إلى إيران، ومنها إلى تركيا ثم أوروبا.
• لا اعتراف دولياً بحكومة «طالبان»، ولكن من خلال اتصالاتكم مع المانحين والدول الكبرى والولايات المتحدة الأميركية، هل طرحتم مسألة الإفراج عن مليارات الدولارات المجمدة والتي تعود للأفغان؟
- موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو السماح للشعب الأفغاني بالاستفادة من موارده.
* وهي؟
الأموال المجمدة هي بحدود 7 مليارات دولار. والمساعدات التنموية قيمتها 7 مليارات دولار سنوياً، وإجمالي الاحتياجات السنوية 8.4 مليار دولار للاحتياجات الإنسانية والتنموية. منذ 15 أغسطس الماضي، تلقى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان 2.2 مليار دولار، منها مبلغ 950 مليون دولار نقلناه نقداً.
كنت أخشى بعد بدء الحرب في أوكرانيا أن يحصل انخفاض في حجم المساعدات إلى أفغانستان، ولكن ذلك لم يحصل، واستمرت المساعدات بالوتيرة ذاتها.
• بعد الحرب في أوكرانيا لم يحصل تغيير في التزام المانحين؟
- بما يتعلق ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، لم يحصل تغيير لا في الالتزامات ولا في التنفيذ.
• سراج الدين حقاني، وزير الداخلية في حكومة «طالبان»، أعرب عن شعوره بالإحباط بسبب عدم الاعتراف بحكومة «طالبان». أقدر أن عملكم لا علاقة له بالسياسة، ولكن هل طرحتم عليهم بعض الخطوات التي يمكن أن تسهل الاعتراف بحكومتهم؟
- هذا النوع من الحوار السياسي تقوم به جهات مختصة، ولكن أعرف أن الحوار كان يتقدم بشكل جيد بين الأمم المتحدة وسلطات الأمر الواقع، لا لناحية الاعتراف، ولكن المساحة المتاحة كانت تتوسع كل يوم من قِبل المانحين، وكانت هناك استثناءات من العقوبات، إلى حين حلول صباح 23 مارس (آذار)، عند صدور قرار منع تعليم البنات في المرحلة الثانوية الذي كان له تأثير سلبي للغاية على أجواء الحوار. كان حواراً بناءً.
يهمنا كذلك إحياء النظام المصرفي الأفغاني الذي يوشك على الانهيار، وما زلنا مستمرين في عملنا.
شاعرة تلقي قصيدة في لقاء أدبي بكابل (أ.ف.ب)
منع تعليم البنات في المرحلة الثانوية شكل صدمة سلبية.
• ما تفسيرك لهذا القرار؟
- كلما أثرنا هذا الموضوع مع مسؤول يكون الرد أن هذا قرار تقني. وأحد المسؤولين أكد لي باللغة الإنجليزية
« Education for all is our policy» أي: سياستنا هي التعليم للجميع. هم يذكرون أسباباً تقنية من نوع الفصل بين الإناث والذكور في الصفوف وتأمين مدرسات للبنات، وقد عرضنا عليهم المساعدة في هذه الأمور.
أشير هنا إلى أن هناك عدداً من الولايات الأفغانية استمر في تعليم البنات في المرحلة الثانوية. وهناك نقاش حقيقي حول هذا الموضوع، ولا تفسير لهذا القرار.
• ننتقل إلى الحديث عن المخدرات في أفغانستان.
في أفغانستان مساحة 220 ألف هكتار مزروعة بالمخدرات، أي ما نسبته نحو 10 في المائة من إجمالي المساحات الزراعية. وتنتج أفغانستان 80 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي من زهرة الأفيون، وفيها 4 ملايين مدمن، بينهم مليون ونصف مليون امرأة وطفل، من أصل 40 مليون أفغاني. العائد المادي من هذه الزراعة يتراوح ما بين 2 و3 مليارات دولار داخل أفغانستان، ولكن بعد التصنيع والتصدير ربما تصل القيمة السوقية إلى 200 مليار دولار.
أفغانستان تصدر التفاح في موسمه إلى دول مجاورة، حيث يخزن في البرادات، ثم تستورده بخمسة أضعاف السعر الأصلي خارج الموسم. البرادات تنقذ المواسم الزراعية.
• هل هناك خطة أممية للتعاطي مع مسألة المخدرات؟
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لديه برنامج مهم ممول من وزارة الخارجية الأميركية لتأمين زراعات بديلة. ولكن حجم المدخول من المخدرات يمثل اقتصاد دولة. نحن معنيون، لأن هناك 4 ملايين مدمن يجب معالجتهم ومتابعتهم. الزراعات البديلة لا يمكن أن تتم فقط عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بل تحتاج إلى عمل مشترك ضخم. ويمكن تصنيع جزء من المخدرات بشكل شرعي للصناعات الدوائية. ليس هناك برنامج كامل وجاهز. فالتعامل مع مساحة 220 ألف هكتار يحتاج إلى 20 سنة على الأقل. ما زلنا في مرحلة العمل الإنساني وتأمين الاحتياجات الإنسانية الأولية.
وهناك تردد في الذهاب إلى الموضوع التنموي البحت، فهذا يحتاج إلى تعامل مع حكومة، ونحن نعمل ضمن قيود، ونقترح حلولاً لمشاكل آنية وطويلة الأمد ضمن نطاق ضيق جداً.
• حدثنا عن موقف «طالبان» من «داعش» و«القاعدة».
- «طالبان» في حرب شعواء ومعركة واضحة مع «داعش»، فهم يَقتلون ويُقتلون في تلك المعارك. وبالنسبة لـ«القاعدة»، هناك إعلان واضح وصريح أن لا مجال لأن تكون أفغانستان مكاناً أو منطلقاً لعمليات إرهابية. والسلطات تراقب تطبيق هذا الكلام.
• لكن بعض الشخصيات الأساسية في حكومة «طالبان» كانت على علاقة وثيقة بـ«القاعدة».
لهذا السبب هناك فرق. لا احتواء ولا وجود، ولا أحد يستخدم أراضي أفغانستان.

احتفال للشرطة في قندهار (إ.ب.أ)

• هل لك أن تحدثنا عن أهمية الموقع الجيو - سياسي لأفغانستان في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، مع صعود الصين وخروج أميركا من أفغانستان لتهتم بآسيا؟
- موقع أفغانستان هو ميزة ولعنة في آن معاً. موقعها يمكن أن يشكل فرصة لأفغانستان للنهوض اقتصادياً. موقعها يسهم في الترابط الاقتصادي الإقليمي. لا يمكن للطاقة المتوفرة في تركمانستان وأوزبكستان أن تصل إلى باكستان والهند إلا عن طريق أفغانستان، لذلك هي موقع استراتيجي مهم للغاية. كذلك الانتقال من الصين إلى الخليج يمر عبر أفغانستان. السكك الحديدية بين المتوسط وآسيا يجب أن تمر عبر أفغانستان. الربط الكهربائي بين المراكز الغنية في الشمال والمحتاجين في الجنوب عليه أن يمر عبر أفغانستان، وهناك مشاريع متوقفة بسبب ذلك.
لا بد من الإشارة إلى أن أفغانستان لا تملك أي منفذ على البحر، ما يجعل من الضروري أن يكون لها إمكانية الوصول إلى منافذ بحرية لتصريف إنتاجها. لأفغانستان موقع استراتيجي لا تستطيع أي دولة أخرى أن تأخذه. وإذا حاولنا تصنيف أفغانستان بين دول آسيا الوسطى: جنوب شبه القارة الهندية، دول الشرق الأوسط، فهي ليست في أي واحدة من هذه التصنيفات، لكنها كل هذه التصنيفات في آن معاً.
• لو كنت قيادياً في الحزب الشيوعي الصيني في بكين في 15 أغسطس، هل كنت ستقلق؟
- كنت سأنظر إلى الأمر من زاوية: كيف يمكن لبلدي أن تستفيد من هذه التطورات؟ مستوى العلاقات مهم. في 25 من الشهر الجاري سيُعقد اجتماع في طشقند يضم 40 دولة للبحث في التعاون الإقليمي حول أفغانستان ومعها.
بغض النظر عمن يحكم أفغانستان، موقعها لا يمكن تجاهله. لاحظنا زيادة كبيرة في تجارة الترانزيت بعد أن أصبح الوضع الأمني أفضل بكثير، وانخفضت مستويات الرشوة، وأصبح الانتقال من شمال أفغانستان إلى الجنوب أسهل.
• تبوأت مناصب في حكومات سورية سابقة، وتسلمت منصب نائب رئيس الوزراء قبل انتقالك إلى الأمم المتحدة. أنت سوري، وكنت موظفاً حكومياً مرموقاً، وتعمل الآن في مؤسسة أممية. حدثنا عن تجربتك.
- أتيت إلى العمل الحكومي السوري من الأمم المتحدة، وغادرته إلى الأمم المتحدة. بدايتي المهنية كانت مع الأمم المتحدة، وأعتبر نفسي محظوظاً لأن أصل إلى هذه المراتب في بلدي وفي المنظمة الدولية. وهناك بُعد تاريخي لي كشخص في أن أكون في كابل في تلك اللحظة التاريخية، وأن أساعد في بناء هذه البلاد مستفيداً من خبرتي، من نجاحاتي ومن إخفاقاتي. هذا له قيمة (معنوية) كبيرة عندي. الأفغان أقرب إلينا مما كنا نظن، وأشعر أنني هنا في بلدي. أعتبر خبرتي في العمل الحكومي مفيدة، لأنني أعرف كيف تفكر الحكومات.


مقالات ذات صلة

واشنطن: «طالبان» قتلت مخطط الهجوم الانتحاري على مطار كابل في 2021

العالم واشنطن: «طالبان» قتلت مخطط الهجوم الانتحاري على مطار كابل في 2021

واشنطن: «طالبان» قتلت مخطط الهجوم الانتحاري على مطار كابل في 2021

قتلت قوات «طالبان» مخطط الهجوم الانتحاري على مطار كابل خلال الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان في 2021، وفق ما أعلن البيت الأبيض أول من أمس (الثلاثاء). وفجّر المهاجم، الذي ينتمي لتنظيم «داعش»، نفسه وسط حشود كبيرة من الناس في محيط المطار في أثناء محاولتهم الفرار من أفغانستان في 26 أغسطس (آب) 2021. وأسفر الانفجار عن مقتل 170 أفغانيا، و13 جنديا أميركيا كانوا يؤمنون المطار خلال عملية الانسحاب. وكان التفجير من الأعنف في أفغانستان في السنوات الأخيرة، وأثار موجة انتقادات للرئيس جو بايدن على خلفية قراره سحب قوات بلاده بعد نحو 20 عاما على الغزو الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض يسلّم الكونغرس تقريراً سرّياً عن الانسحاب من أفغانستان

البيت الأبيض يسلّم الكونغرس تقريراً سرّياً عن الانسحاب من أفغانستان

أعلن البيت الأبيض، اليوم الخميس، أنّه سلّم الكونغرس تقريراً سرّياً طال انتظاره عن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، مدافعاً عن مسار هذا الانسحاب، الذي أنهى 20 عاماً من المحاولات الفاشلة لهزيمة حركة «طالبان». ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض إنّه ما من شيء كان بإمكانه «تغيير مسار الانسحاب»، وإنّ «الرئيس (جو) بايدن رفض إرسال جيل آخر من الأميركيين لخوض حرب كان يجب أن تنتهي، بالنسبة للولايات المتحدة، منذ فترة طويلة». وصدم الانسحاب الذي انتهى في 30 أغسطس (آب) 2021 الأميركيين وحلفاء الولايات المتحدة بعدما تغلبت «طالبان» في أسابيع على القوات الأفغا

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم 3 قتلى في هجوم روسي بمسيّرات على منطقة كييف

3 قتلى في هجوم روسي بمسيّرات على منطقة كييف

قُتل 3 أشخاص، وأصيب 7 آخرون بجروح، في هجوم بطائرات مسيّرة روسية، ليل الثلاثاء – الأربعاء، في منطقة كييف، على ما أعلنت الإدارة العسكرية الإقليمية، صباح اليوم الأربعاء. وقالت الإدارة، على منصة تلغرام، إن «موقعاً مدنياً تضرَّر في أعقاب الهجوم الليلي بطائرات مسيَّرة في منطقة كييف»، والذي تسبَّب باندلاع حريق، دون تقديم مزيد من التفاصيل، وبالأخص حول الموقع المستهدف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الأمير البريطاني هاري خلال مشاركته في الحرب بأفغانستان عام 2012 (رويترز)

وزير الدفاع البريطاني يتهم هاري بـ«التفاخر» بقتله 25 شخصاً في أفغانستان

اتهم وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، الأمير البريطاني هاري بـ«التفاخر» بعدد الأشخاص الذين قتلهم أثناء قيامه بجولة عسكرية في أفغانستان و«خذلان» زملائه في الخدمة. وانضم والاس، وهو جندي سابق، إلى قدامى المحاربين البارزين الآخرين لانتقاد مزاعم دوق ساسكس بأنه قتل 25 جندياً من حركة «طالبان»، أثناء خدمته مع الجيش البريطاني، وفقاً لصحيفة «الغارديان». وعلى الرغم من أن والاس قال إن الأمر متروك لكل فرد من أفراد الخدمة السابقين «لاتخاذ خياراته الخاصة بشأن ما يريد التحدث عنه»، لكنه لم يكن ليتحدث عن هذا الأمر في اجتماع علني. وتابع والاس: «القوات المسلحة لا تتعلق بالحصيلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم أفغان يحاولون عرض مستنداتهم على القوات الأجنبية في مطار كابل خلال عملية الانسحاب من أفغانستان 26 أغسطس 2021 (إ.ب.أ)

الجمهوريون يفتحون تحقيقات في الانسحاب «الكارثي» من أفغانستان

بدأ الجمهوريون في مجلس النواب بتحقيقاتهم في «الانسحاب الأميركي الكارثي من أفغانستان»، وأرسل رئيس لجنة الشؤون الخارجية الجديد مايك مكول رسالة إلى الإدارة الأميركية يطالبها فيها بتسليم وثائق ومعلومات مرتبطة بالانسحاب. ويقول مكول إنه «بعد انسحاب إدارة بايدن الفوضوي والمميت من أفغانستان، شعر أعداء أميركا بالقوة، وأصبحت البلاد ملاذاً آمناً للإرهابيين مجدداً». ووجه مكول، الذي توعد ببدء التحقيقات مع تسلم الجمهوريين للأغلبية في النواب، انتقادات شديدة للبيت الأبيض فاتهمه بعدم التعاون مع مطالبه بتسليم وثائق متعلقة بالانسحاب يعود تاريخها إلى أغسطس (آب) 2021، وذلك عندما كان كبيراً للجمهوريين في اللجنة.

رنا أبتر (واشنطن)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».