تخطت عتبة الـ40... درجات حرارة قياسية في أوروبا وتصاعد للحرائق (صور)

رجل إطفاء يقف مقابل نيران مشتعلة في إحدى غابات فرنسا (أ.ب)
رجل إطفاء يقف مقابل نيران مشتعلة في إحدى غابات فرنسا (أ.ب)
TT

تخطت عتبة الـ40... درجات حرارة قياسية في أوروبا وتصاعد للحرائق (صور)

رجل إطفاء يقف مقابل نيران مشتعلة في إحدى غابات فرنسا (أ.ب)
رجل إطفاء يقف مقابل نيران مشتعلة في إحدى غابات فرنسا (أ.ب)

شهدت بريطانيا وفرنسا أمس (الاثنين) درجات حرارة قياسية بسبب موجة الحرّ الشديدة التي تجتاح جنوب غربي أوروبا وتسبّبت بحرائق غابات.
وتخطت درجات الحرارة اليوم (الثلاثاء) في بريطانيا وللمرة الأولى عتبة الأربعين مسجلة 40.2 درجة في مطار هيثرو، على ما أعلنت وكالة الأرصاد الوطنية.
وجاء المستوى الجديد بعد ساعة من تجاوز المملكة المتحدة الحرارة القياسية البالغة 38.7 درجة مئوية المسجلة في 2019 في كامبريدج بشرق إنجلترا.
وحذّر خبراء الأرصاد الجوية في بريطانيا من حدوث اضطرابات في بلد غير مجهّز لمواجهة ظواهر مناخية قاسية تقول السلطات إنّها قد تعرّض حياة الناس للخطر، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتم تعليق الحركة الجوية في مطار لوتن شمال لندن بسبب «عيوب» في أرض المدرّج ناجمة عن ارتفاع الحرارة.

ويعتبر تجاوز الحرارة اليوم عتبة الـ40 درجة سابقة في تاريخ هذا البلد، في وقت يلقي فيه العلماء باللائمة على التغير المناخي ويتوقعون ظواهر مناخية قاسية أكثر تواترا وشدة في السنوات المقبلة.
وستبقى مدارس عدة في بريطانيا مغلقة اليوم بسبب الحر، كما حذّرت السلطات من إمكانية حدوث اضطرابات في حركة النقل.
وعلى الجانب الآخر من المانش، في فرنسا، سجّل عدد من البلدات والمدن أعلى حرارة على الإطلاق أمس، بحسب ما أعلنت الأرصاد الجوية.
وسجّلت الحرارة 39.3 درجة مئوية في بريست المطلّة على الأطلسي في أقصى الشمال الغربي لفرنسا، مقارنة بالمستوى القياسي السابق المسجّل في 2002 وهو 35.1 درجة مئوية.

وسجّلت سان بريو المطلة على المانش 39.5 درجة مئوية مقارنة بالمستوى السابق البالغ 38.1 درجة، بينما سجلت نانت (غرب) 42 درجة متخطية المستوى القياسي المسجّل في 1949 والبالغ 40.3 درجة.
وأعلى درجة حرارة مسجّلة في فرنسا على الإطلاق هي 46 درجة مئوية، وقد حدث ذلك في مدينة فيرارغ (جنوب) في 28 يونيو (حزيران) 2019.
وقال خبير الأرصاد فرنسوا غوراد لوكالة الصحافة الفرنسية إنه في «بعض المناطق الجنوبية الغربية، سيكون الحرّ أشبه بالجحيم».

*استعار النيران
وفي جنوب غربي فرنسا لم يتمكّن عناصر الإطفاء من احتواء حريقين كبيرين تسبّبا بدمار هائل.
وعلى مدى ستة أيام، واجهت جيوش من عناصر الإطفاء وأسطول من طائرات الإطفاء صعوبة في إخماد حرائق.
وحذّرت مراكز الأرصاد في 15 منطقة فرنسية من خطورة ارتفاع درجات الحرارة، بما فيها منطقة بريتاني (غرب) وأمس، أجلت السلطات الفرنسية احترازياً ثمانية آلاف شخص من منازلهم في تيست دو بوش (جنوب غرب)، البلدة الواقعة في حوض أركاشون السياحي والتي طالها من حريق هائل مستعر منذ أيام عدة.

كما اضطر عدد مماثل من سكّان لانديرا لمغادرة منازلهم خشية أن تصل إليها النيران.
وأتت النيران في هذه المقاطعة الفرنسية على أكثر من 15 ألفا و500 هكتار من الغطاء النباتي.
وفي إيرلندا سُجلت 33 درجة مئوية في فينيكس بارك بدبلن، أي أقل بـ0.3 درجة عن المستوى القياسي المسجل في 1887، بحسب مركز الأرصاد.
وموجة الحر التي تمتد شمالا هي الثانية التي تجتاح مناطق في جنوب غربي أوروبا في غضون أسابيع.

وسُجلت مستويات حرارة قياسية في هولندا بلغت 33.6 درجة مئوية مع تحذير من احتمال وصولها إلى 38-39 اليوم.
ويتوقع أن تبلغ الحرارة في بلجيكا 40 درجة وأكثر.

وقال خبراء المفوضية الأوروبية إن قرابة نصف (46 في المائة) من أراضي الاتحاد الأوروبي معرضة لجفاف يستدعي التحذير منه و11 في المائة عند مستوى الإنذار إذ باتت المحاصيل تعاني من نقص المياه.
أتت الحرائق المشتعلة في فرنسا واليونان والبرتغال وإسبانيا على آلاف الهكتارات من الأراضي وأرغمت آلاف الاهالي والسياح على الفرار من أماكن إقامتهم.
وكانت النيران لا تزال تشتعل في منطقة يبلغ طولها تسعة كيلومترات وعرضها ثمانية كيلومترات، قرب كثبان بيلات الرملية الفرنسية الأكثر ارتفاعا في أوروبا، محولة هذه المنطقة الخلابة المعروفة بمواقع التخييم والشواطئ البكر إلى مساحات متفحمة.
وعملت السلطات على إجلاء 8 آلاف شخص قرب الكثبان الإثنين، في وقت تسبب تغيير مسار الرياح في انتشار دخان أسود كثيف فوق مناطق سكنية.
وقال المتحدث باسم الإطفاء أرنو ميندوس لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الدخان سام» مضيفا بأن «حماية السكان مسألة تتعلق بالصحة العامة».
وأخلت حديقة حيوان مجاورة في اركاشون أكثر من ألف حيوان أرسلتها إلى حدائق أخرى هربا من الدخان.

وكان 16 ألف شخص من السياح والأهالي قد أُرغموا على مغادرة أماكن إقامتهم ومنازلهم، فيما لجأ العديد منهم إلى مراكز إيواء موقتة.
في إسبانيا أودت الحرائق في مقاطعة ثامورا بشمال الغرب براعٍ يبلغ 69 عاما، على ما أعلنت السلطات المحلية.
وقبل يوم لقي إطفائي حتفه في نفس المنطقة.
وفي وقت لاحق الخميس أعلنت وفاة موظف مكتب في الخمسينات من عمره جراء ضربة شمس في مدريد.
وقالت السلطات إن قرابة 20 حريق غابات لا تزال تشتعل من الجنوب إلى غاليثيا في أقصى شمال الغرب حيث دمرت الحرائق قرابة 4500 هكتار (11 ألف فدان) من الأراضي.
في البرتغال، تستمر حالة إنذار من حرائق الغابات، رغم تسجيل انخفاض طفيف في الحرارة التي بلغت الخميس الماضي 47 درجة مئوية، وهو مستوى قياسي لشهر يوليو (تموز).

وأودت الحرائق في البرتغال بحياة شخصين، وتسبّبت في إصابة نحو 60 بجروح، ودمرت ما بين 12 و15 ألف هكتار من الأراضي في البرتغال.

*ردود فعل بريطانية
في بريطانيا، تعرضت الحكومة الغارقة في أزمات كان آخرها استقالة رئيس الوزراء بوريس جونسون، لمزيد من الانتقادات لفشلها في التعامل مع الوضع بجدية كافية.
وقالت كارينا لوفورد (56 عاما) بينما كانت تتنزه في تانكرتون في الساحل الشمالي بكينت «الوضع مخيف بعض الشيء» مشيرة إلى أن الحرارة تذكرها بأستراليا حيث تعيش.

وأوضح بول ديفيز كبير خبراء الأرصاد في بريطانيا أن موجة الحر «تتماشى تماما مع تغير المناخ» وأضاف أن «قسوة» موجة الحر «مفاجئة» لكنها قد تصبح أكثر تواترا «بنهاية القرن».
وقالت الشبكة المسؤولة عن البنية التحتية للسكك الحديدية إن الخط المتجه من محطة كينغز كروس في لندن إلى يورك وليدز سيُغلق بين الساعة 11:00 ت غ و19:00 ت غ اليوم.
لكن البعض في بريطانيا مثل السباك ديف وليامز البالغ 64 عاما، انتقدوا التغطية الإخبارية المتواصلة لموجة الحر.
وقال: «كفى مبالغة... يتحدثون عنها وكأننا لم نشهد صيفا من قبل».

من بين الأشخاص الذين كانوا يقصدون الشاطئ موظف البنك أبو بكر، الذي كانت له وجهة نظر أخرى.
وقال مستلقيا على شاطئ برايتون «أنا من السودان... ودرجات حرارة من 40 و45 أمر عادي».



دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
TT

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)

في حين أوصت دراسة من جامعة كامبريدج بتقليص ساعات العمل وتطبيق «أربعة أيام عمل في الأسبوع» لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الصحة النفسية للموظفين والعاملين، صرّح محمد فاروق، المستثمر ورجل الأعمال المصري المعروف بـ«الشارك حمادة»، بضرورة زيادة ساعات العمل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية.

وأثارت التصريحات جدلاً عبر «السوشيال ميديا» بمصر، فبينما عدّ البعض تلك التصريحات تضر بحقوق العمال، عدّها آخرون تستهدف الحماس والتفوق في العمل.

وقال رجل الأعمال المصري محمد فاروق، إنه من الضروري العمل 12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع، وأضاف في برنامج بودكاست بعنوان «حكاية مدير» أن الدول الناجحة والمتقدمة تطبق هذا الأمر، ضارباً المثل بالصين وأن الناس هناك تعمل من 9 صباحاً إلى 9 مساء لستة أيام في الأسبوع.

وانتقد فاروق ما يروجه البعض حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية، عادّاً هذا الحديث الذي ظهر خلال «جائحة كورونا» نوعاً من «الدلع»، مؤكداً «عدم نجاح الدول التي اتبعت هذا الأسلوب»، وفق تقديره.

وعدّ عضو مجلس النواب المصري عن حزب التجمع، عاطف مغاوري، أن «هذا الكلام يذكرنا بعقلية بدايات النظام الرأسمالي الذي كان يستنزف العمال في أوقات عمل طويلة، إلى أن تمكنت حركات النضال العمالية من تنظيم عقد عمل وحقوق عمال ومواعيد للعمل، وهذا متعارف عليه عالمياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التشريعات العمالية حين منحت العمال إجازات أو حددت لهم ساعات عمل كان هذا لمصلحة العمل وليس لصالح العامل، لأنك لو استنزفت العامل فلن تكون لديه قدرة على الاستمرار، كما أن منحه إجازات يجعله يجدد طاقته ونشاطه».

وأشار إلى أن «الاجتهاد يجب أن يكون في إطار الدستور والقوانين الموجودة لدينا، لكن المنطق الذي يطرح حالياً ربما يكون الهدف منه نبيلاً، وهو تحويل المجتمع إلى مجتمع منتج، ولكن ليس باستنزاف العامل».

وزارة القوى العاملة في مصر (فيسبوك)

ولفت إلى وجود «تشريعات حديثة تدعو لاحتساب الوقت المستغرق للوصول إلى العمل والعودة منه ضمن ساعات العمل».

وينظم ساعات العمل في القطاع الحكومي (العام) في مصر والقطاع الخاص، قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وما طرأ عليه من تعديلات، بالإضافة إلى اللوائح والقرارات التنفيذية الداخلية بكل مؤسسة أو شركة، وتقر المادة 85 من قانون العمل المصري بأنه «في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في اليوم الواحد».

وعدّ الخبير في «السوشيال ميديا» محمد فتحي أن «البودكاست أصبح يتم استغلاله في الدعاية بشكل لافت»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض رواد الأعمال يستغلون هذه المنصة لبناء صورتهم الشخصية وعلاماتهم التجارية».

وأشار الخبير «السوشيالي» إلى سعي العديد من رجال الأعمال إلى بناء صورة إيجابية لأنفسهم وعلاماتهم التجارية من خلال المشاركة في البودكاست، حيث يمكنهم الوصول إلى جمهور واسع والتأثير في آرائه، للبحث عن الشهرة»، وفق تعبيره.

لكنه عدّ نقل الخبرات والمعرفة من الجوانب الإيجابية لظهور رجال الأعمال في البودكاست، بما يساهم في تطوير المهارات الريادية لدى الشباب، وكذلك إلهام الآخرين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم.

ووفق فتحي فإن «الأمر لا يخلو من جوانب سلبية لظهور رجال الأعمال في البودكاست من أهمها التسويق الخفي، بالإضافة إلى التركيز على النجاح الفردي بشكل مبالغ فيه، مما قد يخلق انطباعاً خاطئاً لدى المستمعين حول سهولة تحقيق النجاح».

وتوالت التعليقات على «السوشيال ميديا» حول تصريحات فاروق، بين من يعدّونه نموذجاً ويطالبون بتركه يتحدث، وآخرين عَدُّوه يتحدث بمنطق رجال الأعمال الذين لا يراعون العمال. وعلقت متابعة على الحلقة في «يوتيوب»، وكتبت: «المفروض يتعمل نادي لرجال الأعمال علشان يتجمعوا ويطوروا ويفيدوا بعض... وعجبتني جداً رؤية محمد فاروق للتكنولوجيا وحماسه تجاهها».

في حين كتب متابع آخر: «من السهل أن يعمل 12 ساعة وأكثر لأنها أعمال مكتبية، لا يمكن مقارنتها بعامل يقف على قدميه طوال اليوم لمدة 12 ساعة».

ويرى استشاري الأعمال الدولي، محمد برطش، أن «ساعات العمل لها قانون يحددها في أي مجتمع، لكن هناك ظروف استثنائية يمكن أن يعمل فيها الشخص 12 و20 ساعة لو هناك ما يتطلب ذلك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرفض المقارنة بين مصر ودول أخرى، خصوصاً أوروبا وأميركا وأستراليا، فهذه دول تحملت الكثير لكي تصل إلى ما هي عليه الآن، وظروفها لا تشبه ظروفنا».

وتابع: «فكرة 12 ساعة عموماً يمكن الموافقة عليها أو رفضها بعد الإجابة عن عدة أسئلة، مثل: في أية ظروف وبأي مقابل، في القطاع العام أو الخاص؟ فمثلاً لو قلنا إن مصر لديها مشروع قومي لتصبح دولة صناعية حقيقية وسنطبق 12 ساعة عمل لتنفيذ مشروع قومي في مجال إنتاج بعينه حتى يتحقق الهدف من المشروع فهذا مقبول، لكن في الظروف العادية فهذا يتنافى مع قانون العمل».

وتبلغ ساعات العمل الأسبوعية في القطاعات المختلفة بمصر نحو 55 ساعة عمل أسبوعياً، وفق إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صادرة عام 2022.