تفجر الأوضاع في ولايات السودان بسبب احتجاجات «الهوسا»

إحراق سيارات خلال احتجاجات أفراد قبيلة الهوسا في كسلا أمس (أ.ف.ب)
إحراق سيارات خلال احتجاجات أفراد قبيلة الهوسا في كسلا أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجر الأوضاع في ولايات السودان بسبب احتجاجات «الهوسا»

إحراق سيارات خلال احتجاجات أفراد قبيلة الهوسا في كسلا أمس (أ.ف.ب)
إحراق سيارات خلال احتجاجات أفراد قبيلة الهوسا في كسلا أمس (أ.ف.ب)

تفجرت الأوضاع في عدد من ولايات السودان، بعد أن خرج الآلاف من أفراد قبيلة «الهوسا» في تظاهرات غاضبة في مدن كسلا، والقضارف، كووستي، ربك ومدني، وأغلقوا الطرقات الرئيسية بالمتاريس، احتجاجاً على الأحداث الدامية التي خلفت العشرات من القتلى والجرحى وسط أفراد القبيلة في إقليم النيل الأزرق خلال الأيام الماضية.
واندلعت اشتباكات قبلية حادة قبل أسبوع بعدد من مناطق النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد، بين قبيلتي «الهوسا» و«البرتي»، بسبب نزاع حول الأراضي، قُتل خلالها أكثر من 60 شخصاً، وجُرح 160 آخرون، مع نزوح الآلاف بحسب إحصائيات رسمية.
وأحرق المحتجون أجزاءً من مقر السلطة المحلية، ومكاتب رسمية وإدارة البترول، ومحطة للمياه، وعدداً من السيارات الحكومية بولاية كسلا، كما أغلقوا السوق الرئيسية قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية لتفريقهم باستخدام الغاز المسيل للدموع. وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن المستشفى العام استقبل أكثر من 15 مصاباً بالرصاص الحي، وعبوات الغاز المسيل للدموع، فيما ترددت أنباء عن وقوع عدد من القتلى خلال الأحداث.
وخشية تدهور الأوضاع، سارعت السلطات الأمنية بولاية كسلا بإصدار قرار حظر التجوال والتجمهر بالأماكن العامة والطرق، اعتباراً من يوم أمس إلى حين إشعار آخر، تحسباً لانتقال الصراع القبلي إلى داخل الولاية. فيما قال شهود عيان إن القوات الأمنية تصدت بعنف مفرط للمحتجين، وأطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في الهواء لتفريقهم.
كما خرج الآلاف من قبيلة «الهوسا» في احتجاجات مماثلة في مدينة القضارف شرق البلاد، وفي مدن كوستي وربك بولاية النيل الأبيض، وفي مدينة ودمدني بولاية الجزيرة (وسط)، للتعبير عن رفضهم للعنف وأعمال القتل، التي تعرض لها أبناء القبيلة بالنيل الأزرق، وطالبوا بتشكيل لجان تحقيق لمعاقبة المتورطين في أحداث القتل.
وبينما قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المحتجين خرجوا في هذه المدن بطريقة سلمية، أعلنت قبيلة «الهوسا» عن تنظيم تظاهرة «مليونية» اليوم (الثلاثاء) في العاصمة «الخرطوم»، والدخول في إضراب عن العمل لمدة يوم واحد.
ودعا بيان منسوب للجنة المركزية لأبناء «الهوسا» للوقف الفوري للقتل الممنهج في إقليم النيل الأزرق، وتوفير الحماية اللازمة والعاجلة للمواطنين العزل، وإعادة النازحين إلى مناطقهم. وناشد جميع أبناء القبيلة في كل ولايات البلاد بضبط النفس. مؤكداً أنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد من ثبت تورطه واشتراكه في الفتنة، وتقديم كل الأدلة اللازمة والعاجلة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1549319382211432449
وعاد أمس الهدوء الحذر إلى مدن إقليم النيل الأزرق، بعد نشر السلطات قوات من الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، وبدأت الأسواق والمحال التجارية تفتح أبوابها بعد أسبوع من الأحداث الدامية. كما ناشد حاكم النيل الأزرق، أحمد العمدة، في تصريحات صحافية نقلتها وكالة أنباء السودان الرسمية «سونا» كافة الأجهزة النظامية بأن تضرب بيد من حديد على مثيري العنصرية والكراهية والفتن بالإقليم. وأكد أن حكومته ستحسم الفوضى والعنف قانونياً وأمنياً، متعهداً بتقديم أي شخص أجرم للقانون.
ومن جانبه، أعلن الجيش السوداني أول من أمس تعزيز القوات الموجودة في إقليم النيل الأزرق، والتعامل الحاسم والفوري مع كل التفلتات والاعتداءات على المواطنين والممتلكات. فيما شكلت النيابة العامة لجنة للتحقيق والتحري في أحداث النيل الأزرق، برئاسة رئيس نيابة عامة وعضوية الأجهزة النظامية (الجيش، الشرطة، المخابرات وقوات الدعم السريع).
في غضون ذلك، قال رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين، إن القوات المسلحة، تتابع الأوضاع في المناطق المتأثرة بتداعيات الأحداث في ولاية النيل الأزرق، وتعمل على احتوائها.
جاء ذلك خلال لقائه أمس بالقيادة في الخرطوم أعضاء هيئة الأركان وقادة القوات والمفتش العام وكبار الضباط برتبة الفريق، ومديري الأفرع والإدارات وقادة الوحدات.
وأضاف الحسين قائلاً: «لن نسمح بانزلاق البلاد إلى الفوضى»، مؤكداً قدرة القوات المسلحة وجاهزيتها لتأمين البلاد. كما أعرب الحسين عن أسفه لما حدث بإقليم النيل الأزرق، مشيراً إلى استعداد قيادة القوات المسلحة لمساندة القوات النظامية الأخرى لمجابهة التحديات الماثلة.
وأكد أن السلطات ستتعامل بحزم لردع من يثيرون الفتن، بالتنسيق مع لجان أمن الولايات وقيادات الفرق لحفظ الأمن والاستقرار.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.