«العين بالعين»... هل باتت الجريمة عرفاً في المسلسلات؟

«الشرق الأوسط» في كواليس عمل مُرتقب يجمع سيرين عبد النور ورامي عياش

الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور (حسابها على إنستغرام)
الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور (حسابها على إنستغرام)
TT

«العين بالعين»... هل باتت الجريمة عرفاً في المسلسلات؟

الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور (حسابها على إنستغرام)
الفنانة اللبنانية سيرين عبد النور (حسابها على إنستغرام)

يستمرّ تصوير مسلسل «العين بالعين» من بطولة سيرين عبد النور ورامي عياش. موعد العرض الأولي في أغسطس (آب) المقبل على منصة «شاهد». الجميع متحمّس لأصداء ما سيحمله نصّ الكاتبة السورية سلام كسيري (كاتبة مسلسلات بينها «طريق» مع نادين نجيم وعابد فهد، و«الساحر» مع عابد فهد وستيفاني صليبا)، وإخراج اللبنانية رندا العلم. «الشرق الأوسط» تسأل سيرين عن الدور، ورامي عن تراكم التجارب التمثيلية، والكاتبة عن نصّها وما يريد المُشاهد العربي من الصناعة الدرامية.
يخفق قلب سيرين عبد النور وهي تتحدّث عن الشخصية. قبل عام تقريباً، عُرض لها على «شاهد» مسلسل «دور العمر» مع عادل كرم، فأطلّت بكاركتير مختلف. التمثيل مسرحها، تُبدّل الشخصيات كمن يلهو بلعبته المفضلة ويمضي معها أحلى الأوقات. ما جديد الشخصية؟ تكشف لـ«الشرق الأوسط» أنها صاحبة الفكرة، لذا، فهي لا تمثل، بل تعيش حالة خاصة: «أؤدي شخصية صحافية استقصائية اسمها نورا؛ تدافع عن الحقيقة فتتعرض للتكبيل والتهديد. تتبدّل الأحوال يوم تصبح شاهدة على جريمة اغتيال شخصية كبيرة، فتتوالى الأحداث».
ترى الدور شبيهاً بواقع لبناني يُغلّب الفساد والمحسوبية على الضمير. تُكمل كشف معالم الشخصية: «تُلاحَق من المرتكبين وأيضاً من الشرطة، وتُتهم بأنها طرف. باقي القصة في حينها».

سلام كسيري كاتبة مسلسل «العين بالعين»

تضع نفسها أمام تحدٍ جديد: «الحماسة عالية كأنني أثبت نفسي بالدور الأول! يتملكني الخوف وأحرص على أداء عالٍ ينتظره الجمهور. في التصوير، قالت رندا (علم) لي: شو رح تعملي بالناس؟ قاصدة الإطراء. وضعت يدي على قلبي وقلت يا رب دخيلك. هكذا أتعامل مع كل تحدٍ».
يحملها الخوف إلى ذرف دمعة: «أبكي أحياناً لشدّة توقي إلى الروعة. لا أملك شيئاً في حياتي الفنية سوى الناس الذين يثقون بي. لا أحبذ استعمال كلمة جمهوري، ففيها بعض الأنانية. أسعى إلى إرضائهم وأخشى الغياب عنهم».
الدور فكرتها، أطلعت شركة «الصباح أخوان» عليه، فكيف وُلدت الفكرة؟ تجيب أنها رد اعتبار للمظلومين ومَن ماتوا قهراً ولم تتحقق العدالة: «في لبنان، الأمثلة كثيرة. أقدّم شخصية لمح فيها بعضاً من كياني. إنني كنورا، أقول الصدق ولو كلّفني غالياً. لا أخاف، الهدف أهم من الخوف».
22 عاماً وسيرين عبد النور تؤكد مكانتها في الدراما العربية. وإن سألناها عن أدوارها الأحب، أجابت: «تلك التي تستفزّني ولا تشبهني. الأدوار المركّبة التي تُخرج مني شيئاً من الشرّ فأقول لنفسي يا لكِ من شريرة!». دور نورا مغاير: «إنه واقعي، يعبر عن امرأة تعاني غبن العالم. ثمة أدوار للترفيه وأخرى للرسائل. هذا الدور رسالة».
ننتقل إلى رامي عياش الذي يطل في «العين بالعين» بشخصية المحقق عزام الذي يتولى ملف الاغتيال، فيلاحق نورا حتى تنشأ بينهما علاقة تحدٍ وتناغم في ظروف غير مواتية. عنه يقول: «دور جديد، ككل الأدوار المفترض أن تمر في مسيرة الفنان. بالنسبة إليّ، على الممثل الاهتمام بالدور، وإن تراءى أنه يشبه شخصيته الحقيقية. لا بد من تحدي نفسه للتجديد. عزام رجل دولة، لكنه أيضاً إنسان من عواطف. صراع العقل والقلب سيترك وَقْعاً».


رامي عياش وسيرين عبد النور في بطولة «العين بالعين» (حسابها على إنستغرام)

كيف تتطوّر التقنيات مع تراكم الأدوار؟ يجيب: «منذ الفيديو كليبات قبل 25 سنة، كان الفنان يمثّل شخصيات سعيدة أو حزينة بحسب الأغنية. ما يختلف أن للدراما حرفية ومهنية خاصة، أتعامل معها باحترام واهتمام. لم أعد التمثيل يوماً تحصيلاً حاصلاً. أطوّر نفسي في الغناء والألحان، فكيف بالدراما؟».
تسعده الثنائية مع سيرين، ويكشف: «عدد كبير من المخرجين أرادوا جمعنا في مسلسل، فقطف صادق الصباح الثمار. نحن صديقان، وسيرين محترفة يحلو التعاون معها». انطلاقاً من هنا، هل يتوقف رامي عياش على اسم البطلة أو يشترط أسماء دون أخرى؟ رده باختصار: «لا مشكلة فيمَن يشاركني أعمالي على مستوى الأغنيات والدراما. في النهاية، الحكم للناس».
يصف شخصية عزام بـ«الغالية»، ويضيف أنها ليست فقط للمسلسل، واختيار الاسم ليس عبثياً، واعداً بالتفاصيل لاحقاً. الخلاصة: «تشبهني إلى حد ما، وتشبه كل ضابط شريف بالتزامه وشغفه، وإن بدا قاسياً بحضوره العسكري. عزام متعاطف ويخاف على الآخرين».
بالانتقال إلى كاتبة المسلسل سلام كسيري، يحضر سؤال عن أزمة الكتّاب وما ينعش الصناعة الدرامية. تضع معيارين لازدهار القطاع الدرامي: «تنوّع الأفكار وعدم وجود قيود. لا أظنّ أنّ ثمة أزمة كتّاب أو مواضيع جديدة في الدراما العربية بقدر ما توجد عراقيل لوصول المشاريع الجيدة إلى أصحاب القرار والحصول على قبول لتنفيذها».
سؤال يبدو فجاً، ولكن: هل باتت الجريمة «عُرفاً» في مسلسلات المنصات؟ هل هو تعطّش الجمهور العربي لروائح العنف أم أنها رغبة السوق والمنتجين؟ تردّ على السؤال بسؤالين: «لِمَ لا؟ هل علينا مثلاً تقديم الكوميديا دون غيرها فقط لأننا نعاني تفاقمَ المآسي؟ نعم، الجمهور العربي يهوى التنوّع ومشاهدة جميع أنواع الدراما بما فيها الأكشن. في (العين بالعين) حاولنا توصيف مواضيع تخص عمق واقعنا العربي ضمن قالب الحدث السريع وأسلوب الإثارة».
نعود إلى وصف سيرين لدورها على أنه رسالة، فتعلق: «أي عمل يخلو من الرسائل لا يترك أثراً يُذكر في وعي المُشاهد. الترفيه جزء مهم من أي عمل مهما بلغت جدّية الموضوعات المطروحة من خلاله. (العين بالعين) لا يخلو من رسائل تعني الجمهور العربي ولم تُطرح كثيراً من قبل».
تبحث سلام كسيري عن مواضيع من الواقع ضمن الظروف المتاحة، فتُنهي: «ربما هي المرة الأولى التي وجدتُ فيها الطريقة للكتابة عن مشاكل واقع عام يخصّ بلداننا ضمن إطار مشوّق ومسلٍ. في اعتقادي، أن وظيفة الدراما البنّاءة طرح الهموم العامة ومعالجتها. وعلى القصص أن تكون جديدة وجاذبة، فيتلقّف الناس الرسائل بمتعة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
TT

وقف النار لم ينهِ متاعب الصيادين في جنوب لبنان

صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)
صيادون لبنانيون يلتقون في مرفأ صور بعد وقف إطلاق النار (رويترز)

أرخت الحرب الإسرائيليّة بظلالها على صيادي الأسماك الذين يعملون في جنوب لبنان، فباتوا من دون مصدر رزق، يعانون ظروفاً معيشية صعبة للغاية، وهم في الأصل متضررين من تبعات أسوأ أزمة اقتصاديّة واجتماعية عصفت بالبلاد منذ نحو 5 سنوات، ما زاد فقرهم ومعاناتهم أكثر.

ويشكو يوسف، الصياد البحري، سوء أحواله بعد أن قضى نحو 50 سنة في مهنة الصيد، ويقول: «لم يعد القطاع منتجاً كالسابق. الظروف جميعها اختلفت. وضع الصيادين مأساوي جداً ويشبه حال المدينة راهناً، بعد أن أنهكتها الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة. لم أبحر بمركبي الصغير منذ أكثر من شهرين، فالقصف كان فوق رؤوسنا».

400 صياد يعانون

يتحدَّث أمين سرّ نقابة صيادي الأسماك في مدينة صور، سامي رزق، عن معاناة الصيادين نتيجة الحرب الإسرائيلية؛ حيث توقف نشاطهم البحري طوال الشهرين الماضيين، «حتّى باتت أحوالهم صعبةً للغاية».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تضررنا تدريجياً، حتّى بتنا نعيش واقعاً سيئاً للغاية؛ إذ تعطّلت سبل الصيد لدى أكثر من 400 صياد، في صور وحدها، وتوقف عمل الـ(جي بي إس) الذي يُمكِّننا من تحديد مكان الصيد، كما انخفضت أسعار السمك، وأقفلت المسامك أبوابها كلياً بعد مرور أيام قليلة على بدء الحرب».

أزمة قديمة جديدة

ويتحدَّث رزق عن أزمة الصيادين المستمرة منذ سنوات قائلاً: «معاناتنا سابقة للحرب الأخيرة، تعود تحديداً إلى العام الماضي، حين بدأت أحداث غزة ومعها الاشتباكات على الحدود الجنوبيّة بين (حزب الله) وإسرائيل، لتضع إسرائيل وقتها قيوداً على حرية حركة الصيادين، وتسمح لهم بالصيد ضمن مساحة ضيقة للغاية لا تتيح لهم الصيد بشكل مناسب في البحر».

الأوضاع العامة انعكست بدورها على أسعار السمك، وفق ما يقول رزق: «انتهت الحرب لكن لا شيء يبعث للحماسة لدى الصيادين، إذ إن سعر كيلوغرام السمك لا يزال دون المستوى المطلوب، فعلى سبيل المثال، انخفض سعر الكيلو من نوع اللقز إلى 700 ألف ليرة لبنانية (نحو 8 دولارات) بعدما كان يتخطى مليوني ليرة سابقاً (نحو 22 دولاراً)، وهو رقم متدنٍ جداً لا يكفي لتغطية تكلفة الصيد نفسه».

خوف من الإبحار

قبل 23 سبتمبر (أيلول)، أي قبل توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان، كان بحر صور يعجّ بالصيادين الذين يبحرون يومياً، لكسب رزقهم وتأمين لقمة عيشهم من بيع السمك، ويعتمدون على الموسم السياحي، إذ لا مهنة أخرى لدى غالبيتهم.

اليوم ينشغل كثير من الصيادين في صور بإصلاح مراكبهم وتجهيزها من أجل العمل مجدداً عليها، لكن يجمع غالبيتهم على أن الإبحار راهناً فيه كثير من المخاطر ما دامت الخروقات الإسرائيلية مستمرة، والمسيَّرات تحلق في الأجواء فوق رؤوسهم، بحيث إن عدداً قليلاً منهم عاد للخروج إلى البحر.

وخلال الحرب، حاصرت الإنذارات الإسرائيلية الصيادين، محذِّرة إياهم من الاقتراب من المنطقة البحرية، فامتنعوا عن الإبحار؛ حفاظاً على أرواحهم.

قيود مستمرة رغم انتهاء الحرب

من على متن قاربه الذي كان يبحر به يومياً قبل الحرب، يُخبرنا محمود أحمد، البحار منذ أكثر من 35 سنة، كيف بقي صامداً في صور ولم يغادرها طوال فترة الحرب، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «بقيت هنا، أنا وعدد صغير من الصيادين، عاونا بعضنا وتخطينا هذه المرحلة».

ويضيف: «قدّموا لنا بعض المعونات الغذائية منها المعلبات، لكنها لم تكن كافية، وهو ما اضطرنا إلى أن نصطاد السمك خلسة وبحذر كي نقتات به. كانت مهمة صعبة للغاية ومخاطرها كبيرة».

لكن اليوم وبعد وقف إطلاق النار لا تزال مجموعة من المناطق ممنوعةً على الصيادين، إذ عادت وفرضت إسرائيل قيوداً على حركتهم في البحر، لا سيّما لجهة الناقورة، التي كان بحرها يشكِّل مقصداً لصيادي صور والجنوب، يبحرون بمراكبهم وزوارقهم إلى هناك. وهو ما يتحدَّث عنه محمد، قائلاً: «لقد تفاقمت معاناة الصيادين بفعل الحرب المدمّرة. والآن يمنعوننا من الوصول إلى الناقورة والبياضة، نحن محاصرون ومقيدون».

صيادون لبنانيون يفككون شبكة الصيد في مرفأ صور بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

صامدون في صور

وحال الصياد محمد أبو العينين ليس أفضل، يُخبرنا عن فترة الحرب: «بقيت هنا في صور، وعند كل تهديد بالإخلاء، أهرب إلى الميناء، حيث نلجأ نحن الصيادين ونختبئ إلى أن تنتهي جولة القصف المكثفة، وهكذا، بقيت إلى أن انتهت الحرب. أشكر الله أن منزلي لم يتضرر». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «خلال الحرب منعونا من الصيد والإبحار. تبلَّغنا رسمياً من قبل الجيش اللبناني بعدم الإبحار، التزمنا بالأمر ولم نخرج».

وتؤمّن مئات العائلات قوتها اليومي من البحر، لكنها أخيراً وجدت نفسها فجأة دون عمل، بعد أن تعطّل الصيد البحري خلال الفترة الماضية.

ولا تختلف حال الصيادين اليوم عن أحوال كل أبناء المدينة الذين يفتقرون لمقومات الحياة، «حالنا مثل حال أبناء المدينة؛ نعاني من أزمة انقطاع المياه والكهرباء»، يقول أحمد، مضيفاً: «نطلب من الدولة أن تنظر إلى حال الصيادين. معيشتنا متواضعة، ولا نملك سوى عملنا في البحر كي نربي أولادنا، لكن حالنا كانت أفضل بكثير في مرحلة ما قبل الحرب. نتمنى أن تنتهي الأزمة قريباً».