بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اليوم (الاثنين)، علاقات الصداقة التاريخية الراسخة، والفرص الواعدة لتطوير التعاون وتوسيع آفاقه في مختلف الجوانب، إضافة إلى مجمل التطورات والقضايا الإقليمية والدولية.
واستعرض الجانبان خلال لقائهما في قصر الإليزيه، مسارات التعاون المتنوعة في إطار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خصوصاً في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة والأمن الغذائي، بجانب البيئة والتغير المناخي، وغيرها من المجالات الحيوية التي تحظى باهتمام مشترك، وتدعم تطلعاتهما إلى مستقبل أفضل، مؤكدين حرصهما على استمرار التشاور والتنسيق تجاه العديد من القضايا والملفات المشتركة.
وأشار الشيخ محمد بن زايد إلى أن الطاقة بكل أنواعها تمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، منوهاً بحرص دولة حريصة على دعم أمن الطاقة في العالم عامة، وفي فرنسا خصوصاً، لافتاً إلى توفر العديد من إمكانات الشراكة ومقوماتها بين البلدين في هذا المجال. وقال إن أبوظبي وباريس لديهما اهتمام كبير بقضايا البيئة ومواجهة التغير المناخي في إطار «اتفاق باريس بشأن المناخ»، وهذا يفتح المجال أمام مزيد من العمل المشترك في هذا الشأن، متطلعاً إلى التنسيق والتعاون مع فرنسا «لتعزيز الاستجابة الدولية للخطر الذي يهدد كوكبنا، المتمثل في التغير المناخي».
كان ماكرون قد استقبل الشيخ محمد بن زايد، في باحة القصر الرئاسي، وعانقه بحرارة، وشاركت في الاستقبال على وقع موسيقى الحرس الجمهوري وتحيته عقيلة الرئيس ماكرون بريجيت. وأعرب عن سعادته بزيارة الرئيس الإماراتي «التاريخية» إلى باريس، مثمناً اختياره إياها لتكون وجهة لأول زيارة دولة له بعد انتخابه رئيساً للإمارات، وقال: «إنني أقدر لكم هذا الاهتمام وأدرك مدى أهميته».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1549040542906032128
وأفادت مصادر قصر الإليزيه بأن الرئيس ماكرون قدم للشيخ محمد بن زايد أعلى وسام في الجمهورية، وهو الوشاح الأكبر لجوقة الشرف الفرنسية، وهدية عبارة عن نسخة لإحدى أقدم خرائط منطقة الخليج، التي رسمها في عام 1535 لورنز فريز، وهي تبين الخليج والجوار الجغرافي، مضيفة أنهما عقدا اجتماعاً مغلقاً حول مأدبة غداء لم تضم سواهما.
وأقيمت للرئيس الإماراتي في «قصر الإنفاليد»، مراسم استقبال رسمية مع بداية زيارته لفرنسا، ومثّل رئيس الجمهورية وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، حيث تبادلا الحديث لفترة غير قصيرة. بعدها جرت مراسم الاستقبال.
بعد الإليزيه، سيلتقي الشيخ محمد بن زايد، جيرار لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ الواقع مبناه على الضفة اليسرى لنهر السين من الجهة المقابلة لساحة الكونكورد. وليلاً، سيكون ضيف الرئيس ماكرون في «عشاء دولة» سيقام في مقصف «لو غران تريانون»، الواقع بمحيط قصر فرساي التاريخي الذي كان لمئات السنين مقر ملوك فرنسا، وشهد أبرز فترة له إبان حكم الملك لويس الرابع عشر.
وغداً، يلتقي رئيس دولة الإمارات رئيسة البرلمان يائيل بيفيه براون، ورئيسة الحكومة إليزابيث بورن قبل أن يغادر العاصمة الفرنسية، وستصحبه إلى المطار وزيرة الخارجية كاترين كولونا.
وينتظر أن يتم في الساعات القليلة القادمة احتفال بتوقيع مجموعة من العقود بين الجانبين في مقر وزارة الخارجية. وبالتوازي مع أنشطة الرئيس الإماراتي، فإن الوزراء المرافقين ستكون لهم لقاءات مع نظرائهم الفرنسيين، وذلك في إطار إعطاء مضمون حقيقي لما اتفق الطرفان على تسميته «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».
وتعد زيارة الدولة التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد بناءً على دعوة رسمية من الرئيس ماكرون الثانية من نوعها بين البلدين، حيث إن الأولى قام بها الشيخ زايد بن سلطان عام 1991، وهي تعد أرقى وأعلى أنواع الزيارات الرسمية على الإطلاق.