هند صبري: خوف الممثل من الجمهور ضروري

تحدثت إلى «الشرق الأوسط» عن دورها في «كيرة والجن»

صبري في لقطة من العمل
صبري في لقطة من العمل
TT

هند صبري: خوف الممثل من الجمهور ضروري

صبري في لقطة من العمل
صبري في لقطة من العمل

أكدت الفنانة التونسية هند صبري أن تقديمها شخصية المناضلة الصعيدية القبطية «دولت غبريال فهمي» خلال أحداث فيلم «كيرة والجن» كان «تحدياً كبيراً، ومسؤولية مهمة، لأنها بعيدة تماماً عن شخصيتي الحقيقية، وبيننا اختلاف جذري، بالإضافة إلى قيمة الشخصية التي تعد أحد رموز المقاومة المصرية في مطلع عشرينات القرن الماضي ضد الاحتلال الإنجليزي».
وكشفت هند صبري في حوارها مع «الشرق الأوسط» عن أسباب حماسها لتقديم هذا الدور قائلة: «للشخصية اتجاه مختلف وسمات وصفات لم أتطرق لها من قبل خلال مسيرتي، كما أن عوامل الجذب الأخرى كانت كثيرة ومشجعة، والتي كان من بينها المخرج مروان حامد، والكاتب أحمد مراد مؤلف رواية (1919)، وأحمد عز وكريم عبد العزيز».
مشيرة إلى أنها توحدت مع شخصية «دولت» منذ قراءة الرواية، فهي شخصية أسطورية ورمز للحركة النسائية في مصر، كما كانت نهايتها تراجيدية جداً.
وأوضحت صبري أن «تقديمها لهذه الشخصية لم يكن سهلاً كما يعتقد البعض، لا سيما أن التفاصيل الواقعية الخاصة بـ(دولت فهمي)، ليست معروفة بشكل كامل من ناحية الأزياء حتى الصور التي تُظهر ملامحها وشكلها الخارجي، لا يوجد توثيق تاريخي عنها، لذلك اعتمدت في تقديم الشخصية على تفاصيل المخرج مروان حامد، وقدراتي الفنية وتصوري الشخصي وكتابة أحمد مراد».


الفنانة هند صبري

ورغم ملامح «دولت» الهادئة، فإنها تحمل بركاناً بداخلها، حسب الفنانة التونسية، التي تقول: «أنا أحب تقديم الشخصيات القوية وشخصية (دولت فهمي) كانت كذلك، لكنها لم تكن شخصية عادية في تجسيدها بل كانت مرهقة، وأعتقد أن هذا المجهود الكبير الذي قدمته ظهر على الشاشة، ليس من ناحيتي فقط كفنانة شاركت في هذه التوليفة الفنية التي ستعيش، ولكن بسبب الرعب والخوف الكبير من المسؤولية التي وُضعت على عاتقنا تجاه الجمهور الذي يأمل دوماً في فن مختلف وله سقف توقعات عالٍ تجاه صناع العمل».
وأكدت صبري أنها لم تواجه صعوبة في التحدث باللهجة الصعيدية، بعدما سبق لها تقديمها من قبل عبر فيلم «الجزيرة». لافتةً إلى أنها لم تواجه صعوبة كذلك في تقديم مشاهد حركية: «كنت في غاية السعادة بتقديم كل ما هو مختلف، فالأكشن جزء من الشخصية ومقاومتها للاحتلال بجدية من أهم تفاصيلها».
وعن عملها مجدداً مع المخرج المصري مروان حامد، الذي تعاونت معه من قبل في فيلمي «عمارة يعقوبيان»، و«الفيل الأزرق»، تقول: «مروان حامد مخرج متمكن يهتم بجميع الأبعاد النفسية والاجتماعية والتفاصيل الخاصة والدقيقة، وهذا يجعل الفنان يرتدي الشخصية ويتعمق بداخلها بشكل حقيقي، فهو مخرج عبقري له تفاصيل معينة تميزه عن غيره».
وتؤكد صبري أنها توقعت نجاح «كيرة والجن»، رغم حالة الخوف التي انتابتها: «أعتقد أن الفيلم حقق نجاحاً بفضل التوافق الفني بين أبطاله في الكواليس التي كانت عبارة عن جلسات فنية عائلية على مدار 3 سنوات استفدنا منها كثيراً، حتى نضجت هذه التجربة الثرية بشكل كبير وخرجت للنور لتصبح علامة مؤثرة في صناعة السينما بشكل عام، فهو ليس فيلماً موسمياً عابراً يل وثيقة مهمة لتوعية كل الأجيال والتذكير بجزء مهم من التاريخ المصري». وترى صبري أن خوف الفنانين من الجمهور أمر ضروري، «لا بد أن يظل خائفاً مهما قدم خلال مشواره من نجاحات، فهذا النجاح مسؤولية كبيرة وخوف على اسم صنعه بعد معاناة، وأنا في رأيي أن الفنان الذي لا يخاف لا بد أن يبحث له عن مهنة أخرى بعيداً عن التمثيل، لذلك أحرص مع كل عمل جديد أن أكون مختلفة ومتجددة وأنتظر رأي الجمهور بفارغ الصبر كي يمنحني شهادة جودة جديدة أحتفظ بها في رصيدي».
واختتمت صبري حديثها بالإشارة إلى استكمالها تصوير أحدث أعمالها الفنية بعنوان «مهب الريح» للعرض قريباً على إحدى المنصات الرقمية، وهو مأخوذ عن أحداث مسلسل الإثارة والتشويق الأميركي «The Good Waif» والمكون من 45 حلقة بمشاركة الفنانين إياد نصار، وماجد المصري، وإخراج أحمد خالد موسى.



وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
TT

وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)

في حفل الـ«موركس» بنسخته الـ24 الأخيرة حصد الفنان وليد توفيق جائزة «اليوبيل الذهبي» على مشواره الفني. فهو أمضى حتى اليوم كل هذه السنوات يحقق النجاح تلو الآخر. بالنسبة له فإن التكريمات التي حصدها كانت كثيرة، ولكنه يستطرد قائلاً: «يبقى التكريم الذي ألاقيه في بلدي لبنان له مذاق آخر. كما أن هذا النوع من الحفلات يتيح لي فرصة الالتقاء بفنانين، وخصوصاً بممثلين لا أصادفهم كثيراً. فلمّة الفن عزيزة على قلبي. والتكريم جميل، خصوصاً إذا ما جاء من جهة راقية مثل الـ(موركس دور). فنحن نفتخر بهذه الجائزة اللبنانية الصنع. ونقدّر ما يقوم به الطبيبان زاهي وفادي حلو سنوياً لتنظيمها».

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشواره كان طويلاً وتخللته صعوبات ومطبّات عدة، ولكن النجاح والفرح كللاه باستمرار. ويتابع: «لقد تعلمّت دروساً كثيرة من كل خطوة قمت بها. ولعلّ الدرس الأهم يتعلّق بعدم التنازل عن مبادئ معينة. فهناك أشخاص يحاولون إغراقك بالخطأ عندما يلمسون نجاحاتك. أصررت على مكانتي الفنية وعرفت كيف أواكب كل جديد. فالمطلوب من الفنان ألا يعيش الركود أبداً. فيبحث دائماً عما يحرّك ويعزز مشواره».

50 سنة من النجاحات لا بد أن يلمسها محاور وليد توفيق في شخصيته الرصينة والقريبة إلى القلب في آن. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عما يستوقفه في مشواره هذا، فيردّ: «عندما أستعيد شريط ذكرياتي أشعر بالغبطة. وأندم في المقابل على عدم إعطاء أولادي الوقت الكافي لأكون بقربهم. راضٍ أنا من دون شك عن مسيرتي، وأهنئ نفسي بحب الناس لي».

مشواره الفني الخمسيني تكلل بالنجاحات المتتالية (وليد توفيق)

يعترف وليد توفيق بأمر يراوده دائماً: «أشعر بأن كل ما مررت به كان مكتوباً لي، ولطالما أحسست بأن قوة ربانية تمسك بيدي وتسيّرني كما تشاء. لا شك أني اجتهدت وتعبت، ولكنّ هناك أمراً أقوى مني ساعدني. أمشي بطريقي على ما يقدّر الله. وعندما أعتلي المسرح لا أحضّر للأمر مسبقاً. فهناك إحساس معين يولد عندي في اللحظة نفسها، فتأتيني الفكرة من دون أي تخطيط لها. وهو ما حصل معي في حفل الـ(موركس دور) الأخير. وكلمتي كانت ارتجالية تترجم مشاعري. وعندما أهديت جائزتي للجيش اللبناني ولشهداء الحرب، كان ذلك وليد اللحظة».

أثناء تكريمه في حفل «موركس دور» واعتلائه المسرح ليتسلمها من الشاعر نزار فرنسيس، قدما معاً ثنائياً شعرياً، وتناولا موضوع الوفاء. فهل يرى الساحة اليوم تفتقد لهذه القيمة الإنسانية؟ «قلّة الوفاء ليست بالأمر المستجد على الساحة الفنية. وحتى في أيام عمالقة الفن مثل الراحلين عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب، كانا يشتكيان من الأمر ذاته. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن من الضروري التذكير بالوفاء. فهو من أجمل وألذ الأعمال الإنسانية».

لا ينفي وليد توفيق صراعات كانت تشهدها الساحة كي يحافظ الفنان على مكانته، فتقفل الأبواب بوجه موهبة جديدة قد تشكّل عليه الخطر. ويضيف في سياق حديثه: «الفنان الناجح يخاف من دون شك، ولكنه عندما يلجأ إلى هذا النوع من الحروب يكون فاقداً للثقة بنفسه. كما أن عصرنا الحالي قضى على هذه الآفة. وما ساهم في ذلك (السوشيال ميديا). فما عادت الموهبة الجديدة تنتظر من يدعمها كي تبرز تفوقها. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الموضوع ومواهب تحوّلت إلى (تريند) بين ليلة وضحاها».

«لا أحد يسقط إلا من فعل يده»، هكذا يختصر الفنان وليد توفيق اختفاء نجم وصعود آخر. «أشبّه المشهد بمباراة في الملاكمة. فكلما كان الملاكم حذراً ومتنبهاً استطاع التحكم بنتيجة المباراة».

يشير إلى أن بعض هذه الحروب قد يشنها متعهدو الحفلات على فنان، فيضعون النجم في موقف محرج عندما يفرضون عليه مشاركة موهبة جديدة في حفل معين. «بالنسبة لي لقد تعلمت من خبرتي أن لكل فنان طريقه بحيث لا يمكن أن يؤثر عليه طرف آخر. في إحدى المرات طلب مني الغناء في حفل للراحل وديع الصافي. وبدل أن أشعر بالحرج لأنه قد يجتاح الأجواء ويؤثر على إطلالتي طالبت بتقديمه شخصياً على المسرح. كما أن الفنان القدير لا يمكن تغييبه، ولعل أصدق دليل على ذلك هو حفل الـ(تريو الغنائي) الذي نظمه المستشار تركي آل الشيخ. فوضع أهم النجوم في مشهدية واحدة. وأتمنى أن تتكرر مرة أخرى فنجتمع على قلب واحد وإرادة واحدة».

يستعدّ لإصدار أغنية "كبرت البنّوت" لجورج خباز (وليد توفيق)

عرف وليد توفيق كيف يواكب الأجيال بانتقائه اللحن والكلمة المناسبين في أعماله. ويعلّق: «الكلمة تلعب الدور الأكبر في عملية أي تجديد نعبرها. فزياد الرحباني حوّل فيروز إلى موسيقى الجاز. خرجت يومها بعض الأصوات تندد بهذا التغيير. ولكنه عرف كيف يواكب هذا التحول بالكلمة. وعندما تحضر هذه الأخيرة بالشكل المطلوب يسهل علينا الأمر كثيراً».

عاش وليد توفيق فترة الحرب مثل غيره من اللبنانيين بقلق وترقب. وخرج منها بإصرار أكبر على وطنيته. «كانت فترة قاسية جداً، ولكنني تأكدت من خلالها أن السيادة هي التي تبني الأوطان. أتمسك اليوم بلبنان أكثر من أي وقت مضى».

أخيراً شهدت الساحة الفنية مواقف حرجة لفنانين أدرجت على لائحة الذكاء الاصطناعي. فما رأي وليد توفيق بهذا التطور الإلكتروني الجديد؟ يردّ: «إنه سيف ذو حدّين كأي اكتشاف إلكتروني آخر عايشناه. لا شك أنه بدّل في مشهدية الحياة عامة. وأحياناً نتوقع له التمدد والانتشار إلى حدّ يدفعنا للخوف من نتائجه المقبلة. ولكنه في الوقت نفسه وجد حلولاً كثيرة لمشاكل يومية. ومؤخراً أبهرني هذا الاختراع عندما سمعت ديو بصوتينا جورج وسوف وأنا. فقد قدمها لي مفاجأة استوديو التسجيل عندما علم أن الوسوف يحب أغنيتي (لا تسأليني). غناها معي بواسطة الذكاء الاصطناعي فأحببت التجربة».

يتمنى وليد توفيق في فترة الأعياد أن يتوحد اللبنانيون تحت راية واحدة. «علينا أن نكون كمشط الشعر متحدين لا أحد يفرّقنا. وفي العام الجديد أتوق إلى رؤية أرزة لبنان شامخة دائماً على علم بلدي. وأن يتم انتخاب رئيس للجمهورية أولاً».

وبالنسبة لأعماله الجديدة يقدم وليد توفيق على خطوة سبّاقة. «قريباً سأصدر أغنية جديدة بعنوان (كبرت البنّوت) لجورج خباز. فهو سبق وغناها وتركت أثرها الكبير عندي. ولدي تعاون آخر معه من خلال أغانٍ مختلفة له أنوي تقديمها بصوتي. كما أني أحضّر لـ(ميدلي) يتألف من ثلاث أغنيات قديمة لي أعدت توزيعها، ويتضمن (راح حبيبي) و(غجرية) و(ما أحلاها السمرة)».