من يتابع الممثلة ناتاشا شوفاني لا بد أن يدرك التطور الذي أحرزته في أدائها منذ بداياتها حتى اليوم. فهي عرفت مكامن ضعفها واجتهدت للتخلص منها من خلال تمارين تمثيلية كثيفة. ويعرض لناتاشا حالياً مسلسلي «التحدي» و«الثمانية» عبر منصة شاهد الإلكترونية. وتجسد في الأول، وهو الجزء الثاني لمسلسل «سر»، شخصية راما التي تخطت صعوبات كثيرة كي ترتبط بحبيبها (باسم مغنية) الذي هو ابن خالتها في الوقت نفسه.
أما في «الثمانية» المصري فتخوض تجربة جديدة من نوعها، إذ تتقمص دور محققة في قضية تتعلق بالإرهاب. وكان اللبنانيون قد تابعوا لها مؤخراً مسلسل «والتقينا» إلى جانب يوسف الخال ورندة كعدي وسارة أبي كنعان عبر شاشة الـ«إل بي سي آي».
وبحماس كبير تتحدث ناتاشا عن مسلسل «الثمانية» الذي يعد أول تجربة مصرية لها في عالم التمثيل. وتصف شوفاني هذا العمل بالتجربة الغنية، خصوصاً أنها تأثرت بأسلوب المخرج أحمد مدحت في العمل. «هو من المخرجين الذين يعملون بدقة كبيرة بحيث لا يفوت أي تفصيل يتضمنه النص. وكنا أحياناً نقرأ مشهداً يتألف من جملتين، ولكن تحضيره كان يستغرق نصف يوم».
تبحث شوفاني اليوم عن أدوار تحملها مسؤولية أكبر (الشرق الأوسط)
وتشير ناتاشا إلى أن «الثمانية» يحكي عن ثمانية إرهابيين يجري البحث عنهم من قبل الشرطة، وهي تجسد فيه دور شرطية محققة. «العمل فيه الكثير من الأكشن والتشويق، ودوري يتطلب البحث عن المعلومات الخاصة بهؤلاء الإرهابيين. كما يتضمن مشاهد أحمل فيها السلاح».
وتصف ناتاشا العمل وهو من كتابة تركي آل الشيخ، بأنه تطلب ميزانية ضخمة سيما وأنه تم بناء استوديوهات خاصة له وتتعلق بمكاتب الشرطة. كما أنه تم تطعيم العمل بتقنيين أجانب فاستقدم مهندس صوت من أميركا و«DOP» من سويسرا. وجرى اختيار الممثلين فيه من بلدان عربية مختلفة، وفي مقدمهم آسر ياسين وغادة عادل وخالد الصاوي وغيرهم.
وعن كيفية اختيارها كلبنانية لهذا العمل الذي صور في مصر توضح لـ«الشرق الأوسط»: «صراحة ومنذ أكثر من 5 سنوات تم تصوير مسلسل مع المخرج أحمد مدحت بين لبنان ومصر. يومها كان يحتاج إلى ممثلة تحكي الإنجليزية نسبة للدور. فتم اختياري مع أني كنت لا أزال مبتدئة في هذا المجال. ففريق الإنتاج إضافة إلى بحثه عن ممثلة تتكلم الإنجليزية كان يرغب في أن تكون ملامحها طبيعية. ويبدو أن المخرج تذكرني من جديد لأحل في مسلسل «الثمانية».
تقولين إن الفريق رغب في التعاون مع ممثلة صاحبة ملامح طبيعية، أي لم تخضع بعد لأي حقن بوتوكس وما شابهها. فهل أنت ضد هذه التقنيات في التجميل؟ ترد: «لست ضدها أبداً، ولكني ضد المبالغة، لأنها قد تحدث حالة لا راحة عند صاحبها. فالأهم في هذا الموضوع ألا نغير هوية شكلنا الخارجي وتبقى ملامح الوجه نفسها. وأنا شخصياً، لا أفكر في هذا الموضوع اليوم، حتى إني لست من النساء اللاتي يحبذن مساحيق التجميل والماكياج إلا في مناسبات قليلة. إذ أشعر أنها تغيرني ولا أعود أبدو على حالي».
وتخبرنا ناتاشا أنها سعيدة في مشاركتها بـ«الثمانية»، وتعلق: «الأجواء كانت رائعة بفضل المخرج أحمد مدحت. فهو يعرف جيداً ماذا يريد. في اليومين الأولين شعرت ببعض الارتباك، ولكني بعدها استمتعت وارتحت كثيراً».
ومن ناحية ثانية، تطل ناتاشا في مسلسل «التحدي» وهو الجزء الثاني من دراما «سر». وفيه نكتشف ناتاشا ناضجة ومرتاحة مع نفسها، حتى إن لغة جسدها باتت متناسقة بشكل ملحوظ مع أدائها ونبرة صوتها. كما أن الدور الذي تلعبه تم تطويره كي يشكل قفزة لها من حيث الكركتير وخطوط الشخصية. وتعلق: «في الحقيقة كنا على علم مسبق بأن لمسلسل (سر) جزءاً ثانياً يتم التحضير له. وكنت خائفة من ألا يحمل دوري أي جديد. طالبت الكاتب بتعديله فكان رده أنه قام بذلك سلفاً. ونلاحظ أن شخصية راما تذهب في (التحدي) إلى مطرح آخر، بحيث ما عاد يطبعها الضعف. فهي أصبحت أقوى وأكثر صلابة لا بل ستجدون في الحلقات المقبلة التأثير الذي تمارسه على زوجها (باسم مغنية). وعندما قرأت الدور شعرت بهذا التغيير فوراً، وهو ما ولد عندي نوعاً من التحدي وحفزني على تقديم الأفضل. فهذا التطور الذي لحظه سياق المسلسل ككل انعكس علينا جميعاً إيجابية جميلة». وترى شوفاني أن مشروع الجزء الثاني لمسلسل ما، يترك علامات استفهام لدى الممثل عامة، فيتساءل عما يمكن أن يحمله من جديد، بعيداً عن التكرار. «ولكن في (التحدي) تغير النص كلياً، واتسم العمل بالنضارة، وهو ما نشعر به تلقائياً أثناء قراءة النص».
وعن هذا التطور في أدائها والنضج الذي تحلت به مؤخراً تقول: «اجتزت شوطاً لا يستهان به في التمثيل بفضل تمارين مكثفة أخضع لها ضمن ورش عمل وحصص تمثيل. فأنا أعي تماماً نقاط ضعفي، وأنتقد نفسي بقساوة ولا أقتنع بسهولة. حتى الانتقادات التي تلاحقني أحاول ألا أعتبرها شخصية، لأن ما من أحد كامل في هذه الدنيا وعلينا أن نتطور». وتؤكد شوفاني أنها عادة ما تستشير بعض الزملاء أثناء فترة انتظارهم موعد التصوير ولا سيما مع الجيل المخضرم. «عندما يوجد أشخاص كتقلا شمعون وغابرييل يمين مثلا لا أتوانى عن استشارتهما فنتحدث ونحضر للمشهد معاً. وأستوعب أي ملاحظات يمدونني بها، فنحن الجيل الأصغر يجب أن يستمع للأكبر ويتعلم الدروس منه. فقد مروا بظروف أصعب من تلك التي نواجهها، وحفروا بالصخر كي يصلوا إلى ما هم عليه اليوم وفي ظل ظروف اقتصادية أقسى. ونحن بدورنا نزرع للجيل الذي يلينا فهذه هي طبيعة الحياة».
تابعت ناتاشا بعض المسلسلات كـ«للموت 2» فهي معجبة بكتابة نادين جابر مؤلفته. «ساد فريق هذا العمل تناغم ملحوظ، فكانوا جميعهم أبطاله وكان شغفهم في العمل ظاهراً ومترجماً بأداء متكامل».
تابعت أيضاً مسلسل «صالون زهرة» وأثنت على الشخصية التي لعبتها بطلته نادين نسيب نجيم. «أنا من المعجبات جداً بنادين، فهي تملك جاذبية كبيرة أمام الكاميرا تشد المشاهد حتى لو التزمت الصمت. لقد افتقدها المشاهد في رمضان الفائت وأتمنى أن تعود في الموسم المقبل لأن غيابها أحدث فراغاً».
أما همّ ناتاشا بعد اليوم فيتمحور حول انتقائها للدور الذي ستلعبه. وتوضح في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى أن أقدم أدواراً تتحداني. فهذا الأمر يحفز الممثل لتقديم الأفضل. كما أن هذا النوع من الأدوار يسهم في إخراج طاقاتي التمثيلية المدفونة عندي. وعلى فكرة من الأدوار التي لفتتني شخصية زينة مكي في (شتي يا بيروت) فأعجبت كثيراً بأدائها. وزينة من الممثلات اللاتي أنا شخصياً أفتخر بهن». وعن كيفية تحضيرها لخطواتها المستقبلية تختم: «عادة ما أمشي بتأنٍ في خطواتي وأخطط لها مسبقاً فأرسم خريطة طريق لها. فأحدد نوع الأدوار التي علي تقديمها، كي تكون على المستوى المطلوب. تسهم في تطوري مهنياً كي أحمل من خلالها مسؤولية أكبر تخولني لعب شخصيات لافتة على الشاشة».
حالياً تستعد ناتاشا للبدء في تصوير الجزء السادس من مسلسل «عنبر» الذي جسدت في الجزء الأول منه شخصية الطبيبة النفسية.