الكرملين يعزز أوراقه التفاوضية تحضيراً لـ«ما بعد الدونباس»

سيناريوهات لتحديد مصير المناطق الانفصالية ومسار المواجهة مع الغرب

رجل إطفاء أوكراني على سطح مبنى دمر جزء منه بقصف روسي قبل أيام (رويترز)
رجل إطفاء أوكراني على سطح مبنى دمر جزء منه بقصف روسي قبل أيام (رويترز)
TT

الكرملين يعزز أوراقه التفاوضية تحضيراً لـ«ما بعد الدونباس»

رجل إطفاء أوكراني على سطح مبنى دمر جزء منه بقصف روسي قبل أيام (رويترز)
رجل إطفاء أوكراني على سطح مبنى دمر جزء منه بقصف روسي قبل أيام (رويترز)

مع اقتراب الحرب الأوكرانية من دخول شهرها السادس، بدأ الكرملين تحضيراته لدخول مرحلة جديدة من الصراع، في مقابل تفاقم إمدادات الأسلحة الغربية إلى ساحة المعركة، ودخولها بشكل نشط على خط المواجهة الميدانية في إطار ما وُصف خلال الأسبوع الأخير بأنه «الهجوم المضاد لتحرير مدينة خيرسون». وفي الوقت ذاته، وضع اقتراب القوات الروسية من حسم معركة السيطرة في منطقة حوض الدونباس القيادة الروسية أمام السيناريوهات المحتملة للتعامل مع «المناطق المحررة»، وذلك في ضوء صعوبة تكرار تجربة ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014 عبر استفتاء شعبي صوريّ لم يحظَ باعتراف دولي. لقد كان السؤال الأكثر تردداً عندما أطلقت روسيا المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية في أوكرانيا تحت عنوان «تحرير الدونباس» هو: هل يذهب الكرملين أبعد من ذلك؟ وهل يتجه نحو إطلاق مرحلة جديدة يحاول فيها رغم كل الضغوط الغربية توسيع مساحة سيطرته عسكرياً... والانتقال إلى هدف «تقويض السلطة النازية في أوكرانيا»؟

أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأيام الأخيرة عن أن بلاده «لم تبدأ بعد تنفيذ مهامها الجدية في أوكرانيا» مخاوف وتساؤلات حول طبيعة «المهام» التي يقصدها، وما إذا كانت مرتبطة بمرحلة جديدة من العمليات العسكرية تعقب السيطرة الروسية الكاملة على منطقة حوض الدونباس في جنوب شرقي أوكرانيا.
لقد تعمّد الرئيس الروسي إطلاق تصريحه المثير للجدل خلال اجتماع لرؤساء الكتل النيابية في مجلس الدوما (النواب) الخميس الماضي، وقال إن «كل الأطراف تعلم جيداً أننا لم نبدأ بعد أي شيء جدي في أوكرانيا». وأردف: «نسمع أننا بدأنا حرباً في الدونباس، في أوكرانيا. لا، لقد أطلقها هذا الغرب الجماعي، حيث نظم ودعم انقلاباً مسلحاً غير دستوري في أوكرانيا في عام 2014 ثم شجع وبرّر الإبادة الجماعية ضد الناس في الدونباس»، مضيفاً أن «هذا الغرب الجماعي نفسه هو المحرّض المباشر والمذنب فيما يحدث اليوم».

- إشارات لا... زلّات لسان
لقد دلّت التجارب السابقة إلى ضرورة التعامل بجدية مع الإشارات التي يطلقها الرئيس الروسي، والتي تأتي أحياناً على شكل «زلات لسان» تبدو للوهلة الأولى كأنها غير متعمدة.
إذ اعتاد بوتين على توجيه إشارات واضحة ومباشرة أحياناً، إلى خطواته المقبلة عند الاستحقاقات الكبرى، ولم يخفِ في أوقات سابقة توجهه إلى اتخاذ قرارات مصيرية في حالات عدة. وهذا حدث عند اتخاذ قرار ضم القرم في مارس (آذار) 2014، وعند إعلان الاعتراف بسيادة لوغانسك ودونيتسك يوم 21 فبراير (شباط) الماضي، قبل ثلاثة أيام فقط من إعلان انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا.
وحقاً، ربط معلقون روس عبارة الرئيس الجديدة، بتطورات الوضع الميداني في أوكرانيا، بعد مرور أيام على استكمال فرض سيطرة كاملة على منطقة لوغانسك والانتقال إلى حسم معركة دونيتسك. وهو ما يعني أن كلمات بوتين قد تحمل بين دلالاتها إشارة محددة إلى مرحلة «ما بعد الدونباس» في الحرب الجارية.
اللافت هنا أن حديث الرئيس الروسي جاء تتويجاً لإشارات مماثلة صدرت عن المستوى العسكري والأمني في روسيا، فضلاً عن التلويح المتواصل باتساع حجم المعركة ودخولها مرحلة طويلة الأمد تكاد تكون حرب استنزاف كاملة، كما قيل أكثر من مرة، على أعلى المستويات السياسية في روسيا.

- «حرب مفتوحة»
ولقد عزز من هذا التوجه تزايد تصريحات المسؤولين الروس خلال الفترة الأخيرة حول تحول المعركة في أوكرانيا من مواجهة محدودة الأهداف إلى «حرب مفتوحة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) تجري على الأراضي الأوكرانية» وفقاً لتصريح رئيس جهاز المخابرات الخارجية سيرغي ناريشكين.
في هذا الإطار، لا يمكن تجاهل أن بوتين كان قد وضع أصلاً بين أهداف العملية العسكرية الرئيسية «نزع سلاح أوكرانيا وتقويض النازية» في هذا البلد، فضلاً عن هدف حماية سكان الدونباس. وهذه أهداف تبدو أبعادها واسعة النطاق وأبعد من خطوات ميدانية محددة مثل إنجاز السيطرة على منطقة دونباس.
وتحمل إشارات الخارجية الروسية خلال اليومين الماضيين حول امتداد «النازية الجديدة» إلى كل أوروبا بعدما كانت واضحة في أوكرانيا وحدها، إشارة لافتة وخطرة إلى آليات تفكير النخبة السياسية في روسيا هذه الأيام. وهذا، خصوصاً مع عودة الإشارات إلى خطر اتساع المواجهة المباشرة وانتقالها إلى «صراع مباشر بين روسيا والغرب» كما نبّهت قبل أيام الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا التي حذّرت من أنه في هذه الحال لا يمكن تقليل المخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهة تستخدم فيها مكونات نووية.
لكنّ إشارة بوتين الواضحة جاءت محددة في الإطار الجغرافي الأوكراني، وتحمل دلالات مباشرة إلى أن عدم التوصل إلى خطة سلام مُرضية للروس سوف يعني «استكمال تنفيذ الأهداف الأكثر جدية في أوكرانيا».
في هذا الإطار، برزت تصريحات لافتة لمسؤولين عسكريين، بينهم الرئيس الشيشاني الذي يقود مجموعات من كتائب المتطوعين الذين لعبوا دورا رئيساً في معركة الدونباس. وهو قال أخيراً إن جنوده «بانتظار تعليمات من القيادة العليا لاستكمال أهداف أخرى تصل إلى العاصمة كييف».
لكن، هل يعني ذلك بالفعل أن بوتين يستعد لاستهداف كييف، وتوسيع نطاق المعركة ونقلها مجدداً إلى كل المناطق الأوكرانية كما برز في الشهر الأول من الحرب؟
لا يمكن التكهن بإجابة محددة عن السؤال، كما يقول خبراء روس تحدثت إليهم «الشرق الأوسط». إذ برزت ترجيحات متباينة حول هذا الأمر، وبدا واضحاً أنه لا يوجد إجماع على هذه النقطة.
من جهة، لا يستبعد البعض أن تكون إشارة بوتين مقصودة لجهة توسيع مساحة السيطرة العسكرية المباشرة في مناطق جديدة فشلت موسكو سابقاً في اجتياحها، مثل خاركيف وميكولايف وبعض الأجزاء الأهم من زاباروجيه ومناطق استراتيجية عدة تقع في محيط الدونباس.
يبدو هذا الهدف امتداداً طبيعياً من وجهة نظر هذا الفريق من المحللين للنتائج التي وصلت إليها العملية العسكرية حتى الآن. ولسعي موسكو إلى مواجهة «الهجمات المضادة» من جانب أوكرانيا... التي اتخذت بعداً أكثر خطورة مع تكثيف استخدام الصواريخ الأميركية وسلاح المدفعية وتقنيات الطائرات الهجومية المسيرة من دون طيار.

- حسابات واحتمالات
في حال صحّت هذه التوقعات فإن موسكو مع غياب أفق التسوية السياسية ستذهب نحو تعزيز قبضتها في المناطق التي سيطرت عليها وفرض أمر واقع جديد على الأرض يمنع محاولات استعادتها. لكن في المقابل، يرى آخرون أن رسالة بوتين بقدر ما هي موجهة إلى الداخل الأوكراني، فهي موجهة إلى الغرب بدرجة أقوى.
بهذا المعنى فإن التلويح لا يتعلق بحسابات توسيع السيطرة الميدانية بقدر ما يستهدف توجيه رسائل حازمة في إطار السجالات المتواصلة بين روسيا و«ناتو» على ملفات تسليح أوكرانيا وتعزيز الوجود العسكري على طول الحدود مع روسيا وجارتها الأقرب بيلاروسيا.
هكذا، فإن بوتين يضع عملياً، وفقاً لوجهة نظر هذا الفريق، أوراقه التفاوضية على الطاولة، بعد حسم معركة الدونباس، عبر التلويح بقدرته على توسيع مساحة المعركة ووضع أهداف جديدة «أكثر جدية» في حال لم تجد موسكو تجاوباً مع شَرطيها الرئيسيين لإطلاق عملية سلام: الأول استسلام أوكرانيا وقبولها شروط الكرملين المعلنة، والآخر توقف الغرب عن ضخ مزيد من الأسلحة وإطلاق آلية للحوار لا تقتصر على تسوية في أوكرانيا بقدر ما تشمل مسائل حيوية أخرى بينها نشر الأسلحة ومواصلة سياسات تطويق روسيا عسكرياً واقتصادياً.
في الحالين، يُبدي بوتين تصميماً على رفض موسكو التراجع في أوكرانيا قبل الوصول إلى تسوية مُرضية تلبّي مطالبها الأمنية الاستراتيجية.
بالتوازي مع هذا المسار، فقد فرض اقتراب الكرملين من إنجاز هدف السيطرة الكاملة على منطقة الدونباس، تنشيط النقاش في الدوائر الروسية حول السيناريوهات المحتملة للتعامل مع «الأراضي المحررة»، وسط تأكيد متواصل على مستوى البرلمان والأحزاب الكبرى في البلاد على أن النتيجة الطبيعية هي ضم تلك المناطق إلى الدولة الروسية وتكريس تقسيم أوكرانيا عملياً إلى شطرين:
الأول، الشطر الغنيّ بموارده الطبيعية وامتداده على البحار الدولية وحركة نقل البضائع، وهو يدخل «طواعية» تحت السيادة الروسية.
والآخر، يبقى منهكاً اقتصادياً ومعيشياً ومصيره معلقاً بالغرب الذي سيرث تركة ثقيلة وسيكون عليه أن «يطعم ملايين الأوكرانيين» الموزعين بين الولاء لبولندا أو رومانيا أو بلدان أخرى.
وهكذا، مع تركيز الضغط العسكري الروسي في منطقة دونيتسك لإحكام السيطرة عليها، بعد الإعلان قبل أيام عن «استكمال تحرير كل أراضي لوغانسك» طغت مسألة مستقبل «الأراضي المحررة» على النقاشات الدائرة. وجاء هذا متزامناً مع مواصلة موسكو خطوات تشكيل الهياكل القيادية في الأقاليم الأوكرانية التي انتقلت إلى السيطرة الروسية.
لقد كان لافتاً لجوء الكرملين إلى تعيينات جديدة في هذه الهياكل غلب عليها تكليف مسؤولين روس بشغل المواقع الرئيسة فيها بشكل مباشر، بدلاً من الاكتفاء بالاعتماد على الانفصاليين الأوكرانيين. وخلال الأسبوع الأخير، غدت منطقة زاباروجيه التي تسيطر موسكو على نحو ثلثيها، الأخيرة من بين أربع مناطق في شرق أوكرانيا تم تعيين مواطنين روس في مناصب رسمية فيها. ولفت التطور إلى أن سياسة إنشاء إدارات عسكرية - مدنية تعتمد بشكل أساسي على موظفين محليين في المناطق الانفصالية الخارجة عن سيطرة أوكرانيا لم تُثبت فاعلية كافية بالنسبة إلى الكرملين.
هذا ما أظهره، على سبيل المثال، تفويض مسؤولين روس لشغل مناصب قيادية في إقليمي لوغانسك ودونيتسك، بينما في منطقة خيرسون -التي وقعت تحت السيطرة الروسية بالكامل في مارس الماضي- فقد تم تشكيل رأس هيكلية السلطة بالكامل من شخصيات روسية.

- ضم الأراضي يتسارع
أظهرت هذه التطورات أن عملية ضم هذه الأراضي إلى الاتحاد الروسي آخذة في التسارع، رغم أنه ليس من الواضح بعد، كيف سيجري تنظيم هذا المسار، وما إذا كان سيناريو القرم قابلاً للتكرار في مناطق الشرق الأوكراني، أي عبر القيام بضم مناطق جديدة إلى روسيا بعد تنظيم استفتاءات صورية فيها.
بيد أن الأهم من ذلك، وفقاً لخبراء، أنّ التعيينات المعلنة في الجزء الخلفي القريب من خطوط تماس العملية الخاصة، عكست حرص الكرملين على وجود شخصيات عسكرية موالية بشكل كامل للقيادة الروسية.
وفقاً لهذا المسار جاء إعلان فولوديمير روغوف، عضو «الإدارة العسكرية المدنية» التي عيّنتها موسكو في زاباروجيه، عن قرار رئيس هذه الإدارة يفغيني باليتسكي بتعيين نائبين جديدين له هما أندريه كوزينكو، النائب السابق في مجلس الدوما عن شبه جزيرة القرم، وفيكتور إميليانينكو، الذي كان حتى عام 2014 النائب الأول لرئيس مقاطعة زاباروجيه قبل أن ينتقل إلى معسكر الكرملين. وحدد روغوف أن «إميليانينكو سيتعامل مع قضايا التكامل السياسي (مع روسيا)، وكوزينكو سوف يتولى ملف التكامل الاقتصادي».

- مفاوضات الإلحاق
بهذا الشكل سيتولى المسؤولان المفاوضات الهادفة إلى وضع مسار التحاق الإقليم بروسيا، بينما يُطلب من القرم إقامة اتصالات تجارية واقتصادية بين المنطقة وشبه الجزيرة. ولفتت تقارير وردت ممّا تسمى «الأراضي المحررة الأخرى في أوكرانيا»، بما في ذلك لوغانسك ودونيتسك، إلى أنه «ستكون هناك قريباً تعيينات أخرى في زاباروجيه، معظمها من بين التكنوقراطيين الروس».
في السياق ذاته، جاءت التعيينات الجديدة في خيرسون المجاورة لاحقاً، وأصبحت الحكومة الجديدة في منطقة خيرسون، يسيطر عليها العنصر الروسي بالكامل، وبدأت تعمل بكامل طاقتها.
حصل هذا بعد تعيين النائب الأول السابق لرئيس الوزراء في حكومة منطقة كالينينغراد، سيرغي إليسيف، رئيساً لـ«حكومة» الإقليم. وتدل سيرته الذاتية على أنه شغل مناصب بارزة في هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي بين عامي 1993 و2005، كما جرى تعيين مسؤول آخر كان يشغل مناصب مهمة في إدارة السياسات الزراعية.
اللافت أنه مع تشكيل «حكومة الإقليم» بهذه الطريقة، لم يُعلن حتى الآن عن انتهاء صلاحيات «الإدارة العسكرية المدنية» التي عيّنتها موسكو فور فرض سيطرتها في الإقليم. ويقول خبراء إنه جارٍ تفسير ذلك بأن موسكو تفحص عبر آليات التنفيذ العملية إمكانية تكرار نموذج إدارة الكيانات المكوِّنة للاتحاد الروسي في المناطق الأوكرانية التي تعمل على توطيد سيطرتها فيها. وبهذا المعنى فإن تعيين حكام الأقاليم يمنحهم صلاحيات تنفيذية واسعة يمكن للحاكم (رئيس الإقليم) أن يتولاها بنفسه أو يكلف بها أقرب مساعديه.


مقالات ذات صلة

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»