أمراض التلوث وسوء التغذية تغزو سوريا... ولا علاجات

صورة من صفحة وزارة الصحة في فيسبوك لحملة توعية في محاظفة سورية
صورة من صفحة وزارة الصحة في فيسبوك لحملة توعية في محاظفة سورية
TT

أمراض التلوث وسوء التغذية تغزو سوريا... ولا علاجات

صورة من صفحة وزارة الصحة في فيسبوك لحملة توعية في محاظفة سورية
صورة من صفحة وزارة الصحة في فيسبوك لحملة توعية في محاظفة سورية

بدت الحقائب الخمس التي حملها السوري سليم معه من كندا إلى دمشق أقرب إلى صيدلية؛ إذ كان أكثر من 50 في المائة من محتوياتها عبارة عن أدوية: مسكنات ومتممات غذائية وفيتامينات.
ويقول سليم (45 عاماً): «ذُهلت والدتي بمحتويات الحقيبة، وأصابها الذعر، لظنها أن تلك الأدوية تخصني، ولم تصدق أن تلك الأدوية هدايا من أصدقائي في كندا إلى ذويهم في دمشق».
ويضيف: «سابقاً كنتُ أحمل معي من كندا إلى دمشق هدايا وشوكولاته وملابس وإكسسوارات من ماركات شهيرة، ولكن مع بدء الحرب بدأت تتحول إلى أشياء ضرورية، إلا أنها في العامين الماضيين راحت تقتصر على الأدوية والمبالغ النقدية»، مشيراً إلى تزايد الطلب على الفيتامينات المفقودة في سوريا.
أم ريمون تسلمت هدية ابنها المقيم في هامبورغ. أرسلها مع سيدة سورية كانت في زيارة إلى ألمانيا، وتقول إنها انتظرتها بـ«فارغ الصبر»، بعد أن كانت تحصل عليها من صيدلية قريبة تؤمنها من لبنان: «لكن حتى في لبنان لم تعد هذه الأدوية متوفرة». والأدوية التي تسلمتها أم ريمون هي حبوب ضغط وحديد وأمبولات فيتامين «د» و«ب - 12».
طبيب مخبري في دمشق قال لـ«الشرق الأوسط» إن أعداداً كبيرة من المرضى الذين يجرون تحاليل في المخبر الذي يعمل فيه يظهر لديهم نقص في الفيتامينات، لا سيما مجموعة فيتامينات «ب»، وأهمها «ب - 12» اللازم لصحة الأعصاب، وفيتامين «د» اللازم لتوازن المعادن في الجسم وتعزيز المناعة، وكذلك أمراض فقر الدم بسبب نقص الحديد وأمراض هشاشة العظام الناجمة عن نقص الكالسيوم.
وأوضح أن النقص في الفيتامينات الأساسية يسبب أمراضاً عدة باتت تنتشر كثيراً، مثل اعتلال الأعصاب وأمراض المعدة والقلب والتهاب المفاصل وهشاشة العظام والتعب والوهن العام.
ورأى أن انتشار تلك الأمراض بدأ بالتحول إلى ظاهرة، وقال: «كثيراً ما نطمئن المرضى عندما نسأل عن نتيجة التحليل بترديد عبارة: اطمئن لستَ مصاباً بمرض خطير، كل الناس لديها نقص فيتامين (ب) و (د)».
وأضاف الطبيب أن تلك ليست ظاهرة جديدة، لكنها طفت على السطح بعد تفاقم الأزمات المعيشية، ومن ضمنها أزمة الدواء التي اشتدت قبل عامين بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع تكاليف إنتاج الأدوية إلى مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية بعدة أضعاف، وتراجع الإنتاج المحلي كمّاً ونوعاً، وبعد أن كان يغطي 70 في المائة من الاحتياج وبأسعار زهيدة، لأن معامل الأدوية لم تعد قادرة على تحمل الخسائر الناجمة عن الفجوة الكبيرة بين تكاليف الإنتاج وسعر المبيع الرسمي الذي تحدده وزارة الصحة». والمشكلة، بحسب الطبيب المخبري، أن معظم أمراض الصيف، لا سيما التي تصيب الجهاز الهضمي، تحتاج إلى جانب الأدوية إلى حمية غذائية لم تعد الأسرة السورية قادرة على تأمينها، لارتفاع أسعارها، كالموز والبطاطا واللبن الرائب لحالات الزحار، والسمك وكبدة الخروف والطحال، والأخيرة لتعويض نقص الحديد، والبيض لتعويض نقص الكالسيوم وغيرها.
وما عزز تردي الواقع الصحي في البلاد، بحسب الطبيب المخبري، شح المياه وقطع الكهرباء لساعات طويلة وتدهور خدمات النظافة والسلامة البيئية لا سيما في المناطق والأحياء الشعبية، ما ساهم في انتشار الأمراض الوبائية والمعدية، التي تتضاعف خلال موسم الصيف، مثل الزحار والتهاب الكبد والحساسية الجلدية، وغيرها من أمراض.
وفي تقرير لها، كشفت صحيفة «الوطن» المحلية، أمس (الجمعة)، عن تسجيل انتشار إصابات بالتهاب الكبد الوبائي في ريف محافظة حماة. ونقلت عن رئيس المنطقة الصحية في مدينة سلمية، الدكتور رامي رزوق، أنه تم تسجيل العديد من الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي في ناحية السعن بريف سلمية الشمالي، من دون أن يتم تحديد مصدر التلوث بعد.
وأوضح رزوق أنه تم تشكيل فريق من عدة جهات رسمية لتقصي أسباب الإصابات وتفشي المرض، وجرى قطف عينات من مصادر مياه الشرب الرئيسية التي تغذي الشبكة العامة، وتبين سلامتها من أي ملوثات وصلاحيتها التامة للشرب، كما تم قطف عينات من مادة البوظة التي تناولها عدد من المصابين، باعتبارها مصدر شك وقد تكون من مسببات الإصابات، بالإضافة إلى قطف عينات من مياه مسبحين، وتبين أن أحدهما «بركة» ملوثة.
وتعاني مناطق سيطرة النظام من أزمة مياه شرب حادة، لعدم توفر الكهرباء اللازمة لعمل مضخات توزيع المياه، ما يدفع الأهالي للبحث عن مصادر أخرى، كمياه الصهاريج المعبأة من آبار غير خاضعة للرقابة الصحية، وشهدت مدينتا قطنا وعرطوز وقرى محيطة بهما في ريف دمشق عشرات حالات التسمم جراء تلوث مياه الشرب. وردت مصادر أهلية أسباب تلوث مياه الشرب إلى تهتك في شبكة الأنابيب الناقلة للمياه، وتعرضها لتسرب مياه مالحة من حفر فنية أقيمت بشكل مخالف قريباً من مصادر المياه العذبة.


مقالات ذات صلة

السعودية تطلق مبادرات نوعية لمواجهة أكثر التهديدات الصحية العالمية

صحتك وزير الصحة السعودي في صورة تذكارية مع وزراء وكبار مسؤولي قطاعات الصحة والبيئة والزراعة المشاركين في المؤتمر الوزاري في جدة (واس)

السعودية تطلق مبادرات نوعية لمواجهة أكثر التهديدات الصحية العالمية

أطلقت السعودية، الجمعة، عدداً من المبادرات النوعية خلال المؤتمر الوزاري الرفيع المستوى عن «مقاومة مضادات الميكروبات» الذي تستضيفه في المدينة الساحلية جدة.

إبراهيم القرشي (جدة)
صحتك جندي إسباني من قوات «اليونيفيل» يحتفل مع طفل لبناني بـ«الفصح» في القليعة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

البيض: دراسة تكشف فوائده في حماية صحة الدماغ وتقليل الكوليسترول

قد يكون للبيض تأثير إيجابي على صحة الدماغ ويساعد في خفض مستويات الكوليسترول في الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأبحاث الناشئة تُظهر أن حمامات الجليد يمكن أن تساعد على تحسين الصحة العقلية (رويترز)

حمام الثلج... لماذا قد يكون مفيداً لصحتك العقلية؟

يروّج كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أخيراً لحمامات الثلج، أي عندما تغمر نفسك بالكامل بالجليد، حيث يؤكد كثير من الأطباء أن ذلك يوفر فوائد صحية جسدية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
TT

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)
حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن تحت سيطرة الجماعة.

جاء ذلك خلال دعوة وجهتها ما تسمى الغرفة التجارية والصناعية الخاضعة للحوثيين في صنعاء لمُلاك صالات الأعراس والمناسبات تحضهم على حضور ما تسميه اللقاء التأسيسي لقطاع صالات الأعراس والمناسبات تحت إدارة ورعاية وإشراف قيادات في الجماعة.

جانب من اجتماع قيادات حوثية تدير أجهزة أمنية في صنعاء (إعلام حوثي)

يتزامن هذا التحرك مع شن الجماعة مزيداً من حملات فرض الإتاوات والابتزاز والاعتقال لمُلاك صالات الأعراس والفنانين والمُنشِدين بذريعة حظر الغناء والتصوير وكل مظاهر الفرح، ضمن مساعيها لإفساد بهجة السكان وتقييد حرياتهم.

ووضعت قيادات حوثية تُدير شؤون الغرفة التجارية في صنعاء شروطاً عدة للانضمام والمشاركة في اللقاء التأسيسي المزعوم، من بينها امتلاك مالك القاعة الذي سيحضر سجلاً تجارياً، وأن تكون بطاقة عضويته في الغرفة الحوثية مُجدَّدة لعام 2024، كما حدّدت الجماعة يوم 11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، موعداً لانعقاد اللقاء التأسيسي لمُلاك صالات الأعراس.

وسبق للجماعة الحوثية أن داهمت في أواخر مايو (أيار) العام الماضي، مقر الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء، وعيّنت أحد عناصرها رئيساً لها بالقوة، وأزاحت رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المنتخبين.

ويقول ناشطون حقوقيون في صنعاء إن إنشاء هذا الكيان الرقابي يندرج ضمن توجه الجماعة لفرض كامل السيطرة على القطاع، وإرغام الصالات على الالتزام بالتعليمات فيما يخص حظر الأغاني، ودفع مزيد من الإتاوات والجبايات.

دهم وخطف

أكدت مصادر محلية في محافظة عمران (شمال صنعاء) قيام الجماعة الحوثية باختطافات وإجراءات تعسفية ضد ملاك صالات الأعراس والمنشدين، كان آخرها قيام القيادي في الجماعة أبو داود الحمزي المعيّن مديراً لأمن مديرية خمر باعتقال المُنشد محمد ناصر داحش، وثلاثة من أعضاء فريقه الإنشادي من صالة عُرس وسط المدينة.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الحمزي ومسلحيه اقتحموا صالة العُرس، وباشروا بمصادرة ونهب ما فيها من أجهزة ومعدات، وخطف مالك الصالة والمُنشد وفريقه، والزج بهم في أحد السجون.

حالة هلع بحفل زفاف اقتحمه حوثيون لمنع الغناء في عمران (إكس)

ويتهم القيادي الحمزي، وفق المصادر، المُنشد داحش بتحريض الفنانين والمُنشدين وملاك قاعات الأفراح والسكان بشكل عام على رفض القرارات التعسفية الصادرة عن جماعته، التي تشمل منع الأغاني في الأعراس.

وصعدت الجماعة على مدى الفترات الماضية من عمليات الدهم والمصادرة والخطف التي ينفّذها عناصر تابعون لها تحت اسم «شرطة الأخلاق»، ضد قاعات الأفراح والفنانين.

وأرغم الحوثيون، أخيراً، نساء يمنيات في مناطق بمحافظة إب على ترديد «الصرخة الخمينية»، والاستماع إلى الزوامل الحوثية داخل صالات الأعراس، مقابل السماح لهن بإقامة الأفراح في الصالات بعد الالتزام بالشروط كافة.

كما فرض الانقلابيون في منتصف الشهر الماضي قيوداً مُشددة على مُلاك قاعات الأعراس في ريف صنعاء، حيث حددوا وقت أعراس النساء في الصالات إلى الساعة الثامنة مساءً، ومنعوا التصوير ومكبرات الصوت، كما حظروا دخول العريس للقاعة لأخذ عروسه، ومنعوا استدعاء الفنانين والفرق الغنائية في الأعراس.