«الجيش السوري الحر» يعلن «قيادة موحدة» خلال شهر لحصر جبهاتها بالشمال والجنوب

معظم الفصائل الفاعلة ستتمثل باستثناء «النصرة»

«الجيش السوري الحر» يعلن «قيادة موحدة» خلال شهر لحصر جبهاتها بالشمال والجنوب
TT

«الجيش السوري الحر» يعلن «قيادة موحدة» خلال شهر لحصر جبهاتها بالشمال والجنوب

«الجيش السوري الحر» يعلن «قيادة موحدة» خلال شهر لحصر جبهاتها بالشمال والجنوب

تتجه قيادة المعارضة السورية إلى تقليص فروع الجبهات في القيادة العسكرية الموحدة للجيش السوري الحر، إلى جبهتين، هما «جبهة الشمال» و«جبهة الجنوب»، وذلك ضمن مساعي «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» لتنظيم العمل العسكري، وتفعيل المؤسسات المعارضة، وإعادة تمثيل الفصائل الفاعلة على الأرض.
ويأتي هذا التوجه، بعد مباحثات أولية بدأت بين قيادات المعارضة السورية، غداة اتخاذ رئيس «الائتلاف» الدكتور خالد خوجة قرار حل «المجلس العسكري الأعلى» القائم، المقسم وفق «مؤتمر أنطاليا»، إلى 5 جبهات. وأبلغ قراره للحكومة المؤقتة ووزير الدفاع والأمانة العامة لـ«الائتلاف».
وأكد عضو المجلس العسكري المنحل أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار يصب في مصلحة «تطوير العمل العسكري»، مشيرًا إلى أن «الحل المتاح لإعادة تفعيل المجلس وإيكاله دورًا مهمًا، يتمثل في تشكيل مجلس عسكري جديد».
وتعد خطوة حصر الجبهات، من أبرز سمات خطة التطوير، نظرًا إلى أن قسمًا كبيرًا من الفصائل التي كانت ممثلة في المجلس السابق، لم تعد فاعلة على الأرض، مثل «حركة حزم»، و«جبهة ثوار سوريا» المنحلتين مثلا، وهناك من يمثلهما في المجلس السابق، إضافة إلى وجود فصائل اندمجت مع فصائل أخرى، وتلاشي فعالية فصائل وجبهات، مثل الجبهة الشرقية حيث باتت المنطقة الشرقية مقسمة بين القوات الحكومية، وقوات «داعش» في غياب مقاتلي «الجيش السوري الحر».
وأوضح العاصمي لـ«الشرق الأوسط» أنه وفق التقسيمات الجديدة، سيجري الاعتماد على الجبهتين الجنوبية والشمالية لاستكمال الأعمال العسكرية: «حيث تحقق الفصائل في الشمال إنجازات كبيرة، أهمها السيطرة على محافظة إدلب، والتقدم باتجاه الحدود مع الساحل، إضافة إلى الإنجازات الميدانية في الجنوب، التي تمثلت في السيطرة على بصرى الشام، وصد الهجوم على بصر الحرير وغيرها. وأشار إلى أن الخريطة الميدانية الجديدة: «تؤكد أن هناك فصائل غير فاعلة، بسبب التغيرات الميدانية بعد ثلاث سنوات على تشكيل المجلس العسكري السابق المؤلف من 30 عضوًا»، لافتًا إلى أن «الفصائل في الشمال مثلا، تتقدّم باتجاه حمص وباتجاه الساحل، بينما الجبهة الغربية شبه غائبة، ومن هنا تأتي أهمية التقسيمات الجديدة».
ويشير مطلعون إلى أن المجلس الجديد سيشمل فصائل جديدة لم تكن ممثلة في السابق، مثل «أحرار الشام» التي يرى العاصمي أنها «من أكثر الفصائل فعالية في الشمال»، موضحًا: هناك خطة لتمثيل الفصائل التي لم تكن ممثلة في السابق، مثل أحرار الشام التي يسير النقاش معهم لتمثيلها، وأنا أرحب بتمثيلها، كما بتمثيل «جيش الإسلام» الفاعل في الجبهة الجنوبية وفي ريف دمشق، إضافة إلى «حركة المجاهدين» و«فيلق الشام» الممثل أصلا في المجلس المنحل، و«الجبهة الإسلامية» وحركة «نور الدين زنكي» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وغيرها من الفصائل الفاعلة على الأرض.
ويعرب قياديون معارضون عن اعتقادهم أن معظم فصائل «الجبهة الشامية» السبعة، سيصار إلى تمثيلها في المجلس الجديد، كذلك فصائل «جيش الفتح» الذي يقاتل في الشام، باستثناء «جبهة النصرة» وهي «فرع تنظيم القاعدة في سوريا»، بوصفها واحدة من التنظيمات المتشددة طالما أنها تحتفظ بعلاقتها مع تنظيم القاعدة.
وإذ أكد العاصمي أن الإعلان عن المجلس الجديد سيكون خلال شهر، بحسب القرار المتخذ بحل المجلس الحالي، ذكر أن الرهان على الحصول على دعم بعد إعادة هيكلة المجلس العسكري «سيكون أكبر، ونحن متفائلون بذلك، خصوصًا بعد تقدم داعش في الشمال، وقتالنا، وهو ما أظهر انسجامًا بين قوات النظام وداعش في المعارك الأخيرة»، معتبرًا أن «داعش» بهجومها الأخير في ريف حلب الشمالي «ستستنفر المجتمع الدولي لدعم الجيش السوري الحر».
وتعود جذور المجلس الحالي المنحل، إلى «مؤتمر أنطاليا» الذي عقد بهدف لتوحيد قوى الثورة المسلحة وبحضور أكثر من 550 شخصا من قادة المجالس العسكرية والثورية وقادة الألوية والكتائب، واختير خلاله 261 ممثلا عنهم سميت «هيئة القوى الثورية»، وجرى بعدها انتخاب 30 شخصا؛ ستة أشخاص عن كل جبهة من الجبهات الخمس (11 ضابطا و19 من الثوار المدنيين)، أطلقت عليهم بمجلس القيادة العسكرية العليا، وجرى انتخاب مساعدين لرئيس الأركان عن الجبهات الخمس (خمس عسكريين وخمس نواب لهم مدنيين).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.