بشار الجواد لـ «الشرق الأوسط»: أمشي عكس التيار لأحدد هويتي الفنية

يطل بجديده... «مش طبيعية»

مع المخرج إيلي السمعان شكلا ثنائياً ناجحاً (الشرق الأوسط)
مع المخرج إيلي السمعان شكلا ثنائياً ناجحاً (الشرق الأوسط)
TT

بشار الجواد لـ «الشرق الأوسط»: أمشي عكس التيار لأحدد هويتي الفنية

مع المخرج إيلي السمعان شكلا ثنائياً ناجحاً (الشرق الأوسط)
مع المخرج إيلي السمعان شكلا ثنائياً ناجحاً (الشرق الأوسط)

في كل مرة يطل المغني بشار الجواد، بعمل فني جديد، يزوّد متابعه بطاقة إيجابية لافتة. فصاحب الأغنية الشهيرة «تيرارا» إضافة إلى كونه صاحب صوت جميل، فهو يتمتع بحضور جذاب يتسلل من خلاله إلى قلوب الناس بلا استئذان.
منذ أيام، أطلق بشار الجواد عمله الغنائي «مش طبيعية»، وصوره فيديو كليب بعدسة كاميرا مدير أعماله المخرج إيلي السمعان، فبدا خفيف الظل ينثر الابتسامة والإيجابية حوله، ويقدم عملاً حديثاً يحاكي الشباب فيه.
أعجب بالأغنية هذه منذ سماعه للحنها، ولكنه توقف أمام كلماتها لأنها ليست مكتوبة باللبنانية. فقرر البحث عمن يستطيع لبننتها. وقع اختياره على الشاعر أحمد ماضي الذي استطاع ترجمة أفكار بشار تماماً كما كان يرغب. ويعلق الجواد لـ«الشرق الأوسط»: «متمسك أنا اليوم بالأغنية اللبنانية أكثر من غيرها، لأن الفنان في رأيي لا بدّ منه أن يحدد ويرسم هويته الفنية منذ بداياته. وبعد ذلك، يستطيع أن يتفنن ويؤدي أغنيات بلهجات مختلفة». ويتابع: «بصفتي مغن لبناني، وقد بدأت مشواري في عمر صغير، وأهدف من الغناء إلى نشر الفرح، وتزويد الناس بجرعات إيجابية، اخترت اللهجة اللبنانية. فهي بنظري محبوبة ويسهل وصولها إلى أذن المستمع بسرعة».
وبشار الذي عاش فترة طويلة من حياته في السعودية يؤكد في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه ينوي قريباً، الغناء بالخليجية أو المصرية، ولكنه حالياً يصب اهتمامه على اللبنانية.

«مش طبيعية» عنوان أغنية بشار الجواد الجديدة (الشرق الأوسط)

«مش طبيعية» التي أصدرها بشار أخيراً، بالتعاون مع شركة «يونيفرسال ميوزك مينا»، هي أغنية حبّ شبابيّة إيقاعيّة من نوع الـArabic Pop، يحاكي فيها قلبه بعد إعجابه بابتسامة فتاة رآها وأغرم بها منذ النظرة الأولى. وهي من كلمات أحمد ماضي، وألحان روبير الأسعد، وتوزيع وماسترينغ عُمر صبّاغ.
ولكن، كيف يختار بشار أغانيه بعد المسؤولية الكبيرة التي حمّلتها له أغنية «تيرارا»، وحصد من خلالها ملايين المشاهدات؟ يرد: «المسؤولية كبيرة والمهمة ليست بالسهلة أبداً، وفي كل مرة أطلق أغنية جديدة ينتابني القلق حول الخطوة التي ستليها». وعن العنصر الأساسي الذي يخوله اختيار أغنية معينة يرد: «أبحث دائماً عن الأغنية السهلة والجذابة في الوقت نفسه. فأتخيل ردود فعل الناس وأنا أقدمها على المسرح. وهذه الصورة إما تحفزني على أخذها وإما العكس».
يعتمد بشار كثيراً على خياله الواسع، ومنذ صغره يرسم الصور في ذهنه ويجمعها ليولد منها لوحة ما. «أحب أن أتخيل الأمور على طريقتي، ليس فقط في الغناء بل في حياتي أيضاً؛ بشكل عام يلعب الخيال دوراً مهماً. أتكل عليه في قرارات كثيرة أتخذها كونه يبلور خطواتي المقبلة. أعتقد أن كل شخص يملك خيالاً واسعاً هو إنسان ناجح لأنه يحفزه على تركيب صور، لتكون بمثابة قصة يرويها بأسلوبه».
وعما إذا كان خياله يخدمه أيضاً وهو يقف على خشبة المسرح يقول: «يخدمني خيالي في مهنتي طبعاً، وأعده شبيهاً إلى حد كبير بالطموح والحلم. وأنا على المسرح، أحرص أن أكون على طبيعتي لأني إنسان حقيقي وأتصرف تلقائياً كما يوحي لي إحساسي. وفي بداياتي، واجهت صعوبات كي أتأقلم مع الكاميرا لأنها تملك رهبة كبيرة. ومن بعدها تركت العنان لنفسي وصرت أتصرف على طبيعتي، فارتحت وبتنا أصدقاء. فالفنان كأي شخص آخر، عندما يسلم نفسه إلى الطبيعية يصبح حضوره أفضل وقريباً إلى القلب. أما الخيال فيحفزني لتقديم الأفضل ولأحقق أحلامي تماماً كما أرسمها معه».
ويرى المغني اللبناني الشاب، أن مهمة البحث عن لحن جديد على السمع هو هدفه في كل عمل يقدمه. «يمكننا القول إن اللحن كما الكلام والفيديو كليب يجب أن يتناغما معاً، كي يولد عمل جيد. أما التوفيق فمن رب العالمين، برأيي، نسبة الحظ في النجاح لا تتجاوز الـ30 في المائة، والنسبة المتبقية تعود إلى الجهد والتعب والخيار الصحيح لعناصر العمل».
يقف بشار الجواد على مزاج جمهوره من خلال تواصله الدائم معهم، لا سيما عبر السوشيال ميديا. «إيقاع حياتنا اليوم، أصبح سريعاً جداً، وما عادت الأغاني الطويلة محبوبة. ولمست أن الغالبية تفضل القصيرة التي يغلفها الكلام العفوي من السهل الممتنع. وهذه الأمور اطلعت عليها من أمزجة الكبار والصغار الذين ألتقيهم أو تواصلت معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
يشكل بشار الجواد مع المخرج إيلي السمعان ثنائياً ناجحاً. فبشار يصغي إلى ملاحظاته ويثق بنظرته للأمور، ويسلمه المهمة كاملة عند تصوير فيديو كليب. ويعلق: «محظوظ أنا بمواكبة إيلي السمعان لمسيرتي منذ البداية، وقد تعلمت منه الكثير. فهو شخص منفتح جداً ويملك نظرة مستقبلية وأفكاراً نيرة تصب في العمل الفني المميز».
منذ بداياته دأب بشار الجواد على طرح أغنيات فردية بعيداً عن الألبومات الكاملة. فهل سيستمر على هذا المنوال؟ يجيب: «لم يعد الألبوم موجوداً اليوم، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي سرقت أيام العز منه. حتى نجوم أهل الفن، باتوا يعتمدون على إطلاق أغانيهم بطريقة الـ«سينغل» لأنها تأخذ حقها بشكل أفضل، فلا تنجح واحدة على حساب ألبوم بأكمله. كما أن المستمع يقف على كل جديد من خلال المنصات، والمواقع الإلكترونية».
اجتاز بشار الجواد شوطاً طويلاً في وقت قصير بحيث حقق الشهرة والانتشار الواسعين في ظرف سنوات قليلة. كما أنه دخل عالم الشارات الغنائية للمسلسلات الدرامية من بابها العريض. فقدم أغنية مسلسل «شتي يا بيروت»، ومن ثَم شارة مسلسل «بيروت 303». فكيف يرى دخول مجال الشارات الغنائية واجتيازه مراحل الفنان المبتدئ بسرعة؟ يوضح: «في الحقيقة لم أقطع كل هذه المسافات التي تتحدثين عنها إلا من بعد تعب وسهر وتخطيط وحلم وطموح من دون أن أنسى مثابرتي على الصلاة.
فلقد دخلت مجالاً صعباً، وكنت أدرك ذلك منذ البداية، وواجهت صعوبات جمة. ولكني تمسكت بحلمي لأني لا أستسلم بسرعة. وبالنسبة للشارات الغنائية، أعجبني هذا المجال وسهل علي مهمة الانتشار. فأغنية الشارة تدخل كل بيت من دون استئذان وأسلوب تكرارها (ماتراكاج) بشكل دائم يسهم في حفظها بسرعة. وأنا كفنان أطلع على قصة العمل بتفاصيلها لأستطيع أن أخرج أحاسيسي كاملة لتكمل هدف الشارة. فأغنية المسلسل هي مقدمة لأي دراما. ومن المستحيل أن أتوقف عنها، لأنها تمدني بأحاسيس لا تشبه تلك المتعلقة بالأغاني العادية. وطبعاً بمشاركة إيلي السمعان مخرج العملين، أستطيع أن أتلقف موضوع الشارة فأقدمها على المستوى المطلوب».
يرفض بشار الجواد أن يقارن بأي من زملائه ويقول: «لا أدعي لذلك، من باب التبجح أبداً، فلكل فنان هويته وأسلوبه في العمل. حتى الأغاني التي أصدرها الواحدة تلو الأخرى لا أقارن فيما بينها. وما يهمني هو هذا الإحساس الذي يدفعني لتبني هذا العمل أو ذاك». وهل يساورك القلق بشأن الغد؟ «ينتابني دوماً الشعور بالخوف والقلق معاً من أي خطوة مستقبلية أنوي القيام بها. أفرح لنجاح الآخرين طبعاً، ولكنني أدرك جيداً بأن لا أحد يمكنه أن يكون مثالياً، وجميعنا عرضة لاقتراف الأخطاء. وأقوم بما هو مطلوب مني والبقية تأتي».


مقالات ذات صلة

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

تُطرح للبيع في مزاد يقام في لندن خلال سبتمبر (أيلول) المقبل نحو 1500 قطعة عائدة إلى مغني فرقة «كوين» البريطانية الراحل فريدي ميركوري، من بينها أزياء ارتداها خلال حفلاته ومخطوطات لنصوص أغنيات، وكذلك لوحات لماتيس وبيكاسو، كما أعلنت دار «سوذبيز» اليوم الأربعاء. وستقام قبل المزاد معارض لأبرز هذه القطع في نيويورك ولوس أنجليس وهونغ كونغ في يونيو (حزيران)، ثم في لندن من 4 أغسطس (آب) إلى 5 سبتمبر (أيلول). ومن بين القطع التي يشملها المزاد تاج مستوحى من ذلك الذي يضعه ملوك بريطانيا في احتفالات تتويجهم، ورداء من الفرو الصناعي والمخمل الأحمر. وارتبطت هاتان القطعتان بصورة الفنان البريطاني الذي حقق شعبية واس

«الشرق الأوسط» (لندن)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».