الحوثيون يخططون لتحويل المدينة التاريخية في صنعاء إلى كانتون طائفي

بالتوازي مع سعيهم لمصادرة 10 ملايين متر مربع من الأراضي

صورة متداولة على «تويتر» تظهر جانباً من مدينة صنعاء القديمة
صورة متداولة على «تويتر» تظهر جانباً من مدينة صنعاء القديمة
TT

الحوثيون يخططون لتحويل المدينة التاريخية في صنعاء إلى كانتون طائفي

صورة متداولة على «تويتر» تظهر جانباً من مدينة صنعاء القديمة
صورة متداولة على «تويتر» تظهر جانباً من مدينة صنعاء القديمة

يواصل مندوبو ما تسمى هيئة الأوقاف التابعة للميليشيات الحوثية في اليمن حصر الأسواق والمحلات والأراضي في مدينة صنعاء القديمة (المدينة التاريخية) والمنازل بحجة أنها من ممتلكات هذه الهيئة، ضمن خطة لانتزاع تلك الممتلكات واستكمال تحويل المدينة القديمة إلى كانتون طائفي مغلق.
وفي هذا السياق، أعلن القيادي عبد المجيد الحوثي رئيس الهيئة نيته مصادرة أكثر من عشرة ملايين متر مربع من الأراضي غرب صنعاء، يقول إنه قرأ في إحدى النشرات أنها من أراضي الأوقاف، وأصحاب المنازل والمصانع التي أقيمت عليها من سبعينات القرن الماضي لا يدفعون له إيجارات شهرية.
وتبين الإجراءات المتلاحقة أن محاولة استيلاء ما تسمى هيئة الأوقاف الحوثية على مدينة الحمدي السكنية الواقعة إلى الشمال من مبنى السفارة الأميركية شرق صنعاء لم تكن إلا بداية انطلاق مرحلة جديدة لتأميم الأراضي والمباني في المدينة، وإحياء دعاوى من أحفاد السلالة الحوثية تقول إن غالبية مساحة المدينة ملك لهم، أو أوقاف يشرفون عليها.
وتزعم الهيئة الحوثية أن الحكومات اليمنية التي أعقبت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 قامت باستخدام هذه الأراضي كأسواق أو مدن سكنية أو مواقع للخدمة العامة، حيث توجهت بوصلة هذه الهيئة نحو المدينة القديمة التي تسعى لتحويلها إلى كانتون طائفي من خلال تمكين سلالتها أو من يشاركونها التوجهات الطائفية من 35 سوقا شعبية تتوزع في حارات المدينة وهي مصدر أساسي لآلاف الأسر تعيش فيها.
سكان صنعاء القديمة المتضررون من هذه الإجراءات وجهوا رسالة إلى محمد الحوثي ابن عم زعيم الجماعة الذي عين نفسه رئيسا لما تسمى «المنظومة العدلية» إلى جانب إشرافه على عمل محرري عقود البيع والانتفاع، شكوا فيها من تعرضهم للابتزاز والظلم من قبل هيئة الأوقاف التي رفعت إيجار اللبنة الواحدة من أراضي الوقف (تعادل 44 مترا مربعا) من 1500 إلى 2000 ريال في الشهر بدلا عن عشرة ريال في السنة عن الأراضي التي عليها مبان سكنية، كما أنها(الهيئة) تطلب مبالغ خيالية من التجار في سوق الملح حيث صنعاء التاريخية عن إيجار الدكاكين التي تحت أيديهم منذ خمسين عاما.
وفي تسجيل مصور قال عبد الرزاق المترب المتحدث باسم المتضررين إن ما تقوم به الأوقاف الحوثية، لا يقبل به لا عقل ولا منطق إذ إن أغلب سكان صنعاء القديمة من ذوي الدخل المحدود وليس لديهم ما يبيعونه لسداد ما تطالب به الهيئة، كما أن تجار «سوق الملح» لم يعودوا يكسبون حتى قوت يومهم فيما الأوقاف تطالبهم بسداد ما بين 15 مليون ريال إلى ٢٠ مليونا، ووصف ما يتعرض له السكان بأنه التهجير بعينه.
أحد العاملين في مكتب الأوقاف بصنعاء قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأوقاف في صنعاء القديمة، تتركز في معظمها إن لم تكن كلها - في حي الأسواق القديمة، وينحصر العمل التجاري في المدينة في تلك الأسواق دون غيرها.
وأوضح العامل الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، أن المدينة العتيقة تضم أكثر من خمس وثلاثين سوقاً، لكن ظروف الحرب وانخفاض القدرة الشرائية للناس والجبايات المتعددة التي تفرضها سلطة الميليشيات أصاب هذه الأسواق بالكساد وتراجعت المداخيل بشكل كبير.
وأوضح أن الهيئة الحوثية قامت برفع إيجار الدكاكين والعقارات بنسبة تجاوزت 500 في المائة فالدكان الذي كان إيجاره 30 ألف ريال(حوالي 50 دولارا) بلغ إيجاره حاليا 150 ألف ريال (ما يعادل 250 دولارا).
ويقول سكان في المدينة إن الأسواق هناك تعيش مرحلة كساد غير مسبوقة، لأن الناس تجري وراء الحصول على لقمة عيش حيث إن الفقر أصبح ظاهرة عامة، ولهذا عدد من يشترون قل بشكل كبير جدا، وزادت الجبايات بصورة غير مسبوقة، أما الأسر القادرة على الشراء فإنها تذهب للمراكز التجارية الحديثة.
وفي مطلع الشهر الجاري كان عبد المجيد الحوثي يتحدث في تجمع طلابي مذهبي بصنعاء القديمة، ويقول إنه قرأ في نشرة تصدر عن ذلك التجمع أن هناك مساحة مقدارها 240 ألف لبنة (اللبنة تساوي 44 مترا مربعا) أي ما يساوي عشرة ملايين ونصف المليون متر مربع في منطقة عصر غرب صنعاء، هي أوقاف خاصة بالجامع الكبير في المدينة القديمة وأنه بصدد متابعتها واستعادتها.
وتعهد القيادي الحوثي في ذلك الخطاب باستمرار دعم مراكز تجنيد الطلاب المسماة «معسكرات صيفية» وبدعم مقاتلي الجماعة في الجبهات وكذلك أسر القتلى منهم باعتبارهم الأحق في أموال «الهيئة».
وتقول الهيئة الحوثية غير القانونية إنها استعادت أراضي زراعية بمساحات شاسعة وعمارات سكنية، ومحلات تجارية، ومرافق بعض المساجد وتحويلها إلى مشاريع استثمارية.
وكان القيادي الحوثي عقب تعيينه في هذا الموقع قال إن الديون المستحقة للهيئة لدى المستأجرين خلال السنوات الماضية تصل إلى أكثر من 100 مليار ريال يمني فيما أعلن فرع الهيئة في صنعاء أنه جمع ثلاثة مليارات ونصف المليار في عام 2020 بزيادة قدرها نصف مليار ريال عن العام الذي سبقه، لكن الهيئة تقول إنها تلاحق «أموالا غير مسجلة»، تم الاستيلاء عليها منذ عشرات السنين، بحسب زعمها.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.