مفهوم النص الأدبي... وتأويلاته

مفهوم النص الأدبي... وتأويلاته
TT

مفهوم النص الأدبي... وتأويلاته

مفهوم النص الأدبي... وتأويلاته

صدر حديثاً عن دار الحوار للنشر والتوزيع وضمن سلسلة «نقد أدبي» كتاب «النص الأدبي ولعبة المرايا» لعبد الرحيم جيران. وجاء في تقديمه:
يُعَدُّ مفهوم النصّ من المفاهيم الأساس التي شكلّت رهاناً في تفكُّر الأدب وقضاياه، وتفكّر اللسانيات النصّيّة؛ فلا يكاد يخلو مقالٌ أو كتابٌ في المجال النقدي من توظيفه وفق هاته الغاية أو تلك، بيد أنّ الاستعمال غير الحَذِر، وبخاصّة في الحقل النقدي العربيّ، أفضى به إلى درجة من التعميم لا يُمْكِن غضّ الطرف عنها. ولهذا اقتضت الضرورة تخصيص كتاب يأخذ على عاتقه - على قدْر العزم - مهمّة مقاربة هذا المفهوم، ومناقشة الإشكالات التي أحاطت بتوظيفه. ولم يكن الهدف من وراء هذا العمل الحسم النهائي في تحديد ما المقصود بالنصّ، أو اختيار توجّه مُعيِّن من التوجّهات النظريّة التي حاولت تعريفه، وعدّه الأصلح؛ وإنّما كانت الغاية ماثلة في إرساء نوع من الوعي بما يعترض استعماله من مزالق نظريّة. وقد كان دافعنا الأساس في هذا المسعى تمكين المُشتغل بالنقد أو بنظرية الأدب من رؤية واضحة إلى هذا المفهوم، كما كان الحماس له متأتياً من كون السجال - في هذا الصدد - ما زال راهنيّاً، بل تقتضيه الضرورة المعرفيّة، ويُمكِّن تقليب النظر فيه من أن يفتح مسارب جديدة أمام المعرفة الأدبيّة بما يُجدِّد المُقاربة النصّيّة، ويُمكِّنها من ارتياد آفاق أخرى ممكِنة.
وأضاف التقديم: أكيد أنّ عنوان «النصّ الأدبي ولعبة المرايا» به من الخداِع ما يصرف النظر إلى تأويلات مختلفة، ولهذا ينبغي ألّا يُؤخذ معناه المُباشر على محمل الجدّ. ومن الضلالات التي يُمكِن أن يُسقِط فيها مُتأمِّلَه ارتكانُ الذهن إلى العادة في تلقّي المجازات، فيُظَنُّ أن المرام منه الإشكال النقدي التقليديّ: الانعكاس أو علاقة النصّ بالواقع، أو ارتباطه بالبنيات الاجتماعيّة، بيد أن الأمر مُخالف لهذا، ويقع على مسافة منه؛ إذ إن الغاية تمثُل في ضبط الرؤيات النظريّة التي شغلت نفسها بمأمورية تحديد مفهوم النصّ، وتقريب هويته، وكيفيات اشتغاله. ولهذا السبب جاءت لفظة المرآة في العنوان مقرونة به على سبيل التعدّد، لا الأفراد. وهذا التعدّد دالّ على منتهى الغاية من الكتاب؛ فليس المُعوَّل عليه فيه معرفة الطريقة التي رُئِي بوساطتها إلى مفهوم النصّ - في المعرفة النقدّية والأدبيّة - انطلاقاً من الصورة التي تنعكس في مرآة نظرية مُحدَّدة فحسب، وإنّما أيضاً النظر إلى صوره المُختلفة التي تعكسها مرايا نظريات نصّيّة مُتعدِّدة المشارب والتوجهّات.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
TT

مصر تدرس تطبيق نظام «البكالوريا» بدلاً من الثانوية العامة

وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)
وزير التعليم المصري في جولة تفقدية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

طرح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بمصر، محمد عبد اللطيف، مقترَحاً جديداً لتغيير نظام الثانوية العامة، واعتماد «شهادة البكالوريا المصرية» بدلاً منه، مقترِحاً تطبيق النظام الجديد بداية من العام المقبل على الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوي.

وأوضح الوزير خلال اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء، أبعاد النظام الجديد وتفاصيله، ووصفه بأنه «يعتمد على تنمية المهارات الفكرية والنقدية، بدلاً من الحفظ والتلقين»، كما يعتمد على التعلم متعدد التخصصات بدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، والتقييم المستمر وتقسيم المواد على عامين، وفق بيان لمجلس الوزراء.

ووجَّه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي بمناقشة آليات تنفيذ هذا النظام في المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، والتوافق على صيغة نهائية تطرحها الحكومة للحوار المجتمعي قبل بدء التطبيق.

ويتكون هيكل «شهادة البكالوريا المصرية» المقترحة من مرحلتين، هما المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي)، والمرحلة الرئيسية (الصفان الثاني والثالث الثانوي)، وفق عبد اللطيف الذي يؤكد أنه يحظى بـ«اعتراف دولي» ويتيح فرصاً متعددة.

الوزير المصري قدَّم مقترحاً لتغيير نظام الثانوية العامة (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وتتضمن المرحلة الأولى، ممثلة في الصف الأول الثانوي، عدداً من المواد الأساسية تدخل في المجموع الكلي، وتشمل مواد التربية الدينية، واللغة العربية، والتاريخ المصري، والرياضيات، والعلوم المتكاملة، والفلسفة والمنطق واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع تشمل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب، وفق البيان.

وأضاف الوزير أن المرحلة الرئيسية (الصف الثاني الثانوي) ستتضمن المواد الأساسية في جميع التخصصات، وهي مواد اللغة العربية، والتاريخ المصري واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى المواد التخصصية ويختار منها الطالب مادة واحدة، وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الرياضيات/ الفيزياء»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«الإحصاء».

وبخصوص مواد المرحلة الرئيسية (الصف الثالث الثانوي)، فإنها تتضمن في المواد الأساسية لجميع التخصصات مادة التربية الدينية، بالإضافة إلى المواد التخصصية وهي الطب وعلوم الحياة تشمل «الأحياء (مستوى رفيع)» و«الكيمياء (مستوى رفيع)»، والهندسة وعلوم الحساب تشمل «الرياضيات (مستوى رفيع)» و«الفيزياء (مستوى رفيع)»، والأعمال تشمل «الاقتصاد (مستوى رفيع)» و«الرياضيات»، والآداب والفنون تشمل «الجغرافيا (مستوى رفيع)» و«إحصاء».

وزير التربية والتعليم المصري خلال طرح النظام الجديد للثانوية العامة (رئاسة الوزراء)

وكان وزير التربية والتعليم المصري الذي تولى الحقيبة الوزارية في يوليو (تموز) الماضي، قد أعلن في أغسطس (آب) عن تغييرات في نظام الثانوية العامة بتخفيض عدد المواد للصف الأول الثانوي من 10 إلى 6 مواد، والصف الثاني الثانوي من 8 إلى 6 مواد، والصف الثالث الثانوي من 7 إلى 5 مواد؛ الأمر الذي أثار جدلاً وقتها.

وسرعان ما تعرَّض مقترح الوزير إلى انتقادات عدة عبر «السوسيال ميديا»؛ إذ اعتبر متابعون وأولياء أمور أن «التغييرات المتتالية خلال السنوات الماضية في نظام الثانوية العامة أضرت بمستقبل الطلاب ولم تفدهم، وأن تغيير استراتيجيات التعليم يتطلب سنوات طويلة».

وبخصوص نظام «البكالوريا» الجديد، أشار الوزير، إلى مجموعة من القواعد العامة التي تخصّ المرحلة الرئيسية (الصفين الثاني والثالث الثانوي)، تضمنت أن الامتحانات تتاح بفرصتين في كل عام دراسي خلال شهري مايو (أيار) ويوليو لمواد الصف الثاني الثانوي، وشهري يونيو (حزيران) وأغسطس لمواد الصف الثالث الثانوي، وأن دخول الامتحان للمرة الأولى يكون مجاناً، وبعد ذلك بمقابل 500 جنيه (الدولار يساوي 50.58 جنيه مصري) عن كل مادة، ويحتسب المجموع لكل مادة من مواد الثانوية السبع من 100 درجة.

الوزير يتابع العملية التعليمية بإحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم المصرية)

وعدّت عضو لجنة التعليم بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري) الدكتورة جيهان البيومي «النظام الجديد مقبولاً إذا كان يستهدف الخروج من فكرة حشو عقول الطلبة بالمعلومات والاعتماد على الحفظ والتلقين فقط، وهو أمر انتهى عصره في كل الدول»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أما الفكرة وآلية تطبيقها فهما ما نحتاج إلى مراجعته ومعالجة أساليب التطبيق؛ وهو ما يستدعي مناقشته مع الوزير ولجنة التعليم وأيضاً الاستماع إلى المناقشات المجتمعية للوصول إلى أفضل الحلول وأفضل تطبيق».

وتعرّض نظام الثانوية العامة في مصر لتغييرات على مدى سنوات، من بينها تغيير النظام من عام واحد رئيسي (الصف الثالث الثانوي) إلى عامين هما «الصفان الثاني والثالث الثانوي»، ثم عودة النظام القديم واحتساب المجموع لعام واحد فقط.

وخاض امتحان الثانوية العامة في العام السابق 2024 أكثر من 750 ألف طالب وطالبة في الشعبتين الأدبية والعلمية بشعبتيها (العلوم والرياضة)، وتمثل شهادة الثانوية محطة مفصلية في المسار التعليمي للطلاب، وتحظى باهتمام شديد من معظم الأسر المصرية.

ويتوقع أن يثير المقترح الجديد جدلاً وسعاً في مصر بسبب أهميته لمئات الآلاف من الأسر في جميع المحافظات.