رفض مجتمعي للحوثيين خلال العيد... وغضب في تعز

طرق وعرة يضطر أهالي تعز لاستخدامها في ظل حصار حوثي مستمر منذ سبعة أعوام (أ.ف.ب)
طرق وعرة يضطر أهالي تعز لاستخدامها في ظل حصار حوثي مستمر منذ سبعة أعوام (أ.ف.ب)
TT

رفض مجتمعي للحوثيين خلال العيد... وغضب في تعز

طرق وعرة يضطر أهالي تعز لاستخدامها في ظل حصار حوثي مستمر منذ سبعة أعوام (أ.ف.ب)
طرق وعرة يضطر أهالي تعز لاستخدامها في ظل حصار حوثي مستمر منذ سبعة أعوام (أ.ف.ب)

أفادت مصادر محلية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (السبت)، بأن أغلب مساجد المدينة خلت من المصلين وقت صلاة العيد وذلك في سياق الرفض المجتمعي لحكم الميليشيات الحوثية ذي الصبغة الطائفية، فيما تزامن ذلك مع تصاعد موجة الغضب في مدينة تعز (جنوب غرب) جراء استمرار الحصار المفروض على المدينة من الميليشيات للعام السابع.
وبينما لوحظ غياب كبار قادة الميليشيات الحوثية عن صلاة العيد باستثناء مهدي المشاط المعيّن صورياً على رأس مجلس حكم الانقلاب، تداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً أظهرت خلوّ المساجد من المصلين حيث فضّل أغلب السكان المكوث في منازلهم.
وخلال سنوات الانقلاب الحوثي أقدمت الميليشيات الحوثية على إحلال معمميها لاعتلاء منابر المساجد لتسويق خطاب أحاديّ يعبّر عن توجهها الطائفي وأفكار مؤسسها حسين الحوثي المستوردة من الأفكار الخمينية، وهو الأمر الذي قابله اليمنيون بهجر المساجد وتفضيل الصلاة في منازلهم.
وباستثناء الصور الباهتة التي حاول السكان في صنعاء إظهارها ابتهاجاً بالعيد، خيّمت على المدينة حالة من السخط المتصاعد ضد الميليشيات الحوثية وبخاصة مع اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وعدم قدرة غالبية الناس على توفير متطلبات المعيشة ناهيك بمستلزمات عيد الأضحى المبارك.
وكانت الميليشيات قد استبقت العيد بفرض جرعة سعرية جديدة على الوقود ليرتفع معها سعر الصفيحة من البنزين سعة 20 لتراً إلى 14 ألف ريال (الدولار نحو 600 ريال في مناطق سيطرة الجماعة) وهو الأمر الذي زاد من تكاليف العيش مع ارتفاع أسعار السلع.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حدة السخط ضد حكم الميليشيات حتى من أوساط الموالين لها، كثف قادتها في الأيام الماضية من أعمال الجباية العينية والنقدية لتسيير القوافل إلى مسلحيها المرابطين عند خطوط التماس في مواجهة الجيش اليمني.
على صعيد آخر عبّر آلاف المحتجين في مدينة تعز المحاصرة عن غضبهم إزاء استمرار إغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة ومنها، ونددوا بعد صلاة عيد الأضحى بتجاهل المجتمع الدولي معاناتهم.
وفيما رفع المحتجون لافتات تدعو إلى الإسراع بفك الحصار الحوثي، ذكرت مصادر محلية أن الآلاف من المسافرين عبر الطرق الوعرة في تعز استغرقوا أكثر من يومين للوصول إلى مناطقهم بعد أن كان قطع المسافة قبل الحصار الحوثي لا يستغرق سوى ساعات معدودة بالنسبة للقادمين من صنعاء.
ويعوّل سكان المدينة على الجهود الأممية والدولية لإقناع الحوثيين بإنهاء الحصار ووقف الأعمال العدائية بما في ذلك أعمال القنص التي تستهدف المدنيين في مناطق التماس، والقذائف الصاروخية.
ومع الاتهامات الموجهة للحوثيين من «الشرعية» بالتعنت والمراوغة لكسب الوقت، نقلت المصادر الإعلامية التابعة للميليشيات عن رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط تهديده بنسف الهدنة الهشة، إلى جانب تأكيده أن جماعته تسعى إلى السيطرة على المناطق اليمنية كافة باعتبار ذلك هو الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب.
وخلال الأسابيع الماضية من عمر الهدنة التي ينتهي تمديدها الأول، في الثاني من أغسطس (آب) المقبل كثفت الميليشيات من عمليات التجنيد في مناطقها وأظهرت وسائل إعلامها الكثير من الاستعراضات العسكرية لمجاميع جديدة من المجندين التي نجحت في استقطابهم سواء عن طريق غسل أدمغتهم أو عبر استغلال حاجتهم للحصول على حصص غذائية من المساعدات الإنسانية المقدمة من منظمات الإغاثة الدولية.
ورغم مساعي المجتمع الدولي إلى طي صفحة الصراع في اليمن عبر التوصل إلى سلام دائم عن طريق الأمم المتحدة، فإن قطاعاً عريضاً من اليمنيين يرى أن تحقيق ذلك لا يزال أمراً بعيد المنال، لجهة التعقيدات الأمنية والعسكرية، وبسبب طبيعة الجماعة الحوثية القائمة على فكرة الاستعلاء السلالي وعدم القبول بالمختلف معها سياسياً وثقافياً، ولجهة اعتقادها أن حكم اليمن حق إلهي حصري بزعيمها عبد الملك الحوثي والمنتمين إلى سلالته.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».