ناجون من سجون الحوثيين لـ «الشرق الأوسط»: صنعاء معتقل كبير

اعتقالات موسعة بين الناشطين والمعارضة

عنصر من لجان المقاومة الشعبية اليمنية في مأرب أمس (أ.ف.ب)
عنصر من لجان المقاومة الشعبية اليمنية في مأرب أمس (أ.ف.ب)
TT

ناجون من سجون الحوثيين لـ «الشرق الأوسط»: صنعاء معتقل كبير

عنصر من لجان المقاومة الشعبية اليمنية في مأرب أمس (أ.ف.ب)
عنصر من لجان المقاومة الشعبية اليمنية في مأرب أمس (أ.ف.ب)

«لم يسمحوا لنا بدخول الحمّام وكانت مثانتي على وشك الانفجار»، هكذا يروي الناشط في الحزب اليمني الاشتراكي عبد الرحمن نعمان لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل احتجازه لـ16 ساعة، وسبعة من رفاقه من طلاب جامعة صنعاء، في إحدى الزنزانات التابعة لميليشيات الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء. وقال نعمان وهو منسق حملة «لا للانقلاب» إن الحوثيين عمموا وسيلة تعذيب لا إنسانية، للمعتقلين والمختطفين في سجون الجماعة بلا استثناء، تتمثل في «حرمان المعتقلين من استخدام دورة المياه»، منوها بأن الحوثيين حرموهم من جميع الحقوق وأبسطها حق استخدام دورة المياه.
اختطف عبد الرحمن نعمان، وهو طالب في جامعة صنعاء، مرتين من قبل ميليشيات الحوثي باعتباره أحد أبرز الطلاب الداعين إلى خروج وتنظيم مظاهرات احتجاجية يومية، ضد جماعة الحوثي وانقلابها على السلطة الشرعية للبلاد. وقد شهدت صنعاء مظاهرات احتجاجية شبه يومية، منذ يناير (كانون الثاني) حتى مارس (آذار) المنصرم، قمعت بقسوة من قبل مجاميع مسلحة غير نظامية، وانطلقت نواتها من جامعة صنعاء، على نحو الانتفاضة الشعبية في 2011م ضد نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وذكر نعمان، في حديثه، أن الكثير من زملائه المعتقلين (بالأحرى المختطفين) تعرضوا لاعتداءات بأعقاب البنادق أثناء اقتيادهم إلى السجن، فضلاً «عن الضرب والعنف اللفظي والشتائم والاتهام بالعمالة لأميركا وإسرائيل وأنهم (دواعش) وإرهابيين»، وقال إن الحوثيين «تلفظوا بألفاظ وعبارات تنم عن فرز مناطقي وعنصري مقيت بحقه باعتباره من أبناء تعز، وقيل لنا لا يحق لكم التظاهر في صنعاء، فقلت لهم صنعاء بلادنا مثل كل اليمن»، مشيرًا إلى أنه وجميع زملائه «خضعوا لنسخة واحدة من الاستجواب، وسألوا نفس الأسئلة، من قبل مسلحي الحوثي، وكأنها نسخة واحدة يتم تعميمها على جميع محققي ومسلحي الجماعة».
واحتجز عبد الرحمن نعمان في الاعتقال الأول لـ16 ساعة في قسم شرطة تابع لوزارة الداخلية في وسط صنعاء، في حين أخذ في المرة الثانية إلى مكان غير معلوم كونه اقتيد إلى هناك، وهو معصوب العينيين. ولفت نعمان إلى أن أسئلة محققي الحوثي تركزت حول «من يدعكم ويقدم لكم الأموال»، و«ما علاقتكم بالسفارة الأميركية»، و«اتهامنا أننا (دواعش) وعملاء للسفارات ومحببين وسكارى ومنحرفين أخلاقيًا»، منوهًا أن مدير أمن العاصمة الموالي للحوثيين عبد الرزاق المؤيد هو «من يشرف شخصيًا على التحقيقات واعتقال ومطاردة الشباب» حسب قوله.
وقال نعمان إن ميليشيات الحوثيين والمجاميع المسلحة التي ظلت لأسابيع تهاجم المسيرات الطلابية «اعتدت بالأيدي وبأعقاب البنادق على زميلتيه في جامعة صنعاء وفي القطاع الطلابي للحزب الاشتراكي كريمة الأكحلي وهبة الذبحاني، قائلاً: «إنهم وصفوهن بألفاظ خادشة للحياء وبذيئة يحمر خجلا الإنسان السوي لدى سماعه أقلها شناعة هي (بنات شوارع) وشتائم أخرى أعتذر عن قولها».
معارضو الحوثي.. «عملاء ومخبرين لدى أميركا وإسرائيل»
أما يحيى السواري طالب في كلية الإعلام بجامعة صنعاء ويعمل صحافيًا ومصورًا لدى قناة بلقيس الفضائية اختطف مرتان من قبل ميليشيات الحوثي وصادروا عليه هاتفين وكاميرتين ديجتال. يروي يحيى لـ«الشرق الأوسط» كيف اختطف أثناء مسيرة طلابية بمجرد أن انطلقت المسيرة ورفع كاميرته للتصوير إلا وأحاط به ثلاثة مسلحون أحدهم يرتدي الزي العسكري وعليه شعار الصرخة الحوثية اقتادوه بالقوة إلى أحد معتقلات الجماعة وكان عبارة عن فيلا كبيرة فيها نحو خمسين معتقلاً.
وأضاف السواري: «كان هناك بدروم في تلك الفيلا خاص بمن يمكن وصفهم معتقلون خطرون»، وأردف قائلاً: «ثمة معتقلين في البدروم لم يروا الضوء منذ نحو ثلاثة أشهر». وحول التهم الموجهة لهم والتي قد تسنى له سماع بعضها، قال السواري: «أحد المحتجزين قبض عليه وهو يتناول ما قيل إنه سيجارة حشيش، ورغم إنكار الشخص قال لهم اجلدوني ثلاثمائة جلدة وطبقوا الشرع وأطلقوا سراحي وهو ما رفضه الحوثيون». ويعلق السواري على ذلك: «صنعاء صارت معتقلاً كبيرًا».
وقال يحيى السواري إنه عانى عند اعتقاله في المرة الثانية، حيث احتجز لمدة ثلاثة أيام بعيدًا عن زملائه في مبنى مهجور بقلب العاصمة كان تابعًا لأحد أشهر الفنادق العالمية. يقول يحيى: «كانوا يهددوننا بإخفائنا خلف الشمس وبإنزالي إلى الخزان الأراضي، وكان أحدهم يصرخ بطريقة كوميدية لإخافتي هاتوا العقارب، هاتوا الحبل.. إلخ»
وأضاف السواري: «تناوب علي على مدى ثلاثة أيام كثير من المحققين. وفي كل مرة كانوا يسألونني عن من أتبع، وكم تلقيت من الأموال، وما علاقتي بتوكل كرمان، والسفارة الأميركية، ومن هو الشخص المسؤول عن توزيع الأموال، واتهامات وأسئلة سخيفة كانت تثير في داخلي الرغبة في الضحك أكثر من الغضب في كثير من الأحيان»، مشيرًا إلى أن أقل شتيمة وجهت له كانت من قبيل «يا عيال الكلاب»، لافتًا إلى أن «المحققين الحوثيين كانوا يحاولون جاهدين استفزازه بالشتائم والاتهامات وأنه كان حريصًا على الحفاظ على رباطة جأشه وعلى محاورتهم بالعقل والمنطق والشراكة في الوطن على الرغم من أنه كان واضحًا أنهم مؤمنون تمامًا أننا مجرد عملاء ومخبرين لدى أميركا وإسرائيل». وقال السواري: «كل أسئلة المحققين الحوثيين كانت تدور حول نظرية المؤامرة وكأنهم لا يصدقون أن هناك مظاهرات عفوية ضدهم، وأن هناك أناسًا وشبابًا حرًا وقادرًا على تحديد خياراته بنفسه، وانتزاع حقوقه بيديه، وهي ذات ذهنية وطريقة تفكير كل السلطات القمعية والحاكمة على مر التاريخ».
وأشار السواري إلى أنه كان يواجه المحققين الحوثيين بالقول: «لا يحق لكم منعنا من التعبير عن حريتنا وأنتم خضتم ستة حروب ضد الدولة وخرجتم ونظمتم الكثير من المسيرات المناهضة لحكومة الوفاق وكنا نخرج معكم فكيف يحق لكم ما لا يحق لغيركم»، فيرد عليه المحقق الحوثي: «أنتم ليس لديكم هدف وأنتم مخربون».

* لصوص هواتف
* هزاع الواقدي من صنعاء اختطف هو الآخر من قبل ميليشيات الحوثي ثلاث مرات خلال المسيرات الطلابية التي شهدتها صنعاء بين يناير ومارس المنصرم. يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه إثر مهاجمة إحدى المسيرات الطلابية من قبل مسلحي الحوثي، غادر هو وأحد زملائه على متن سيارة أجرة، إلا أنه اكتشف أنهم كانوا مراقبين من قبل مسلحي الجماعة، وأنه تم اللحاق بالسيارة وطلب من سائقها التوقف في أحد الشوارع من قبل طاقم عسكري عليه مسلحو الحوثي، فقاموا باقتياده وجره هو وزميله بعنف إلى فوق الطقم.
ويروي هزاع أنه في الثلاث المرات التي تعرض فيها للاعتقال لم يسمح له بتلقي زيارات، أو استخدام الهاتف، أو السماح له باستخدام دورة المياه كوسيلة عقابية حوثية، لافتًا إلى أن الحوثيين صادروا متعلقاتهم الشخصية ونهبوا هواتفهم ورفضوا إعادتها، فضلاً عن أنهم احتجزوه في المرة الأولى هو وستة من زملائه في غرفة ضيقة جدًا عبارة عن متر في متر ونصف.
وقال هزاع إنه رد على أسئلة أحد محققي الحوثي بالقول: «نحن نعبر عن آرائنا بشكل سلمي ومن حقنا رفض الإعلان الدستوري، وتنظيم المظاهرات، فرد عليه المحقق الحوثي: «نحن جئنا بقوة السلاح ولن نخرج إلا بقوة السلاح»، في تعبير يكثف عقلية مسلحي الحوثي، واعتناقهم العنف وعدم إيمانهم بالعمل المدني.

* عدم دخول الحمّام إلا رفقة مسلح حوثي
* معد الزكري شاب في مقتبل الثلاثينات من عمره، يعمل مصوّرًا صحافيًا لدى قناة «آزال» الفضائية المملوكة للشيخ محمد الشايف وحزب المؤتمر الشعبي العام. اختطف مرتان من منزله في صنعاء من قبل ميليشيات الحوثي، قضى في إحداها ثلاثة أيام في إحدى المعسكرات التابعة للفرقة أولى مدرع سابقًا. ويروي لـ«الشرق الأوسط» كيف جرى اقتياده من منزله في ساعة متأخرة من الليل بذريعة التحقق من بعض المعلومات ذكرها محتجز في قسم شرطة قريب من منزله. وقال إنهم «لم يسمحوا لي بتغير ملابسي حتى، وأصرّوا على أخذ أخي الصغير 19 عامًا أيضا لأنه نزل لاستفسارهم عما يريدوه قبل نزولي».
وقال الزكري: «كنت أسمع أنات وصراخ المعتقلين وأدعو الله ألا أكون التالي في القائمة»، مشيرًا إلى أنه «نام لثلاثة أيام من دون بطانية أو فراش على البلاط»، وأن أدوات التعذيب الحوثية تنوعت وكان منها مثلاً: الرش بالماء البارد في ساعات الفجر الأولى، إضافة إلى وجبة طعام واحدة في اليوم، ودخول الحمام لمرة واحدة، وهو معصوب العينين مع وجود مسلح يرافقه رفض أن يسمح له بقضاء حاجته منفردًا! وحول ذلك يعلق معد الزكري: «اضطرت أن أقاوم، وبالفعل أمسكتُ ولم أقض حاجتي طوال أكثر من 60 ساعة في المعتقل لأنه يرافقني مسلح رفض أن أقضي حاجتي منفردًا، وعندما قلت له أريد أن أخلع سروالي فقال بمنتهى البرود والبجاحة: (عادي)»!
وذكر الزكري أنهم سألوه عن كثير من الصحافيين المعارضين والمستقلين وعن علاقته بكل من «نايف حسان، محمد العبسي، الجمل، الأحمدي، وأماكن سكنهم ومن يتواصل مع الصحافي عبد الباري عطوان»؟ لافتًا إلى أن التهمة التي وجهت له هي «أنه (داعشي)، وأنه ينتمي لتنظيم القاعدة، بل وقيادي فيه، وهي تهمة لا يتولاها أو يحقّق فيها، وكأنه امتياز، سوى أولئك الأشداء الذين يرتدون بطائق محمد «التدخل السريع»، كأعلى الهرم الأمني داخل الجماعة.

* مسلحو الحوثي صغار السن بوصفهم ضحايا التعبئة الخاطئة
* واختطف يحيى حمران طالب المستوى الرابع بجامعة صنعاء في كلية الإعلام إثر خروجه في مسيرة احتجاجية مناهضة للحوثيين دعا لها طلاب جامعة صنعاء في فبراير (شباط) المنصرم. يروي حمران تفاصيل اختطافه قائلاً: «خرجنا في ذلك اليوم رفضًا للإعلان الدستوري الذي أعلنته بشكل منفرد جماعة الحوثي وكان بمثابة انقلاب على السلطة الشرعية، ونسف ما تبقى من الدولة اليمنية والدستور اليمني وللمطالبة بالإفراج عن زملائنا المختطفين، ولم تمض المسيرة أكثر من مائتي متر حتى هجم علينا العشرات من المسلحين الذين يرتدون زيًا مدنيًا مزودين بالعصي والـ(جنابي) الخناجر والسلاح الأبيض، وتم جرنا واقتيادنا إلى أطقم عسكرية تابعة للحوثيين».
وأضاف حمران أن من قاموا باعتقاله «كان معظمهم شباب صغيري السن في العشرينات وأصغر أقرب إلى أن يكونوا في سننا إن لم يكن أصغر»، في إشارة إلى عمليات التجنيد التي تقوم بها ميليشيات الحوثي في أوساط الشباب والأطفال والتي أدانتها كثير من منظمات حقوق الإنسان والأطفال. مشيرًا إلى أنه اعتقل إلى جانب ستة من زملائه، «إضافة إلى شخص آخر لا علاقة له بنا ولا خرج في المسيرة وكل جريرته وذنبه أنه قام بالتقاط بعض الصور للحظات الاعتقال بهاتفه المحمول فاعتقله مسلحو الحوثي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.