رومي شنايدر لا تزال في البال

«السينماتيك» الفرنسية تحتفي بها بعد 40 عاماً على رحيلها

ملصق معرض رومي شنايدر  -  من إعلانات المعرض  -  سارة ابنة رومي شنايدر
ملصق معرض رومي شنايدر - من إعلانات المعرض - سارة ابنة رومي شنايدر
TT

رومي شنايدر لا تزال في البال

ملصق معرض رومي شنايدر  -  من إعلانات المعرض  -  سارة ابنة رومي شنايدر
ملصق معرض رومي شنايدر - من إعلانات المعرض - سارة ابنة رومي شنايدر

هناك من نجمات السينما من رحلن بشكل مفاجئ فتحولن إلى أسطورة لا يمل الجمهور من استعادة تفاصيلها. ورومي شنايدر، واحدة منهن. ما زال زوار المعرض المقام عنها في «السينماتيك» الفرنسية، يصطفون في خطوط طويلة رغم أن الافتتاح كان في الربيع الماضي، بحضور ابنتها سارة. وهذه هي الأيام الأخيرة للمعرض، والكل يريد اللحاق به، لا سيما السياح الذين تصخب بهم العاصمة الفرنسية الصيف الحالي.
اللافت في هذا المعرض أنه يُنظم برعاية دار «شانيل» العريقة للأزياء. وهذا ما يفسر اختيار صور معينة من حياة الممثلة ومن أفلامها التي تظهر فيها مرتدية بدلة من توقيع الدار. ومنها الصورة التي اختيرت لملصق المعرض، وفيها ترتدي رومي تاييراً من التويد من مجموعة «شانيل» لشتاء 1962، مع قلادة اللؤلؤ التي كانت من العلامات المميزة للدار. وهناك صورة ثانية ببدلة من الطراز نفسه ظهرت بها الممثلة في فيلم قصير للمخرج الإيطالي فيسكونتي عام 1970.
جاء في دليل المعرض أن النجمة النمساوية المولد، الفرنسية الإقامة، كانت وجهاً بارزاً من وجوه الشاشة الكبيرة وصديقة لا تنسى لدار «شانيل». لقد تمتعت بتلك الرفعة التي تميزت بها تصميماتها. وكذلك بشخصية المرأة المستقلة التي اشتركت بها مع مؤسسة الدار كوكو شانيل. وفي كتاب مذكراتها «أنا رومي»، الصادر عن منشورات «لافون» عام 1989، بعد 4 سنوات من وفاتها، تقول: «كنت ببساطة في إجازة من زمني. وفي وقت لم يكن موضوع حرية المرأة مطروقاً كثيراً فإنني امتلكت حريتي الخاصة. لقد رسمت مصيري بنفسي ولست نادمة».
والسنوات تجري مثل الريح. وبعد أربعين عاماً من تلك الليلة الحزينة التي انطفأت فيها رومي شنايدر، لا يزال الفرنسيون يذكرون ملامحها الجميلة وابتسامتها الطفولية ولون عينيها الذي يصعب تحديده. والمعرض يصفها بأنها كانت ممثلة أوروبية، ولدت في بيت فني، وفي أحضان والدتها الممثلة ماغدا شنايدر. وكان من الطبيعي أن تبدأ مسيرتها ممثلةً وهي في الخامسة عشرة من عمرها في ألمانيا. ومن ثَم تنقلت بين بلدان القارة وارتبطت بمخرجين من جنسيات متعددة لحين استقرارها في فرنسا، البلد الذي قصدته لتلحق بحبيب عمرها النجم ألان ديلون.
باريس قدمت لرومي الشهرة وما هو أهم منها: حب الناس. كانت ممثلة محبوبة قريبة من القلب بشكل لم تحصل عليه زميلاتها من بنات البلد. وسرعان ما تحولت إلى نجمة مع مخرجين من أمثال كلود سوتيه، وأورسون ويلز، ولوتشينو فيسكونتي، وأوتو بريمنغر. وقد سعى منظمو هذا المعرض إلى إظهار كيف أن مسيرة الممثلة كتبت في تنوعها تاريخاً للفن السابع في عصرها. وهو أول معرض تخصصه «السينماتيك» لفنانة واحدة. وجاء في الدليل أن قلقها وبحثها الدائب عن الحرية ساهما في شحذ موهبتها وطبع شخصيتها بسمة المجد. كانت نجمة عالية لكنها طوع المتفرج.
يتابع المعرض من خلال الصور ومقاطع الأفلام، مراحل حياة رومي وأزيائها في السينما، لا سيما عند بدايتها مع سلسلة أفلام الإمبراطورة الصبية «سيسي». ومن ثَم هناك مرحلة الشباب، وأفلام الغرام، والانتقام والانطلاق، ومنها فيلمها الأشهر مع ديلون «المسبح»، حين كان ثوب السباحة واحداً من الأبطال. وأخيراً مرحلة النضج وأدوار المرأة المجربة والعاشقة الخبيرة، لا سيما مع إيف مونتان وفيلم «سيزار وروزالي»، أو الأفلام التي تناولت جانباً من نضال المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، مثل «البندقية الأخيرة» أمام الممثل فيليب نواريه.
من يتجول في المعرض يشعر وكأنه يحادث رومي ويستمع إليها. فبالإضافة إلى عشرات الصور من أفلامها ومن حياتها الخاصة، هناك نصوص من مذكراتها، وتسجيلات من مقابلات أجريت معها، أو أفلام وثائقية ظهرت فيها، أو لقطات من مواقع التصوير، حين تدور الكاميرا لتلتقط مشاهد لن تظهر على الشاشة. وفي كل تلك المقتطفات تبدو رومي كائناً نابضاً يشع نوراً ومرحاً دون أن يستقر على حال. لقد كانت حياتها وغرامياتها رواية في حد ذاتها. عشقت بعنف، وعانت الفراق، وصادفت شخصيات لعبت أدواراً مؤثرة في مسيرتها. وفي نهاية الجولة يخرج زائر المعرض بخلاصة تكشف له أسرار تحول هذه الممثلة إلى أيقونة. إن أفلامها مطلوبة وتستعاد باستمرار على الشاشات الصغيرة، وفي كل مرة تخفق قلوب محبيها وكأنها ما زالت هنا بعد 4 عقود من رحيلها، لم تفسد ابتسامتها تجعيدة.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».