من التخفيضات الضريبية إلى نقص الغذاء والدواء... كيف تحولت سريلانكا إلى بلد مضطرب؟

متظاهرون يقفون على شاحنة تابعة للشرطة بالقرب من القصر الرئاسي في سريلانكا (أ.ب)
متظاهرون يقفون على شاحنة تابعة للشرطة بالقرب من القصر الرئاسي في سريلانكا (أ.ب)
TT

من التخفيضات الضريبية إلى نقص الغذاء والدواء... كيف تحولت سريلانكا إلى بلد مضطرب؟

متظاهرون يقفون على شاحنة تابعة للشرطة بالقرب من القصر الرئاسي في سريلانكا (أ.ب)
متظاهرون يقفون على شاحنة تابعة للشرطة بالقرب من القصر الرئاسي في سريلانكا (أ.ب)

اندلعت حركة احتجاجية ضد الأزمة الاقتصادية في سريلانكا منذ أشهر. وتعهد الرئيس غوتابايا راجاباكسا أمس (السبت) بالاستقالة بعد إجباره على مغادرة قصره، في ظل أزمة غير مسبوقة منذ استقلال هذه الجزيرة في عام 1948، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وغوتابايا راجاباكسا (73 عاماً) رئيس منذ عام 2019، وهو أحد أفراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا لعقود.
أما شقيقه ماهيندا (76 عاماً)، فقد شغل رئاسة البلاد لعقد حتى عام 2015، وفي عهده، تحولت سريلانكا إلى دولة مدينة بشكل كبير للصين التي جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشروعات بنية تحتية كبرى حامت حولها شبهات الفساد.
ويلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية البوذية؛ لأنه هزم مقاتلي مجموعة «نمور التاميل» في عام 2009، منهياً بذلك 37 عاماً من الحرب الأهلية. وآنذاك، كان غوتابايا وزير الدفاع كما قاد القوات المسلحة والشرطة.
وعند توليه الرئاسة، عين غوتابايا شقيقه في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضطر إلى الاستقالة بعد ذلك عقب اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.
وعانى قطاع السياحة؛ الذي يعدّ حيوياً لاقتصاد الجزيرة، من تداعيات الهجمات المتشددة في أبريل (نيسان) 2019 على الكنائس والفنادق (279 قتيلاً بينهم 45 أجنبياً)، ثم جائحة «كورونا».
كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة. ووجدت سريلانكا نفسها من دون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.

ورغم المساعدات من الهند ودول أخرى في أبريل 2022، فإن الدولة تخلفت عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
ويعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نقص الوقود الذي يحد أيضاً من التنقل.
ويجعل التضخم المتسارع (55 في المائة خلال يونيو/ وحده) من المتعذر الحصول على الأشياء القليلة التي لا يزال العثور عليها ممكناً.
وحذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطر أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.
وبعد أشهر من المظاهرات، هاجم أنصار الرئيس المتظاهرين بعنف في مايو (أيار) الماضي. وقُتل 9 أشخاص كما أُصيب المئات في الاشتباكات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا شقيق الرئيس.
ومع ذلك، تمكن غوتابايا من التمسك بالسلطة عبر تعيين السياسي المخضرم رانيل ويكرمسينغ رئيساً للحكومة.
وأضرم المتظاهرون أمس (السبت) النار في منزل ويكرمسينغ (كان غائباً عنه)، وأجبروا الرئيس على الفرار من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، قبل أن يعلن عزمه على الاستقالة الأسبوع المقبل.

وبحسب القانون، سيكون أمام البرلمان شهر لاختيار خليفته. لكن رئيس البرلمان وعد بقرار في هذا الشأن في نهاية الأسبوع.
إلا إنه قد يكون من الصعب تحقيق هذا الوعد؛ لأنه لا أحد من أعضاء البرلمان يبدو قادراً على الحصول على الدعم الكافي.
وقال النائب دارمالينغام سيثادثان، الذي ينتمي إلى أقلية التاميل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن مقبلون على فترة خطيرة من عدم اليقين». وأضاف: «كان ينبغي على غوتا أن يستقيل على الفور لتفادي فراغ السلطة».


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.