بايدن يكتب: لماذا أذهب إلى السعودية؟

الرئيس الأميركي: السعودية شريك استراتيجي منذ 80 عاماً ودورها مهم في ملفات الطاقة واليمن ووحدة الخليج

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
TT

بايدن يكتب: لماذا أذهب إلى السعودية؟

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

قبل 48 ساعة من انطلاق طائرة الرئاسة الأميركية «إير فورس وان» إلى منطقة الشرق الأوسط، كتب الرئيس الأميركي جو بايدن مقالاً بجريدة «واشنطن بوست» تحت عنوان: «لماذا أنا ذاهب إلى المملكة العربية السعودية؟».
وفي المقال الذي نشر على موقع الجريدة مساء السبت، قال بايدن: «سأسافر إلى الشرق الأوسط لبدء فصل جديد واعد، وإن الرحلة تأتي في وقت حيوي بالنسبة للمنطقة وستعمل على تعزيز المصالح الأميركية المهمة».
وشرح بايدن أنه يسعى إلى شرق أوسط أكثر أمناً وتكاملاً وأن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة يأتي بفوائد للأميركيين، وقال: «الممرات المائية في الشرق الأوسط مهمة للتجارة العالمية وسلاسل التوريد تعتمد عليها، موارد المنطقة من الطاقة حيوية للتخفيف من التأثير على الإمدادات العالمية للحرب الروسية في أوكرانيا».
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يسعى إلى وحدة بين دول المنطقة من خلال الدبلوماسية والتعاون - بدلاً من التفكك - مشيراً إلى أن «اندلاع صراعات سيؤدي إلى تطرف عنيف يهدد وطننا أو حروب جديدة يمكن أن تضع أعباءً جديدة على القوات العسكرية الأميركية وعائلاتهم».
وقال بايدن في مقاله: «تجنب هذا السيناريو له أهمية قصوى بالنسبة لي. سأواصل الدبلوماسية بشكل مكثف - بما في ذلك من خلال الاجتماعات وجهاً لوجه - لتحقيق أهدافنا».
وحاول بايدن التفاخر بأن منطقة الشرق الأوسط أكثر استقراراً وأماناً عما ورثه قبل 18 شهراً من الإدارة الأميركية السابقة، مشيراً إلى الهجمات التي شهدتها السفارة الأميركية في بغداد قبل شهر من تنصيب بايدن رئيساً للولايات المتحدة. وأشار دون أن يذكر ترمب بالاسم إلى أنه أمر بقاذفات B52 بالتحليق في المنطقة لردع هذه الهجمات وفشل واستمرت الهجمات.

اليمن وإيران
وألقى بايدن الضوء على الحرب في اليمن، مشيراً إلى أنها خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع عدم وجود عملية سياسية في الأفق لإنهاء القتال. كما أشار إلى انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي الإيراني، وقال: «بعد أن تراجع سلفي عن اتفاق نووي كان ناجحاً، أصدرت إيران قانوناً يفرض التسريع السريع لبرنامجها النووي. بعد ذلك، عندما سعت الإدارة الأخيرة لإدانة إيران على هذا الإجراء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجدت الولايات المتحدة نفسها معزولة وحيدة».
وأضاف بايدن: «في الأسابيع الأولى لي رئيساً، حذر خبراء المخابرات والجيش لدينا من أن المنطقة تتعرض لضغوط خطيرة، ما تطلب دبلوماسية عاجلة ومكثفة، ولاستعادة الردع، أمرت بشن غارات جوية رداً على الهجمات ضد قواتنا وبدأت تواصلاً دبلوماسياً جاداً لتحقيق منطقة أكثر استقراراً».
وعدد الرئيس الأميركي ما عده نجاحاً لإدارته في التعامل مع ملفات العراق واليمن وإيران، وقال: «في العراق، أنهينا المهمة القتالية الأميركية ونقلنا وجودنا العسكري للتركيز على تدريب العراقيين، مع الحفاظ على التحالف العالمي ضد تنظيم (داعش) الذي شكلناه عندما كنت نائباً للرئيس، وهو الآن مكرس لمنع داعش من الظهور مرة أخرى. لقد استجبنا أيضاً للتهديدات ضد الأميركيين. انخفض معدل الهجمات التي ترعاها إيران مقارنة بما كان عليه قبل عامين بشكل حاد. وفي فبراير (شباط) الماضي، في سوريا، طردنا زعيم (داعش) الحاج عبد الله، ما أظهر قدرة أميركا على القضاء على التهديدات الإرهابية بغض النظر عن المكان الذي يحاولون الاختباء فيه».
وتفاخر بايدن بأنه قام بتعيين مبعوث خاص إلى اليمن هو تيموثي ليندركينغ، مشيراً إلى أنه تواصل مع قادة المنطقة ووضع أساساً للهدنة، وأمكن إيصال المساعدات الإنسانية، ولذا كانت الأشهر الماضية في اليمن الأكثر سلاماً منذ سبع سنوات.
وفيما يتعلق بإيران، قال بايدن: «اجتمعنا مرة أخرى مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وحول العالم. الآن إيران معزولة حتى تعود إلى الاتفاق النووي الذي تخلى عنه سلفي ولا خطة لما قد يحل محله. في الشهر الماضي، انضمت إلينا أكثر من 30 دولة لإدانة عدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن أنشطتها النووية السابقة. وستواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي، حتى تصبح إيران مستعدة للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015».

تمويل إسرائيل وإعانات للفلسطينيين
وتفاخر بايدن بأن إدارته ساعدت في إنهاء الحرب في غزة في 11 يوماً فقط، مشيراً إلى أن تلك الحرب كان من الممكن أن تستمر شهوراً. وقال الرئيس الأميركي: «لقد عملنا مع إسرائيل ومصر وقطر والأردن للحفاظ على السلام دون السماح للإرهابيين بإعادة التسلح. كما أعدنا بناء العلاقات الأميركية مع الفلسطينيين. من خلال العمل مع الكونغرس، استعادت إدارتي ما يقرب من 500 مليون دولار لدعم الفلسطينيين، مع تمرير أكبر حزمة دعم لإسرائيل في التاريخ - أكثر من 4 مليارات دولار».
وفيما يتعلق بزيارته للمملكة العربية السعودية، حاول بايدن تأكيد أن هدفه في علاقته مع السعودية هو إعادة توجيه العلاقات - وليس قطعها، مشدداً على أن المملكة العربية السعودية كانت دوماً شريكاً استراتيجياً لمدة 80 عاماً، مثمناً دورها في كثير من القضايا الإقليمية، وقال: «لقد ساعدت المملكة العربية السعودية في استعادة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، ودعمت الهدنة في اليمن بشكل كامل، وتعمل الآن مع الولايات المتحدة للمساعدة في استقرار أسواق النفط مع منتجي أوبك الآخرين».

روسيا والصين
وأوضح بايدن أن زيارته تستهدف أيضاً وضع بلاده في مكان أفضل للتغلب على الصين ومواجهة العدوان الروسي. وقال: «يتعين علينا التعامل مباشرة مع البلدان التي يمكن أن تؤثر في تلك النتائج. المملكة العربية السعودية واحدة من هذه الدول، وعندما ألتقي بالقادة السعوديين يوم الجمعة، سيكون هدفي هو تعزيز شراكة استراتيجية للمضي قدماً تستند إلى المصالح والمسؤوليات المشتركة، مع التمسك أيضاً بالقيم الأميركية الأساسية».
وأضاف بايدن: «يوم الجمعة، سأكون أول رئيس يطير من إسرائيل إلى جدة بالمملكة العربية السعودية. سيكون هذا السفر أيضاً رمزاً صغيراً للعلاقات الناشئة والخطوات نحو التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي، التي تعمل إدارتي على تعميقها وتوسيعها. وفي جدة، سوف يجتمع القادة من جميع أنحاء المنطقة، للإشارة إلى إمكانية وجود شرق أوسط أكثر استقراراً وتكاملاً، حيث تلعب الولايات المتحدة دوراً قيادياً حيوياً».

مواجهة التحديات
واعترف بايدن بأن منطقة الشرق الأوسط لا تزال مليئة بالتحديات، موجهاً أصابع الاتهام إلى إيران وبرنامجها النووي ودعمها للجماعات التي تعمل بالوكالة، كما أشار إلى تحديات الحرب الأهلية السورية، وأزمات الأمن الغذائي التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ونفوذ الجماعات الإرهابية التي لا تزال تعمل في عدد من البلدان، والجمود السياسي في العراق وليبيا ولبنان. وقال: «علينا معالجة كل هذه القضايا، عندما ألتقي بقادة من جميع أنحاء المنطقة، سأوضح مدى أهمية إحراز تقدم في هذه المجالات».
وعاد وتفاخر مرة أخرى بأن نهج إدارته أفضل من نهج إدارة سلفه الرئيس ترمب، دون أن يذكر اسمه، وقال: «المنطقة مقارنة بما كانت عليه قبل 18 شهراً، أقل ضغطاً وأكثر تكاملاً»، مشيراً إلى أن العراق، الذي كان لفترة طويلة مصدراً للصراعات بالوكالة والتنافس الإقليمي، أصبح يعمل الآن منصة للدبلوماسية، بين المملكة العربية السعودية وإيران. وقال بايدن: «أشار صديقي الملك عبد الله ملك الأردن مؤخراً إلى (الأجواء الجديدة) في المنطقة، حيث تساءلت الدول: كيف يمكننا التواصل والعمل بعضنا مع بعض، وهذه اتجاهات واعدة، يمكن للولايات المتحدة تعزيزها بطريقة لا تستطيع أي دولة أخرى تعزيزها. وسفري الأسبوع المقبل سوف يخدم هذا الغرض».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)

عاد الرئيس الأميركي السابق المرشّح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترمب، إلى باتلر بولاية بنسلفانيا، وهو الموقع نفسه الذي نجا فيه من رصاصة كادت تقتله في يوليو (تموز) الماضي، في لحظة صادمة من السباق إلى البيت الأبيض الذي لا يزال يُخيّم عليه تهديد العنف السياسي.

وظهر ترمب وإلى جانبه الملياردير إيلون ماسك، وجاي دي فانس المرشح لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات المقررة يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إضافة إلى أقارب ضحايا الهجوم الذي تعرّض له في 13 يوليو الماضي، ورجال إنقاذ. وقال ترمب أمام الحشد: «قبل 12 أسبوعاً؛ هنا، حاول قاتل إسكاتي وإسكات حركتنا. كان هذا الوحش الشرير (...) على وشك تحقيق ذلك، لكن يد العناية الإلهية منعته». وأضاف: «لن أستسلم أبداً. لن أنكسر أبداً».

إيلون ماسك يتحدث من خلف زجاج واقٍ من الرصاص خلال فعالية انتخابية لترمب في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

«أعداء الداخل»

وقف المرشح الجمهوري دقيقة صمت، في الوقت المحدد الذي دوى فيه إطلاق النار يوم 13 يوليو الماضي، قبل استئناف خطابه. وفيما حثّه بعض كبار الجمهوريين على توجيه رسالة وحدة وطنية، فضّل ترمب استغلال عودته إلى باتلر للتّنديد بمن سماهم «أعداء الداخل»، عادّاً أنهم «أخطر بكثير من أعداء الخارج»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتابع الرئيس السابق أمام أنصاره: «على مدى السنوات الثماني الماضية، شهّر بي أولئك الذين يريدون إيقافنا، وحاولوا إقصائي من منصبي، ولاحقوني قضائياً، وحاولوا سرقة بطاقات اقتراع مني... ومن يدري؛ ربما حاولوا قتلي. لكنني لم أتوقف مطلقاً عن النضال من أجلكم، ولن أتوقّف أبداً».

استكشاف المريخ

من جهته، وصف الملياردير إيلون ماسك الانتخابات الأميركية بأنها «معركة يجب ألا نخسرها»؛ خشية أنه إذا وقعت خسارتها، فستكون «آخر انتخابات... هذا هو توقعي». وأصرّ ماسك على أن «الرئيس ترمب يجب أن يفوز؛ من أجل الحفاظ على الدستور والديمقراطية».

وأضاف ماسك أمام الجمهور: «الجانب الآخر يريد أن يسلبكم حريتكم في التعبير. يريدون أن يسلبوا حقكم في حمل السلاح، ويريدون أن يسلبوا حقكم في التصويت».

ووعد ترمب أنصاره بتمكين ماسك من «الوصول إلى المريخ»، في حال فاز بالانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

المرشح الجمهوري دونالد ترمب يصعد إلى المنصة لإلقاء خطاب انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

رصاصة «من أجل الديمقراطية»

وكان ترمب قد صرّح مراراً بأنّه يريد العودة إلى موقع إطلاق النار الذي قُتل فيه رجل وأُصيب اثنان من الحاضرين، قبل أن يقتل عناصر من جهاز «الخدمة السرية» القنّاص.

وقال المرشح الجمهوري، خلال تجمّع حاشد أُقيم في ميلووكي قبل أيام: «أصبحت باتلر مكاناً مشهوراً للغاية... إنّها أشبه بنصب تذكاري الآن».

من جهتها، أكدت حملة ترمب أنّه «تلقّى رصاصة من أجل الديمقراطية» في باتلر، في إشارة إلى تعرضه لإصابة طفيفة في أذنه. وأكدت أنّه سيتحدث هذه المرة من خلف زجاج واقٍ من الرصاص.

في زيارته الأخيرة باتلر، لم تكد تمضي 6 دقائق على بدء الرئيس السابق خطابه، حتى سُمع صوت إطلاق 8 طلقات نارية بينما كان يدير رأسه لينظر إلى مخطّط إحصاء للهجرة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وقد لطخت الدماء أذنه اليمنى بعد إطلاق نار عليه في تجمعه الانتخابي (أ.ف.ب)

يومها؛ تراجع ترمب قليلاً وأمسك بأذنه، ثمّ انحنى مختبئاً خلف منصّته، بينما هرع عناصر «الخدمة السرية» إلى المسرح المقام في الهواء الطلق دون أي عوائق، لحمايته من الرصاص.

وأثناء إخراجه من المكان محوطاً بالحراس الشخصيين، رفع ترمب قبضته وهتف قائلاً للحشد: «قاتلوا... قاتلوا... قاتلوا»، في حين كانت الدماء تسيل على وجهه، ممّا منح حملته صورة رمزية. منذ مدة، أوضح ترمب أن «أول ما قلته كان (كم عدد القتلى؟)؛ لأنه، كما تعرفون، كان هناك حشد ضخم. على مدى الرؤية». لكن في الواقع، كانت كلماته الأولى التي سُمعت عبر ميكروفون المسرح: «دعني آخذ حذائي»، وهو ما أكدته الشاهدة إيرين أوتنريث التي كانت تجلس في الصف الأول خلال التجمع، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

صدمة عالمية

أثارت محاولة الاغتيال صدمة كبيرة على الساحة السياسية. وانضم الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى عدد من قادة دول العالم الذين تواصلوا مع ترمب ليتمنّوا له السلامة.

وساهمت حادثة إطلاق النار في خفض حدّة الحملة الانتخابية فترة وجيزة، قبل أن تعود التوترات إلى حالها. ورغم إصابته الطفيفة في الأذن اليمنى برصاصة أطلقها توماس كروكس من بندقية من نوع «إيه آر15»، فإن ترمب خرج سالماً من هذا الهجوم.

غير أنّ جهاز «الخدمة السرية»؛ المسؤول عن حماية الرؤساء والمرشحين للانتخابات وكبار الشخصيات الأجنبية، تعرّض لانتقادات لاذعة لفشله في تأمين المبنى الذي أُطلقت منه الأعيرة النارية، الواقع على بعد مئات الأقدام من المسرح حيث كان ترمب يلقي خطابه.

وكانت محاولة اغتيال قطب الأعمال هذه الأولى من بين سلسلة من الأحداث التي هزّت البيت الأبيض، وتُوّجت بانسحاب بايدن المفاجئ من السباق الانتخابي عن الحزب الديمقراطي لمصلحة نائبته هاريس. ففي 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، قُبض على رجل بعد رؤيته بملعب ترمب للغولف في فلوريدا يحمل بندقية وكاميرا، فيما وصفها «مكتب التحقيقات الفيدرالي» بأنّها محاولة اغتيال ثانية.

«مؤامرة ديمقراطية» و«معجزة النجاة»

تعقيباً على ذلك، بات مؤيدو الرئيس الجمهوري السابق يتحدثون عن مؤامرات، وعدّوا خطاب الديمقراطيين بأنّ ترمب يشكّل تهديداً للديمقراطية الأميركية كان في الواقع تحريضاً عليه، وهي مقاربة لطالما روّج لها ترمب.

في ظل هذه الأجواء، لم يتردّد بائعو التذكارات بالتجمّعات الانتخابية في صنع قمصان ومقتنيات تخلّد نجاته التي أظهروها كأنها معجزة.

المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال زيارة مركز لتجميع التبرعات لضحايا إعصار «هيلين» في كارولاينا الشمالية (أ.ف.ب)

في الوقت نفسه، توجهت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، منافسة ترمب، إلى ولاية كارولاينا الشمالية، السبت، للقاء رجال إنقاذ وسكان متضررين جراء الإعصار «هيلين»، الذي تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص وموجة دمار بأكثر من 10 ولايات أميركية.

وتحول الإعصار مادة للسجال السياسي؛ إذ انتقد ترمب استجابة المؤسسات الفيدرالية للكارثة، وزعم أن إدارة هاريس وبايدن اختلست أموال الإغاثة وأعطتها للمهاجرين.