كان النجم البرازيلي كافو قد سجل للتو رسالة بالفيديو لبعض الأطفال في شمال شرقي البرازيل، ويقول عن ذلك: «أستطيع أن أرى نفسي في هؤلاء الأطفال. لقد كنت طفلاً فقيراً، وواجهت الكثير من المحن حتى أصل إلى ما أنا عليه الآن وأتحدث إليكم، بعد اللعب ثلاث مرات متتالية في نهائيات كأس العالم والفوز بالمونديال مرتين».
أجريت هذا اللقاء مع كافو من مدينة ماسيو، بينما كان يستعد للقيام برحلة بالحافلة لمدة ثلاث ساعات إلى الريف كجزء من مشاركته في مشروع للعمل الاجتماعي.
يقول كافو عن ذلك، «عندما أذهب إلى هناك، ألعب معهم حافي القدمين، حتى يروا أننا جميعاً متساوون. عندما فكرت لأول مرة في هذا المشروع، أردت أن أفعله في مكان لا يذهب إليه أحد. هناك نسبة عالية من سوء التغذية، وأشعر أن هدفنا الرئيسي هو منحهم الأمل، وأن نجعل هؤلاء الأطفال يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق المزيد».
يوفر هذا المشروع - الذي يُترجم فعلياً باسم «كافو الصغير في المناطق النائية» - للأطفال كرات قدم وأحذية وطعاماً، وفرصة لمقابلة قائد منتخب البرازيل السابق. يمثل الفقر مشكلة كبيرة في البرازيل، ويقول كافو إنه يشعر بالصدمة عندما يرى هؤلاء الأطفال وهم يعانون، كما كان يعاني هو من قبل.
ويقول: «يصعب تحقيق الأهداف عندما لا يمنحك المجتمع الفرص التي تحتاج إليها. كنت أستيقظ في الساعة الرابعة صباحاً، وأتناول بعضاً من الطعام، وأستقل الحافلة في الساعة الخامسة صباحاً لأذهب إلى التدريب في الساعة التاسعة صباحاً. في بعض الأحيان كنت ألعب بشكل أسوأ من باقي زملائي من الأطفال الآخرين، وذلك لأنهم كانوا ينامون بشكل جيد أثناء الليل بالكامل ويعيشون بالقرب من ملعب التدريب. لذلك، فإنني أرى نفسي في هؤلاء الأطفال، لأن الحياة للأسف لا تقدم سوى خيارين للفقراء: يمكنك الذهاب إلى طريق سيئ، أو أن تحاول بقوة وتثابر. وينطوي الخيار الثاني على الكثير من القتال. ما لا يفهمه الناس هو أن لاعبي كرة القدم يحاولون تحقيق النجاح ليس لأن هدفهم هو الشهرة، ولكن لمساعدة أسرهم وأصدقائهم على التغلب على الفقر».
وبعد مرور عشرين عاماً على قيادة منتخب البرازيل إلى المجد في كأس العالم 2002، يحاول كافو إلهام الناس من خلال سرد قصة حياته. لذلك، كتب سيرته الذاتية، التي تحمل اسم «ملحمة كافو»، يروي فيها قصة أيامه الأولى في كرة القدم، وفوزه بألقابه الأولى، واستدعائه لقائمة منتخب البرازيل، والفوز بكأس العالم، واللعب في إسبانيا وإيطاليا.
لقد فاز كافو بكل البطولات الممكنة - بطولات الدوري والكأس المحلية، ولقبين لكأس كوبا ليبرتادوريس مع ساو باولو، ولقب الدوري الإيطالي الممتاز مع روما وميلان، ودوري أبطال أوروبا مع ميلان، ولقبين لكوبا أميركا (كأس أمم أميركا الجنوبية) مع البرازيل، بالإضافة إلى العديد من البطولات والألقاب الأخرى – لكن سيظل الجميع يتذكرونه من خلال الفوز بكأس العالم مع منتخب البرازيل. فاز كافو بكأس العالم للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأميركية عام 1994، عندما كان لا يزال يلعب في ساو باولو، لكنه كان قائد منتخب السيليساو عندما فاز بلقب المونديال للمرة الثانية في عام 2002 إلى جانب الظاهرة رونالدو وريفالدو ورونالدينيو وروبرتو كارلوس.
لقد كان المنتخب البرازيلي مدججاً بالنجوم في ذلك الوقت، وكان من السهل للغاية على أي مشجع أن يذكر التشكيلة الأساسية لراقصي السامبا، على عكس الفريق الحالي تماماً. يقول كافو: «تكمن المشكلة في أن الناس لا يعرفون التشكيلة الأساسية لمنتخب البرازيل. ورغم أننا في العام الذي سيشهد إقامة كأس العالم، إلا أنه لا يمكننا للأسف أن نجزم بأسماء اللاعبين الذين سيشاركون في كأس العالم بقطر. الأمر مختلف تماماً عن الشعور الذي كان سائداً في عام 2002، عندما كان الجميع يعرفون من سيبدأ في التشكيلة الأساسية، بل ومن لديه الفرصة الأكبر للمشاركة بديلاً خلال المباريات. كان المشجعون يعرفون قصتنا وأين نلعب، وكانت الجماهير تشعر بأنها قريبة من الفرق. لكن الآن هناك فجوة بين الجماهير والمنتخب الوطني، وهذه الفجوة تتزايد منذ عام 2010».
فهل يعتقد كافو أن أليسون بيكر ونيمار هما اللاعبان الوحيدان اللذان ضمنا مكانهما في التشكيلة الأساسية لمنتخب البرازيل في مونديال قطر؟ يجيب عن هذا السؤال قائلاً: «لا أعتقد ذلك. فهل يمكننا أن نجزم بأن أليسون سيشارك في التشكيلة الأساسية في ظل المستويات التي يقدمها إيدرسون؟ أو أن ويفرتون لن يتمكن من الدفاع عن عرين المنتخب البرازيلي بعد البطولات والألقاب التي حققها مع نادي بالميراس؟ اللاعب الوحيد الذي يضمن مكانه في التشكيلة الأساسية هو نيمار، لأنه الأفضل، ثم لدينا شباب آخرون يسعون لحجز مكان لهم في التشكيلة الأساسية مثل فينيسيوس جونيور».
ويضيف: «فينيسيوس هو مستقبل كرة القدم البرازيلية. إنه اللاعب الشاب الذي يمتلك القدرات والفنيات التي تؤهله للوصول إلى أعلى المستويات. لقد كان لاعباً واعداً بالفعل، لكنه أظهر هذا العام أنه قادر على تحقيق المزيد. من السابق لأوانه أن نقول إنه واحد من أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، لكن يمكننا أن نتخيل وصوله إلى هذا المستوى قريباً».
ويتابع: «إنه فتى محترف ومتواضع ويحتاج إلى من يشرح له كيف يمكنه أن يتحسن ويتطور. كان كارلو أنشيلوتي هناك للقيام بهذا الدور، والآن نرى ما يمكن أن يفعله فينيسيوس. رودريغو أيضاً يقدم مستويات جيدة خلال الدقائق التي يلعبها، وريال مدريد يعمل محركاً جيداً لهؤلاء اللاعبين».
ومع ذلك، يعتقد كافو أن رحيل اللاعبين البرازيليين للاحتراف في الخارج وهم في سن صغيرة، مثل فينيسيوس جونيور ورودريغو، ليس جيداً لكرة القدم البرازيلية. تعاقد ريال مدريد مع فينيسيوس جونيور مقابل 46 مليون يورو عندما كان يبلغ من العمر 16 عاماً فقط، كما دفع 45 مليون يورو للتعاقد مع رودريغو عندما كان عمره 17 عاماً فقط. ويرى كافو أن رحيل اللاعبين للخارج في هذه السن الصغيرة لا يسمح للجماهير البرازيلية ببناء علاقة عاطفية معهم.
يقول كافو: «يجب أن تكون فرق مثل فلامينغو وبالميراس وأتلتيكو مينيرو مثالاً يحتذى به للأندية البرازيلية الأخرى، حيث غيرت الطريقة التي تدير بها الأمور وجلبت الكثير من مظاهر الاحتراف إلى الدوري البرازيلي، وهو أمر جيد. يمكن لهذه الأندية الاستثمار بشكل جيد، وتنافس دائماً على الفوز بالبطولات والألقاب، كما يمكنها التعاقد مع اللاعبين وهم في قمة عطائهم الكروي. ومع ذلك، لا تزال البرازيل تواجه مشكلة بيع لاعبيها الشباب في وقت مبكر جداً. عندما كنت ألعب، كان يجب على اللاعبين أن يفوزوا بالبطولات أولاً في بلدنا ويشاركوا في صفوف المنتخب الوطني، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى أوروبا. أما الآن، فالأمر معكوس، حيث يذهبون إلى أوروبا أولاً ويحاولون الانضمام إلى المنتخب الوطني ثم يعودون إلى البرازيل في نهاية حياتهم الكروية، وهذا هو السبب في أنه من الصعب في بعض الأحيان اختيار التشكيلة الأساسية لمنتخب البرازيل».
ورغم أن منتخب البرازيل الذي قاده كافو للفوز بكأس العالم 2002 واجه أيضاً صعوبات في التصفيات المؤهلة للمونديال، وكان الجمهور ينتقد اللاعبين، إلا أن اللاعبين استعادوا مستواهم في الوقت المناسب تحت قيادة المدير الفني لويس فيليبي سكولاري. ولا يزال هذا الانتصار هو أفضل ذكرى في مسيرة كافو الكروية.
يتذكر كافو ما حدث ضاحكاً: «في الليلة التي سبقت المباراة النهائية، كنا نلعب الغولف في الممرات. كنا نتحدث ونستمتع ببعض المرح. كنت قائد الفريق وشعرت أن الوقت قد حان للتخلص من بعض التوتر. طلبت من فيليباو أن يسمح للاعبين بالاستمتاع بوقتهم لأننا سنلعب مباراة رائعة في الغد. لقد كان يثق بنا ورأى أننا نستطيع الفوز بهذا اللقب. جلس معنا بضع ساعات، ثم ذهب إلى غرفته. وفي اليوم التالي، نزلنا إلى أرض الملعب وفزنا بكأس العالم. ليس هناك شعور في كرة القدم أفضل من رفع هذه الكأس، ويمكنني أن أضمن لك ذلك. لا يزال الحديث عن هذا الأمر يسبب لي القشعريرة، وما زالت كل التفاصيل عالقة في ذهني».
كافو: ليس هناك شعور في كرة القدم أفضل من رفع كأس العالم
النجم الفائز باللقب مرتين تحدث عن تطور مستوى فينيسيوس جونيور وكيف سيكون أداء البرازيل في «قطر 2022»
كافو: ليس هناك شعور في كرة القدم أفضل من رفع كأس العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة