الشرطة السودانية حاولت فض اعتصام بقنابل الغاز يوم العيد

المعتصمون يصلّون العيد في الميادين ويتوعدون بعصيان مدني قريب

جانب من أحد اعتصامات الخرطوم المتعددة في أول أيام العيد أمس (أ.ف.ب)
جانب من أحد اعتصامات الخرطوم المتعددة في أول أيام العيد أمس (أ.ف.ب)
TT

الشرطة السودانية حاولت فض اعتصام بقنابل الغاز يوم العيد

جانب من أحد اعتصامات الخرطوم المتعددة في أول أيام العيد أمس (أ.ف.ب)
جانب من أحد اعتصامات الخرطوم المتعددة في أول أيام العيد أمس (أ.ف.ب)

حاولت الشرطة السودانية، أمس (السبت)، فض اعتصام في مدينة أم درمان القديمة في أول أيام العيد، لكنها فشلت في ذلك «رغم استخدام الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع». وقال أحد المعتصمين إن هذا المشهد أعاد إلى الأذهان سيرة فض اعتصام القيادة العامة للجيش عشية عيد الفطر المبارك في عام 2019 والذي راح ضحيته المئات من القتلى والجرحى. من جانبهم، حوّل المعتصمون أكثر من ثلاث مناطق في العاصمة الخرطوم، تُستخدم عادةً لأداء صلوات الأعياد، إلى مواقع للاحتجاجات والصلاة، إذ أدى فيها الآلاف صلاة العيد ثم رددوا، إلى جانب التكبير الذي يصاحب صلوات عيد الأضحى، هتافات «ثورة ديسمبر (كانون الأول)» المطالبة بشعار «الحرية والسلام والعدالة»، كما توعدوا بتصعيد الحراك الشعبي بعد انتهاء العيد، وصولاً إلى إعلان العصيان المدني الشامل.
ومنذ نحو عشرة أيام يعتصم الآلاف في أكثر من عدة مناطق رئيسية في العاصمة الخرطوم، أشهرها: وسط الخرطوم قبالة مستشفى «الجودة»، وفي أم درمان القديمة قرب منزل الزعيم التاريخي إسماعيل الأزهري، وفي الخرطوم بحري عند تقاطع «المؤسسة» الاستراتيجي، فيما لم تفلح محاولات كثيرة قامت بها السلطات الأمنية لفض تلك الاعتصامات بالقوة باءت جميعها بالفشل بسبب تمسك المعتصمين بمواقعهم. واتّبع المحتجون مناورات جديدة تتمثل في تجنب الاصطدام بقوات الأمن في أثناء محاولتها الاعتداء عليهم، فتأتيهم التعليمات من القادة الميدانيين بالتفرق داخل الأحياء السكانية التي تمثل لهم حاضنة اجتماعية، وبعد ذهاب قوات الأمن يعودون لمكان اعتصامهم مجدداً، في حالة أشبه بالكر والفر، استمرت منذ مسيرات 30 يونيو (حزيران) الماضي. ودار جدل بين المحتجين بشأن رفع الاعتصامات أيام العيد، والعودة بعده لأماكنهم لمواصلة الاعتصام، لكنّ المقترح لم يجد تأييداً كافياً، فاحتفل الآلاف بعيدهم في ميادين الاعتصام، وشوهد المئات من المواطنين وهم يأخذون ذبائح الأضحى لمشاركتها مع المعتصمين في مدن العاصمة الثلاث.
ولم تفلح كلمة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان عشية العيد، في تهدئة وتغيير توجهات المحتجين المطالبين بتنحيته وعودة الحكم المدني، بل عدّوها استمراراً لخطابه الذي وعد فيه بانسحاب الجيش من السياسة، بأنها «مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي». وقال البرهان بلهجة تصالحية مخاطباً الشباب المعتصمين مساء :الجمعة «أمل هذه الأمة في شبابها، فهم كل المستقبل ووقود الحاضر، لذلك فإننا نحييهم ونحيي فيهم روحهم الوثابة وتوقهم لتحقيق شعارات ثورتهم في الحرية والسلام والعدالة ووعيهم بمطلوبات الانتقال».
وأكد البرهان في الخطاب الذي بثّته أجهزة الإعلام الرسمية، وقوفه مع الشباب لبناء المستقبل والمحافظة على سلامة الانتقال، ودعاهم لعدم الزجّ بقضايا الانتقال في أتون الصراع السياسي. وجاء الرد سريعاً من لجان مقاومة أم درمان القديمة التي حاولت قوات الشرطة فض اعتصامهم مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والهراوات، إذ قال أحدهم لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه هي عيدية البرهان لنا، وهذا هو وقوفه مع الشباب لبناء المستقبل».
في الأثناء، خلت أحياء وسط العاصمة الخرطوم من الناس والسيارات، بعد أن غادر الكثيرون إلى أقاليم السودان المختلفة كما هي العادة في الأعياد، بينما تجمع الكثيرون في ميادين الاعتصام، وانتشرت قوات الأمن في الشوارع. وقال محتجون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إنهم لن يعودوا إلى بيوتهم قبل أن يطوّروا اعتصامهم إلى إضراب سياسي، ثم عصيان مدني شامل تنهار بموجبه السلطة الحاكمة، واستعرضوا على صفحاتهم في مواقع التواصل صوراً لاقتحام محتجين في سريلانكا قصر الرئاسة وإجبار الرئيس على الهرب، معتبرين ما حدث هناك «يدفعهم لتحقيق النصر في السودان».
ومنذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 لم تتوقف الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالحكم المدني وعودة الجيش للثكنات، «ومحاسبة المسؤولين عن قتل المحتجين والعنف المفرط الذي تستخدمه القوات الأمنية تجاههم»، ما أدى إلى مقتل 114 شخصاً بالرصاص الحي والمتناثر ومقذوفات الغاز المسيل للدموع التي تطلق مباشرةً إلى صدور ورؤوس المتظاهرين، فضلاً عن إصابة أكثر من خمسة آلاف بجراح لا تزال حالة بعضهم خطرة، وفق تقارير لجنة الأطباء المركزية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.